قصة عبود أبو فستق..للأديبة: سارة سلهب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة عبود أبو فستق..للأديبة: سارة سلهب



    سارة سلهب
    ٨ يناير ٢٠١٤ ·
    عبود أبو فستق
    العروبة
    7 / 1 / 2014
    سأحكي لكم اليوم كيف تحول عبود من عبود النعسان إلى عبود أبو فستق أو عبود أبو(... ) كان يا ما كان, لما كانت: قريتي مرتمية على سفح الجبل
    أبداً تناشد الإله أن يبقى ممسكاً بها بطرف إصبعه لئلا تنزلق متدحرجة إلى أسفل الوادي السحيق نشأ عبود النعسان وترعرع ونال الشهادات.. ومن أزقتها الضيقة وطرقاتها المتعرجة خرج ويمَّم شطر العاصمة بحثاً عن عمل.. وعندما سُدَّت جميع السبل في وجهه.. طرق باب الوزير الذي هاله أن يرى فرداً من رعيته مازال يرتدي أسمالاً باليةً!!وهو الذي رأى بأم عينه خلال جولاته الميدانية, الشعب في مدنه وقراه مصطفاً في طوابير عند أسياخ الشاورما.. وفي الصيف يصطاف على شاطئ البحر أو في الجبال..
    دخل عبود الناحية كالطاووس المغرور يحمل بيده استثناء من الوزير بتعيينه موظفاً فيها.. لكن ما إن دلف مكتب المدير حتى تسمّرت قدماه في الأرض,فمدير الناحية يجلس إلى كبير المهربين يتجاذب معه أطراف الحديث.. تناول منه الورقة وأشار له بالخروج.. فخرج وهو يحدث نفسه.. (كيف حصل هذا؟! كبير مهرّبي المنطقة يحتسي القهوة مع مدير الناحية.. المهرّب ابن قريتي.. لا يمكن أن أتوه عنه.. والله العظيم هو بعينه.. بالعلامة قال لي (كيفك يا عبود؟!) كل ليلة يصرعوننا وهم يداهمون بيته والآن هو بلحمه ودمه في مكتب المدير.. بالتأكيد يتقاسم معه غلة التهريب.. عليك يا عبود ألا تكون بليداً في هذه الأمور وتتعلم من أين تؤكل الكتف..)
    وفي اليوم الأول لمباشرته العمل دخل مراجع يحمل سلة كبيرة بين يديه.. سال لعاب عبود عندما لمح في أعلاها ثلاث بيضات فوق التبن.. وقال لنفسه:مراجع فهمان..! من اليوم الأول سلة بيض كاملة! سأضع البيض في كيس وأرمي السلة والتبن فيسهل إخراجه دون أن ألفت الانتباه.. واستغرق بضع دقائق راكضاً بين الأضابير..رغم إنه تعثر أكثر من مرة وكاد يقع,حتى أنجز لهذا المراجع الذكي معاملته....( كله يهون فداء سلة بيض)..لكن صدمته كانت كبيرة عندما اكتشف خداع المراجع فالسلة ممتلئة بالتبن و فوقها البيضات الثلاث فقط.. أرغى وأزبد.. وأقسم الأيمان أن ينتقم من هذا الشخص الغشّاش.. ألم يسمع بالحديث الشريف الذي يقول( من غشّنا ليس منا)..
    وفي صباح اليوم التالي عندما بدأ دوامه وعند دخول المراجع الأول مكتبه.. قال له عبود بكل ثقة معاملتك تحتاج لأسبوع لتنجز إلا إذا صنعت لها إطاراً تسير عليه.. فهم المراجع التلميح الصريح وعاد في اليوم التالي يحمل على كتفه كيساً كبيراً من الفستق رماه أمام عبود قائلاً:
    - أظن أن هذا جناح يمكن لمعاملتي أن تطير به وتحلّق!!
    - يا أخي لم أقل كيساً كبيراً!! كيف سأتدبر أمره الآن؟ أتوسل إليك خذه معك..
    لكن المراجع كان قد ابتعد تاركاً عبود لحيرته وتوسلاته.. بعد تفكير طويل حمل الكيس واتجه إلى مكتب المدير محدثاً نفسه.. سيعطيني جزء منه بالتأكيد..
    - سيدي أحضره لك أحد المراجعين ..
    لكن المدير أرسل الكيس إلى بيته دون فتحه, غير آبهٍ بمشاعر عبود الفستقية الذي خرج يجرجر أذيال الخيبة .. لكنه وسط القهر والحقد لمح كيساً صغيراً إلى جوار باب المدير فحدث نفسه ( المدير أخذ كيس الفستق وأنا سأخذ هذه الهدية التي أحضرها له أحد المراجعين,على ما يبدو لم يتسنى له الوقت لتقديمها).. وعندما تأكد من خلو الممر حمل الهدية واتجه إلى مكتبه, فتح الكيس فوجد حذاء بني على قياس رجله لكنه ما إن لبس الفردة الأولى حتى انقلبت الناحية بحثاً عن الحذاء.. وطلب مدير الناحية من الموظفين جميعاً الخروج والاصطفاف في الممر.. لإجراء التفتيش..هرول عبود إلى الممربفردتي حذاء مختلفتي اللون وسط قهقهات زملائه التي جذبت انتباه المدير, فسحبه من أذنه إلى السجن, صارخاً:
    - تسرقني أيها اللص؟ يجب أن تنال جزاءك العادل , لص في الناحية عندي؟!
    أمضى عبود أيام السجن وخرج منه باسمٍ جديد (عبود أبو فستق)..هذا الاسم الذي أحبه أكثر من اسمه القديم لأنه كان فأل خير عليه, فهو اليوم يجلس إلى مكتب وثير في الوزارة ويباهي بعدد الهدايا وحجمها.. وآخر هدية نالها عبود سيارة موديل(bmw) ...لكن قلبه مازال محروقاً على سلة بيض وكيس فستق وحذاء إيطالي بني اللون نمرة 42, بعض أصحابه يناديه تهكماً أبو فستق أو أبو (......)
    آمال

يعمل...
X