فن تجليد المخطوطات الإسلامية
من الفنون التي تقدمت بفضل الحرص على صيانة مخطوطات المصاحف فن تجليد المخطوطات الذي ازدهر على يد المسلمين على وجه الخصوص لعنايتهم الفائقة بغلاف المصحف الشريف، سواء من حيث الصنعة والزخرفة أو الرسم الكتابي، مما حدا بالأوروبيين إلى تقليده. ومن أبرز معالم التجليد الإسلامي التي استخدمها الأوروبيون في عصر النهضة الأوروبية لسان الغلاف الذي استعمل لحفظ أطراف المصحف الخارجية من جهة، ولتعيين مواضع الوقوف بعد القراءة من جهة أخرى. بلغ فن تجليد المخطوطات عند المسلمين درجة كبيرة من الرقي والتقدم في مضمار الفن مما جعله ركنًا مُهِمًّا من أركان فنون الإسلام، اعتنى بدراسته المحدثون.
مراحل تطور صناعة تجليد المخطوطات:
مر تغليف المخطوطات بمراحل مختلفة أقدمها التي كانت تستخدم فيها ألواح الخشب المزخرفة بالتطعيم والعاج ثم تبعتها مرحلة تغليف المخطوطة بالقماش المطرز، أو بصفائح الذهب والفضة المرصّعة بالأحجار الكريمة، ونظرًا لكون هذه الأغلفة ثمينة كانت عرضة للسرقة ولم يصل منها إلا القليل النادر في متاحف العالم.
ويُعَدُّ الأقباط في مصر أول من استخدم الجلد المزخرف في تجليد المخطوطات، فأجادوا في ذلك إجادة عظيمة، وتشهد على ذلك مجموعة جلود المخطوطات التي يحتفظ بها المتحف البريطاني بلندن التي تعود إلى تلك الفترة المبكرة. وعند المسلمين ومع استعمال الرق انتقل شكل الكتاب من الملف عند استخدام البردي، إلى المصحف عند استخدام الرق، واحتاجت هذه الرقوق إلى أغلفة لتحفظها فكان فن التجليد أو التسفير أو التصحيف كما يطلق عليه العراقيون، وقد مَرَّ فن تجليد المخطوطات عند المسلمين بمراحل عديدة ، فقد قام في بداية الأمر على التقاليد الحبشية والقبطية، حيث استعمل المجلدون المسلمون في أول الأمر لوحين من الخشب جُمعت بينهما أجزاء القرآن، ومع قيام فن التجليد، على أسس قبطية، أصبحت أساليب هذا الفن وزخرفته متشابهة في أقطار العالم الإسلامي كله وبخاصة في القرون الثلاثة الأولى من الهجرة، حيث صار فن تجليد المخطوطات في العصرين الأموي والعباسي على النهج الذي كان عليه أيام الخلفاء الراشدين، مع إحداث بعض التطورات القليلة. وأغلب الظن أن مخطوطات المصاحف التي أُنتجت في تلك الفترة كانت مغلَّفة بلوحات من الخشب المطعَّم بقطع من العاج والعظم، أو غلفت بالقماش المطرّز والجلد أو ربما استخدمت صفائح البردي في بعض الأحيان بدلاً من الخشب. ثم خطا المجلِّد المسلم خطوة إلى الأمام حين غلَّف ألواح الخشب هذه بشرائح من الجلد، وتعد هذه المرحلة بداية لفن التجليد عند المسلمين.
