الصنجق دار فی دمشق...و طريق "الزيت والشمع" بين دمشق ومكة
----------------------------------------------------------
تعرف المنطقة الممتدة من مدخل سوق الحميدية الغربي، حيث كان بناء السرايا أو ما يعرف بالمشيرية وباتجاه الشمال مروراً بمدخل السروجية فجسر البوابيجية أو ما يعرف بالزرابلية وباتجاه ساحة الشهداء (المرجة) باسم "الصنجق دار".
.
الصنجق في الأصل هو علم النبي صلى اللـه عليه وسلم، وكان يُسمّى: العقاب، وكان يحتفظ به في دمشق، ويرفعونه أمام قافلة الحج، كما ينشرونه إذا دعا داعي الجهاد،
.
وقد انتقل هذا الصنجق إلى الأمويين لدى قيام الدولة الأموية ثم إلى العباسيين، ومن ثم إلى الفاطميين بالقاهرة.
وأعيد إلى دمشق على يد السلطان "سليم الأول" بعد القضاء على دولة المماليك.
.
وفي عهد الصدر الأعظم "سنان باشا" نقل الصنجق إلى استانبول، ووضع في غرفة خاصة بالباب العالي، ولم يسمح إلا لقلة بلمسه، وبالتالي أصبح الاحتفال بالصنجق السلطاني العثماني عوضاً عن صنجق النبي (ص)،
.
وقد بدأت حكاية "محمل الحج" عندما كانت تتجمع قوافل الحج في مدينة دمشق، جنوب سوريا، حيث تلتقي قوافل المسلمين الواصلة من آسيا وجنوب أوروبا لتلتقي بالمحمل الشامي، وحين تكتمل القوافل تنطلق بقافلة واحدة إلى مكة.
.
وقد كان أول أعمال الإشعار بانطلاق القافلة للحج في أي سنة، بأن ينشر العلم السلطاني على الباب الأوسط الذي كان تحت الباب الأوسط لقبة النسر بالجامع الأموي بدمشق، وذلك ليأخذ من ينوي أداء فريضة الحج في ذلك العام العلم ليعدّ نفسه لذلك.
.
وقبل أن ينقل علم النبي (ص) إلى استانبول، كان للصنجق مراسم واحتفالات ، وخاصة إذا كان الأمر يتعلّق بانطلاق قافلة الحج الشامي إلى الديار المقدسة.
.
تبدأ مراسم محمل الحج من اليوم الأول لعيد الفطر باسم مراسم أطلق عليها "الزيت والشمع" تصطف الفرق العسكرية أمام المسجد الأموي ووسط الاحتفال يخرج الدمشقيون ماء الورد والزيت والشموع للمحمل، وينقل الشمع من الدار التي سكب بها في حي شهير باسم "كفر سوسة" مع ماء الورد من بساتين "المزة"، وقد تحولت اليوم إلى أحد أشهر أحياء دمشق السكنية، كما يخرج المحتفلون أغراض كالملبس المحشو بالجوز (حلوى)، ويحمل اسم يوم (الشمع) بعد لف الشموع بالشال الكشميري ليقدم كهدية إلى الحرمين.
.
يتلو يوم (الشمع)، اليوم الثالث من شوال يسمى (السنجق) والمقصود بها الراية أو اللواء، ويخرج باحتفال مهيب إلى دائرة المشيرية ليوضع في قصر المشير، أما اليوم الرابع فهو يوم (المحمل) ويطوف بأحياء دمشق، وقتذاك، بداية من حي الميدان وباب نصر وقرية القدم، وصولاً إلى جامع العسالي، ويوضع تحت قبته 10 أيام ريثما يتم تجمع الحجيج
.
ثم يتم نقل هذا الصنجق من القلعة إلى السرايا كما يخرج الزعماء وعسكر القلعة وأغواتهم وأكابر الدولة ومعهم عكامة الحج ( العكّام هو الشخص الذي يقود الدابة التي عليها الراكب ولوازم السفر)
.
ثم يخرج أمير ركب الحج.. فيسير الموكب إلى طريق السنانية إلى مرقص السودان (شارع البدوي) إلى طريق الشاغور فباب كيسان فباب شرقي ثم إلى الشيخ أرسلان الدمشقي، فبرج الروس والسادات والعمارة والأبارين ويمرون بالسروجية ثم إلى السرايا.
.
