تعرفوا على تاريخ الواقع الإفتراضي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعرفوا على تاريخ الواقع الإفتراضي

    تاريخ الواقع الافتراضي


    من الصعب تحديد بداية ظهور تقنية الواقع الإفتراضي ، إذ يعتمد ذلك على العديد من المصادر والتأثيرات المختلفة، بالإضافة إلى مشاركة الكثير من الأشخاص على فترات متلاحقة في تطوير هذه التقنية، واختلاف مفهومها من فترة إلى أخرى، وعدم تشكّل صياغة واضحة للمصطلح حتى فترة متأخرة نسبياً. ولكن في حال الحديث عن مجال التجربة الافتراضية تحديداً، بالشكل والمفهوم الذي نعرفه اليوم، فيمكن القول أن بداية الواقع الافتراضي كانت على يد السينمائي مورتون هيليغ Morton Heilig في منتصف الخمسينات من القرن العشرين، الذي أنتج مجموعة من الأفلام التفاعلية الغامرة المخصصة للعرض على جهاز (سينسوراما Sensorama).
    مع ذلك، من الممكن العودة بالأفكار الأولى التي حملت في طياتها بعض جوانب ومفاهيم البيئات الافتراضية إلى القرن الثامن عشر، في مجال الفن والرسم تحديداً، ولاحقاً في مطلع القرن العشرين في مجال الأدب والمسرح، ورافق ذلك بعض التطبيقات في عدة مجالات.

    البدايات الأولى قبل العام 1900


    تعتبر الجداريات أو اللوحات البانورامية (360 درجة) من القرن الثامن عشر (شكل 1) أولى المحاولات لخلق حالة من الوهم والانغماس في بيئة مغايرة للبيئة المعاشة، وذلك من خلال ملء حقل مشاهدة الشخص بأكمله؛ إلا أن هذه اللوحات كانت ثنائية الأبعاد ويقتصر الإحساس بالعمق فيها على مهارة الفنان في تجسيد المشهد، وظل الأمر كذلك حتى العام 1838 حيث أظهرت أبحاث عالم البصريات والرياضياتي الإنكليزي تشارلزويتستون Charles Wheatstone أن الدماغ يعالج صورتين ثنائيتي الأبعاد واحدة من كل عين، ثم يقوم بتجميعها لتكون صورة مجسمة ثلاثية الأبعاد للبيئة المحيطة، فرؤية صورتين بزاويتين مختلفتين نسبياً لنفس المشهد يعطي الإحساس بالانغماس والعمق معاً (شكل 2). لاحقاً قام الفيزيائي والفلكي الإسكتلندي ديفيدبروستر David Brewster بتطوير جهاز رؤية ثلاثية الأبعاد عرف باسم (ستريوسكوبكStereoscopic )
    (شكل 3).





    في سياق فني آخر اعتبر الأديب والمسرحي الفرنسي أنتونين أرتوود Antonin Artaud أن الوهم والحقيقة شيء واحد وأنه على جمهور السينما الاعتقاد بأن الأداء المسرحي (الفني) ما هو إلى واقع 3.
    التطبيقات الأولى 1900 – 1960


    قام رائد مجال الطيران إدوين لينك Edwin Link بتطوير أول جهاز محاكاة طيران بين عامي 1927 و 1929 والمعروف باسم (Link Trainer) (شكل 4)، الذي يمثل بيئة محاكية للواقع، وهو جهاز كهروميكانيكي بالكامل يشبه الطائرة من الخارج، استخدم لتدريب الطيارين بطريقة آمنة.

    ظهرت إشارة أكثر حداثة لاحقاً لمفهوم الواقع الافتراضي في قصة الخيال العلمي (نظارات بيغماليون Pygmalion’s Spectacles) للكاتب الأمريكي ستانلي وينباوم Stanley G. Weinbaum وذلك في العام 1935، وتقوم فكرة القصة على وجود نظارات تسمح لمرتديها بتجربة عالم خيالي من خلال التصوير التجسيمي Holography وتشمل هذه التجربة القدرة على الإحساس بالرائحة والطعم واللمس.

