تعرفوا معنا على الآثار الإسلامية  في صدر الإسلام وما بعده

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعرفوا معنا على الآثار الإسلامية  في صدر الإسلام وما بعده

    الآثار الإسلامية

    صدر الإسلام:

    تمثل فترة حياة الرسول ﷺ في المدينة المنورة المرحلة الأولى من تاريخها التي شهدت البداية الحقيقية لبناء الحضارة الإسلامية ووضع أسسها الأولى، فقد عمل من يثرب مركزًا عمرانيًا شكل نواة لأول مدينة إسلامية تحمل كل المقومات والخصائص التي يحتاج إليها المجتمع المسلم. وكان أول الأعمال العمرانية التي قام بها الرسول ﷺ، تشييد المسجد الجامع، وبناء بيوت أزواجه إلى الشرق منه. وقد كان مسقط المسجد مستطيلاً عرضه 60 ذراعًا (حوالي 30م) وطوله من الجنوب إلى الشمال 70 ذراعًا (حوالي 35م) وتتجه قبلة المسجد نحو الشمال باتجاه بيت المقدس. وقد شيدت أساساته من الحجر بارتفاع ثلاث أذرع، أما الأجزاء العلوية من الجدران فقد بنيت من الطوب اللبن بارتفاع 1,75م تقريبًا. ويتكون المخطط الداخلي للمسجد من ظلة للصلاة وصحن مكشوف والصُّفة، وتحتوي ظلة الصلاة على ثلاثة أروقة بكل رواق ستة أعمدة من سواري النخيل التي تحمل جسورًا خشبية تحمل سقف المسجد الذي غطي في البداية بالجريد والخوص، ثم أضيف إليه ـ فيما بعد ـ طبقة من الطين. وفي نهاية الصحن الجنوبية شيدت الصفة ؛ وهي رواق مظلل أقامها الرسول ﷺ، ليأوي فقراء المدينة والمهاجرون إليها. احتوى المسجد في هذه العمارة على ثلاثة أبواب ؛ باب في مؤخرة المسجد، وباب في منتصف الجدار الغربي ؛ عرف بباب الرحمة، وباب في منتصف الجدار الشرقي ؛ عرف بباب جبريل أو باب عثمان.


    في يوم الثلاثاء الخامس عشر من شعبان من السنة الثانية للهجرة، حولت القبلة من الشمال ـ باتجاه بيت المقدس ـ إلى الجنوب باتجاه مكة المكرمة، ونتج عن ذلك تحويل ظلة الصلاة وأروقتها نحو الجزء الجنوبي، وفتح باب في الجدار الشمالي الشرقي من الصحن. وفي السنة السابعة من الهجرة، بعد غزوة خيبر مباشرة، شرع الرسول ﷺ بتوسعة المسجد نظرًا لازدياد عدد المسلمين. وقد تكفل عثمان بن عفان، رضي الله عنه، بشراء الأرض المحيطة بالمسجد من الجهتين الغربية والشمالية التي وسع بها الرسول ﷺ المسجد من الجهتين الغربية والشمالية. وأصبحت مساحة المسجد بعد التوسعة 100 ذراع (50م) طولاً و90 ذراعًا (45م) عرضًا، وزيد عدد أسطوانات المسجد ليصبح تسع أسطوانات في كل راوق من أروقة المسجد الثلاثة. وقد أحيط المسجد بعد هذه التوسعة بالدور من جميع جهاته. وفي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تمت التوسعة الثالثة في السنة السابعة عشرة للهجرة ؛ حيث زيد في مساحة المسجد 10 أذرع من جهة الغرب، ومثلها من الجنوب، و30 ذراعًا من الشمال. وقد زادت مساحة المسجد بمقدار 70%، وأصبح عدد أروقته أربعة، في كل منها إحدى عشرة أسطوانة، وتضاعف عدد أبوابه ليصبح ستة أبواب. أما التوسعة الرابعة فقد تمت سنة 29هـ، في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وشملت تلك التوسعة زيادة مساحته بمقدار 30%، وأعيد بناؤه بالكامل بالحجارة المنقوشة، واستبدلت سواري النخيل بالأعمدة الحجرية، وغطي المسجد بخشب الساج المستورد، وطلي داخل المسجد بالجص. وتعد عمارة عثمان ابن عفان للمسجد النبوي مرحلة مهمة من مراحل تطور العمارة الإسلامية قبل انتقال مركز الخلافة من المدينة إلى الكوفة ومنها لدمشق ؛ حيث تطورت مواد البناء وتقنياته لتحسن الأوضاع الاقتصادية للدولة الإسلامية الذي انعكس بدوره على عمارة المدينة خلال فترة صدر الإسلام.

