جديد السينما

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جديد السينما

    جديد السينما
    محمد جميل خضر 5 أكتوبر 2023
    سينما
    شارك هذا المقال
    حجم الخط

    الفيلم الهندي "سيا" Siya

    تأليف وإخراج: مانيش موندرا.

    شارك في الكتابة: حيدر رِزفي وسماح.

    ساعة و50 دقيقة.

    الفيلم عن المتعرّضات للاغتصاب في بلادٍ تحقيق العدالة فيها أكثر سوءًا من الجريمة نفسها، عن بشاعة أسوأ جريمة عرفتها البشريّة على الإطلاق، وعن طفلةٍ تحلم، قبل أن يقرر شلّة شباب (زعران) جُرّدوا من كل القِيَم، أن يقتلوا أحلامها، ويربطوها بقيود الرذيلة سبعة أيام متتاليات.

    "أريد العدالة" تصرخ سيا (بوجا باندي بِامتياز) الطفلة التي شوّهوا أيامها، واغتصبوها... واغتصبوها... واغتصبوها... مرّات كثيرات. خمسة شبان محرّضهم وأكثرهم بشاعة ابن مسؤول متنفّذ، اختطفوها، وأخذوها إلى بيتٍ لم تقتصر قاذوراته عليهم، بل كل ما فيه ينزّ بقذارةٍ تتماهى معهم. ما يتبيّن لاحقًا خلال أحداث الفيلم المفزعة، أن مستشار المنطقة الساعي كي يصبح نائبًا في البرلمان، هو أوّل من اغتصب سيا، مستغلًا حاجتها، وأسْرتها، لعمِلها.

    على وقعِ أغنيةٍ مشرقةٍ بِالمعاني، في قلب مشهديةٍ آسرةٍ تحيطها الأنوار السماوية، والبيوت الجميلة المضاءة بِنور الحقيقة، يطوّف القارب الصغير حاملًا سِيا وشقيقها الطفل سوراج وماهاندار المحامي الشاب الشجاع الذي ظل واقفًا إلى جوارها رغم استحالة المواجهة، هاربين جميعهم من رصاص القوّة الغاشمة: "يُخبر الطينُ الخزّاف: تعتقد أنك تستطيع أن تعجنني وتشدّني/ سيأتي يومٌ عندما سأعجنك وأشتريك/ سقطت ورقة من الغصن... طيّرتها الريح بعيدًا/ إذا افترقنا الآن متى سنلتقي مرّة أُخرى؟ طويلة هي رحلتنا المقبلة/ يتذكّر الجميع في الحزن الرب/ لكن ليس في الفرح/ أولئك الذين يتذكّرون الرب بِفرح/ لن يمسّهم الحزن أبدًا/ الذين يأتون سيذهبون يومًا/ فكن ملكًا، أو قديسًا، أو فقيرًا/ البعض سيطير عاليًا في عربة سماوية/ وآخرون سيقيّدون بِسلاسِل".

    أحرقوا والد سيا، أحرقوا بيت ماهاندار بهلا (رودرا سينغ)، ثم عادوا وقتلوه هو نفسه وأمّها وزوجةَ عمّها في حادث سيرٍ مدبّر، سِيا كانت معهم في السيارة التي سحقتها شاحنة كبيرة، ولكنها بقيت على قيد الحياة لتقول لنا إن الحقيقة أسطع من كل شيء، وأنها، في نهاية المطاف، نجت لأنها طفلة، ولأنها بريئة، ولأن السفلة سيواجهون مصيرهم مهما كانت البلاد التي تؤويهم فاقدةً لِلعدل، مثقلةً بِالعنصرية.

    في الفيلم صورٌ ساحرة، وعينُ كاميرا لا تقول إن الفيلم هو الأوّل لمخرجِه، وفيه، إلى ذلك، نبشٌ في تفاصيل مفعمةً بالإنسانيةِ والمَعنى.

    على وقعِ أغنيةٍ عذْبة، في حقل قمحٍ محمّلٍ بِالوعود، تكْرج فيه الصبيّة كرْج النّدى، يقفلُ الفيلم ملفًا جديدًا من ملفّات القهر.
    مشهد من فيلم "حريق"
    الفيلم الألماني "حريق" Afire

    تأليف وإخراج: كريستيان بيتزولد.

    ساعة و42 دقيقة.