وجاءت المرحلة الثانية في فن التجليد عند المسلمين عندما استبدلت بألواح الخشب صفائح البردي الذي كان يُستخدم في ذلك الوقت في تغليف المخطوطات الصغيرة الحجم، أما المخطوطات الكبيرة فقد ظل الخشب يستخدم في تغليفها. ومن بين أشهر الأمثلة التي يظهر فيها استخدام البردي في التغليف كتاب مقدّس عثر عليه بمدينة الفيوم بمصر، محفوظ الآن في مجموعة راينر البردية في فيينا. وقد صنع غلاف هذا المخطوط من صحيفة سميكة من البردي مغلفة بالجلد، وفي هذه الجلدة يظهر مدى التطور والنضج اللذين أصابهما فن التجليد في العصر الإسلامي، وفي القرنين الرابع والخامس الهجريَّيْن طرأت على فن تجليد المخطوطات في أقطار العالم الإسلامي تطورات كبيرة تشهد بها النماذج التي وصلت إلينا والتي تزخر بها متاحف العالم. وأهم السِّمات الفنية التي تميز تجليد المخطوطات في تلك الفترة ظهور طريقة جديدة في استخدام الورق في التغليف بلصق عدة صفحات بعضها ببعض مثل البردي، وظل المجلِّد يستخدم مادة الجلد في كسوة البردي السميك والورق السميك أيضًا، ومن حيث الشكل فقد أصبح شكل المخطوط عموديًا بعد أن كان أفقيًا. إلى جانب ذلك زُوّد الغلاف باللسان الذي يعمل على حماية حافة المخطوط، كما نلاحظ تطورًا طرأ على الأساليب الزخرفية لجلدة المخطوط، تظهر في وسط متن الجلدة سرة تحيط بها أرضية خالية من الزخرفة، وفي الأركان الأربعة للمتن أجزاء من السرة. أما عن طريقة تنفيذ الزخارف على جلدة المخطوط فكانت تتم بوساطة عدة أساليب منها طريقة الضغط، وطريقة التثقيب. أما في القرنين الثامن والتاسع الهجريين، الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين، فقد بلغ فن التجليد في أقطار العالم الإسلامي بصورة عامة، وفي مصر بوجه خاص، درجة عظيمة من التقدم والازدهار، وقد فاقت القاهرة العالم الإسلامي بهذا الفن، وتشهد على ذلك مجموعة مخطوطات المصاحف المحفوظة في دار الكتب، والتي يتجلى في أغلفتها مدى التطور الذي وصل إليه هذا الفن في مصر تحت حكم المماليك، وكان من وراء هذا التقدم في صناعة أغلفة المخطوطات بمصر الدور الفاعل الذي أداه سلاطين وأمراء المماليك نحو هذا الفن. فمن أجلهم صُنع هذا الكم الهائل من مخطوطات المصاحف التي كانوا يقفونها على المساجد والمدارس والأضرحة والخانقاوات التي كانوا يشيدونها.
أما في بلاد الشام فقد سار فن تجليد المخطوطات على قَدَم وساق مع مصر من حيث التطور والإبداع نظرًا لأن كلا القطرين كانا وقتذاك خاضعين لحكم المماليك. أما فن تجليد المخطوطات في إيران، فلم يبلغ أوج عظمته إلا في القرن التاسع الهجري، الخامس عشر الميلادي على أيدي مجلِّدين من مدرسة هراة التي أنتجت أفخر المخطوطات ذات الزخارف المذهبة، والخط الجميل والجلود الثمينة وكل ذلك بفضل مدارس الفنون التي أنشأها خلفاء تيمورشان رخ و بايسنقر، فقد أسس بايسنقر في عاصمته هراة مدرسة لفنون الكتاب استقدم إليها خطاطين ومصوّرين ومزوقين ومجلدين من شتى أقطار العالم الإسلامي، وقد امتازت أغلفة هذه الفترة بالتأثيرات الصينية التي تعتمد في زخرفتها على رسوم الطيور والحيوانات، ورسوم السحب والتنين والأزهار القريبة من الطبيعة، كما تطورت أيضًا طريقة تنفيذ الزخارف على غُلُف المخطوطات باستخدام طريقة القالب، وهو صفحة من المعدن تزخرف بالزخارف المطلوبة، وتسخن بالحرارة ثم تكبس على الجلدة فتحدث زخارف بارزة.
أما في المغرب فقد سار فن تجليد المخطوطات على النهج الذي كان عليه في القرون السابقة، وقد وصلت إلينا نماذج قليلة لمصاحف جلِّدت بمدينة مراكش. وفي تركيا ساهم الصناع والفنانون الذين جيء بهم من مصر في قيام فن تجليد المخطوطات هناك، كما تأثر فن تجليد المخطوطات التركية بالتأثيرات الإيرانية، وقد عَدَّ بعض العلماء فن تجليد المخطوطات العثمانية استمرارًا لفن تجليد المخطوطات الفارسية.