    كذلك عني الخلفاء الراشدون بالحرم المكي، وكان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أول من وسع الحرم حيث قام في السنة السابعة عشرة للهجرة بزيادة مساحة الحرم بعد شراء الدور المحيطة به وهدمها وضم مساحتها للحرم، وأحاط الحرم لأول مرة بجدار تتخلله مداخل تؤدي للصحن المحيط بالكعبة. وفي عام 26هـ، زاد عثمان بن عفان من مساحة الحرم حيث اشترى عددًا من الدور المحيطة بالحرم وهدمها ووسع بها البيت العتيق، ثم قام بإحاطة الكعبة والمطاف بأروقة مظللة، وتعد هذه الأروقة نقلة مهمة في تاريخ العمارة الإسلامية ؛ حيث يري كثير من الباحثين أن أروقة الحرم كانت البداية لظهور الأروقة واستخدامها على نطاق واسع في عمارة المساجد الإسلامية منذ بداية العصر الأموي وحتى هذا العصر.

    ورغم أهمية عصر النبوة والخلفاء الراشدين، إلا أن الآثار التي تعود لتلك المرحلة قليلة ونادرة، ورغم ذلك فقد بقيت بعض الآثار التي ترتبط بتلك المرحلة، ومن هذه الآثار ؛ مسجد جواثا الذي شيد في السنة الثانية للهجرة بمدينة جواثا حاضرة بني عبدالقيس بهجر (الأحساء) ويعد هذا المسجد ثاني مسجد تقام به صلاة الجمعة بعد مسجد الرسول ﷺ بالمدينة المنورة، وقد تم تجديد المسجد على مر العصور الإسلامية، ولازالت أجزاء من رواق القبلة قائمة حتى الوقت الحاضر، إلا أن هذه الأجزاء تعود إلى مرحلة متأخرة حيث إن المسجد الأول أقيم على غرار مسجد الرسول ﷺ . ومن المساجد المبكرة التي أنشئت في عهد الرسول ﷺ ، المسجد الكبير في صنعاء الذي أمر الرسول ﷺ ببنائه في السنة السادسة للهجرة. وقد شيد المسجد على غرار مسجد الرسول بالمدينة، وكانت عمارته تتكون من صحن وظلة الصلاة التي تحتوي على ثلاثة أروقة في كل منها اثنا عشر عمودًا حجريًا. وقد وسع الجامع مرات عديدة أهمها تلك التي تمت في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك. وفي مدينة الجند، أقام الصحابي معاذ بن جبل مسجد الجند في السنة السادسة للهجرة، ويعد مسجد الجند من المساجد المبكرة حيث أقيمت فيه أول صلاة جمعة في اليمن، إلا أن المسجد العتيق لم يبق من عمارته الأولى شيء حيث أعيد بناؤه عدة مرات خلال العصور الإسلامية المختلفة.

