( سُقُوط بابل ) !
* زمن القصة ( 539 ق . م )
::::::::::::::
في السوق الكبير في " بابل " يجلس أحد البابليّين – وهو ضابط صفِّ سابق في الجيش البابليّ المُنحَلِّ – مع صديقه بائع " الفَخَّار " ويقول له:
- الآن توضَّحت الصُّورةُ لِلجميع ، وانكشفت المؤامرة ..!
فقال صديقه:
- وكيف ؟!
فقال:
- لم يكن دخولُ " كورش " بجيوشه الجرًّارة مدينة " بابل " انتصارًا لإلهنا " مردوخ " كما ادَّعى ذلك الكهنة وكما بَُّثت الدِّعاياتُ ، ولم يكن ذلك الاحتفال المهيب وَ تقديم القرابين لـ " مردوخ " إلاَّ حيلة من حِيَل " كورش " لِكَسبِ وُدِّ شعب " بابل " .
فقال " بائع الفخار " مُتَحسِّرًا:
- إنَّ الكهنة قد باعوا " بابل " لأجل عاطفتهم الدينيَّة .. فلا يعنيهم احتلال " بابل " ما داموا يمارسون الطقوس والشعائر بحريَّة ! لذلك رشُّوا الجيوش الإخمينية بماء الورد وباركوها .. وحيُّوها بسعف النخيل !
فقال ( ضابط الصف السابق ):
- إنّهم يبنون المعابدَ من قُوت عِيالنا .. والعجب العجيب أنَّ الشعب يحترمهم ويسمع كلامهم !
فقال " بائع الفخار ":
- وقد ذهبوا به إلى الهاوية وهو لا يشعر !
فقال ( ضابط الصَّفَّ السَّابق ):
- مسكينٌ هُوَ شعب " بابل " لقد صدَّقَ أنَّ الإله " مردوخ " يُسلِّمُ المُلوكيَّة بنفسه إلى النَّزِِق " قمبيز " بن " كورش " في أعياد رأس السنة البابليّة !
فقال " بائع الفخار ":
- سذاجتنا لا مثيلَ لها !.
فقال ( ضابط الصف )- بغيظٍ-:
- ولكن الشعب يجب أنْ يستيقظ من نومه !
فقال ( بائع الفخار ) ضاحكًا بسخرية مُرة:
- كيف يفيق ويستيقظ و " الكاهن الأعظم " يُنيمُهُ حتَّى في نومه ؟!
فقال ( ضابط الصَّفِّ ):
- إنَّ مستيقظًا واحدًا يستطيع أنْ يوقظ النيام إذا صرخَ بأعلى صوته !
وبينما هما يتحدَّثان أتى " يهوديٌّ " ليشتري بعض أواني الفخار ... وحين انصرف قال ( بائع الفخار ):
- إنَّ المستفيدَ الوحيدَ بعد طبقة الكهنة هم اليهود ؛ فقد رجع بعضهم إلى فلسطين وبعضهم تسنَّم مناصبَ عاليةً في الدولة الأخمينية !
فقال ( ضابط الصف ):
- كانوا بيننا كالسُّوس في الخَشب .. أكلُوا لحمَنا الحيَّ .. وأقرَضُونا بفوائدَ فاحشةٍ حتَّى بعنا لهم أولادنا !!
فقال ( بائع الفخار ) -متهكِّمًا تهكُّمًا مرًّا-:
- جَلَبَهُم " نبوخذ نصر " إلى بابل لِيَكُونوا عبيدًا .. فصاروا – الآن – أسيادًا أفلا يجب أنْ يَرَوْا في " كورش " مسيحهم المُنتَظَر "؟! .
فقال ( ضابط الصف ):
- إنَّ بابل تدفع ثمن أخطاء حُكَّامِها !
فقال ( بائع الفخار ):
- وكيف ؟!