أثر فن تجليد المخطوطات الإسلامية على التجليد عند الأوروبيين:
أدى تجليد المخطوطات الإسلامية دورًا مهمًا في تطوير فن التجليد عند الأوروبيين سواء من حيث التقنية الفنية أو من حيث الشكل العام، أو من حيث الزخرفة. ولعل من أبرز ما نلاحظه في فن التجليد الأوروبي استعمال الغلاف الذي يصنع على هيئة صندوق، وهذا النوع من التغليف كان مألوفًا في مصر والقيروان. ولم يقتصر التأثر الأوروبي على شكل الغلاف فحسب بل امتد إلى أبعد من ذلك حيث كانت مدينة البندقية قد تشبعت بأساليب الفن الإسلامي وأخذت تنشره بدورها في أقطار أوروبا. وقد وصلت إلينا مجموعة من الأغلفة الأوروبية مشبعة بالتأثيرات الفنية التي كانت تميز مدارس التجليد في مصر والمغرب .وكما تبدو التأثيرات الإسلامية في الأغلفة الأوروبية تظهر في التقنية الزخرفية ، وقد أوحى الصناع المسلمون إلى صناع أوروبا طريقة جديدة في الزخرفة لم تكن معروفة لديهم من قبل، وهي ملء الزخارف الغائرة الناتجة عن الضغط بماء الذهب وقد استبدلت بهذه الطريقة في أواخر القرن التاسع الهجري، الخامس عشر الميلادي، طريقة أخرى، وهي التذهيب بصفائح رقيقة من الذهب تلصق على الجلدة بآلة ساخنة. وهكذا فإن فن تجليد المخطوطات الإسلامية قد وصل إلى مرحلة مهمة ومتطورة على أيدي الفنانين المسلمين في الأقطار الإسلامية، وهذا ما تؤكده المخطوطات النادرة التي تزخر بها متاحف العالم ومكتباته.
إختبر معلوماتك :
من الفنون التي تقدمت بفضل الحرص على صيانة مخطوطات المصاحف فن تجليد المخطوطات الذي ازدهر على يد المسلمين على وجه الخصوص لعنايتهم الفائقة بغلاف المصحف الشريف، سواء من حيث الصنعة والزخرفة أو الرسم الكتابي، مما حدا بالأوروبيين إلى تقليده. ومن أبرز معالم التجليد الإسلامي التي استخدمها الأوروبيون في عصر النهضة الأوروبية لسان الغلاف الذي استعمل لحفظ أطراف المصحف الخارجية من جهة، ولتعيين مواضع الوقوف بعد القراءة من جهة أخرى. بلغ فن تجليد المخطوطات عند المسلمين درجة كبيرة من الرقي والتقدم في مضمار الفن مما جعله ركنًا مُهِمًّا من أركان فنون الإسلام، اعتنى بدراسته المحدثون.
زخرفة تجليدات الكتب. عمل المجلدون المسلمون على زخرفة تجليدات القرآن الكريم بالتصميمات الهندسية والزهرية البديعة. |
مر تغليف المخطوطات بمراحل مختلفة أقدمها التي كانت تستخدم فيها ألواح الخشب المزخرفة بالتطعيم والعاج ثم تبعتها مرحلة تغليف المخطوطة بالقماش المطرز، أو بصفائح الذهب والفضة المرصّعة بالأحجار الكريمة، ونظرًا لكون هذه الأغلفة ثمينة كانت عرضة للسرقة ولم يصل منها إلا القليل النادر في متاحف العالم.