    في عام 1955، كتب السينمائي مورتون هيليغ Morton Heilig مقالة بعنوان (سينما المستقبل Cinema of the Future)، وقام لاحقاً ببناء نموذج لرؤيته التي طرحها، وقدم أول جهاز وسائط متعددة بشكل مسرح تفاعلي تحت اسم (سينسوراما Sensorama) (شكل 5)، وهو جهاز ميكانيكي يُدخل المستخدم في أجواء الفلم بشكل كامل، يضم شاشة عرض داخل حجرة مغلقة تعرض صوراً مجسمة، ومكبرات صوت، ومراوح، ومولدات روائح، وكرسي متحرك، كما قام بعمل ستة أفلام مخصصة للعرض على هذا الجهاز.








    تبلور الفكرة وصياغة المصطلح 1960 – 1990

    1960 – 1970


    في العام 1960، قدم مورتون (قناع المجال البؤري Telesphere Mask)، وهو أول شاشة محمولة على الرأس بوصفها جهاز تلفزيون تلسكوبي للاستخدام الفردي تعرض صوراً مجسمة ثلاثية الأبعاد تغطي كامل الرؤية المحيطية للفرد مع صوت محيطي، غير أنها لم تكن تفاعلية أو متتبعة للحركة. وفي 1969 طور فكرة السينسوراما إلى (مسرح الخبرة Experience Theatre)، وهو عبارة عن مسرح سينمائي يحتوي على شاشة شبه كروية كبيرة (شكل 6)، يُظهر صوراً متحركة ثلاثية الأبعاد، مع رؤية طرفية، وصوت اتجاهي، وروائح، ورياح، وتغيرات في درجة الحرارة، وتوجيه للمقاعد.



    في نفس الوقت تقريباً، قدم اثنان من مهندسي شركة فيلكو Philco نموذجاً لخوذة عرض محمولة (Head-Mounted Display – HMD) في العام 1961 (شكل 7)، وذلك بوضع شاشة عرض فيديو لكل عين مع نظام تتبع للحركة. لكن هذا النموذج لم يصمم لتقنية الواقع الافتراضي -المصطلح لم يكن موجوداً في وقتها- بل كان للاستخدام العسكري من قبل طياري الهليكوبتر وللتدريب على الحالات الخطرة من خلال بيئة غامرة 4.



    في العام 1965 طرح عالم الحاسوب الأمريكي إيفان سوثيرلاند Ivan Sutherland مفهوم (العرض الأقصى The Ultimate Display)، واصفاً الحالة التي لا يمكن للشخص فيها التمييز بين الواقع والمحاكاة، مشيراَ في الوقت نفسه إلى القدرة على خلق بيئات تتيح للمستخدم تجارب تتحدى قوانين الفيزياء التي نعرفها.

    و يمكن تأشير ثلاثة عوامل أو مكونات لهذه الحالة في ضوء ما طرحه إيفان 4:
    • عالم افتراضي يظهر من خلال خوذة العرض المحمولة بصور واقعية مع صوت محيطي.
    • أجهزة حاسب آلي تقوم بخلق البيئة الافتراضية والحفاظ عليها متزامنة بنفس الوقت.
    • قدرة المستخدم على التفاعل مع البيئة الافتراضية ومكوناتها بطريقة واقعية.

