أساليب ارتكاب جرائم الذم والقدح والتحقير إلكترونياً
تطلب المشرع الأردني لإيقاع العقاب على أفعال الذم والقدح أن تقع بصورة علنية، في حين أن العلنية لا تتحقق في أفعال التحقير. ولا يشترط أن تكون العلنية حقيقة، فيصل معنى الواقعة المسندة بالفعل إلى الجمهور المستخدمين، بل يكفي أن تكون حكمية أو مفترضة.
وتعد جرائم الذم والقدح والتحقير من أكثر الجرائم الإلكترونية شيوعًا، حيث يساعدها على التعبير عن الجريمة كتابةً أو صوتاً استغلال المعطيات الحاسوبية لإرسال هذه المواد إلى المعتدى عليه، لهدف النيل من شرفه وكرامته، أو تعريضه لبغض الناس واحتقارهم دون الحاجة إلى مواجهته في مجلس مشهود في العالم الواقعي، ومع التمتع بالمجهولية التى تتيحها تلك الوسائط الإلكترونية الحديثة. وقد أثار استغلال تقنية المعلومات لتنفيذ هذا النوع من الجرائم تحديات كبيرة بالنسبة لقانون العقوبات؛ ففي إطار مجتمع المعلومات الإلكترونية أدى الباعثون غرضهم في نشر رسائل وبثها، وهي تحتوي عبارات الذم والقدح لأشخاص مستهدفين بذاتهم أو مستهدفين لانتمائهم إلى مجموعات عرقية أو دينية أو سياسية معينة. وحتى نقف على أساليب ارتكاب جريمة الذم والقدح والتحقير، وعلى وسائل العلنية عبر الشبكة الافتراضية (الإنترنت) وشبكة الهواتف النقالة.
جرائم الذم والقدح والتحقير هي إحدى أكثر الجرائم شيوعًا في العالم الافتراضي، فالبعد الجغرافي بين المعتدي والمعتدى عليه، والمجهولية، وسرعة انتشار الأسانيد الجارحة عبر التقنية الرقمية، كل ذلك يشجع المعتدين على ارتكاب هذه الجرائم للنيل من شرف الغير وكرامته، وتتنوع أساليب الذم والقدح والتحقير بتنوع الغرض من استخدام شبكة الإنترنت وشبكة الهواتف النقالة ويتم عادة من خلال المراسلات والنشر الإلكتروني ويقع الذم والقدح والتحقير وجاهيًا عبر الخطوط الاتصال المباشر، ويقع غيابيًا وقد يقع أيضا بواسطة المطبوعات الإلكترونية إذا تجاوزت العبارات حدود النقد المباح.
شبكة الويب العالمية والمواقع الإلكترونية
الإنترنت هو جزء من ثورة الاتصالات، ويعرف الحجاج (1998) الإنترنت على أنه شبكة طرق المواصلات السريعة، كما أن كلمة الإنترنت تعني لغويا الترابط بين الشبكات وبعبارة أخرى هو “شبكة الشبكات” حيث يتكون الإنترنت من عدد كبير من شبكات الحاسب المترابطة والمتناثرة فى أنحاء كثيرة من العالم . ويعرف علون الانترنت بأنه “كم هائل من المستندات المحفوظة في شبكة الحاسوب”. وهي تتيح لأي شخص الاطلاع على معلومات تخص جهات أخرى، أو أشخاصًا آخرين قاموا بوضعها على هذه الخدمة، ارتبط ظهور الإنترنت بالحواسيب الحديثة، حيث تم تطوير أجهزة الحاسوب الإلكترونية فى الأربعينات من القرن الماضي. وكانت هذه الأجهزة البدائية كبيرة جداَ، والسبب فى ذلك يعود إلى حجم الفراغ الكبير الذي تشغله الأنابيب اللازمة للقيام بالحسابات. إذا أنها غالبا ما كانت تشغل غرفة كاملة، وكانت باهظة الثمن كذلك وترتكب جريمتا الذم والقدح إذا قام المعتدي بإسناد مادة معينة في الذم، أو بإسناده حكما أو صفة عامة في القدح، إلى المعتدى عليه في أحد مواقع الشبكة الإلكترونية. تختلف صور الإسناد باختلاف القسم الرقمي المستخدم في الاعتداء، وإن كانت أغلب صور الجريمة كتابية، غير أن المعتدي قد يلجأ إلى نشر صور فاضحة للمعتدى عليه، أو إلى نشره مواد فيديوية له، أو رسوماً كاريكاتورية مهينة؛ كما قد تقع الجريمة بأن ينتحل المعتدي شخصية المعتدى عليه، ويتعمد الإساءة إلى الآخرين، وتستخدم صفحات الويب كذلك في الترويج الدعائي العنصري، الذي يتضمن عبارات ذم وقدح بحق الآخرين، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات؛ فالجريمة تقع على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين على حد سواء. أما التحقير فلا يقع علنيًا ولا غيابيا ومن ثم فيتصور وقوعه عن طريق غرف الدردشة الثنائية ورسائل البريد الإلكتروني.