    ومن الآثار الإسلامية التي تعود لعصر صدر الإسلام مجموعة من الكتابات العربية وجدت في الحجاز، أبرزها وأهمها مجموعة كتابات جبل سلع التي كتبت بخط عربي مبكر تطلق عليه المصادر العربية الخط المدني. وتظهر هذه المجموعة عددًا من الأسماء مثل: أبي بكر، وعمر، وسعد بن معاذ، وعمارة بن حزم، وميمون، ومعقل الجهني، وعلي بن أبي طالب. وورود أسماء كلٍّ من أبي بكر وعمر وعلي بن أبي طالب وسعد بن معاذ رضي الله عنهم في هذه النصوص ـ التي تقع بالقرب من موقع الخندق ـ جعل دارسها يربطها بأحداث غزوة الخندق وبالتالي يؤرخها للسنة الخامسة للهجرة مما يجعلها أقدم كتابات عربية تصل إلينا من فترة ظهور الإسلام. كذلك عثر في موضع صنق الزرقاء ـ بوادي الشامية بالقرب من مكة المكرمة ـ على نقش مؤرخ بسنة أربعين للهجرة يخص عبدالرحمن بن خالد بن العاص. ويعد هذا النقش أقدم النقوش المؤرخة في الجزيرة العربية وأهم النقوش الإسلامية من ناحية جودة كتابته وتطورها.

    سد الخنق أنشأه معاوية ابن أبي سفيان بالمدينة في المملكة العربية السعودية، ويتميز بضخامة بنائه ودقة هندسته وارتفاعه الشاهق.ومن أبرز الآثار الإسلامية في المملكة العربية السعودية مسجد عمر بن الخطاب بدومة الجندل بمنطقة الجوف الذي يعد من أهم المساجد الآثارية في المملكة لما يحمله من خصائص معمارية مبكرة تذكِّر بالمساجد الأولى. وتنبع أهمية المسجد من تخطيطه الذي يمثل استمرارية لنمط المساجد المبكرة حيث يذكرنا بتخطيط مسجد الرسول ﷺ في المدينة في مرحلة صدر الإسلام، كذلك تنبع أهميته من محافظته على نمط تخطيطه ومواد بنائه التقليدية ومئذنته الفريدة من نوعها ذات الشكل المربع والمشيدة بالأحجار ؛ حيث إن نمط المئذنة وطرازها يعد فريدًا ونادرًا، ويماثل طراز المآذن الأموية المبكرة إضافة إلى أن هذه المئذنة تعد أقدم مئذنة قائمة في الجزيرة العربية.

    موقع الجار. يقع الجار على بعد حوالي 10كم من بلدة الرايس بالقرب من ينبع. ويعود تاريخ ميناء الجار لفترة تسبق العصر الإسلامي، وكان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أول من اتخذ الجار ميناء رسميًا للمدينة، وكان الميناء يستقبل المواد الغذائية المرسلة من مصر إلى المدينة، لذلك عد الجار أهم موانئ البحر الأحمر خلال القرون الخمسة الأولى من الهجرة. يتكون الموقع الأثري في الجار من عدد من التلال الأثرية تقع داخل محيط سور المدينة الذي تظهر ملامحه على السطح، كذلك تظهر على ساحل البحر بقايا ما يعتقد أنه أرصفة الميناء القديم. ويحيط بالمدينة سور من ثلاث جهات فقط، بينما الجهة الرابعة مفتوحة على البحر. ومن المعتقد أن سور المدينة يتصل بأرصفة الميناء ويشكل معها تحصينًا كاملاً للمدينة. ومن خلال الأعمال التي تمت في الموقع، فقد تم تحديد طبقات أثرية تعود لفترات عصر ما قبل الإسلام والعصر الإسلامي المبكر. كذلك عثر على مواد أثرية أبرزها الفخار والخزف الإسلامي المبكر والخزف الصيني المستورد، وتشير هذه المواد المكتشفة إلى أن الموقع ازدهر خلال الفترة الإسلامية المبكرة، وأن الموقع اندثر خلال القرن الخامس الهجري.

    موقع ضربة. تقع ضربة إلى الغرب من مدينة الرس على مسافة 160كم منها. وقد كانت ضربة حمى لإبل الصدقة، وأول من اتخذها حمى عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وفي العصر العباسي تحولت ضربة إلى مدينة عامرة وأصبحت أهم المحطات الرئيسية على طريق الحج الذي يربط البصرة بمكة المكرمة. وقد أشارت المصادر الإسلامية إلى مدينة ضربة، وذكرت سوقها العامر، وذكر أنه في إحدى المرات التي تم فيها إصلاح السوق، أضيف أكثر من ثمانين حانوتًا إلى حوانيت السوق الأخرى. يحتوي الموقع الأثري في هذه المدينة على بقايا مدينة ضربة المندثرة التي تظهر بعض منشآتها المعمارية وعدد من الآبار وسد يقع في منتصف وادي ضربة. إن موقع ضربة ـ في وضعه الحالي ـ عبارة عن تلال أثرية لا توحي بأهمية الموقع وتاريخه نظرًا لحاجة الموقع للحفر الموسع.