وكان يوم خروج ركب الحج الشامي بمرافقة الصنجق إلى الديار المقدسة من أهم وأكبر المواكب التي كان فيها الصنجق. ويكون ذلك بين اليوم الخامس عشر والسادس عشر من شهر شوال. ويتخذ طريق الميدان نحو باب مصلى، مروراً ببوابة مصر إلى قرية المزيريب، وبعد خروج المحمل من يومين إلى خمسة أيام يتلوه قافلة الحج الحلبي، ومعهم حجاج العجم، حتى تجتمع جميع القوافل وتسير بموكب واحد، وتستغرق من شهر شوال إلى شهر صفر.
.
ويكون الجمل الذي يحمل الصنجق وجمل المحمل في أبهى وأفخر زينة لهما وذلك بطرازهما الموشّى البديع المزركش بالقصب المذهّب.
.
يوضع المحمل على جمل يخرج من عند آل سعد الدين، وهو جمل ذو مظهر جميل، ولا يستخدم لأية أعمال إلا للحج، ومن الفئات الأخرى التي تعمل على السهر وخدمة الحجيج وراحتهم وحمايتهم (السقاة) يحملون قرب المياه من الأنهار والآبار والبرك، وكذلك (البراكون) الذين ينقلون الحجيج من طريق البغال وغيرها من وسائل النقل، علاوة على ما يسمى (العكامة) أصحاب الجمال والهوادج وأصحاب المشاعل الذين يحملون القناديل ومشاعل الزيت، وأصحاب الخيام، وغيرهم".
.
ويمشي وراء جمل الصنجق وجمل المحمل والي دمشق وأمير الحج وأمين الصرّة وأرباب الوظائف الملكية والعسكرية وأصحاب الرتب من الأهلين.
.
ويحيط بالصنجق والمحمل أهل الطرائق الصوفية يذكرون الله تعالى.. والموسيقا تصدح خلفهم وعلى أسطحة المنازل ألوف من الأهلين للتبرك. وهم في طريقهم إلى بوابة اللـه مروراً بالدرويشية والسنانية وسوق النحاتين وسوق الغنم والسويقة وباب مصلى وسوق الميدان التحتاني والوسطاني والفوقاني:
.
ولدى وصولهم إلى مصطبة سعد الدين الجباوي (شيخ الطريقة السعدية) يتوقف الموكب ويخرج أحد أحفاد شيخ الطريقة معتمراً عمّة خضراء ومرتدياً جبّة خضراء ويلقم الجمل الذي يحمل الصنجق والجمل الذي يحمل المحمل (الكسوة) لقمة كبيرة من معجون الجوز والفستق الحلبي بالسكر.. وهنا ترى الناس يتهافتون لالتقاط الفتات تبركاً. ويكون ذلك في موكب مهيب.
.
ففي اليوم الرابع من شهر شوال. يجري ذلك الاحتفال بخروج الصنجق من القلعة على جمل مزدان، وهذا الجمل خاص بالصنجق، ويمسك بهذا الجمل موظف خاص به، وهو يلبس هنداماً خاصاً بهذه المناسبة وكانت الجماهير تحيط بذلك الجمل اعتقاداً منهم أن لمسه يجلب الخير والبركة.
ويكون ذلك في موكب يسير في مقدمته الموسيقا السلطانية والمؤذّنون فضلاً عن جميع الصناجق العسكرية بولاية دمشق،
ويكون خروجهم بعد صلاة العصر من ذلك اليوم من باب قلعة دمشق المعروف بباب البوابيجية، في سوق السروجية، ثم يتوجه الموكب إلى السراي (المشيرية) فيستقبله والي دمشق أو من في حكمه، ومن ثم يوضع الصنجق في المشيرية إلى يوم خروج قافلة الحج إلى الديار المقدسة.
.
ومن الاحتفالات التي كان فيها للصنجق مكانه روحية كبيرة، الاحتفال بدورة الصنجق والمحمل (كسوة الكعبة) بالمدينة، وتكون بعد أيام من يوم الاحتفال بانتقال الصنجق من القلعة إلى المشيرية،
وقد تكون هذه الدورة على ما ذكرت بعض المصادر قبيل عيد الفطر، ويشارك في هذه الدورة عساكر الشام وهم يلبسون أحسن لباس ومغرقون بالأسلحة المطلية بالذهب،
وتكون الدورة حول سور مدينة دمشق من جهة الجنوب والشرق والشمال، وهي لإشعار الناس باهتمام السلطة بالشعائر الدينية وبإظهار قوة الدولة وبأسها وإحكام سيطرتها على البلاد تجاه من تسوّل له نفسه العبث بالأمن. فيخرج من باب السرايا العساكر على نحو ما ذكرنا من الأبهة
.