المجموعات الإخبارية (NEWS GROUPS)
هذه المجموعات خدمة توفرها شبكة الإنترنت، وهي تمكن المستخدم من مطالعة الصحف الإلكترونية في جميع المجالات، وكذلك يستطيع هو إرسال المقالات الإخبارية والمشاركة في التعليق على موضوع معين، ويختار كل مشارك تصفح ما يناسبه من مجالات المجموعات الإخبارية سواء أكانت متعلقة بالسياسة أم بالحقوق أم بالاقتصاد، أم بغير ذلك من موضوعات. وحيث أن المجموعات الاخبارية هي مواقع عامة ومفتوحة، ويسمح لجميع مستخدمي شبكة الإنترنت بالدخول إليها والإطلاع على محتوياتها، فإن جريمتي الذم والقدح (السب ) تقعان عبر هذه المواقع، نظرًا لتوافر ركن العلنية فإذا نشر أي خبر أو موضوع من خلال هذه المجموعات، وتخلل النشر مادة تنال من شرف شخص ما وكرامته واعتباره، فهنا تقوم أركان الجريمة، ويلاحظ أن صور الذم والقدح والتحقير يمكن أن تمارس من خلال مجموعات الأخبار، فيكون الذم والقدح والتحقير وجاهيا متى كان المعتدي والمعتدى عليه يتبادلان الرسائل والصور عبر المجموعات الأخبار، أو ينشران تعليقاتهما ومشاركاتهما علي موضوع معين، ما داما متداخلين فى الشبكة وقت تبادل الرسائل والمواد التعبيرية. وتتحقق علنية الذم والقدح إذا كانت رؤية ما يرد في الرسائل والتعليقات، حول الموضوع الذي اختارا مناقشته، متاحة للمشتركين في مجموعات الأخبار كذلك تتحقق صورة الذم والقدح (السب) والتحقير، عبر حلقات النقاش، أو من خلال ما يوزع على فئة من المشتركين فيها، على شكل كتابات أو صور استهزائية أو مسودات الرسوم. وتتحقق صور الذم والقدح (السب) بواسطة المطبوعات الإلكترونية، من خلال الجرائد والصحف اليومية، وهي التي تتضمن مقالات تحتوي على أفعال ذم وقدح (السب)، ويتم إرسالها إلى مجموعة الاخبار.
غرف المحادثة و الدردشة “chat rooms”
وهي مساحات تتيح لروادها التخاطب معًا بشكل مباشر، وتتمثل آلية عمل غرف المحادثة في صورتين: غرف المحادثة العامة، وغرف المحادثة الخاصة. ففي الأولى تكون مجموعة المحادثة متاحة، يلجها من يشاء من متصفحي الموقع، أما في الأخرى فمجموعة المحادثة تكون محصورة بين عضوين، أو بين مجموعة حصرية يكونها الأعضاء أنفسهم، ويستعملون مخدًم المحادثة الجماعية messenger لتبادل حديث خاص.
وعند تخاطب مجموعة من الأعضاء في ذات مجموعة المحادثة، عبر الإنترنت فإن المستخدم يكتب رسالته باستخدام لوحة المفاتيح، ويرسل ماكتب ليظهر على الشاشة للمستخدمين الآخرين فيقرؤون ما كتب، وبما أن التخاطب في كلتا صورتي غرف المحادثة يتم عن طريق الكتابة باستخدام لوحة المفاتيح لدى كل من المتخاطبين، فإن الصورة الغالبة للذم والقدح (السب) والتحقير، التي ترتكب بواسطة غرف المحادثة تلك، من المكاتب المفتوحة وبطاقات البريد وتتحقق العلنية العامة في غرف المحادثة العامة، وتتمثل في نشر التعدي على الجمهور دون تعيينهم. وتتحقق العلنية النسبية في غرف المحادثة الخاصة، وتتحقق العلنية النسبية في غرف المحادثة الخاصة؛ وتتمثل في نشر التعدي على الطوائف، اختارها المتعدي، وتربطه بها روابط معينة، وتشكل فيما بينها وحدة موضوعية مشتركة، تحول بين انتشار ما أذيع بينها إلى عامة الجمهور، وقد قسم الحنبلي العلنية إلي عامة ونسبية في معرض تناوله لجرائم الذم والقدح التقليدية ويتحقق المبدأ نفسه في تطبيقات الجرائم الإلكترونية.
البريد الإلكتروني e-mail
البريد الإلكتروني هو رسائل يتم إرسالها إلكترونيًا من حاسوب إلى حاسوب آخر، عبر شبكة اتصالات مثل إيثرنت أو شبكة الإنترنت، أو عن طريق خطوط الهاتف إلى نظام مضيف. ويتم تخزين الرسائل بمجرد إرسالها على الشبكة، حتى يقوم المتلقي بالتقاطها. ومثلها مثل النصوص العادية، فقد تحتوي الرسائل على ملفات نصية مرفقة، أو أعمال فنية، أو قصاصات للوسائط المتعددة. ويقوم المشتركون في نظام البريد الإلكتروني بكتابة الرسائل على هيئة خطاب عادي تم (يسقطون) الخطابات داخل بنك ذاكرة جهاز حاسوب مركزي عن طريق جهاز “مودم” ويقوم المتلقي بالتقاط الرسالة عن طريق مهاتفة الحاسوب المركزي وإدخال كلمة مرور خاصة بالنظام، ونظرًا لسرعته الفائقة في توزيع الرسائل الناسوخ (الفاكس)، ويتكون البريد الإلكتروني من جزأين رئيسيين هما: رأس () , ونص () ويحتوي الرأس على معلومات حول المرسل والمستقبل والمعلومات اللازمة لتوصيل الرسالة إلى العنوان المناسب، و يحتوي النص على الرسالة التي تم إعدادها، وعلى ملحقاتها إن وجدت ويستطيع المعتدي من خلال البريد الإلكتروني أن يسند إلى شخص آخر معين أو غير معين مادة معينة، تنال من شرف المجني عليه وكرامته، أو تعرضه لبغض الناس واحتقارهم، سواء أكانت هذه المادة تستلزم العقاب أم