الإيذاء المبهج ما بين القانون الأردني والقانون الفرنسي
أصل جريمة الإيذاء المبهج
يرجع أصل ظاهرة الإيذاء المبهج إلى بريطانيا وتحديداً جنوب لندن حيث ظهر في عام (2004) شريط باسم”slap Tv” يحتوي على مشاهد اعتداء تم تسجيلها، وأمكن مشاهدتها من عشرات الأشخاص كبرنامج تلفزيوني.
ولكن تمثلت أولى القضايا في فرنسا والتي تناولتها وسائل الإعلام على نطاق واسع في قضيتي اغتصاب تلميذة في مدرسة ثانوية أواخر عام 2005 في مدينة “nice”، ونشر صور الواقعة من الجاني ذاته في نطاق المدرسة، والاعتداء الذي وقع في إبريل عام 2006 في “porcheville” من أحد التلاميذ على معلمة، في الوقت الذي قام زميله بتصوير الاعتداء بالهاتف النقال.
تعريف الإيذاء المبهج
ويقصد بالإيذاء المبهج تلك الممارسة المتمثلة في تصوير الاعتداء المعنوي على أن يتم التصوير بأية وسيلة يغلب أن تكون هاتفًا نقالًا، ثم القيام بنشر هذه الصور.
وجوهر الإعتداء المبهج يتمثل في ذلك الجهد الذي يبديه المعتدي في سبيل جعل الإعتداء يبدو كمفاجأة مسلية.
إن الهدف الحقيقي من جريمة الإيذاء المبهج يكمن في نشر الصور وليس في الإعتداء في حد ذاته.
جرائم تسبق الإيذاء المبهج
وقد يسبق جريمة الإيذاء المبهج جرائم متعددة مثل أولًا: هتك العرض وهو الإخلال الجسيم بحياء المجني عليه بفعل يرتكب على جسمه ويمس عورة فيه.
ثانيًا: الاغتصاب وهو مواقعة ذكر على اُنثى دون إرادتها كمواقعة المتزوجين.
أركان الإيذاء المبهج
الركن المعنوي: تعد جريمة الإيذاء المبهج جريمة عمدية تتطلب قصداً جنائيًا والقصد الجنائي هو قصد عام يتكون من عنصري العلم والإرادة. والقصد الجرمي يتكون لدى الجاني في جرائم إيذاء الأشخاص إذا قام بفعل الإيذاء وكان يتوقع حدوث النتيجة التي ترتبت على فعله وإن إرادته اتجهت إلى تحقيق هذه النتيجة.
الركن المادي: أخضع المشرع الفرنسي للعقاب بمقتضى المادة 222 والتي تذكر فعلين مختلفين ومتتاليين هما تسجيل مشاهد الإعتداء على المجني عليه، ثم القيام بنشر هذه الصور.
وحدد المشرع الفرنسي عقوبة الإيذاء المبهج بحسب إذا كانت الجريمة تتضمن واقعة التسجيل أو النشر، ثم نص على انتفاء الجريمة وبالتالي العقاب، أي حدد أسبابًا تبيح واقعتي التسجيل والنشر.
أما في قانون العقوبات الأردني نصت المادة (248) مكرر على أنه: يعاقب بناء على شكوى المتضرر بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر و بالغرامة 200 دينار كل من خرق الحياة الخاصة للآخرين باختراق السمع أو البصر بأي وسيلة كانت بما في ذلك التسجيل الصوتي أو التقاط الصور أو استخدام المنظار، وتضاعف العقوبة في حالة التكرار.
وبالتالي لا يوجد جريمة إيذاء مبهج في القانون الأردني ولكن تصنف هذه الجريمة تحت جريمة الذم والقدح والتحقير الإلكترونية، والذم حسب قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 والمعدل بموجب القانون رقم 27 لسنة 2017 معناه إسناد مادة معينة إلى شخص ولو عن طريق الشك والإستفهام من شأنها أن تنال من شرفه وكرامته أو تعرضه إلى بغض الناس وكراهيتهم واحتقارهم له سواء أكانت تلك المادة تستلزم العقاب أم لا، أما القدح فهو إعتداء على كرامة الغير أو شرفه أو اعتباره ولو عن طريق الشك والاستفهام من دون بيان مادة معينة.
وكذلك قد نصت المادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية الأردني رقم 27 لسنة 2015 على أنه يعاقب كل من قام قصدًا بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الإلكتروني أو أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن (100) دينار ولا تزيد على (2000) دينار.
الرأي القانوني
وأن مصطلح جريمة الإيذاء المبهج هو مصطلح قانوني موجود في فرنسا وهو يعني تصوير حادثة أو اعتداء أو إيذاء لشخص ونقل هذا الاعتداء أو الإيذاء على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف تعريف الناس بما حصل وتكون غاية الفاعل من ذلك الشهرة على حساب إيذاء أشخاص آخرين وهذا يقابله في القانون الأردني جريمة الذم والقدح والتحقير الإلكترونية حسب قانون الجرائم الإلكترونية الأردني؛ لأنه لا يوجد في القوانين الجزائية الأردنية مصطلح الإيذاء المبهج. ولكن مصطلح الإيذاء المبهج مهم وحسّاس ويعبر عن مضمونه حيث إن نشر الفيديوهات أو الصور لمن تم الإعتداء عليهم يشكل بالنسبة لهم إيذاء، ولكن بالنسبة للجاني يشكل شيء مبهج لهذا يسمى بالإيذاء المبهج، فأتمنى من المشرع الأردني النص على هذه الجريمة بشكل خاص وخصوصًا مصطلح الإيذاء المبهج بشكل مستقل عن جريمة الذم والقدح والتحقير الإلكترونية. ومن الأمثلة على جرائم الذم والقدح الإلكترونية والتحقير التي حصلت في الأردن الاعتداء على ذوي الاحتياجات الخاصة والسخرية منهم ونشر هذا الاعتداء أو تصوير حادثة حصلت في مكان ما ويغلب عليه أن يكون مكان عام أكثر من كونه مكان خاص ونشرها على مواقع التواصل الإلكترونية.
أحدث الأمثلة
ولعل من أحدث الأمثلة التي حصلت في عام 2019 ھي الجریمة التي حصلت في نیوزیلندا فإن القاتل الأسترالي تعمد البث المباشر من خلال الكامیرا المثبتة على بندقیته المجنونة، على منصة «فیسبوك»، وقال القائمون على التطبیق الأزرق، والأشھر بالعالم، إنھم لاحقاً حذفوا الفیدیو الذي مدته 17 دقیقة، لكن بعد فوات الأوان، حیث انتشر في الآفاق وجلّنا شاھده، لیس على (فیسبوك) فقط، بل على شاشات التلفزیون، ورسائل السمارت فون.