"بادهاي دو": جرأة سينمائية في طرح قصة حب غير تقليدية
المثلية جزءا من قصة جديدة في عالم بوليوود السينمائي.
الاثنين 2023/10/09
قصة رومانسية غير مألوفة
نيودلهي - يفتح فيلم “بادهاي دو” بابين للفضول والحماس أمام الجمهور منذ اللحظة الأولى التي يبدأ فيها عرضه. تتوقع في البداية أن تكون الشخصيات المثلية جزءا من قصة جديدة في عالم بوليوود السينمائي، حيث غالبا ما تتعرض هذه الشخصيات للتجاهل أو التهميش. ومع ذلك يأخذ إيقاع الأحداث المشاهدين في رحلة مدهشة ومفاجئة.
تدورالقصة حول شاردول، ضابط الشرطة المثلي الذي يختبئ تحت هويته الحقيقية، وسومي معلمة التربية البدنية المثلية التي تختبئ هي أيضا تحت الغطاء نفسه، يقرران الزواج بهدف التخلص من أعباء أسرهما والبقاء في الخفاء. تتطور الأحداث في الفيلم بشكل طريف ومشوق، حيث تتداخل الأحداث بمفارقات مذهلة، مثل تفاعلاتهما مع حماتهما غير المتجردات من الخبرة ومواجهتهما لفنيين طبيين ساحرين وشبكة معقدة من الأكاذيب التي يجب عليهما التعامل معها.
يعكس هذا العمل تجربة سينمائية ممتعة ومميزة. إنه يتألق بفضل تصويره الرائع وأداء الممثلين الاستثنائي. تميز الفيلم بتناول قضية الهوية المثلية بشكل إنساني وفكاهي يضفي عليه لمسة خاصة، كما يبرز تفرده من خلال تركيزه على الدراما العائلية والفكاهة التقليدية التي تميز بوليوود، لكنه ينجح في تقديمها بطريقة جديدة وجذابة، ما يجعل الفيلم ليس مجرد عمل سينمائي، بل تجربة غنية تلامس القلوب وتثير الضحك.
"بادهاي دو" طرح فني يتميز بجرأته في تقديم مشاهد حميمية بشكل يكسر الرومانسية البوليوودية
إحدى اللقطات البارزة في الفيلم عندما تقوم سومي بمساعدة والدها في مكتب النسخ. في هذا المشهد، تبرز تفاعلاتها مع زبونة أنثى بطريقة طبيعية وإيجابية، وهذا يسلط الضوء على الجاذبية الحقيقية بين شخصيتين من الجنس نفسه.
في المشاهد اللاحقة من الفيلم، تأتي لحظة لقاء بين سومي وبريمجيم، وهما شخصان يؤديان دورا بارزا في تطور العلاقة الرومانسية.
الفيلم يترك انطباعا قويا بكل تفاصيل العلاقة بينهما، من النظرات العابرة إلى اللمسات الدافئة والضحكات المشتركة. يتم تصوير كل هذه اللحظات بشكل حي وصادق إلى درجة تجعلك تعيش تجربتهما على نحو مباشر.
وعوضا عن رسم صورة نمطية للفتيات اللطيفات والبريئات، تظهر لقطات سومي وريمجيم كشخصيات نمطية مع تفرداتهما وأحلامهما ورغباتهما الخاصة. الحبكة تبرز تفاصيل الحياة اليومية لهاتين الفتاتين، بما في ذلك النقاشات والمشاجرات، وتركز على علاقتهما العاطفية.
يعكس التمرد على القيم الأسرية وتناول العلاقات الجنسية والمشاعر وجهة نظر جديدة ومتجددة حول مفهوم الحب والعاطفة. تشير إلى أن الحب والجنس ليسا دائما متلازمين بالبراءة والطهارة، وأنه من الممكن استكشاف العواطف بطرق مختلفة ومثيرة.
في ما يتعلق ببعض المشاهد التي تبرز التحامل على حقوق الأفراد، يمكن أن يكون لديك استياء طفيف بسبب قرار جعل شاردول ضابط شرطة. هناك الكثير من القضايا التي يمكن مناقشتها حول كيفية تعامل قوى الشرطة في الهند مع الأقليات، كما تظهر في أفلام وبرامج تلفزيونية هندية أخرى ولكن في حالة فيلم “بادهاي دو”، يمكن القول إنه يلامس بعض هذه المخاوف بشكل طفيف.
وفي مشهد مثير للاهتمام، يعترف شاردول وهو في حالة سكر ويأس بأنه يخشى الشرطة أكثر من معظم الجرمان. هذا يظهر أن مخاوفه مفهومة بناء على أن القانون الذي كرر فيه السلوك المثلي في الهند تم إلغاؤه. ومع ذلك، يبدو أن “بادهاي دو” يتجنب إلى حد بعيد ربط قلق شاردول الشخصي بالنظام الجزائي القمعي الذي يعمل ضمنه كضابط شرطة. راجكومار راو لا يزال ساحرا ومضحكا كالعادة، ولكن مسار شاردول يعاني عدم تقديم مواجهة كاملة مع موقف الشخصية كضابط شرطة.
التمرد على القيم الأسرية وتناول العلاقات الجنسية والمشاعر يعكس وجهة نظر جديدة حول مفهوم العاطفة
يتميز الطرح الفني في هذا الفيلم بجرأته في تقديم مشاهد حميمية بشكل يكسر الرومانسية البوليوودية. فأفلام بوليوود تُعتبر مصدرا رئيسيا للرومانسية والكوميديا للكثير من الناس. في هذه الأفلام يمكن للجمهور الاستمتاع بقصص الحب والضحك، بغض النظر عن تصنيفها. لكن هذا العمل يُظهر على نحو خاص العديد من عناصر الكوميديا والرومانسية، ويتناول قضايا المراهقين والصداقة بطريقة عصرية مرحة. ربما يكون هذا النوع من الأفلام مناسبا للشباب الذين يتطلعون إلى التسلية والاستمتاع بأوقاتهم.
الفيلم من إخراج وتأليف هارشفاردهان كولكارني، ويمثل دمج الإخراج والتأليف تحت إشراف واحد وسيلة فعالة لتحقيق رؤية فنية موحدة وقوية في الفيلم. ويمكن أن يكون هذا الفيلم تجسيدا للرؤية الإبداعية والفنية للمخرج في استكشاف قضايا المثلية الجنسية والعلاقات الإنسانية بشكل عام. وغالبا ما تعتبر هذه الأفلام منصة هامة لنقل رسائل اجتماعية وثقافية.
يتميز أيضا بطاقم ممثلين مميز، حيث يتضمن ذلك راجكومار راو، بهومي بيدنيكار، شيبا شادا، هاني ياداف، لوفلين ميشرا ونيتيش باندي. أبدع راجكومار راو في دور شاردول ضابط الشرطة المثالي، وقدم أداء رائعا يعد أحد أبرز نقاط القوة في الفيلم. نجح في التعبير عن تناقضات شخصيته بشكل مؤثر ومقنع.
بهومي بيدنيكار، التي جسدت دور سومي، أظهرت من جديد مهاراتها الاستثنائية في التمثيل، حيث قدمت أداء متقنا وأضافت عمقا خاصا لشخصيتها. أما شيبا شادا وهاني ياداف، اللذان قاما بأدوار والدي شاردول وسومي على التوالي فأضافا عمقا للقصة من خلال أدائهما المؤثر والمعبّر. ولوفلين ميشرا ونيتيش باندي أسهما كذلك بأدوارهما في إثراء القصة وإضفاء جو من الكوميديا على الفيلم.