لا- وقد يقوم الجاني بالاعتداء علي كرامة المجني عليه أو على شرفه أو اعتباره ولو في معرض الشك والاستفهام دون إسناد مادة معينة. ففي الحالة الأولى يعد الجاني مرتكبًا لجريمة الذم الإلكترونية، وفي الحالة الأخرى يعد الجاني مرتكبًا لجريمة القدح (السب) الإلكترونية، أما الذم والقدح الغيابي، فيشترط أن يقع في أثناء الاجتماع بأشخاص كثيرين مجتمعين أو منفردين وقد يقع الذم والقدح الخطي عبر البريد الإلكتروني بما يوزع على الناس من الكتابات والرسوم أو الصور الاستهزائية، فيستلمها عدد غير محدد من المتعاملين مع الإنترنت، كما لو أرسلت الرسالة إلى أكثر من شخص مسجلين في قائمة المعتدي البريدية، أو أرسلت بصفة بريد عشوائي (EMAIL SHOT ) و يستوي هنا أن يتم النشر والإذاعة من مكان عام كمقاهي الإنترنت، أو من مكان خاص كالمنازل والمكاتب، كما يستوي أن يقوم الجاني بالتوزيع من تلقاء نفسه، أو بناء على طلب الغير؛ ويتصور أن يكون التوزيع قد تم عن طريق تداول نسخة واحدة من البريد، أو بوصول عدة نسخ مادام ذلك كان نتيجة حتمية لفعل الجاني ويفترض التوزيع اطلاع الغير شخصياً على ما يحتويه المكتوب وفهم معناه عن طريق الرؤية المباشرة، فهو بعكس الإفضاء الذي قد يكون لشخص واحد أو عدة أشخاص، حيث يتم التقاط المعنى المكتوب أو المطبوع عن طريق الرواية . ويقع الذم والقدح (السب )ايضا بواسطة المطبوعات شريطة أن يقع بواسطة الجرائد والصحف اليومية أو الموقوتة، وهي التي تأخذ مكانها على شبكة الإنترنت من خلال مواقعها على صفحات الويب العالمية أما بالنسبة للذم والقدح الوجاهي، الذي يوجب النص أن يتم في مجلس بمواجهة المعتدى عليه، ليستحق إيقاع العقاب عليه، أو في مكان يمكن لأشخاص آخرين أن يسمعوه، قل عددهم أو كثر، فإن جريمتي الذم والقدح (السب )، كما يري الدكتور ربيع، لا تقعان به، لأنه لا يمكن اعتبار بيئة شبكة الإنترنت مجلساً يجمع الجاني بالغير.
*وتتنوع أساليب الذم (التشهير) والقدح (السب ) والتحقير ,كما مر بنا , بتنوع الغرض من استخدام الإنترنت والهواتف النقالة , فقد يكون الذم والقدح (السب) والتحقير وجاهيًا عبر خطوط الاتصال المباشر , أو قد يكون غيابيًا , وقد يقع بواسطة الكتابة النصية , أو بواسطة المطبوعات الإلكترونية , أو بواسطة الصور والرسومات , أو التسجيلات الفيديوية وتتحقق علنية الكلام و الصراخ إذا تم نقلهما عبر الإنترنت أو الهواتف النقالة باعتبارها من الوسائل الآلية من مكان إلى آخر , بالاستعانة بتقنية الحواسيب , على أن يسمح الكلام أو الصراخ بمجرد إذاعته , أو تحميل مادة مسجلة تحتوي هدا الكلام أو الصراخ , وعرضها علي جميع من يحوزون جهاز استقبال . ولبيان علنية الذم (التشهير) والقدح (السب) والتحقير ,عبر الإنترنت سنتناول هذا المفهوم بشئ من التفصيل في أربعة علي نحو ما سيأتي .
أ- علنية الأعمال والحركات
تتحقق عميلة الأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح للجمهور , أو معرض الأنظار ؛ حيث تتحقق العلنية في هذه الصور نظرا لطبيعة المكان الذي تم الجهر فيه بعبارات الذم والقدح (السب ) , وكذلك وتحقق علنية الأعمال والحركات إذا وقعت في مكان خاص , وكان باستطاعة من كان في مثل هذا مكان مشاهدة تلك الأفعال، أيضًا تتحقق العلنية بالأعمال والحركات إذا وقعت في مكان خاص , وتحول هذا المكان إلى مكان عام بالمصادفة ؛ ولذلك فإن درج المنزل لا يعد من الأماكن العامة بطبيعته , ولا بالنظر إلي الغرض الذي خصص له , إلا إذا تصادف وجود أشخاص عليه أو سمع عدد من السكان ما وقع من أفعال الذم والقدح (السب) علي درج ذلك المنزل، ولما كانت تقنيات الإنترنت تتيح نقل الصوت والصورة من مستخدم إلى آخر في مكان ما في العالم عن طريق أنبوب الأشعة-صمام الأشعة الكاثودية ,فإن علنية الأعمال والحركات يمكن تصورها في نطاق العالم الافتراضي . ويراد بالمصطلح ” أنبوب الأشعة المهبطية :شاشة الحاسوب التي تستعمل مدفعا إلكترونيا , المهبط, لإطلاق حزمة إلكترونات تؤدي الى إضاءة الفسفور , وهو أحد مكونات الشاشة , في أثناء قيام حزمة الإلكترونات بمسح الشاشة بصورة متكررة , فتظهر المعلومات بصورة مرئية على الشاشة , وتستعمل نفس التكنولوجيا لإنارة شاشة التلفاز .
ب- عملية الكلام والصراخ
تتحقق علنية الكلام والصراخ إذا جهر بهما أو نقلا بالوسائل الآلية , على أن يسمعها في كلا الحالين من لا دخل له بالفعل ويكون الجهر بالكلام والصراخ فيما لو تحدث الجاني بصوت مرتفع , على أن يستطيع سماعه من وجه إليه الكلام وغيره , وبناء على ذلك فالكلام والصراخ الذي لا يصل إلا إلى مسمع شخص واحد لا تتوفر فيه صفة العلنية ولا يقع تحقيرا.
