"اعرف في قلبي اني ساهمت في موتك، و لكن لا اعرف كيف".. جملة من الفيلم تذكرتها طويلا..
عندما انتهيت من مشاهدة الفيلم، اعتقدت لوهلة انني اشاهد تتمة لفيلم Unforgiven لنفس المخرج كلينت ايستوود، الفيلمان يعالجان نفس الامور، العنف، القدر و الماضي الذي لا ينفك يعود.. تدور قصته حول ثلاثة اطفال، اصدقاء مقربون، تقود الاقدار احدهم الى يدي شاذين جنسيين احتجزاه لمدة اربعة ايام قبل ان يتمكن من الهرب، و تمر السنوات و يكبر الاصدقاء و يبني كل منهم حياته.. و لكن الماضي لاينسى، احد الاصدقاء مازال يعاني من ويلات الاعتداء عليه، بينما يعاني الاثنان الباقيان من عقدة الاحساس بالذنب، اذ تمنى كل منهما لو كان هو الضحية.. بداية التعقيد و الغموض في احداث الفيلم ستكون باكتشاف جثة ابنة احدهم فتبدأ خيوط العلاقة بين الاصدقاء بالتشابك..
هل تؤمن بأن كل ما حدث وسوف يحدث لك مقدر ولا يمكن تغييره؟ أم تؤمن بأننا نسير في مجموعة من الصدف المترتبة على بعضها؟ التفكير في الأمر سيصيبك بالحيرة الشديدة ذات النهاية المسدودة. لكن الأكيد أنك لا تستطيع معرفتهم أو التنبؤ بهم. فعندما تأخذ الخطوة، لا تدرى إلى أي سلسلة من الصدف المتتالية سوف تقع بها لتقودك إلى قَدَرَك في النهاية. كذلك الحال مع أبطال قصتنا التي يلعب فيه القدر والصدفة دور البطولة ويحركان أحداثها.
أبدع المخرج كلينت إيستوود في إخراج تلك القصة المعقدة الغنية بالتفاصيل المبنية على رواية تحمل نفس الاسم. إيقاع سير الفيلم كان رائعًا ومناسبًا لذلك الفيلم المليء بالغموض، وطريقة اكتشاف الحقائق الواحدة تلو الأخرى وصولًا إلى معرفة ما حدث بالتحديد في تلك الليلة. والأروع هي النصف الساعة الأخيرة التي تركت المشاهد في حيرة وتشتت وجو يسيطر عليه الإبهام مصحوب بالإثارة والتوتر والرغبة في معرفة الحقيقة حتى يضرب القدر ضربته الأخيرة.
سينجح فيلم Mystic River في شد انتباهك طوال مدته، حيث سيتملكك الفضول لمعرفة الحقيقة التي لن تكشف إلا في لحظاته الأخيرة. وستستمتع بأداء قوي من أبطال الفيلم من انفعالات صادقة ووجوه تعكس الحالة الكئيبة لما يجري. وإذا كنت من عشاق الدراما خاصة المأساوية، فسوف يعجبك الفيلم بشدة وقد
تتحمس لقراءة الرواية.
حقق هذا الإنتاج السينمائي جائزتي أوسكار. فقد حاز بطله الممثل شون بن جائزة "أفضل ممثل" على أدائه المحموم كمجرم يدعى جيمي ماركوم، الذي يأخذ على نفسه مهمة إنفاذ القانون بيديه بعد مقتل ابنته البالغة من العمر 19 سنة وبالنسبة لي يُعتبر واحدة من أفضل أدوارهِ خلال مسيرته الفنية خصوصاً مشهد الصرخة المشهورة. وفاز تيم روبينز بجائزة "أفضل ممثل مساعد" على دوره صديق الطفولة لجيمي، ديف
بويل، الذي تعرض للاختطاف والاعتداء الجنسي عندما كان طفلاً.