عمر ميارة لـ"العرب": فنانو الصحراء ملتزمون بتطوير السينما المغربية
"إيزة" أول فيلم روائي للمخرج يصور حياة النساء في الصحراء المغربية.
السبت 2023/10/07
ShareWhatsAppTwitterFacebook
فيلم قادم من الصحراء المغربية
بدأ المخرج عمر ميارة أول تجاربه في السينما الروائية من الصحراء المغربية، حيث اختار أن تكون عدسته صوتا للفتيات والنساء المضطهدات اللواتي يقاومن سلطة ذكورية تحرمهن من الحرية واختيار المصير. وهو في حواره مع "العرب" يؤكد أهمية الحراك السينمائي وسعيه الدائم للمساهمة في إنتاج أعمال سينمائية مغربية.
يعد المنتج والمخرج عمر ميارة واحدا من أهم العاملين في مجال السينما في منطقة الصحراء المغربية، وله حضوره ضمن المهرجانات المحلية والدولية. وعرف المخرج بانشغاله بالسينما الوثائقية، لكنه مؤخرا اتجه نحو السينما الروائية عبر أول عمل له بعنوان “إيزة” والذي صوره في قلب الصحراء المغربية.
يقول المخرج عمر ميارة في حواره مع “العرب” إن “إيزة هو أول عمل لي في السينما الروائية بعد تجربة سينمائية متراكمة في السينما الوثائقية، وخصوصا فيما يتعلق بكتابة السيناريو للأفلام الوثائقية حول الثقافة والمجال الصحراوي. وذلك بعد مسار تكويني تحت إشراف المخرج حكيم بلعباس، وتحديدا تجربته الرائدة في مختبر الصحراء الذي أسهم في تكوين مجموعة من المخرجين في مناطق المغرب الجنوبية”.
ويوضح أن “تجربة إخراج هذا الفيلم الروائي هي نتيجة للثقة التي وضعها المنتج خالد شهيد، في شخصي. كما تم اختياري من قبل مدير الإنتاج الحسين حنين للعمل في هذا الفيلم المتميز بمشاركة طاقم تقني وفني محترف بقيادة مدير التصوير الشاب أيوب المحجوب، ومع مجموعة من الوجوه الفنية المعروفة على الساحة، بما في ذلك الممثلون والمبدعون. وفعلاً، اقترحت عنوان الفيلم ‘إيزة’ واسم بطلته، وفي هذا الاسم دلالة تختزل رسالة الفيلم. فكلمة ‘إيزة’ تعني ‘يكفي هذا القدر’ أو ‘كفى من هذا’، كتعبير عن الاستمرار والتمادي في الأمور".
عمر ميارة: هناك مشاريع سينمائية مستقبلية في الأفق وأسعى دائما لتطوير التجربة والمساهمة بشكل محدد في إنتاج أعمال سينمائية مغربية
وفي حديثه عن الكتابة السينمائية، يشير ميارة إلى أن السيناريو الأصلي للفيلم كان من كتابة شخص آخر، لكن من خلال قراءة أولية، اعتقد أنه يجب تطويره مع الحفاظ على فكرة الفيلم الأصلية. ثم أجرى بعض التعديلات على المحتوى وفقًا لرؤيته الإخراجية والتصور الفني للحبكة الدرامية التي تندمج مع توجيه الفيلم، ووضعه في قالب يتناسب مع القصة والأحداث. وكما سبق ذكره، فإن “الرسالة يمكن تلخيصها في اسم الفيلم الذي تم اختياره ليكون دليلًا على المضمون”.
رسالته كمخرج للفيلم تتمحور في الأساس حول الإنسانية. وقد تبدو الفكرة منتشرة أو أن موضوع زواج القاصرات قد تم مناقشته كثيرًا، ولكن بالنسبة إليه الجوهر ليس في هذا الموضوع بل في تأثير تلك القرارات على أحلام الأطفال ومهاراتهم.