ويرى الشوابكة أن علنية الكلام والصراخ تتحقق فيما لو تمت عبر الانترنت و أن المشرع يشترط وقوع فعل الكلام أو الصراخ , المتضمن المادة المجرمة أولا,ويستوي عندها أن يكون هذا الفعل قد وقع بواسطة الجهر به بصوت مرتفع أو منخفض أو نقلا بالوسائل الميكانيكية , ويقصد بها الاستعانة بالأجهزة التي تجعل الكلام مسموعا في أنحاء المكان دون تمييز , سواء تم ذلك باستخدام مكبرات الصوت أو الميكروفونات أو بأي وسيلة يكشف عنها العلم وتؤدي ذلك الغرض وتتولى تلك الوسائل تضخيم هذا الصوت وتكبيره على أن يسمعه من لادخل له بالفعل.
ويرى الدكتور والمحامي عادل عزام سقف الحيط ” أن العلنية تتحقق إذا كان من استمعوا للكلام والصراخ, المتضمن المادة الجرمية , مجتمعين في مجلس واحد بالمعنى القانوني ” في العالم الحقيقي , مثل مقهى الانترنت والمنازل والمقالة التجارية أو إذا كانوا مجتمعين في مجلس واحد في العالم الافتراضي مثل غرفة الدردشة المقامة في ربوع الانترنت.
ج- علنية الكتابة
تتحقق علنية الكتابة حسب ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 73 من قانون العقوبات الأردني في 3 صور , هي عرض الكتابة والرسوم والصور اليدوية والشمسية والأفلام والشارات والتصاوير على اختلافها , في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو عرضة للبيع أو توزيعه على أكثر من شخص.
وسنأتي على ذكر ذلك تباعا:
العرض
يفترض العرض وضع المكتوب أو المطبوع بصورة تسمح للجمهور برؤيته , ويتحقق ذلك إذا أمكن رؤيته للشخص المار في الطريق العام أو المكان المطروق , ولا يشترط العرض في مكان العام ومكان مطروق , بل تتوافر العلنية حتى لو عرضت الكتابة في مكان خاص , على أن يتمكن من رؤيتها شخصان فأكثر.
ويكون العرض بطريق الإنترنت من خلال شبكة الويب العالمية ومجموعات الأخبار والبريد الإلكتروني وغرف الدردشة التي ينشر من خلالها الجناة كتاباتهم ورسومهم وصورهم اليدوية والشمسية , والأفلام , والشارات , والتصاوير على اختلافها ؛ حيث يتخذون مواقعهم على هذه الشبكة الارتكاب أفعالهم الجرمية , المقالات المنشورة , أو الردود علي المقالات أو المداولات في المنتديات . أما إذا اطلع مشرف النشرة الإلكترونية علي تعليق ولم ينشره , نظرا لمخالفة العبارات الواردة فيه للقانون والذوق العام , فيختلف حينها ركن العلنية .
البيع والعرض للبيع
ويقصد بتحقق العلنية في البيوع الإلكترونية : تسليم المواد المكتوبة أو المرسومة أو المصورة أو السمعية أو الفيديوية , أو الأشياء التي تحمل في أيًا مما سبق , مقابل ثمن معلوم , على أن يتم البيع لعدد من المشترين يبلغ اثنين فأكثر .
ولا يشترط أن يتم البيع لعدد في الأماكن العامة ؛ حيث لا يشترط في البيع ما يشترط في العرض الذي لا يتحقق إلا بوضع المكتوب تحت يد الغير , والذي يمكن تصوره عبر الإنترنت من خلال نشر إعلان صفحات الويب , أو مجموعات الأخبار , أو إرسال دعاية عشوائية عبر البريد الإلكترونية أو نشر العرض في غرف المحادثة , أو توزيعه باعتماد قائمة البريد الإلكتروني المحفوظة في بريد المعتدي , فيكفي في البيع أن يتم في أي مكان ؛ حيث لا يشترط فيه إمكان رؤية المبيع في الأماكن العامة
التوزيع
تسمح تكنولوجيا الإنترنت بإمكانية توزيع البيانات , التي يتم نشرها على المواقع الخاصة بالشبكة , على جميع المشتركين أيًا كان موقعهم الجغرافي . ويفترض التوزيع تسليم المكتوب أو المطبوع , سواء أكان صوراً يدوية أو شمسية أم رسوماً استهزائية أم شارات أم أفلامًا أم تصاوير علي مختلف أنواعها , ويقع التسليم بواسطة الإنترنت غير المباشرة , مثل التوزيع من خلال البريد الإلكتروني , أو عن طريق مجموعات الأخبار , أو غرف الدردشة , وغيرها من مواقع شبكة الإنترنت .ويشترط حتى تحقق علنية التوزيع أن يكون لعدد غير محدد من الناس من المتعاملين مع الإنترنت.
ويستوي أن يقوم الجاني بالتوزيع من تلقاء نفسه , أو بناء علي طلب الغير , مادام أن ذلك يتم لعدد من الناس دون تمييز , ولو كانوا قليلين : شخصين فأكثر ؛ كما يستوي أن يكون ذلك قد تم عن طريق تداول نسخة واحدة من المادة , أو بوصول عدة نسخ , مادام ذلك كان بفعل المتهم أو نتيجة حتمية لفعلة , مما لا يتصور أنه كان يجهلها ومن ثم , تقع الجرائم الذم والقدح والتحقير بواسطة شبكة الإنترنت وتقنية الهواتف النقالة , وتحقق العلنية في جريمتي الذم والقدح (السب والتشهير) بما يتماشى مع مبدأ الشرعية الجزائية . وتطبق علي جرائم الذم والقدح والتحقير الإلكتروني نصوص تجريم التقليدية في قانون العقوبات الليبي . وتبقى الحاجة ملحة إلى تدخل المشرع وتقنين هذه الجريمة في قانون خاص بالجرائم الإلكترونية , أو تعديل النصوص التقليدية التي تتناول الجريمة في قانون العقوبات , لتشمل الصور الإلكترونية الحديثة في ارتكاب الجريمة.