    موقع عشم. تقع عشم إلى الشمال من وادي قرماء. وقد اشتهرت عشم كونها موقعًا لتعدين الذهب من أعمال مكة المكرمة، وقد ذاع صيتها خلال القرون الأربعة الأولى من الهجرة. وقد ساهم اقتصاد عشم الذي يقوم على استخراج الذهب في نمو الموقع وتحوله إلى مدينة عامرة زاد عمرانها واتسعت أحياؤها خلال القرون الخمسة الأولى من الهجرة قبل أن يضمحل دورها بدءًا من نهاية القرن الخامس الهجري نتيجة لاحتضار الخلافة العباسية، ومن ثم سقوطها في سنة 656هـ على يد المغول. وكان هذا الحدث العامل الأساس في توقف صناعة تعدين الذهب في عشم واندثار المدينة بعد ذلك.

    يتكون موقع عشم من المدينة السكنية التي تتكون من حيين، والمقابر المحيطة بها إضافة إلى مناجم التعدين وما يرتبط بها من مناطق تصنيع. تتميز المنشآت العمرانية في الموقع بأن غالبيتها شاخصة على سطح الأرض، حيث تتضح بقايا المسجد الجامع الذي يقع في الجزء الجنوبي الغربي من الحي الأول. وقد عثر في ركام المسجد على نص كتابي يحدد تاريخ بناء المسجد بسنة 414هـ. وفي وسط هذا الحي، يقوم السوق الذي يتكون من عدد من الحوانيت التي تصطف على جانبي شارع متسع. ويقع الحي الثاني على مسافة 200م جنوب غرب الحي السابق، وتختلف طبيعة هذا الجزء ومنشآته من الموقع الذي تظهر بقايا منشآته بشكل متواضع لا يوازي الحي السابق، وربما يوحي هذا بأن هذا الجزء من الموقع كان مخصصًا للعمال المشتغلين بالتعدين أو ربما منطقة تصنيع.

    موقع عكاظ. يقع سوق عكاظ على مسافة 40كم إلى الشمال الشرقي من مدينة الطائف. وقد ارتبط سوق عكاظ بالذاكرة العربية لكونه أعظم أسواق العرب ومنتداهم الثقافي والأدبي الأول قبيل الإسلام. وقد اضمحل دور سوق عكاظ بعد الإسلام، وتحول من سوق ومنتدى موسمي إلى سوق تجاري صغير شيدت فيه المباني والحوانيت حتى خرب سنة 129هـ على أيدي الخوارج الحرورية. يضم الموقع الأثري لعكاظ عددًا من التلال الأثرية أكبرها التل الذي يقوم عليه قصر عكاظ، بالإضافة إلى أكثر من عشرين تلاً صغيرًا. يتكون مخطط القصر من جناحين يتصلان ببعضهما عبر ممر منكسر، يحتوي الجناح الرسمي على قاعة استقبال مستطيلة، يفتح عليها عدد من الغرف الصغيرة، ويتوسط قاعة الاستقبال عقود حجرية كانت تحمل السقف. أما الجناح الثاني، الذي يعتقد أنه كان مخصصًا للنساء، فيتكون من عدد من الغرف التي تفتح باتجاه الشرق.

    تشير المواد الأثرية المكتشفة في الموقع، من فخار وخزف وزجاج، إلى أن الموقع مر بمرحلتي استخدام يرجع أقدمها للعصر الإسلامي المبكر قبل تخريب السوق سنة 129هـ، أما المرحلة المتأخرة، فيمثلها فخار وخزف صيني متأخر وخزف عثماني، وهذا يؤكد أن الموقع أعيد استخدامه خلال الوجود العثماني في الطائف.