    كما لو أن "حريق"، أو "الحريق"، أو "سماء حمراء" كما هو اسمه باللغة الألمانية Roter Himmel، وهو فيلم المخرج كريستيان بيتزولد الأخير، يريد أن يضع كلَّ عنبهِ في سلّته، ويبثُّ عبر دقائقه رسائله كلّها، وإلا لَكانت ثيمةُ الحريق وما لها من دلالات، كافيةً لِإقامة وليمة حول النار، يخوض المشاركون فيها على إيقاع جمرها، نقاشات حول الحب والكتابة والصداقة والقبول والثقة وعادات البشر وأمزجتهم، وهي مواضيع تطرّق لها الشريط جميعها بشكلٍ، أو بآخر.

    الرغبة بقول كل شيء دفعة واحدة أفقد المخرج/ الكاتب تركيزه، وهو ما انعكس على صفاء التلقي، وأفقد الشريط لحظات حميمة وصلها في غير مشهد من مشاهده.

    لا شك في أن الحريق الذي أشعله بيتزولد في مستهل الفيلم، بداية بسيارة فيليكس (لونغستون ويبل)، ولاحقًا بصفحات ليون (توماس شوبيرت) التي قالت له ناديا (باولا بير) دون تردد إن المكتوب فيها هراء بهراء، وحرائق قلبه (ليون) وهو يواصل مراقبة ناديا، ومراقبة ديفيد (إنّو تريبس)، ومراقبة المتنزهين وهم يدخلون البحر ويتطهرون في مياهه، ومراقبة كل شيء حوله، منكفئ على نفسه، مسكون برهاب أن لا يبلل نفسه بموج البحر، ولا يشارك بتصليح سقف البيت، ولا يفعل كل ما يؤشر إلى الحياة والانغماس فيها والتورط بتفاصيلها سلبًا، أو إيجابًا.

    أداء معظم الممثلين مقنع ومعقول (خصوصًا، بالطبع، ليون الذي جعلنا لا نطيقه كما ينبغي، وفي الوقت نفسه نتعاطف معه كما هو مطلوب). أماكن التصوير مشبعة بالمعنى والدلالات. الموسيقى في صميم التناغم مع دراما الفيلم. ومن المشاهد الساحرة مضارب الريشة اللامعة في عتمة الليل يلعب بها ثلاثتهم: ناديا وفيليكس وديفيد، في حين ليون يراقب كعادته كمتلصصٍ من خلف الأبواب والنوافذ.

    بأغنية تقول كلماتها: "في ذهني... الحب سيجعلنا عميانًا... سوف نعيش في مكان نحبه... الحب سيجعلنا نكتشفه... سنعيش أحرارًا وبرّيين... سنحيا حياة مناسبة تمامًا... الحب في ذهني... في ذهني..." مترافقة مع موسيقى ناعمة إلى أرق الحدود، يستهل الفيلم أحداثه، وبها (تلك الأغنية) يختم، يريدنا، على ما يبدو، أن نقدح أذهاننا، متخيّلين شكل الحريق المقبل وزمانه ومكانه.

    الفيلم الهندي "راغو" Raaghu

    تأليف وإخراج: م. أماند راج.

    (91) دقيقة.

    يمكن أن نسميه فيلم الصرخة. على كل حال يبقى موضوع منح فيلم ما اسم بطله، أو بطلته، شائكًا، وتدخل فيه حسابات كثيرة، معظمها تتعلّق بمخرجِه، وفي حالتنا هنا، فمخرجُه هو نفسه كاتب السيناريو والحوار الخاص به.

    كما معظم الأفلام الهندية، الموسيقى والغناء يشكلان جزءًا محوريًّا جدًا من المتن السينمائيّ لِلفيلم. حتى أنهما في "راغو" يعيقان السياق العام، ويتخبّط خلالهما المخرج بين الألحان الهندية والغربية، ويخفقُ في تحديد مواقيتهما داخل التراتبيّة العامة للأحداث.

    فيلم من ممثّل وحيد على طريقة المونودراما في المسرح، أمّا المفارقة فهي أنه ممثّلٌ وحيدٌ ضعيف الأداء، متصنّعُهُ، مُضْحِكُه، في فيلم ضعيف الحبكة، واهنُ المفردات السينمائية، حاول مخرجه (وكاتبه في الوقت نفسه كما أسلفنا) ضخّ بعض المعنى في نهايته عبرَ إقحام قِيَم الكارما الهندية وأبعادها الأخلاقية. مفارقة أخرى، طريفة هذه المرّة، هي أن بطل الفيلم وممثله الوحيد مجرم يسرق بيوت الناس الذين يوصل إليهم طلبيات الأدوية، وهو من تعاقبه الكارما في القفلة، وهو من يجسّد الشر في فيلمٍ يحمل تقييم (8.7) تخيلوا كم علينا أن نكون حذرين من قصة التقييم هذه!
يعمل...
X