تطلب المشرع الأردني لإيقاع العقاب على أفعال الذم والقدح أن تقع بصورة علنية، في حين أن العلنية لا تتحقق في أفعال التحقير. ولا يشترط أن تكون العلنية حقيقة، فيصل معنى الواقعة المسندة بالفعل إلى الجمهور المستخدمين، بل يكفي أن تكون حكمية أو مفترضة.
وتعد جرائم الذم والقدح والتحقير من أكثر الجرائم الإلكترونية شيوعًا، حيث يساعدها على التعبير عن الجريمة كتابةً أو صوتاً استغلال المعطيات الحاسوبية لإرسال هذه المواد إلى المعتدى عليه، لهدف النيل من شرفه وكرامته، أو تعريضه لبغض الناس واحتقارهم دون الحاجة إلى مواجهته في مجلس مشهود في العالم الواقعي، ومع التمتع بالمجهولية التى تتيحها تلك الوسائط الإلكترونية الحديثة. وقد أثار استغلال تقنية المعلومات لتنفيذ هذا النوع من الجرائم تحديات كبيرة بالنسبة لقانون العقوبات؛ ففي إطار مجتمع المعلومات الإلكترونية أدى الباعثون غرضهم في نشر رسائل وبثها، وهي تحتوي عبارات الذم والقدح لأشخاص مستهدفين بذاتهم أو مستهدفين لانتمائهم إلى مجموعات عرقية أو دينية أو سياسية معينة. وحتى نقف على أساليب ارتكاب جريمة الذم والقدح والتحقير، وعلى وسائل العلنية عبر الشبكة الافتراضية (الإنترنت) وشبكة الهواتف النقالة.
جرائم الذم والقدح والتحقير هي إحدى أكثر الجرائم شيوعًا في العالم الافتراضي، فالبعد الجغرافي بين المعتدي والمعتدى عليه، والمجهولية، وسرعة انتشار الأسانيد الجارحة عبر التقنية الرقمية، كل ذلك يشجع المعتدين على ارتكاب هذه الجرائم للنيل من شرف الغير وكرامته، وتتنوع أساليب الذم والقدح والتحقير بتنوع الغرض من استخدام شبكة الإنترنت وشبكة الهواتف النقالة ويتم عادة من خلال المراسلات والنشر الإلكتروني ويقع الذم والقدح والتحقير وجاهيًا عبر الخطوط الاتصال المباشر، ويقع غيابيًا وقد يقع أيضا بواسطة المطبوعات الإلكترونية إذا تجاوزت العبارات حدود النقد المباح.
شبكة الويب العالمية والمواقع الإلكترونية
الإنترنت هو جزء من ثورة الاتصالات، ويعرف الحجاج (1998) الإنترنت على أنه شبكة طرق المواصلات السريعة، كما أن كلمة الإنترنت تعني لغويا الترابط بين الشبكات وبعبارة أخرى هو “شبكة الشبكات” حيث يتكون الإنترنت من عدد كبير من شبكات الحاسب المترابطة والمتناثرة فى أنحاء كثيرة من العالم . ويعرف علون الانترنت بأنه “كم هائل من المستندات المحفوظة في شبكة الحاسوب”. وهي تتيح لأي شخص الاطلاع على معلومات تخص جهات أخرى، أو أشخاصًا آخرين قاموا بوضعها على هذه الخدمة، ارتبط ظهور الإنترنت بالحواسيب الحديثة، حيث تم تطوير أجهزة الحاسوب الإلكترونية فى الأربعينات من القرن الماضي. وكانت هذه الأجهزة البدائية كبيرة جداَ، والسبب فى ذلك يعود إلى حجم الفراغ الكبير الذي تشغله الأنابيب اللازمة للقيام بالحسابات. إذا أنها غالبا ما كانت تشغل غرفة كاملة، وكانت باهظة الثمن كذلك وترتكب جريمتا الذم والقدح إذا قام المعتدي بإسناد مادة معينة في الذم، أو بإسناده حكما أو صفة عامة في القدح، إلى المعتدى عليه في أحد مواقع الشبكة الإلكترونية. تختلف صور الإسناد باختلاف القسم الرقمي المستخدم في الاعتداء، وإن كانت أغلب صور الجريمة كتابية، غير أن المعتدي قد يلجأ إلى نشر صور فاضحة للمعتدى عليه، أو إلى نشره مواد فيديوية له، أو رسوماً كاريكاتورية مهينة؛ كما قد تقع الجريمة بأن ينتحل المعتدي شخصية المعتدى عليه، ويتعمد الإساءة إلى الآخرين، وتستخدم صفحات الويب كذلك في الترويج الدعائي العنصري، الذي يتضمن عبارات ذم وقدح بحق الآخرين، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات؛ فالجريمة تقع على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين على حد سواء. أما التحقير فلا يقع علنيًا ولا غيابيا ومن ثم فيتصور وقوعه عن طريق غرف الدردشة الثنائية ورسائل البريد الإلكتروني.