    العصر الأموي:

    تمثل مرحلة العصر الأموي الممتدة من 41 - 132هـ فترة حضارية مهمة جدًا من تاريخ الجزيرة العربية ؛ حيث شهدت حواضر الجزيرة نشاطًا عمرانيًا واقتصاديًا نتيجة الاهتمام الذي وجهه خلفاء بني أمية بدءًا بمعاوية بن أبي سفيان، الذي عني بحواضر الجزيرة بشكل عام وبالحجاز خصوصًا، لذلك فإن الجزيرة العربية شهدت في هذا العصر ازدهارًا ونشاطًا تمثل في التوسع العمراني للحواضر، ويأتي في مقدمتها: المدينة المنورة، ومكة المكرمة، والطائف، وفيد، وبيشة، واليمامة، وهجر، ودومة الجندل، وتيماء، وجرش، ونجران،وصنعاء، والجند، وجواثا، والبدع. كذلك نشطت حركة التبادل التجاري عبر موانئ الجزيرة على البحر الأحمر مثل: الجار، وعثر، وجدة، والحوراء، وعينونا وأيلة، والعقير، وجزيرة البحرين وجميزة على ساحل الخليج العربي.



    أثبتت الأعمال الأثرية الحديثة في عدد من المواقع وجود مواد أثرية تعود للعصر الأموي ؛ ففي موقع الربذة كشفت أعمال الحفر في الجزء الغربي من الموقع عن بقايا معمارية تعود لفترة العصر الأموي وبداية العصر العباسي ؛ حيث أظهرت نمط المساكن وتخطيط المدينة اللذين يختلفان عن الموقع العباسي الرئيسي الذي تميز باتساع المدينة وظهور القصور المحصنة والبيوت المتسعة. وقد عثر في مراحل الحفر على مواد أثرية أموية أبرزها قدور طبخ ذات فخار رمادي مضلع، وعدد من كسر الفخار المرسوم بالمغرة، ودراهم أموية وفلوس بيزنطية يعتقد أنها كانت متداولة في بداية العصر الأموي قبل تعريب السكة الإسلامية في عهد عبد الملك بن مروان.

    كذلك عثر على مواد أثرية أموية في عدد من المواقع في شمال غرب الجزيرة، حيث وجد فخار أموي في مواقع الملقطة في البدع والحوراء بالقرب من أملج، وفي موقع الجار جنوب ينبع، وفي موقع الأخضر على طريق الحج الشامي جنوب تبوك، وفي موقع بدا إلى الشرق من الوجه. كما وجدت كمية من الفخار الأموي في مواقع القصور الإسلامية الواقعة في منطقة المندسة والمليليح شمال المدينة المنورة. ويعتقد أن تلك القصور بنيت خلال العصرين الأموي والعباسي، وتذكر المصادر أن لمروان بن الحكم قصرًا في وادي المندسة، ومن المؤكد أن تلك القصور قد ارتبطت بأملاك زراعية كبيرة كان يستثمرها بنو أمية. كذلك اهتم بنو أمية بالمدينة المنورة، وأنشأوا على طول وادي العقيق أكثر من عشرين قصرًا أشهرها وأهمها قصر سعيد بن العاص الذي اشتراه معاوية بن أبي سفيان، ولاتزال بقايا أطلال هذا القصر باقية داخل قصر سلطانة بالمدينة، وقد شيد القصر بالحجارة والجص وزينت واجهاته الداخلية بالزخارف الجصية.