فقال ( ضابط الصف ):
- هل نسيتَ أنَّ ملكنا السَّابقَ ( نبونائيد ) هو الذي أطمع فينا ( الأخمينيين )، بإثارة فتنةٍ دينيَّةٍ كان عليه أنْ يَتَحاشاها بدعوته إلى عبادة الإله سين ( إله القمر ) في
( حَرَّان ) .. ؛ فخَلَقَ فجوةً واسعةٍ بينه وبين الشعب دخلَ منها المستعمِر ؟!
فقال ( بائع الفخار ):
- نعم .. هذا صحيح .. وهذا هو ما أثار غضبَ الكهنة حتَّى أرضاهم "كورش"
بإسقاط بابل وإعلاء "مردوخ" !
فقال ( ضابط الصف ):
- وكان غيابُ " نبونائيد " عن " بابل " لمدَّة ٍطويلةٍ في " واحة تيماء " وتَرْكُ البلاد تُعاني أزمةً اقتصاديَّةً خانِقةً استغلَّها اليهودُ
الحاقدون ؛ فأعطاهُم بذلك المعاولَ لِهدم بابلَ آجُرَّةً آجُرَّة سَبَبًا آخرَ في سقوط بابل !
فقال ( بائع الفخار ):
- لماذا تُبتَلى " بابل " بمثل هؤلاءِ الحُكّام الأغبياء ؟!
فقال ( ضابط الصف ):
- إنَّهُ سُوءُ الحَظَّ .. يا صديقي ! .
وبينما هم يَتَكلَّمُون، يأتي " ضابط صف آخر " في الجيش البابليّ السابق ويُسلِّم عليهم
وحين يجلس يضربُ كفًّا بكف ويقول:
- هل سمعتُم بهذا الخبر الفظيع ؟!
فقالوا معًا:
- ما هو ؟!
فقال:
- إنَّ الملك " بنونائيد " لم يُقتلْ في المعركة " الصُّوريَّة " أمامَ أسوار بابل كما قيلَ وأُشِيعَ بل هو الآن حاكمٌ على إحدى الولايات الإيرانيَّة !
فصاحَ ( ضابط الصف ):
- خيانة .. خيانة .. خيانة !!!
ثُـمَّ أردفَ :
- وقد حدستُ ذلك حين رأيتُ بعض القادة يأمر جُنُودَهُ بالانصراف من المعركة على أسوار ( بابل ) .. ولم أرَ " بنونائيد" في ساحة المعركة قطُّ..!!
فقال ( ضابط الصف الآخر )
:
- يُقال انه وضَعَ " شبيهًا " له .. وألبسَهُ لَأْمَةَ حربِهِ وأركبَهُ عَرَبتَهُ وحين قُتِلَ حَسِبَ " بنونائيد " أنَّهُ تخلَّصَ من عار الخيانة !
فقال ( بائع الفخار ):
- هل يمكن أنْ يعودَ الحكمُ الوطنيُّ إلى "
بابل " ؟!
فَقالَ ( ضابطا الصف ) معًا:
- يجب أنْ يعود ... !
فقال ( بائع الفخار ):
- كيف ؟ ولم يَعُدْ في " بابل " جيشٌ ولا حَرَسٌ، والشعب مَكسُور الظَّهر من ثِقْلِ الضَّرائب !
فقال ( ضابط الصف ):
- بالكفاح المُسَلَّح !
وقال ( ضابط الصف الآخر ):
- والثَّورة الشَّعبيَّة .. وتحت يدي مئاتُ الشُّبّانِ المُتَحمِّسِينَ لِلموت من أجل " بابل " !
سكتً ، ثم أردفَ:
- لا يجبُ أنْ ننسى أنَّنا من الأرض التي أنجبَتْ " أوتو – حيكال " صاحبَ أقدمِ حربٍ للتَّحرير عرفها التَّاريخ الذي طَرَدَ " الكُوتيِّينَ " من أرض سومر وَ أكد .
فَهَتَفَ ثلاثتُهُم _ بِحَماسٍ _ :
- ما أعذبَ المَوتَ من أجْلِ الوَطَن !!
.........................................
* القِصَّةُ مُستَمَدَّةٌ من عِدَّة مصادر من تاريخ العراق القديم بٍأسلوبي . / أخوكم د . فارس الحسيني .