المجموعات الإخبارية (NEWS GROUPS)
هذه المجموعات خدمة توفرها شبكة الإنترنت، وهي تمكن المستخدم من مطالعة الصحف الإلكترونية في جميع المجالات، وكذلك يستطيع هو إرسال المقالات الإخبارية والمشاركة في التعليق على موضوع معين، ويختار كل مشارك تصفح ما يناسبه من مجالات المجموعات الإخبارية سواء أكانت متعلقة بالسياسة أم بالحقوق أم بالاقتصاد، أم بغير ذلك من موضوعات. وحيث أن المجموعات الاخبارية هي مواقع عامة ومفتوحة، ويسمح لجميع مستخدمي شبكة الإنترنت بالدخول إليها والإطلاع على محتوياتها، فإن جريمتي الذم والقدح (السب ) تقعان عبر هذه المواقع، نظرًا لتوافر ركن العلنية فإذا نشر أي خبر أو موضوع من خلال هذه المجموعات، وتخلل النشر مادة تنال من شرف شخص ما وكرامته واعتباره، فهنا تقوم أركان الجريمة، ويلاحظ أن صور الذم والقدح والتحقير يمكن أن تمارس من خلال مجموعات الأخبار، فيكون الذم والقدح والتحقير وجاهيا متى كان المعتدي والمعتدى عليه يتبادلان الرسائل والصور عبر المجموعات الأخبار، أو ينشران تعليقاتهما ومشاركاتهما علي موضوع معين، ما داما متداخلين فى الشبكة وقت تبادل الرسائل والمواد التعبيرية. وتتحقق علنية الذم والقدح إذا كانت رؤية ما يرد في الرسائل والتعليقات، حول الموضوع الذي اختارا مناقشته، متاحة للمشتركين في مجموعات الأخبار كذلك تتحقق صورة الذم والقدح (السب) والتحقير، عبر حلقات النقاش، أو من خلال ما يوزع على فئة من المشتركين فيها، على شكل كتابات أو صور استهزائية أو مسودات الرسوم. وتتحقق صور الذم والقدح (السب) بواسطة المطبوعات الإلكترونية، من خلال الجرائد والصحف اليومية، وهي التي تتضمن مقالات تحتوي على أفعال ذم وقدح (السب)، ويتم إرسالها إلى مجموعة الاخبار.
غرف المحادثة و الدردشة “chat rooms”
وهي مساحات تتيح لروادها التخاطب معًا بشكل مباشر، وتتمثل آلية عمل غرف المحادثة في صورتين: غرف المحادثة العامة، وغرف المحادثة الخاصة. ففي الأولى تكون مجموعة المحادثة متاحة، يلجها من يشاء من متصفحي الموقع، أما في الأخرى فمجموعة المحادثة تكون محصورة بين عضوين، أو بين مجموعة حصرية يكونها الأعضاء أنفسهم، ويستعملون مخدًم المحادثة الجماعية messenger لتبادل حديث خاص.
وعند تخاطب مجموعة من الأعضاء في ذات مجموعة المحادثة، عبر الإنترنت فإن المستخدم يكتب رسالته باستخدام لوحة المفاتيح، ويرسل ماكتب ليظهر على الشاشة للمستخدمين الآخرين فيقرؤون ما كتب، وبما أن التخاطب في كلتا صورتي غرف المحادثة يتم عن طريق الكتابة باستخدام لوحة المفاتيح لدى كل من المتخاطبين، فإن الصورة الغالبة للذم والقدح (السب) والتحقير، التي ترتكب بواسطة غرف المحادثة تلك، من المكاتب المفتوحة وبطاقات البريد وتتحقق العلنية العامة في غرف المحادثة العامة، وتتمثل في نشر التعدي على الجمهور دون تعيينهم. وتتحقق العلنية النسبية في غرف المحادثة الخاصة، وتتحقق العلنية النسبية في غرف المحادثة الخاصة؛ وتتمثل في نشر التعدي على الطوائف، اختارها المتعدي، وتربطه بها روابط معينة، وتشكل فيما بينها وحدة موضوعية مشتركة، تحول بين انتشار ما أذيع بينها إلى عامة الجمهور، وقد قسم الحنبلي العلنية إلي عامة ونسبية في معرض تناوله لجرائم الذم والقدح التقليدية ويتحقق المبدأ نفسه في تطبيقات الجرائم الإلكترونية.
البريد الإلكتروني e-mail
البريد الإلكتروني هو رسائل يتم إرسالها إلكترونيًا من حاسوب إلى حاسوب آخر، عبر شبكة اتصالات مثل إيثرنت أو شبكة الإنترنت، أو عن طريق خطوط الهاتف إلى نظام مضيف. ويتم تخزين الرسائل بمجرد إرسالها على الشبكة، حتى يقوم المتلقي بالتقاطها. ومثلها مثل النصوص العادية، فقد تحتوي الرسائل على ملفات نصية مرفقة، أو أعمال فنية، أو قصاصات للوسائط المتعددة. ويقوم المشتركون في نظام البريد الإلكتروني بكتابة الرسائل على هيئة خطاب عادي تم (يسقطون) الخطابات داخل بنك ذاكرة جهاز حاسوب مركزي عن طريق جهاز “مودم” ويقوم المتلقي بالتقاط الرسالة عن طريق مهاتفة الحاسوب المركزي وإدخال كلمة مرور خاصة بالنظام، ونظرًا لسرعته الفائقة في توزيع الرسائل الناسوخ (الفاكس)، ويتكون البريد الإلكتروني من جزأين رئيسيين هما: رأس () , ونص () ويحتوي الرأس على معلومات حول المرسل والمستقبل والمعلومات اللازمة لتوصيل الرسالة إلى العنوان المناسب، و يحتوي النص على الرسالة التي تم إعدادها، وعلى ملحقاتها إن وجدت ويستطيع المعتدي من خلال البريد الإلكتروني أن يسند إلى شخص آخر معين أو غير معين مادة معينة، تنال من شرف المجني عليه وكرامته، أو تعرضه لبغض الناس واحتقارهم، سواء أكانت هذه المادة تستلزم العقاب أم