    سد الخنق أنشأه معاوية ابن أبي سفيان بالمدينة في المملكة العربية السعودية، ويتميز بضخامة بنائه ودقة هندسته وارتفاعه الشاهق.
    كذلك اهتم الخليفة معاوية بإنشاء السدود في كل من المدينة وخيبر والطائف ؛ ففي المدينة كشف عن سد يسمى سد الخنق يحمل نصًا تأسيسيًا يؤرخ البناء لسنة ست وخمسين للهجرة، ويشير إلى أن معاوية بن أبي سفيان هو باني هذا السد، ويتميز السد بضخامة بنائه ودقة هندسته وارتفاعه الشاهق. ورغم أن أجزاء كبيرة من السد متهدمة، إلا أن الأجزاء المتبقية تعكس طبيعة البناء ودقته. وعلى بعد 30كم جنوب خيبر يوجد سد البنت الذي يعد أكبر سدود خيبر، يبلغ طول السد حوالي 300م، ويصل ارتفاعه أكثر من 30م، وسمك جداره عند القاعدة 10م، ورغم أن السد لا يحمل نقشًا تأسيسيًا، إلا أن طبيعة بنائه ودقة هندسته ـ التي تماثل إلى حد كبير سد الخنق بالمدينة ـ تشير إلى أن هذا السد بني في عهد معاوية بن أبي سفيان. أما سد سيسد في الطائف، الذي شيده معاوية بن أبي سفيان، كما يشير إلى ذلك النقش التأسيسي الذي كتب على إحدى أحجار السد، فإنه سد صغير الحجم ؛ إذ يبلغ طوله 8,5م وارتفاعه 8م، وسمك جداره 4م، إلا أن أهميته تنبع من ارتباطه بالخليفة معاوية بن أبي سفيان ؛ حيث تذكر المصادر أنه كان يمتلك أراضي زراعية في منطقة الطائف. وفي عام 73هـ، شيد الحجاج بن يوسف الثقفي ثلاثة سدود في شمال المعيصم في مكة المكرمة تهدف إلى حماية مكة من السيول الجارفة وزيادة الرقعة الزراعية في محيط مكة.



    موقع دوقرا. في عام 1950م، نشر هنري فيلد معلومات عن موقع أموي بالقرب من مدينة طريف، وقد تتبع فريق المسح الأثري التابع للإدارة العامة للآثار والمتاحف الذي زار المنطقة عام 1396هـ موقع دوقرا الواقع جنوب مدينة طريف، حيث وجد بقايا لأطلال مبنى إسلامي مبكر يتكون من سور خارجي يضم عددًا من الغرف التي تتركز في الواجهة الشمالية الغربية المقابلة لمدخل المبنى، وقد عثر في أطلال الموقع على كسر من الفخار الأموي المميز الذي يشير إلى أن الموقع بني خلال العصر الأموي وهجر بعد نهاية هذا العصر. ويعتقد أن الموقع ربما كان إحدى الاستراحات الأموية، وأن المبنى كان يخدم أغراضًا تماثل تلك التي بنيت لها القصور الأموية في بلاد الشام.

    موقع السرين. تقع السرين جنوب الوسقة على بعد 10كم تقريبًا منها. وتعد من موانئ الحجاز التابعة لإمارة مكة، وقد ازدهرت السرين في الفترة الواقعة بين القرن الثالث والقرن الثامن الهجريَّيْن. يتكون الموقع الأثري في السرين من ستة تلال أثرية ومقبرتين تمثل بقايا المدينة السكنية. أما ميناء السرين فلم يحدد بعد ؛ حيث إن معالمه قد اختفت وربما يكون قد غمرته مياه البحر بعد تعطله وعدم استخدامه. ورغم أهمية السرين وأهمية موقعها الأثري، إلا أن الموقع لم تجر فيه أعمال حفر تنيط اللثام عن تاريخ الموقع. ويظهر على سطح الموقع بعض ظواهر عمرانية أبرزها الطوب الآجر الأحمر الذي شيدت به بعض مباني الموقع، وكسر الفخار العباسي المميز، وبعض الفخار والخزف الإسلامي المتأخر، لكن أبرز المواد الأثرية التي عثر عليها في الموقع هي شواهد القبور التي تزخر بها مقبرتا السرين، وهي تتميز بدقة كتابتها وزخرفتها النباتية وأطرها التي تعد من أهم المكتشفات الكتابية على مستوى الجزيرة العربية.