البطلة "إيزة" تمثل الشخصية التي تعبّر عن تلك الصراعات التي تواجه الفتيات الصغيرات عندما تتوقف حياتهن قسرًا أو برغبة من آبائهن في تزويجهن. وهي تمثل بداية مشوار الإبداع والاستمرار، وتظهر كيفية تغلبها على الصعوبات وقهرها للقيود الاجتماعية. “إيزة” ترسل رسالة تؤكد أن طموح الفتيات يجب أن يحظى بالاحترام والتقدير، وأنه يجب تصحيح المفاهيم حول مستقبلهن، وأن لديهن الحق في بناء مستقبلهن بحرية.
يقول عمر ميارة إن "اختيار الممثلين لأدوار الشخصيات الرئيسية في الفيلم تحدده طبيعة كل شخصية في الفيلم وما تريد أن تحققه من خلال السيناريو وبالنسبة إليّ كمخرج، الأمر كان جزءًا من التحدي، باعتبار الشخصية الرئيسية ‘إيزة’ مسألة اختيار من خلال الكاستينغ الذي قمنا به في مدينة زاكورة بمعية فريق مختص. وقد وقع اختياري على بطلة الفيلم، فتاة من المنطقة تدعى رجاء موسرير، وصديقتها هبة هازكاين، وهما أيضًا موهوبتان وذكيتان بشكل لا يصدق".
يرى المخرج أن فكرة "أن تسند أدوارًا لممثلين يخوضون التجربة لأول مرة دون أن يكونوا قد تلقوا تدريبًا مخصصًا مسألة صعبة جدًا. ولكن الجميل في الأمر هو أن فترة الإعداد كانت مفاجئة من حيث الأداء وتقمص الشخصية، بحيث وصلوا إلى مستوى يرقى إلى أبطال الفيلم من نجوم المسرح مثل الفنانة عناية أيت احساين، ونجوم الدراما مثل الفنان المبدع عبدالقادر عيزون، والفنانة المتألقة سناء باحاج، والفنان أحمد العبدلاوي".
هناك الكثير من التحديات التي يواجهها كل مخرج، وبطبيعة الحال، لا يمكن لأيّ عمل أن يخلو من صعوبات وتحديات، سواء كانت تقنية أو فنية. لكن التحدي الوحيد الذي يؤكد المخرج أنه واجهه وتمكن من التغلب عليه هو “تغيير بعض المشاهد التي كانت مكتوبة في السيناريو، وهو أمر يمكن تحقيقه بسهولة من خلال الكتابة التقنية".
◙ رسالة مخرج الفيلم تتمحور في الأساس حول الاهتمام بقضايا الإنسانية
ويضيف في حديثه عن ذلك “هناك قناعة راسخة لدي كمخرج، حيث تلقيت تدريبًا من المخرج حكيم بلعباس خلال فترة طويلة. وهذه التجربة جعلتني على الأقل أغير أفكاري وأنظر إلى السينما بطريقة جديدة، وأتعمق في مفاهيمها العميقة برؤية حسية وأضع نفسي في صلب ما أقوم به، حيث أتأثر بكل ما يدور من حولي وأسعى لتقديم محتوى للمشاهد بأسلوب مباشر".
أما بالنسبة إلى قصة الفيلم، فهي مستوحاة من الواقع على نحو رئيسي، ولكن الكتابة التقنية أضافت بعض العناصر الخيالية. ويظل الفيلم صورة من الواقع، خاصة في المناطق التي لا تزال تمتلك أسلوب حياة بدوي ومجتمعا محافظا.
ويوضح المخرج عمر ميارة أن “العملية الفنية والإبداعية التي تقف وراء إنتاج الفيلم تتطلب إعدادًا قبليًا ووضع تصوّر فني وفقًا لطبيعة العمل. هذا ما اشتغلنا عليه لفترة قبل أن ننطلق في تصوير الفيلم. بدأنا بمعاينة فضاءات التصوير في مدينة زاكورة، وتحديدًا في منطقة بني زولي، حيث تتوفر فضاءات مناسبة للتصوير الإخراجي، لتمثيل البيئة التي تنتمي إليها بطلة الفيلم ‘إيزة’، والحياة الاجتماعية المحيطة بها، وأيضًا لتمثيل طبيعة الملابس والعادات والتقاليد والمظاهر الاحتفالية المرتبطة بها، واستخدام كل ذلك في مشاهد الفيلم وبرؤية تتناسب مع البنية الدرامية للقصة".