    قدّم إيفان سوثيرلاند بعد ذلك بثلاث سنوات بمساعدة طالبه بوب سبرول Bob Sproull أول خوذة عرض محمولة (شكل 8) متصلة بالحاسوب (وليس بكاميرا)، لاستخدامها في تطبيقات المحاكاة الغامرة، وكان النموذج بدائياً سواءً من ناحية الرسومات وواجهة المستخدم أو من حيث تجربة الاستخدام والارتداء، فقد كان الجهاز ثقيلاً جداً ويجب تعليقه من السقف، ولذلك سمي (سيف ديموقليس Sword of Damocles). وفي 1969، طور مايرون كريجير Myron W. Krueger سلسلة من التجارب التي أسماها (بالواقع الاصطناعي Artificial Reality)، وهي عبارة عن بيئات مولدة باستخدام الحاسوب تستجيب للمستخدمين وتتفاعل معهم، قادت فيما بعد إلى تطوير تقنية (الفيديو بلايسVideoplace) (شكل 9) التي سمحت بتفاعل فريد من نوعه بين المستخدمين في الواقع الحقيقي والبيئة الافتراضية، وقام في عام 1983 بنشر كتاب تحت نفس الاسم (الواقع الاصطناعي).




    1970 – 1980


    في عام 1977 قام الباحثون في مختبر التصوّر الإلكتروني Electronic Visualization Laboratory في جامعة إلينوي في شيكاغو بتطوير أول قفاز سلكي Wired glove تحت مسمى (قفاز سير The Sayre Glove)، تبع ذلك تطوير توماس زيمرمان Thomas Zimmerman للقفازات وإضافة جهاز استشعار بصري مرن قادر على تتبع الحركة وقياس انحناءات الأصابع. في حين شهد عام 1978 تطوير أول خريطة تفاعلية (Aspen Interactive Movie Map) لمدينة آسبن Aspen في الولايات المتحدة، من الباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT (شكل 10). وكان هذا شكلاً مبتكراً من الوسائط الفائقة Hypermedia ونظم الواقع الافتراضي، حيث كان يعرض البرنامج محاكاة افتراضية للمدينة تمكن المستخدمين من التجول في الشوارع من خلال ثلاثة طرق: نموذج صيفي، ونموذج شتوي، ونموذج ثلاثي الأبعاد، وقد استند الباحثون إلى صور فوتوغرافية التقطوها لكل حركة ممكنة من خلال شبكة الشوارع في المدينة في كلا الموسمين، ثم أعادوا بناء المدينة رقمياً.
    1980 – 1990


    في الثمانينات بدأت ناسا NASA العمل على مشاريع مختلفة للبيئات الافتراضية والبحث عن أشكال جديدة من التفاعل بين الإنسان والحاسوب Human-Computer Interaction – HCI. وفي العام 1984 أسس عالم الحاسوب والكاتب جارون لانيير شركة (VPL Research) وقام بالتعاون مع ناسا بتطوير (محطة عمل البيئة الافتراضية Virtual Interface Environment Workstation – VIEW) (شكل 11)، وهي عبارة عن نظام عرض مجسم مثبت على الرأس، يعرض بيئة مصطنعة باستخدام الحاسوب أو بيئة حقيقية يتم نقلها بكاميرات الفيديو عن بعد، ويمكن للمشغل (المستخدم) التفاعل معها، من خلال أجهزة الاستشعار والقفازات المطورة و(بدلة البينات DataSuit) وهو جهاز استشعار للجسم كاملاً لتحسين تجربة الواقع الافتراضي، ولاحقاً قدمت الشركة العديد من المعدات للواقع الافتراضين منها (شكل 12) (DataGlove, AudioSphere, EyePhone, Isaac, Body Electric).







    في عام 1987 صاغ جارون لانيير مصطلح (الواقع الافتراضي Virtual Reality) خلال فترة نشاط بحثي مكثف في هذا المجال.
    انتشار الفكرة 1990 – 2000




    مع بداية التسعينات، بدأت تقنية الواقع الافتراضي في الوصول إلى متناول الناس في الأسواق، وأطلقت عدة شركات ومجموعات مثل مجموعة الواقعية (Virtuality Group) حزمة من ألعاب و أنظمة الواقع الافتراضي المتكاملة (شكل 13) على نطاق واسع في العديد من البلدان.