لا- وقد يقوم الجاني بالاعتداء علي كرامة المجني عليه أو على شرفه أو اعتباره ولو في معرض الشك والاستفهام دون إسناد مادة معينة. ففي الحالة الأولى يعد الجاني مرتكبًا لجريمة الذم الإلكترونية، وفي الحالة الأخرى يعد الجاني مرتكبًا لجريمة القدح (السب) الإلكترونية، أما الذم والقدح الغيابي، فيشترط أن يقع في أثناء الاجتماع بأشخاص كثيرين مجتمعين أو منفردين وقد يقع الذم والقدح الخطي عبر البريد الإلكتروني بما يوزع على الناس من الكتابات والرسوم أو الصور الاستهزائية، فيستلمها عدد غير محدد من المتعاملين مع الإنترنت، كما لو أرسلت الرسالة إلى أكثر من شخص مسجلين في قائمة المعتدي البريدية، أو أرسلت بصفة بريد عشوائي (EMAIL SHOT ) و يستوي هنا أن يتم النشر والإذاعة من مكان عام كمقاهي الإنترنت، أو من مكان خاص كالمنازل والمكاتب، كما يستوي أن يقوم الجاني بالتوزيع من تلقاء نفسه، أو بناء على طلب الغير؛ ويتصور أن يكون التوزيع قد تم عن طريق تداول نسخة واحدة من البريد، أو بوصول عدة نسخ مادام ذلك كان نتيجة حتمية لفعل الجاني ويفترض التوزيع اطلاع الغير شخصياً على ما يحتويه المكتوب وفهم معناه عن طريق الرؤية المباشرة، فهو بعكس الإفضاء الذي قد يكون لشخص واحد أو عدة أشخاص، حيث يتم التقاط المعنى المكتوب أو المطبوع عن طريق الرواية . ويقع الذم والقدح (السب )ايضا بواسطة المطبوعات شريطة أن يقع بواسطة الجرائد والصحف اليومية أو الموقوتة، وهي التي تأخذ مكانها على شبكة الإنترنت من خلال مواقعها على صفحات الويب العالمية أما بالنسبة للذم والقدح الوجاهي، الذي يوجب النص أن يتم في مجلس بمواجهة المعتدى عليه، ليستحق إيقاع العقاب عليه، أو في مكان يمكن لأشخاص آخرين أن يسمعوه، قل عددهم أو كثر، فإن جريمتي الذم والقدح (السب )، كما يري الدكتور ربيع، لا تقعان به، لأنه لا يمكن اعتبار بيئة شبكة الإنترنت مجلساً يجمع الجاني بالغير.
*وتتنوع أساليب الذم (التشهير) والقدح (السب ) والتحقير ,كما مر بنا , بتنوع الغرض من استخدام الإنترنت والهواتف النقالة , فقد يكون الذم والقدح (السب) والتحقير وجاهيًا عبر خطوط الاتصال المباشر , أو قد يكون غيابيًا , وقد يقع بواسطة الكتابة النصية , أو بواسطة المطبوعات الإلكترونية , أو بواسطة الصور والرسومات , أو التسجيلات الفيديوية وتتحقق علنية الكلام و الصراخ إذا تم نقلهما عبر الإنترنت أو الهواتف النقالة باعتبارها من الوسائل الآلية من مكان إلى آخر , بالاستعانة بتقنية الحواسيب , على أن يسمح الكلام أو الصراخ بمجرد إذاعته , أو تحميل مادة مسجلة تحتوي هدا الكلام أو الصراخ , وعرضها علي جميع من يحوزون جهاز استقبال . ولبيان علنية الذم (التشهير) والقدح (السب) والتحقير ,عبر الإنترنت سنتناول هذا المفهوم بشئ من التفصيل في أربعة علي نحو ما سيأتي .
أ- علنية الأعمال والحركات
تتحقق عميلة الأعمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح للجمهور , أو معرض الأنظار ؛ حيث تتحقق العلنية في هذه الصور نظرا لطبيعة المكان الذي تم الجهر فيه بعبارات الذم والقدح (السب ) , وكذلك وتحقق علنية الأعمال والحركات إذا وقعت في مكان خاص , وكان باستطاعة من كان في مثل هذا مكان مشاهدة تلك الأفعال، أيضًا تتحقق العلنية بالأعمال والحركات إذا وقعت في مكان خاص , وتحول هذا المكان إلى مكان عام بالمصادفة ؛ ولذلك فإن درج المنزل لا يعد من الأماكن العامة بطبيعته , ولا بالنظر إلي الغرض الذي خصص له , إلا إذا تصادف وجود أشخاص عليه أو سمع عدد من السكان ما وقع من أفعال الذم والقدح (السب) علي درج ذلك المنزل، ولما كانت تقنيات الإنترنت تتيح نقل الصوت والصورة من مستخدم إلى آخر في مكان ما في العالم عن طريق أنبوب الأشعة-صمام الأشعة الكاثودية ,فإن علنية الأعمال والحركات يمكن تصورها في نطاق العالم الافتراضي . ويراد بالمصطلح ” أنبوب الأشعة المهبطية :شاشة الحاسوب التي تستعمل مدفعا إلكترونيا , المهبط, لإطلاق حزمة إلكترونات تؤدي الى إضاءة الفسفور , وهو أحد مكونات الشاشة , في أثناء قيام حزمة الإلكترونات بمسح الشاشة بصورة متكررة , فتظهر المعلومات بصورة مرئية على الشاشة , وتستعمل نفس التكنولوجيا لإنارة شاشة التلفاز .
ب- عملية الكلام والصراخ
تتحقق علنية الكلام والصراخ إذا جهر بهما أو نقلا بالوسائل الآلية , على أن يسمعها في كلا الحالين من لا دخل له بالفعل ويكون الجهر بالكلام والصراخ فيما لو تحدث الجاني بصوت مرتفع , على أن يستطيع سماعه من وجه إليه الكلام وغيره , وبناء على ذلك فالكلام والصراخ الذي لا يصل إلا إلى مسمع شخص واحد لا تتوفر فيه صفة العلنية ولا يقع تحقيرا.