◙ رسالة "إيزة" تظل مثالًا للكثير من النساء اللواتي يعانين بصمت، ويجب علينا تحويل صمتهن إلى صوت مسموع
ويتابع “لم نكن في حاجة إلى أيّ تأثيرات بصرية أو تقنيات خاصة لإضافة أبعاد جديدة للفيلم. فالقصة تتطلب أسلوب تصوير يعتمد على التقاط صورة قريبة أكثر للوصول إلى الإحساس الحقيقي لبطلة الفيلم وتفاعلاتها مع أيّ مشهد، سواء في لحظات تعكس طبيعة الفعل وردة الفعل وهي مشاعر متباينة تتطلب إعداد الممثلين وتهيئة مسبقة قبل التصوير، وهذا ما جعلني أركز على أن أكون قريباً من الممثلين خلال فترات ما قبل تشغيل الكاميرا، وتجهيز كل ما يلزم وبالفعل نجحنا ولله الحمد في ذلك”.
وفي حديث عن تطور الإنتاج السينمائي في المغرب يقول السيناريست المغربي "بالنسبة إليّ حب المجال والشغف لممارسته والسعي إلى الابتكار هي من الشروط لتطوير والمساهمة في إنتاج سينما قادرة على الوصول إلى قلوب الناس، خاصةً عندما يجدون أنفسهم في شخصيات الفيلم ويتفاعلون بوجدانهم مع قصة الفيلم. وهذا كفيل بأن نصل إلى نتائج تنعكس على مستوى الإنتاج السينمائي في بلدنا. السينما المغربية عرفت تطورًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة وبدأت تحتل مكانتها ضمن قائمة البلدان المعروفة بجودة الإنتاجات والمشاركة في أهم المهرجانات الدولية ونيل الجوائز. وهذا تطور يقوده شباب متحمس".
إن أي مخرج يسعى دائمًا لمشاركة أعماله مع الجمهور، ومن خلال المشاركة في المهرجانات السينمائية يمكنه أن يقيم مدى تأثير عمله. يقول ميارة “رسالتي هي عدم قتل الإبداع في الأنثى وعدم سلب طفولتها بسبب دروع باهتة. مسؤوليتنا هي تغيير هذا الواقع من خلال السينما ووسائل أخرى، ورسالة ‘إيزة’ تظل مثالًا للكثير من النساء اللواتي يعانين بصمت. يجب علينا تحويل صمتهن إلى صوت مسموع".
ويشير المخرج إلى أن “هناك مشاريع سينمائية مستقبلية في الأفق، وأسعى دائمًا لتطوير التجربة والمساهمة بشكل محدد في إنتاج أعمال سينمائية مغربية. وأشكر كل من دعم شباب الأقاليم الجنوبية للمملكة، وأتوجه بالشكر على نحو خاص إلى المركز السينمائي المغربي والمخرج القدير وأستاذنا حكيم بلعباس. فمن خلال تجربتنا كشباب من الأقاليم الجنوبية، تمكنا من عرض أفلامنا في الولايات المتحدة وتمثيل بلادنا هناك”.
ويضيف لـ"العرب" بالقول "نجحت تجربة تكويننا في مختبر الصحراء وأثمرت عن أكثر من 140 فيلمًا وثائقيًا حول تاريخ وثقافة ومجتمع الصحراء المغربية، وتم دعمها من قبل المركز السينمائي المغربي منذ عام 2015. هذا يعكس نجاح التجربة، دون أن ننسى التجربة الواعدة في مجال الأفلام الروائية. نحن ملتزمون بمواصلة العمل والمساهمة في تطوير السينما المغربية".