ويُعَدُّ الأقباط في مصر أول من استخدم الجلد المزخرف في تجليد المخطوطات، فأجادوا في ذلك إجادة عظيمة، وتشهد على ذلك مجموعة جلود المخطوطات التي يحتفظ بها المتحف البريطاني بلندن التي تعود إلى تلك الفترة المبكرة. وعند المسلمين ومع استعمال الرق انتقل شكل الكتاب من الملف عند استخدام البردي، إلى المصحف عند استخدام الرق، واحتاجت هذه الرقوق إلى أغلفة لتحفظها فكان فن التجليد أو التسفير أو التصحيف كما يطلق عليه العراقيون، وقد مَرَّ فن تجليد المخطوطات عند المسلمين بمراحل عديدة ، فقد قام في بداية الأمر على التقاليد الحبشية والقبطية، حيث استعمل المجلدون المسلمون في أول الأمر لوحين من الخشب جُمعت بينهما أجزاء القرآن، ومع قيام فن التجليد، على أسس قبطية، أصبحت أساليب هذا الفن وزخرفته متشابهة في أقطار العالم الإسلامي كله وبخاصة في القرون الثلاثة الأولى من الهجرة، حيث صار فن تجليد المخطوطات في العصرين الأموي والعباسي على النهج الذي كان عليه أيام الخلفاء الراشدين، مع إحداث بعض التطورات القليلة. وأغلب الظن أن مخطوطات المصاحف التي أُنتجت في تلك الفترة كانت مغلَّفة بلوحات من الخشب المطعَّم بقطع من العاج والعظم، أو غلفت بالقماش المطرّز والجلد أو ربما استخدمت صفائح البردي في بعض الأحيان بدلاً من الخشب. ثم خطا المجلِّد المسلم خطوة إلى الأمام حين غلَّف ألواح الخشب هذه بشرائح من الجلد، وتعد هذه المرحلة بداية لفن التجليد عند المسلمين.
وجاءت المرحلة الثانية في فن التجليد عند المسلمين عندما استبدلت بألواح الخشب صفائح البردي الذي كان يُستخدم في ذلك الوقت في تغليف المخطوطات الصغيرة الحجم، أما المخطوطات الكبيرة فقد ظل الخشب يستخدم في تغليفها. ومن بين أشهر الأمثلة التي يظهر فيها استخدام البردي في التغليف كتاب مقدّس عثر عليه بمدينة الفيوم بمصر، محفوظ الآن في مجموعة راينر البردية في فيينا. وقد صنع غلاف هذا المخطوط من صحيفة سميكة من البردي مغلفة بالجلد، وفي هذه الجلدة يظهر مدى التطور والنضج اللذين أصابهما فن التجليد في العصر الإسلامي، وفي القرنين الرابع والخامس الهجريَّيْن طرأت على فن تجليد المخطوطات في أقطار العالم الإسلامي تطورات كبيرة تشهد بها النماذج التي وصلت إلينا والتي تزخر بها متاحف العالم. وأهم السِّمات الفنية التي تميز تجليد المخطوطات في تلك الفترة ظهور طريقة جديدة في استخدام الورق في التغليف بلصق عدة صفحات بعضها ببعض مثل البردي، وظل المجلِّد يستخدم مادة الجلد في كسوة البردي السميك والورق السميك أيضًا، ومن حيث الشكل فقد أصبح شكل المخطوط عموديًا بعد أن كان أفقيًا. إلى جانب ذلك زُوّد الغلاف باللسان الذي يعمل على حماية حافة المخطوط، كما نلاحظ تطورًا طرأ على الأساليب الزخرفية لجلدة المخطوط، تظهر في وسط متن الجلدة سرة تحيط بها أرضية خالية من الزخرفة، وفي الأركان الأربعة للمتن أجزاء من السرة. أما عن طريقة تنفيذ الزخارف على جلدة المخطوط فكانت تتم بوساطة عدة أساليب منها طريقة الضغط، وطريقة التثقيب. أما في القرنين الثامن والتاسع الهجريين، الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين، فقد بلغ فن التجليد في أقطار العالم الإسلامي بصورة عامة، وفي مصر بوجه خاص، درجة عظيمة من التقدم والازدهار، وقد فاقت القاهرة العالم الإسلامي بهذا الفن، وتشهد على ذلك مجموعة مخطوطات المصاحف المحفوظة في دار الكتب، والتي يتجلى في أغلفتها مدى التطور الذي وصل إليه هذا الفن في مصر تحت حكم المماليك، وكان من وراء هذا التقدم في صناعة أغلفة المخطوطات بمصر الدور الفاعل الذي أداه سلاطين وأمراء المماليك نحو هذا الفن. فمن أجلهم صُنع هذا الكم الهائل من مخطوطات المصاحف التي كانوا يقفونها على المساجد والمدارس والأضرحة والخانقاوات التي كانوا يشيدونها.