    وفي عام 1991، أنشأت مجموعة من الباحثين في مختبر التصوّر الإلكتروني في جامعة إلينوي أول غرفة غامرة، عرفت باسم الكهف (The Cave) (شكل 14)، وهو غرفة مكعبة الشكل تحوي شاشات عرض وإسقاط عالية الدقة مع بيئة سمعية محيطية.

    في عام 1992 طور أحد الباحثين (لويس روزنبرغ) من مختبر أرمسترونج للقوات الجوية الأمريكية Armstrong Labs نظام (Virtual fixture) (شكل 15) باستخدام كامل الهيكل الخارجي العلوي من الجسم، وهو تراكب من المعلومات الحسية المعززة (الافتراضية) على مساحة العمل (الحقيقية – الواقعية) من أجل تحسين الأداء البشري في مهام التحكم المباشر أو غير المباشر، وتعتبر قفزة أولى في مجال الواقع المعزز.
    في نفس العام عُرض فيلم جزاز العشب (The Lawnmower Man)، الذي قدم مفهوم الواقع الافتراضي لجمهور أوسع، حيث أن جزءاً من حبكة الفيلم بُنيت على قصة مؤسس شركة (VPL Research) جارون لانيير في أيامه الأولى، وقد استخدمت معدات الواقع الافتراضي الحقيقة من مختبرات الشركة في تصوير الفيلم.

    في عام 1993، أطلقت شركة الألعاب سيجا SEGA سماعات الواقع الافتراضي المسمى (Sega VR)
    (شكل 16)، وفي عام 1995 أطلقت شركة نينتندو Nintendo جهاز (Virtual Boy) (شكل 17) وهو أول وحدة ألعاب محمولة قادرة على عرض رسومات مجسمة ثلاثية الأبعاد. وقد شهد العام 1999 عرض فيلم الماتركس The Matrix والذي تدور قصته حول وجود البشر في محاكاة افتراضية تمثل العالم، وهم غير مدركين لذلك. وعلى الرغم من أن بعض الأفلام السابقة قد تناولت موضوع الواقع الافتراضي، إلا أن هذه الفيلم كان له تأثير ثقافي كبير جعل مفهوم المحاكاة الافتراضية موضوع رئيسياً في حينها 4.








    المصطلح في القرن الحادي والعشرين منذ عام 2000 – الآن


    في عام 2007، أضافت شركة جوجل Google ميزة التجول في الشوارع (Street View) لخدمة الخرائط الخاصة بها، وهي خدمة تعرض مناظر بانورامية للشوارع والمباني، وفي عام 2010 أضافت ميزة المباني والأجسام ثلاثية الأبعاد.

    صمم بالمر لوكي Palmer Luckey النموذج الأول من خوذة العرض المحمولة (Oculus Rift) (شكل 18) بين عامي 2009 و 2010، وبنى هذا النموذج على هيكل قديم لإحدى سماعات الواقع الافتراضي والتي كانت قادرة على تتبع حركة دوران على مستوى واحد.

    في 25 مارس / آذار 2014 قامت شركة فيسبوك Facebook بشراء شركة Oculus VR مقابل 2 مليار دولار، وفي نفس الشهر أعلنت شركة سوني Sony عن مشروع مورفيوس Project Morpheus أو ما يعرف بـ (PlayStation VR)، فيما أعلنت شركة جوجل عن سماعات (Google Cardboard) المخصصة للهواتف الذكية، وفي عام 2015 أعلنت شركة Kickstarter عن قفازات (Gloveone) التي تتيح للمستخدم أن يشعر ويلمس أي عنصر موجود في البيئة الافتراضية. وبحلول عام 2016 كان هناك ما لا يقل عن 230 شركة تطور تقنيات الواقع الاقتراضي
يعمل...
X