ShareWhatsAppTwitterFacebook
عبدالرحيم الشافعي
كاتب مغربي
"إيزة" أول فيلم روائي للمخرج يصور حياة النساء في الصحراء المغربية.
السبت 2023/10/07
ShareWhatsAppTwitterFacebook
فيلم قادم من الصحراء المغربية
بدأ المخرج عمر ميارة أول تجاربه في السينما الروائية من الصحراء المغربية، حيث اختار أن تكون عدسته صوتا للفتيات والنساء المضطهدات اللواتي يقاومن سلطة ذكورية تحرمهن من الحرية واختيار المصير. وهو في حواره مع "العرب" يؤكد أهمية الحراك السينمائي وسعيه الدائم للمساهمة في إنتاج أعمال سينمائية مغربية.
يعد المنتج والمخرج عمر ميارة واحدا من أهم العاملين في مجال السينما في منطقة الصحراء المغربية، وله حضوره ضمن المهرجانات المحلية والدولية. وعرف المخرج بانشغاله بالسينما الوثائقية، لكنه مؤخرا اتجه نحو السينما الروائية عبر أول عمل له بعنوان “إيزة” والذي صوره في قلب الصحراء المغربية.
يقول المخرج عمر ميارة في حواره مع “العرب” إن “إيزة هو أول عمل لي في السينما الروائية بعد تجربة سينمائية متراكمة في السينما الوثائقية، وخصوصا فيما يتعلق بكتابة السيناريو للأفلام الوثائقية حول الثقافة والمجال الصحراوي. وذلك بعد مسار تكويني تحت إشراف المخرج حكيم بلعباس، وتحديدا تجربته الرائدة في مختبر الصحراء الذي أسهم في تكوين مجموعة من المخرجين في مناطق المغرب الجنوبية”.
ويوضح أن “تجربة إخراج هذا الفيلم الروائي هي نتيجة للثقة التي وضعها المنتج خالد شهيد، في شخصي. كما تم اختياري من قبل مدير الإنتاج الحسين حنين للعمل في هذا الفيلم المتميز بمشاركة طاقم تقني وفني محترف بقيادة مدير التصوير الشاب أيوب المحجوب، ومع مجموعة من الوجوه الفنية المعروفة على الساحة، بما في ذلك الممثلون والمبدعون. وفعلاً، اقترحت عنوان الفيلم ‘إيزة’ واسم بطلته، وفي هذا الاسم دلالة تختزل رسالة الفيلم. فكلمة ‘إيزة’ تعني ‘يكفي هذا القدر’ أو ‘كفى من هذا’، كتعبير عن الاستمرار والتمادي في الأمور".
عمر ميارة: هناك مشاريع سينمائية مستقبلية في الأفق وأسعى دائما لتطوير التجربة والمساهمة بشكل محدد في إنتاج أعمال سينمائية مغربية
وفي حديثه عن الكتابة السينمائية، يشير ميارة إلى أن السيناريو الأصلي للفيلم كان من كتابة شخص آخر، لكن من خلال قراءة أولية، اعتقد أنه يجب تطويره مع الحفاظ على فكرة الفيلم الأصلية. ثم أجرى بعض التعديلات على المحتوى وفقًا لرؤيته الإخراجية والتصور الفني للحبكة الدرامية التي تندمج مع توجيه الفيلم، ووضعه في قالب يتناسب مع القصة والأحداث. وكما سبق ذكره، فإن “الرسالة يمكن تلخيصها في اسم الفيلم الذي تم اختياره ليكون دليلًا على المضمون”.
رسالته كمخرج للفيلم تتمحور في الأساس حول الإنسانية. وقد تبدو الفكرة منتشرة أو أن موضوع زواج القاصرات قد تم مناقشته كثيرًا، ولكن بالنسبة إليه الجوهر ليس في هذا الموضوع بل في تأثير تلك القرارات على أحلام الأطفال ومهاراتهم.