طريق العودة
--------------------
وبعد أداء مناسك الحج يخرج أهل دمشق مهللين مكبرين ويصطفون على جوانب الطرق من بوابة مصر بالعسالي حتى جدار الحكومة مكان القصر العدلي اليوم. وتطلق مدفعية قلعة دمشق 20 طلقة، ويمر المحمل بدار سعد الدين ويقف الجمل ويطعمونه اللوز والسكر "وتزدان البيوت بالزينة على الأبواب والجدران، ويقدم الحجاج الهدايا من ماء زمزم أو المسابح أو سجاجيد الصلاة أو الحناء، أو أية هدايا تذكارية من مكة أو المدينة المنورة".
وكانت رحلة المحمل تستغرق 40 يوماً من دمشق إلى المدينة المنورة، وعشرة أيام من المدينة إلى مكة و20 في الأقل بقضاء المناسك وزيارة قبر النبي، وكان يقضي الحاج 50 يوماً.
.
وقد استمر إشعار الناس بنشر الصنجق السلطاني بباب الجامع الأموي على نحو ما ذكرناه إيذاناً بخروج ركب الحج في ذلك العام إلى أن زالت دولة العثمانيين عن بلاد الشام
.
واقتصر ذلك على مبادرة فردية كان يقوم بها الشيخ حسن المغربي، وهو من أهالي حارة المغاربة من حي السويقة بدمشق، لكونه إذا عزم القيام بأداء الحج يعلم من يريد مرافقته أداء هذه الفريضة بحمل قطعة من قماش أخضر يجعلها على عصاه على شكل علم (صنجق) ويطوف بها أحياء مدينة دمشق القديمة معلناً عن عزمه الانطلاق إلى الديار المقدسة تلك السنة، ثم ينشر ذلك الصنجق في صحن المسجد الأموي بدمشق وأحياناً على باب البريد للمسجد الأموي بباب المسكية.
========================================
صحیفة "الوطن" السوریة
اندبندنت عربية - مصطفى رستم
=AZXGhox2uZZQ3x0iIJtbxtzC9zceVVgfgSRAOmqO1ialcklcQ 64FaKgDuVH_zIj2B-UqiTtF7d1o-r4neV3apkDwqvdGCnoq9AAIl3hvZjY7rbVXkxU7mUiMaRtbxXY 5NRJoYA3fPNjGGIX5nVL5LhM4OUj7j_Vp7w3H5JbLU_1CMwmsy y90gBj2r-MKKHcNhC8&__tn__=*bH-R]
=AZXGhox2uZZQ3x0iIJtbxtzC9zceVVgfgSRAOmqO1ialcklcQ 64FaKgDuVH_zIj2B-UqiTtF7d1o-r4neV3apkDwqvdGCnoq9AAIl3hvZjY7rbVXkxU7mUiMaRtbxXY 5NRJoYA3fPNjGGIX5nVL5LhM4OUj7j_Vp7w3H5JbLU_1CMwmsy y90gBj2r-MKKHcNhC8&__tn__=*bH-R]
=AZXGhox2uZZQ3x0iIJtbxtzC9zceVVgfgSRAOmqO1ialcklcQ 64FaKgDuVH_zIj2B-UqiTtF7d1o-r4neV3apkDwqvdGCnoq9AAIl3hvZjY7rbVXkxU7mUiMaRtbxXY 5NRJoYA3fPNjGGIX5nVL5LhM4OUj7j_Vp7w3H5JbLU_1CMwmsy y90gBj2r-MKKHcNhC8&__tn__=*bH-R]
=AZXGhox2uZZQ3x0iIJtbxtzC9zceVVgfgSRAOmqO1ialcklcQ 64FaKgDuVH_zIj2B-UqiTtF7d1o-r4neV3apkDwqvdGCnoq9AAIl3hvZjY7rbVXkxU7mUiMaRtbxXY 5NRJoYA3fPNjGGIX5nVL5LhM4OUj7j_Vp7w3H5JbLU_1CMwmsy y90gBj2r-MKKHcNhC8&__tn__=*bH-R]