القوى المنتجةforces produtives وهي: الموارد الطبيعية، القوة العاملة، ورأس المال،

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القوى المنتجةforces produtives وهي: الموارد الطبيعية، القوة العاملة، ورأس المال،

    القوى المنتجة

    يحدد الاقتصاد التقليدي عوامل أساسية تشكل في مجموعها المقدرة الإنتاجية لمجتمع ما، تسمّى القوى المنتجة forces produtives المادية، وهي: الموارد الطبيعية، القوة العاملة، ورأس المال، والفن الإنتاجي (التقنية) وتتناسب قوة الاقتصاد والمقدرة الإنتاجية، تبعاً لمدى توافر القوى المنتجة من الناحية الكمية ومستواها النوعي وتقدمها التكنولوجي.
    وتؤدي النفقات العامة، أي رؤوس الأموال بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى زيادة المقدرة الإنتاجية من خلال تنمية القوى المنتجة كماً ونوعاً. وتدفع النفقات الاستثمارية أي النفقات الإنتاجية إلى زيادة وتراكم رأس المال من خلال تكوين رؤوس أموال عيينة جديدة ومن ثمّ إلى نمو وتطور القدرة الإنتاجية على المدى الطويل، ومن ثم تحدث زيادةمباشرة في الدخل القومي.
    وتختلف المذاهب الاقتصادية الرأسمالية والاشتراكية، في النظر إلى دور القوى المنتجة وآثارها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فالاقتصاديون الرأسماليون يركّزون اهتمامهم في الخطة الاقتصادية، على مؤشرات مرتبطة بمستوى تطور القوى المنتجة من الوجهة الاقتصادية فحسب، ويكتفون باستخلاص مؤشرات النمو الاقتصادي الحاصلة على عوامل الإنتاج، متجاهلين تأثير العلاقات الاجتماعية وعلاقات الإنتاج، في حين يشير بعضهم إلى إعاقة العلاقات الاجتماعية القديمة لعملية التقدم الاقتصادي من دون اعتبارها مسألة جوهرية في عملية التطور الشامل للمجتمع.
    ويؤثر نمو القوى المنتجة، والثورة العلمية والتقنية، في زيادة تمركز الإنتاج الذي يظهر من خلال تجميع عمليات الإنتاج في مجمّعات إنتاجية ضخمة ومتكاملة، ويرتبط هذا التمركز بتطور القوى المنتجة وتقسيم العمل والتخصص والتعاون في مجال الإنتاج، كما يعكس الاتجاهات المهمة للثورة العلمية والتقنية.
    وعلى هذا الأساس، يرجع أصحاب النظريات الرأسمالية التخلف في البلدان النامية إلى عوامل تتعلق بوتائر نموالإنتاج المتدني وتزايد عدد السكان والأسواق الضيقة ومستوى الصحة والتعليم وأثر التقاليد والأعراف في إعاقة النمو، وأشاعوا نظرية (الحلقات المفرغة) من دون أن يشيروا إلى علاقات الإنتاج التي تعدها المذاهب الاشتراكية ولاسيما الماركسية سبباً جوهرياً في إعاقة تطور القوى المنتجة ورفع إنتاجية العمل.
    ولايرى أصحاب النظريات الرأسمالية أن تطور القوى المنتجة له علاقة مباشرة بالنظام السياسي للمجتمع؛ فهو نتيجة خيارات اقتصادية واجتماعية واستثمارات وقرارات، فالأمر أمر موارد تحرك من أجل غايات محددة وأن تغيرات قوى الإنتاج تعود حصراً إلى وسائل النشاط الاقتصادي، وأن أمر الحكم والسياسة تحكمها إرادة الأفراد والأحزاب في المجتمع، وأن القوى المنتجة هي التي تتطور فقط من دون أن يؤدي ذلك بالضرورة إلى تغيير علاقات الإنتاج.
    وعلى عكس نظريات الرأسمالية، فقد أولت المذاهب الاشتراكية، ولاسيما الماركسية، الدور الحاسم في التطور التاريخي للمجتمعات إلى القوى المنتجة. فهي حسب التفسير المادي أدت إلى تغييرات جذرية في علاقات الإنتاج، ومن ثم في مجمل النظم السياسية والاجتماعية التي سادت في عصور مختلفة. من المشاعية البدائية إلى المجتمع العبودي، ثم الإقطاعي، فالرأسمالي وصولاً إلى الاشتراكي في حركة متقدمة عبرت عنها تقنية أدوات الإنتاج.