البطلة "إيزة" تمثل الشخصية التي تعبّر عن تلك الصراعات التي تواجه الفتيات الصغيرات عندما تتوقف حياتهن قسرًا أو برغبة من آبائهن في تزويجهن. وهي تمثل بداية مشوار الإبداع والاستمرار، وتظهر كيفية تغلبها على الصعوبات وقهرها للقيود الاجتماعية. “إيزة” ترسل رسالة تؤكد أن طموح الفتيات يجب أن يحظى بالاحترام والتقدير، وأنه يجب تصحيح المفاهيم حول مستقبلهن، وأن لديهن الحق في بناء مستقبلهن بحرية.
يقول عمر ميارة إن "اختيار الممثلين لأدوار الشخصيات الرئيسية في الفيلم تحدده طبيعة كل شخصية في الفيلم وما تريد أن تحققه من خلال السيناريو وبالنسبة إليّ كمخرج، الأمر كان جزءًا من التحدي، باعتبار الشخصية الرئيسية ‘إيزة’ مسألة اختيار من خلال الكاستينغ الذي قمنا به في مدينة زاكورة بمعية فريق مختص. وقد وقع اختياري على بطلة الفيلم، فتاة من المنطقة تدعى رجاء موسرير، وصديقتها هبة هازكاين، وهما أيضًا موهوبتان وذكيتان بشكل لا يصدق".
يرى المخرج أن فكرة "أن تسند أدوارًا لممثلين يخوضون التجربة لأول مرة دون أن يكونوا قد تلقوا تدريبًا مخصصًا مسألة صعبة جدًا. ولكن الجميل في الأمر هو أن فترة الإعداد كانت مفاجئة من حيث الأداء وتقمص الشخصية، بحيث وصلوا إلى مستوى يرقى إلى أبطال الفيلم من نجوم المسرح مثل الفنانة عناية أيت احساين، ونجوم الدراما مثل الفنان المبدع عبدالقادر عيزون، والفنانة المتألقة سناء باحاج، والفنان أحمد العبدلاوي".
هناك الكثير من التحديات التي يواجهها كل مخرج، وبطبيعة الحال، لا يمكن لأيّ عمل أن يخلو من صعوبات وتحديات، سواء كانت تقنية أو فنية. لكن التحدي الوحيد الذي يؤكد المخرج أنه واجهه وتمكن من التغلب عليه هو “تغيير بعض المشاهد التي كانت مكتوبة في السيناريو، وهو أمر يمكن تحقيقه بسهولة من خلال الكتابة التقنية".
◙ رسالة مخرج الفيلم تتمحور في الأساس حول الاهتمام بقضايا الإنسانية
ويضيف في حديثه عن ذلك “هناك قناعة راسخة لدي كمخرج، حيث تلقيت تدريبًا من المخرج حكيم بلعباس خلال فترة طويلة. وهذه التجربة جعلتني على الأقل أغير أفكاري وأنظر إلى السينما بطريقة جديدة، وأتعمق في مفاهيمها العميقة برؤية حسية وأضع نفسي في صلب ما أقوم به، حيث أتأثر بكل ما يدور من حولي وأسعى لتقديم محتوى للمشاهد بأسلوب مباشر".
أما بالنسبة إلى قصة الفيلم، فهي مستوحاة من الواقع على نحو رئيسي، ولكن الكتابة التقنية أضافت بعض العناصر الخيالية. ويظل الفيلم صورة من الواقع، خاصة في المناطق التي لا تزال تمتلك أسلوب حياة بدوي ومجتمعا محافظا.
ويوضح المخرج عمر ميارة أن “العملية الفنية والإبداعية التي تقف وراء إنتاج الفيلم تتطلب إعدادًا قبليًا ووضع تصوّر فني وفقًا لطبيعة العمل. هذا ما اشتغلنا عليه لفترة قبل أن ننطلق في تصوير الفيلم. بدأنا بمعاينة فضاءات التصوير في مدينة زاكورة، وتحديدًا في منطقة بني زولي، حيث تتوفر فضاءات مناسبة للتصوير الإخراجي، لتمثيل البيئة التي تنتمي إليها بطلة الفيلم ‘إيزة’، والحياة الاجتماعية المحيطة بها، وأيضًا لتمثيل طبيعة الملابس والعادات والتقاليد والمظاهر الاحتفالية المرتبطة بها، واستخدام كل ذلك في مشاهد الفيلم وبرؤية تتناسب مع البنية الدرامية للقصة".