* زمن القصة ( 539 ق . م )
::::::::::::::
في السوق الكبير في " بابل " يجلس أحد البابليّين – وهو ضابط صفِّ سابق في الجيش البابليّ المُنحَلِّ – مع صديقه بائع " الفَخَّار " ويقول له:
- الآن توضَّحت الصُّورةُ لِلجميع ، وانكشفت المؤامرة ..!
فقال صديقه:
- وكيف ؟!
فقال:
- لم يكن دخولُ " كورش " بجيوشه الجرًّارة مدينة " بابل " انتصارًا لإلهنا " مردوخ " كما ادَّعى ذلك الكهنة وكما بَُّثت الدِّعاياتُ ، ولم يكن ذلك الاحتفال المهيب وَ تقديم القرابين لـ " مردوخ " إلاَّ حيلة من حِيَل " كورش " لِكَسبِ وُدِّ شعب " بابل " .
فقال " بائع الفخار " مُتَحسِّرًا:
- إنَّ الكهنة قد باعوا " بابل " لأجل عاطفتهم الدينيَّة .. فلا يعنيهم احتلال " بابل " ما داموا يمارسون الطقوس والشعائر بحريَّة ! لذلك رشُّوا الجيوش الإخمينية بماء الورد وباركوها .. وحيُّوها بسعف النخيل !
فقال ( ضابط الصف السابق ):
- إنّهم يبنون المعابدَ من قُوت عِيالنا .. والعجب العجيب أنَّ الشعب يحترمهم ويسمع كلامهم !
فقال " بائع الفخار ":
- وقد ذهبوا به إلى الهاوية وهو لا يشعر !
فقال ( ضابط الصَّفَّ السَّابق ):
- مسكينٌ هُوَ شعب " بابل " لقد صدَّقَ أنَّ الإله " مردوخ " يُسلِّمُ المُلوكيَّة بنفسه إلى النَّزِِق " قمبيز " بن " كورش " في أعياد رأس السنة البابليّة !
فقال " بائع الفخار ":
- سذاجتنا لا مثيلَ لها !.
فقال ( ضابط الصف )- بغيظٍ-:
- ولكن الشعب يجب أنْ يستيقظ من نومه !
فقال ( بائع الفخار ) ضاحكًا بسخرية مُرة:
- كيف يفيق ويستيقظ و " الكاهن الأعظم " يُنيمُهُ حتَّى في نومه ؟!
فقال ( ضابط الصَّفِّ ):
- إنَّ مستيقظًا واحدًا يستطيع أنْ يوقظ النيام إذا صرخَ بأعلى صوته !
وبينما هما يتحدَّثان أتى " يهوديٌّ " ليشتري بعض أواني الفخار ... وحين انصرف قال ( بائع الفخار ):
- إنَّ المستفيدَ الوحيدَ بعد طبقة الكهنة هم اليهود ؛ فقد رجع بعضهم إلى فلسطين وبعضهم تسنَّم مناصبَ عاليةً في الدولة الأخمينية !
فقال ( ضابط الصف ):
- كانوا بيننا كالسُّوس في الخَشب .. أكلُوا لحمَنا الحيَّ .. وأقرَضُونا بفوائدَ فاحشةٍ حتَّى بعنا لهم أولادنا !!
فقال ( بائع الفخار ) -متهكِّمًا تهكُّمًا مرًّا-:
- جَلَبَهُم " نبوخذ نصر " إلى بابل لِيَكُونوا عبيدًا .. فصاروا – الآن – أسيادًا أفلا يجب أنْ يَرَوْا في " كورش " مسيحهم المُنتَظَر "؟! .
فقال ( ضابط الصف ):
- إنَّ بابل تدفع ثمن أخطاء حُكَّامِها !
فقال ( بائع الفخار ):
- وكيف ؟!