ويرى الشوابكة أن علنية الكلام والصراخ تتحقق فيما لو تمت عبر الانترنت و أن المشرع يشترط وقوع فعل الكلام أو الصراخ , المتضمن المادة المجرمة أولا,ويستوي عندها أن يكون هذا الفعل قد وقع بواسطة الجهر به بصوت مرتفع أو منخفض أو نقلا بالوسائل الميكانيكية , ويقصد بها الاستعانة بالأجهزة التي تجعل الكلام مسموعا في أنحاء المكان دون تمييز , سواء تم ذلك باستخدام مكبرات الصوت أو الميكروفونات أو بأي وسيلة يكشف عنها العلم وتؤدي ذلك الغرض وتتولى تلك الوسائل تضخيم هذا الصوت وتكبيره على أن يسمعه من لادخل له بالفعل.
ويرى الدكتور والمحامي عادل عزام سقف الحيط ” أن العلنية تتحقق إذا كان من استمعوا للكلام والصراخ, المتضمن المادة الجرمية , مجتمعين في مجلس واحد بالمعنى القانوني ” في العالم الحقيقي , مثل مقهى الانترنت والمنازل والمقالة التجارية أو إذا كانوا مجتمعين في مجلس واحد في العالم الافتراضي مثل غرفة الدردشة المقامة في ربوع الانترنت.
ج- علنية الكتابة
تتحقق علنية الكتابة حسب ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 73 من قانون العقوبات الأردني في 3 صور , هي عرض الكتابة والرسوم والصور اليدوية والشمسية والأفلام والشارات والتصاوير على اختلافها , في محل عام أو مكان مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو عرضة للبيع أو توزيعه على أكثر من شخص.
وسنأتي على ذكر ذلك تباعا:
العرض
يفترض العرض وضع المكتوب أو المطبوع بصورة تسمح للجمهور برؤيته , ويتحقق ذلك إذا أمكن رؤيته للشخص المار في الطريق العام أو المكان المطروق , ولا يشترط العرض في مكان العام ومكان مطروق , بل تتوافر العلنية حتى لو عرضت الكتابة في مكان خاص , على أن يتمكن من رؤيتها شخصان فأكثر.
ويكون العرض بطريق الإنترنت من خلال شبكة الويب العالمية ومجموعات الأخبار والبريد الإلكتروني وغرف الدردشة التي ينشر من خلالها الجناة كتاباتهم ورسومهم وصورهم اليدوية والشمسية , والأفلام , والشارات , والتصاوير على اختلافها ؛ حيث يتخذون مواقعهم على هذه الشبكة الارتكاب أفعالهم الجرمية , المقالات المنشورة , أو الردود علي المقالات أو المداولات في المنتديات . أما إذا اطلع مشرف النشرة الإلكترونية علي تعليق ولم ينشره , نظرا لمخالفة العبارات الواردة فيه للقانون والذوق العام , فيختلف حينها ركن العلنية .
البيع والعرض للبيع
ويقصد بتحقق العلنية في البيوع الإلكترونية : تسليم المواد المكتوبة أو المرسومة أو المصورة أو السمعية أو الفيديوية , أو الأشياء التي تحمل في أيًا مما سبق , مقابل ثمن معلوم , على أن يتم البيع لعدد من المشترين يبلغ اثنين فأكثر .
ولا يشترط أن يتم البيع لعدد في الأماكن العامة ؛ حيث لا يشترط في البيع ما يشترط في العرض الذي لا يتحقق إلا بوضع المكتوب تحت يد الغير , والذي يمكن تصوره عبر الإنترنت من خلال نشر إعلان صفحات الويب , أو مجموعات الأخبار , أو إرسال دعاية عشوائية عبر البريد الإلكترونية أو نشر العرض في غرف المحادثة , أو توزيعه باعتماد قائمة البريد الإلكتروني المحفوظة في بريد المعتدي , فيكفي في البيع أن يتم في أي مكان ؛ حيث لا يشترط فيه إمكان رؤية المبيع في الأماكن العامة
التوزيع
تسمح تكنولوجيا الإنترنت بإمكانية توزيع البيانات , التي يتم نشرها على المواقع الخاصة بالشبكة , على جميع المشتركين أيًا كان موقعهم الجغرافي . ويفترض التوزيع تسليم المكتوب أو المطبوع , سواء أكان صوراً يدوية أو شمسية أم رسوماً استهزائية أم شارات أم أفلامًا أم تصاوير علي مختلف أنواعها , ويقع التسليم بواسطة الإنترنت غير المباشرة , مثل التوزيع من خلال البريد الإلكتروني , أو عن طريق مجموعات الأخبار , أو غرف الدردشة , وغيرها من مواقع شبكة الإنترنت .ويشترط حتى تحقق علنية التوزيع أن يكون لعدد غير محدد من الناس من المتعاملين مع الإنترنت.
ويستوي أن يقوم الجاني بالتوزيع من تلقاء نفسه , أو بناء علي طلب الغير , مادام أن ذلك يتم لعدد من الناس دون تمييز , ولو كانوا قليلين : شخصين فأكثر ؛ كما يستوي أن يكون ذلك قد تم عن طريق تداول نسخة واحدة من المادة , أو بوصول عدة نسخ , مادام ذلك كان بفعل المتهم أو نتيجة حتمية لفعلة , مما لا يتصور أنه كان يجهلها ومن ثم , تقع الجرائم الذم والقدح والتحقير بواسطة شبكة الإنترنت وتقنية الهواتف النقالة , وتحقق العلنية في جريمتي الذم والقدح (السب والتشهير) بما يتماشى مع مبدأ الشرعية الجزائية . وتطبق علي جرائم الذم والقدح والتحقير الإلكتروني نصوص تجريم التقليدية في قانون العقوبات الليبي . وتبقى الحاجة ملحة إلى تدخل المشرع وتقنين هذه الجريمة في قانون خاص بالجرائم الإلكترونية , أو تعديل النصوص التقليدية التي تتناول الجريمة في قانون العقوبات , لتشمل الصور الإلكترونية الحديثة في ارتكاب الجريمة.