◙ رسالة "إيزة" تظل مثالًا للكثير من النساء اللواتي يعانين بصمت، ويجب علينا تحويل صمتهن إلى صوت مسموع
ويتابع “لم نكن في حاجة إلى أيّ تأثيرات بصرية أو تقنيات خاصة لإضافة أبعاد جديدة للفيلم. فالقصة تتطلب أسلوب تصوير يعتمد على التقاط صورة قريبة أكثر للوصول إلى الإحساس الحقيقي لبطلة الفيلم وتفاعلاتها مع أيّ مشهد، سواء في لحظات تعكس طبيعة الفعل وردة الفعل وهي مشاعر متباينة تتطلب إعداد الممثلين وتهيئة مسبقة قبل التصوير، وهذا ما جعلني أركز على أن أكون قريباً من الممثلين خلال فترات ما قبل تشغيل الكاميرا، وتجهيز كل ما يلزم وبالفعل نجحنا ولله الحمد في ذلك”.
وفي حديث عن تطور الإنتاج السينمائي في المغرب يقول السيناريست المغربي "بالنسبة إليّ حب المجال والشغف لممارسته والسعي إلى الابتكار هي من الشروط لتطوير والمساهمة في إنتاج سينما قادرة على الوصول إلى قلوب الناس، خاصةً عندما يجدون أنفسهم في شخصيات الفيلم ويتفاعلون بوجدانهم مع قصة الفيلم. وهذا كفيل بأن نصل إلى نتائج تنعكس على مستوى الإنتاج السينمائي في بلدنا. السينما المغربية عرفت تطورًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة وبدأت تحتل مكانتها ضمن قائمة البلدان المعروفة بجودة الإنتاجات والمشاركة في أهم المهرجانات الدولية ونيل الجوائز. وهذا تطور يقوده شباب متحمس".
إن أي مخرج يسعى دائمًا لمشاركة أعماله مع الجمهور، ومن خلال المشاركة في المهرجانات السينمائية يمكنه أن يقيم مدى تأثير عمله. يقول ميارة “رسالتي هي عدم قتل الإبداع في الأنثى وعدم سلب طفولتها بسبب دروع باهتة. مسؤوليتنا هي تغيير هذا الواقع من خلال السينما ووسائل أخرى، ورسالة ‘إيزة’ تظل مثالًا للكثير من النساء اللواتي يعانين بصمت. يجب علينا تحويل صمتهن إلى صوت مسموع".
ويشير المخرج إلى أن “هناك مشاريع سينمائية مستقبلية في الأفق، وأسعى دائمًا لتطوير التجربة والمساهمة بشكل محدد في إنتاج أعمال سينمائية مغربية. وأشكر كل من دعم شباب الأقاليم الجنوبية للمملكة، وأتوجه بالشكر على نحو خاص إلى المركز السينمائي المغربي والمخرج القدير وأستاذنا حكيم بلعباس. فمن خلال تجربتنا كشباب من الأقاليم الجنوبية، تمكنا من عرض أفلامنا في الولايات المتحدة وتمثيل بلادنا هناك”.
ويضيف لـ"العرب" بالقول "نجحت تجربة تكويننا في مختبر الصحراء وأثمرت عن أكثر من 140 فيلمًا وثائقيًا حول تاريخ وثقافة ومجتمع الصحراء المغربية، وتم دعمها من قبل المركز السينمائي المغربي منذ عام 2015. هذا يعكس نجاح التجربة، دون أن ننسى التجربة الواعدة في مجال الأفلام الروائية. نحن ملتزمون بمواصلة العمل والمساهمة في تطوير السينما المغربية".
ShareWhatsAppTwitterFacebook
عبدالرحيم الشافعي
كاتب مغربي