فقال ( ضابط الصف ):
- هل نسيتَ أنَّ ملكنا السَّابقَ ( نبونائيد ) هو الذي أطمع فينا ( الأخمينيين )، بإثارة فتنةٍ دينيَّةٍ كان عليه أنْ يَتَحاشاها بدعوته إلى عبادة الإله سين ( إله القمر ) في
( حَرَّان ) .. ؛ فخَلَقَ فجوةً واسعةٍ بينه وبين الشعب دخلَ منها المستعمِر ؟!
فقال ( بائع الفخار ):
- نعم .. هذا صحيح .. وهذا هو ما أثار غضبَ الكهنة حتَّى أرضاهم "كورش"
بإسقاط بابل وإعلاء "مردوخ" !
فقال ( ضابط الصف ):
- وكان غيابُ " نبونائيد " عن " بابل " لمدَّة ٍطويلةٍ في " واحة تيماء " وتَرْكُ البلاد تُعاني أزمةً اقتصاديَّةً خانِقةً استغلَّها اليهودُ
الحاقدون ؛ فأعطاهُم بذلك المعاولَ لِهدم بابلَ آجُرَّةً آجُرَّة سَبَبًا آخرَ في سقوط بابل !
فقال ( بائع الفخار ):
- لماذا تُبتَلى " بابل " بمثل هؤلاءِ الحُكّام الأغبياء ؟!
فقال ( ضابط الصف ):
- إنَّهُ سُوءُ الحَظَّ .. يا صديقي ! .
وبينما هم يَتَكلَّمُون، يأتي " ضابط صف آخر " في الجيش البابليّ السابق ويُسلِّم عليهم
وحين يجلس يضربُ كفًّا بكف ويقول:
- هل سمعتُم بهذا الخبر الفظيع ؟!
فقالوا معًا:
- ما هو ؟!
فقال:
- إنَّ الملك " بنونائيد " لم يُقتلْ في المعركة " الصُّوريَّة " أمامَ أسوار بابل كما قيلَ وأُشِيعَ بل هو الآن حاكمٌ على إحدى الولايات الإيرانيَّة !
فصاحَ ( ضابط الصف ):
- خيانة .. خيانة .. خيانة !!!
ثُـمَّ أردفَ :
- وقد حدستُ ذلك حين رأيتُ بعض القادة يأمر جُنُودَهُ بالانصراف من المعركة على أسوار ( بابل ) .. ولم أرَ " بنونائيد" في ساحة المعركة قطُّ..!!
فقال ( ضابط الصف الآخر )
:
- يُقال انه وضَعَ " شبيهًا " له .. وألبسَهُ لَأْمَةَ حربِهِ وأركبَهُ عَرَبتَهُ وحين قُتِلَ حَسِبَ " بنونائيد " أنَّهُ تخلَّصَ من عار الخيانة !
فقال ( بائع الفخار ):
- هل يمكن أنْ يعودَ الحكمُ الوطنيُّ إلى "
بابل " ؟!
فَقالَ ( ضابطا الصف ) معًا:
- يجب أنْ يعود ... !
فقال ( بائع الفخار ):
- كيف ؟ ولم يَعُدْ في " بابل " جيشٌ ولا حَرَسٌ، والشعب مَكسُور الظَّهر من ثِقْلِ الضَّرائب !
فقال ( ضابط الصف ):
- بالكفاح المُسَلَّح !
وقال ( ضابط الصف الآخر ):
- والثَّورة الشَّعبيَّة .. وتحت يدي مئاتُ الشُّبّانِ المُتَحمِّسِينَ لِلموت من أجل " بابل " !
سكتً ، ثم أردفَ:
- لا يجبُ أنْ ننسى أنَّنا من الأرض التي أنجبَتْ " أوتو – حيكال " صاحبَ أقدمِ حربٍ للتَّحرير عرفها التَّاريخ الذي طَرَدَ " الكُوتيِّينَ " من أرض سومر وَ أكد .
فَهَتَفَ ثلاثتُهُم _ بِحَماسٍ _ :
- ما أعذبَ المَوتَ من أجْلِ الوَطَن !!
.........................................
* القِصَّةُ مُستَمَدَّةٌ من عِدَّة مصادر من تاريخ العراق القديم بٍأسلوبي . / أخوكم د . فارس الحسيني .