    حسب ما يرى ماركس فإن أسلوب الإنتاج يحكمه عنصران مترابطان، وهما القوى المنتجة التي تشمل الطبيعة (الموارد الطبيعية) والإنسان الذي يمثّل قوة العمل، وأدوات الإنتاجالتي ترمز إلى ملكيتها[ر: الاقطاعية، الرأسمالية] وتقنيتها. والعنصر الآخر هو علاقات الإنتاج.
    وقد عدّ أن القوى المنتجة ليست أكثر عناصر الإنتاج حركة وثورية فحسب، بل هي العنصر الحاسم في تطور الإنتاج فكما تكون القوى المنتجة تكون علاقات الإنتاج. ومن ثمّ فإن تغير أسلوب الإنتاج يؤدي حتماً إلى تغير النظام الاجتماعي كله، وإلى تغير الأفكار والنظم السياسية وفي مرحلة ما من التطور ينشأ التناقض بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج، ويعود ذلك إلى أنهما يتطوران بطرق وبوتيرة مختلفة؛ فأدوات الإنتاج والتطورات التقنية الحاصلة عليها تتطور بسرعة أكبر من علاقات الإنتاج التي تحكمها ملكية هذه الأدوات، وبذلك تحدث الهوة بين عنصري الإنتاج، تؤدي إلى التناقض والخلل، وهذا ما يدفع إلى الصراع بين طبقة العمال (قوة العمل) وبين مالكي أدوات الإنتاج (إقطاعي، رأسمالي).
    إن أسباب الخلل الجوهرية تعود إلى نظام ملكية أدوات الإنتاج المتمثل بالملكية الخاصة، فهو الذي يؤدي إلى استغلال قوة العمل وتراكم الثروة بيد الرأسماليين والإقطاعيين الذين يصوغون علاقات اجتماعية وسياسية تناسبهم، ولذلك فإن الحل يتمثّل بإحلال الملكية العامة محل الملكية الخاصة. وإزالة طبقة الرأسمالية والبرجوازية، وإحلال الطبقة العاملة أصحاب قوة العمل للسيطرة على القوى المنتجة وتسخيرها لمصلحة الشعب كله وإقامة علاقات إنتاج جديدة، في إطار نظام اشتراكي يمثّل مرحلة انتقال نحو الشيوعية.
    ونتيجة هذه الأفكار والنظريات المتناقضة حول دور القوى المنتجة في تطور المجتمعات اتخذت وضعيات متباينة في الأنظمة السياسية التي انبثقت عنها، سواءً منها الأنظمة الرأسمالية أم الاشتراكية.
    تعدُّ القوى المنتجة في النظام الرأسمالي عوامل في تنمية رأس المال وتحقيق الأرباح للطبقة البرجوازية المالكة لأدوات الإنتاج، ولذلك فإن النظام السياسي المنبثق عنها اعتمد منهج الليبرالية، الاقتصادية والاجتماعية، الذي ارتكز على مبدأ الحرية الفردية والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وحرية تثمير رؤوس الأموال وانتقالها، واقتصاد السوق ومبدأ المنافسة، وحسبان طبقة العمال تبيع قوة العمل مقابل أجورها.
    ولذلك فإن أسلوب الإنتاج لا علاقة له بالأوضاع الطبقية للقوى الاجتماعية؛ لأن لكل منها دور في عملية الإنتاج.
    غير أن منهج الليبرالية لم يستطع الاستمرار في تجاهل الآثار الاجتماعية التي تتركها عملية الإنتاج وفق الأسلوب الرأسمالي فظهرت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية التي تؤمن بالأفكار الإصلاحية وتعتمد الوسائل الديمقراطية السلمية لتحقيق برامجها الاجتماعية وضمان مصالح الطبقات الفقيرة، واستطاعت أن تشيع نوعاً من العدالة الاجتماعية والتعاون الطبقي والحيلولة دون دخولالتناقض والصراع بين الطبقات دورة العنف الثوري.
    وحقق هذا النهج تطوراً في بنية النظام الرأسمالي لصالح الطبقات الاجتماعية الكادحة، عن طريق أنظمة ضمان اجتماعي وصحي، يضمن مستوى مناسباً لمعيشة أفرادها في إطار توجهات السوق الرأسمالية.
    أما النظام الاشتراكي الذي اعتمد المنهج الماركسي طريقاً للبناء الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بالوسائل الثورية للتغيير، وتحقيق عملية التلاؤم بين القوى المنتجة المتطورة وبين علاقات الإنتاج الجديدة القائمة على الملكية العامة لأدوات الإنتاج فقد أصبحت الطبقة العاملة قوة الثورة والتغيير وقيادة المرحلة التاريخية في الانتقال من النظام الرأسمالي إلى الشيوعية عبر ديكتاتورية البرولتياريا التي تقضي على الاستغلال الطبقي وتسلط الطبقة البرجوازية.
    سامي هابيل
يعمل...
X