كتب: د.شريف شاهين..وكأنك في ملهى..الأوطان ليست راقصات عابرات.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتب: د.شريف شاهين..وكأنك في ملهى..الأوطان ليست راقصات عابرات.


    وكأنك في ملهى

    1
    الأوطان ليست راقصات عابرات، ترفع يديك عن خصر إحداهن لتخاصر أخرى تأخذك إلى إيقاع آخر وأغنيات طازجة اللحن .

    2
    الوطن أنت شخصياً بما كنت عليه ، وبما أصبحت به الآن .

    الوطن منظومة الجينوم المعقدة التي تبرعت الصدفة بمنحك مفرداته البسيطة؛ الشكل والطباع، حدة الذكاء أو محدودية الملكات، الانفتاح الطلق للآفاق المتاحة، أو الإنغلاق المصمت تجاه اية شرفات على بانوراميات أخرى.

    الوطن هو حصتك من الهواء ومن السماء ومن السهول والهضاب والجبال والينابيع والمسالك التي سلكت، وكذلك تلك التي دُفِعت لأن تسلك.

    الوطن، ببساطة ، حصتك من التاريخ ومن الجغرافية ومن الحروب والانتصارات والهزائم منذ الأزل إلى يومك الراهن.

    الوطن حليب أمك، وسواعد أبويك تنقل إلى بساط بيتكم الخبز والماء والكربوهيدرات والبروتينات والدهون والعناصر الأخرى التي كونت كتلة جسدك، وفطرتك العاطفية.

    والوطن، تتالي الفصول عليك؛ أغاني الرعاة ، ثغاء الحملان، نباح الكلاب ، عواء الذئاب، مكر الثعالب ، هجرات الطير، وإيقاعات نهاراتك ولياليك كلها بتفاصيلها العصية على الحصر.

    والوطن إيقاعات الحزن الشفيف لشتاءاتك، سواء تلك المتلجلجة في السماء أو تلك المحتدمة في القلب. وفي كليهما، غيم عاشق يعانق صنوه ليضيئ ، ويحضن ضوءه ليصرخ ، ويصرخ ليبكي، ويبكي لنا مزاريباً مموسقة تبلل يباسنا.

    والوطن شمس تنضج مواسمك للحصاد، وقد تنضجك انت الآخر لحصاد آخر.

    والوطن ما لم يأتِ من صباحاتك الجميلة بعد ، وهو أيضاً الكلمات التي عكف على صياغتها مبدعو الكلمات ، ولا زالوا يحاولون ولما ينتهوا من ذلك بعد .

    3
    كل هذا الوطن ، لا يجتاح حواسك كوطن ، إلا لحظة تصفق بابه وراءك ، وتغيب آخر سارية علم له عن ناظريك وانت تخب على غير هدى بعيداً عن عوالمه التي ستنهشك حكاً في كل بوصة من جسدك في حركة نواسية يشعلها الحنين وخناجر الغربة.

    4
    الوطن ، كالبيت ، لا تحسه بيتاً إلا وأنت تسلم مفتاح بابه لمن اشتراه، بينما كلمات السمسار عن محاسنه لاتزال تطرق أذنيك كَ " مِهَدَّاتٍ " ثقيلة.
يعمل...
X