أما في بلاد الشام فقد سار فن تجليد المخطوطات على قَدَم وساق مع مصر من حيث التطور والإبداع نظرًا لأن كلا القطرين كانا وقتذاك خاضعين لحكم المماليك. أما فن تجليد المخطوطات في إيران، فلم يبلغ أوج عظمته إلا في القرن التاسع الهجري، الخامس عشر الميلادي على أيدي مجلِّدين من مدرسة هراة التي أنتجت أفخر المخطوطات ذات الزخارف المذهبة، والخط الجميل والجلود الثمينة وكل ذلك بفضل مدارس الفنون التي أنشأها خلفاء تيمورشان رخ و بايسنقر، فقد أسس بايسنقر في عاصمته هراة مدرسة لفنون الكتاب استقدم إليها خطاطين ومصوّرين ومزوقين ومجلدين من شتى أقطار العالم الإسلامي، وقد امتازت أغلفة هذه الفترة بالتأثيرات الصينية التي تعتمد في زخرفتها على رسوم الطيور والحيوانات، ورسوم السحب والتنين والأزهار القريبة من الطبيعة، كما تطورت أيضًا طريقة تنفيذ الزخارف على غُلُف المخطوطات باستخدام طريقة القالب، وهو صفحة من المعدن تزخرف بالزخارف المطلوبة، وتسخن بالحرارة ثم تكبس على الجلدة فتحدث زخارف بارزة.
أما في المغرب فقد سار فن تجليد المخطوطات على النهج الذي كان عليه في القرون السابقة، وقد وصلت إلينا نماذج قليلة لمصاحف جلِّدت بمدينة مراكش. وفي تركيا ساهم الصناع والفنانون الذين جيء بهم من مصر في قيام فن تجليد المخطوطات هناك، كما تأثر فن تجليد المخطوطات التركية بالتأثيرات الإيرانية، وقد عَدَّ بعض العلماء فن تجليد المخطوطات العثمانية استمرارًا لفن تجليد المخطوطات الفارسية.
أثر فن تجليد المخطوطات الإسلامية على التجليد عند الأوروبيين:
أدى تجليد المخطوطات الإسلامية دورًا مهمًا في تطوير فن التجليد عند الأوروبيين سواء من حيث التقنية الفنية أو من حيث الشكل العام، أو من حيث الزخرفة. ولعل من أبرز ما نلاحظه في فن التجليد الأوروبي استعمال الغلاف الذي يصنع على هيئة صندوق، وهذا النوع من التغليف كان مألوفًا في مصر والقيروان. ولم يقتصر التأثر الأوروبي على شكل الغلاف فحسب بل امتد إلى أبعد من ذلك حيث كانت مدينة البندقية قد تشبعت بأساليب الفن الإسلامي وأخذت تنشره بدورها في أقطار أوروبا. وقد وصلت إلينا مجموعة من الأغلفة الأوروبية مشبعة بالتأثيرات الفنية التي كانت تميز مدارس التجليد في مصر والمغرب .وكما تبدو التأثيرات الإسلامية في الأغلفة الأوروبية تظهر في التقنية الزخرفية ، وقد أوحى الصناع المسلمون إلى صناع أوروبا طريقة جديدة في الزخرفة لم تكن معروفة لديهم من قبل، وهي ملء الزخارف الغائرة الناتجة عن الضغط بماء الذهب وقد استبدلت بهذه الطريقة في أواخر القرن التاسع الهجري، الخامس عشر الميلادي، طريقة أخرى، وهي التذهيب بصفائح رقيقة من الذهب تلصق على الجلدة بآلة ساخنة. وهكذا فإن فن تجليد المخطوطات الإسلامية قد وصل إلى مرحلة مهمة ومتطورة على أيدي الفنانين المسلمين في الأقطار الإسلامية، وهذا ما تؤكده المخطوطات النادرة التي تزخر بها متاحف العالم ومكتباته.
إختبر معلوماتك :
- وضح مظاهر عناية السلاطين والأمراء بفن المخطوطات.
- اذكر أهم أدوات المخطوط وتناول بإيجاز مراحل تطورها.
- يعد المصحف الشريف أهم المخطوطات عبر العصور فما مظاهر العناية به؟
- اذكر اسم مخطوطين من نوادر المخطوطات الدينية في العالم الإسلامي.
- يعد التذهيب والتصوير من أبرز فنون المخطوطات. اذكر مراحل تطور هذا الفن.
- اذكر أهم المخطوطات الأدبية الإسلامية.