    موقع عثر. يقع ميناء عثر على ساحل البحر الأحمر على مسافة 40كم من مدينة جازان. وكانت عثر حاضرة إسلامية منذ العصر الأموي، وأصبحت في القرن الرابع الهجري عاصمة للمخلاف السليماني، ويعد سليمان الطرفي موحد هذا المخلاف. واستمرت عثر عاصمة لهذا المخلاف حتى القرن السابع الهجري الذي شهد بداية اضمحلال دور عثر واندثارها. ويعد ميناء عثر خلال فترة ازدهاره من أهم موانئ البحر الأحمر الجنوبية، وهذا مكنها من الاتصال بإفريقيا وجنوب شرقي آسيا والصين عبر التبادلات التجارية التي كانت تتم عبر مينائها. كذلك أصبحت عثر دار سك للنقود ومركز صناعة.

    حفر جزء يسير من موقع عثر في أماكن مختلفة من الموقع، وقد أظهرت الحفائر ـ رغم محدوديتها ـ مادة أثرية ضخمة من الخزف العباسي، والخزف الصيني، والأواني والأدوات المصنوعة من الحجر الصابوني التي تحمل زخارف مفرغة. كذلك عثر على عدد من المسكوكات، وتحتفظ مؤسسة النقد السعودي بخمسة دنانير من سك دار عثر. تؤكد المادة الأثرية المكتشفة إلى الدور الكبير الذي كانت تقوم به عثر في حركة التبادل التجاري بين الجزيرة العربية وجنوب شرقي آسيا والصين وشرق إفريقيا.




    العصر العباسي:

    شهدت الجزيرة العربية خلال العصر العباسي نشاطًا استيطانيًا في مختلف أقاليمها، وازدهر اقتصادها نتيجة للعناية التي أولاها خلفاء بني العباس للجزيرة بشكل عام وللحرمين خصوصًا. وقد شهدت هذه المرحلة توسعة الحرمين الشريفين في خلافة المهدي. لكن أعظم مشاريع الدولة العباسية في الجزيرة يتمثل في إصلاح وتعمير طريق الحج الذي يربط الكوفة بمكة المكرمة بدءًا من خلافة أبي العباس السفاح، وانتهاء بالعمارة التي قامت بها السيدة زبيدة زوج الخليفة هارون الرشيد. وقد شملت هذه العمارة تحديد اتجاه الطريق، وتسوية عقباته ورصفها، وإقامة الاستراحات والقصور، وحفر الآبار، وبناء البرك والسدود على طول مساره. كما أقيمت على جنبات الطريق الأعلام والأميال لتحديد مسافاته. وقد ساهم الطريق في استقرار أعداد كبيرة من القبائل العربية في محطاته المختلفة التي تحولت خلال مدة وجيزة إلى حواضر. وأبرز تلك الحواضر: فيد، والربذة، وسميراء، والحاجر، ومعدن بني سليم، وزرود. وقد كشفت الحفريات التي تمت في موقع الربذة عن مدينة متسعة تحوي القصور والمساجد والأحياء المتعددة ؛ حيث يمتد الموقع على مساحة تبلغ حوالي 800م طولاً و500م عرضًا، كما أظهرت المنشآت المعمارية والمعثورات الأثرية غنى وتقدمًا يضع الربذة في مصاف المدن العباسية الأخرى.



    منظر عام لموقع قرية شمال تبوك بالمملكة العربية السعودية.
    يمثل النشاط التعديني في الجزيرة العربية خلال العصر العباسي أبرز اقتصادياتها ؛ حيث عني العباسيون باستغلال خامات المعادن المختلفة على نطاق واسع شمل معظم مناطق التعدين. وقد تركز نشاط العباسيين التعديني في ثلاث مناطق رئيسية ؛ في الشمال الغربي، وشمل مواقع: الخور، وأم قريات، ووادي العرجاء، وأم هراب، واللقيطة بالقرب من الوجه، وعددًا من المواقع بالقرب من المويلح أهمها: وادي حفاير، وأم عامل، وجبل شار، والحجر، وجشم خنصر، بالإضافة لمواقع: جيثوث، وقصيب الأوج، والمرمى، وتل أم هدم، وأم فقور. أما مواقع التعدين في منطقة الدرع العربي ـ إلى الشرق من المدينة ـ فتشمل : موقع النقرة الجنوبية والشمالية، وموقع الشمطاء، والكوم الغربي والشرقي، وموقع ماوان، وصبحة ومصينعة، بالإضافة إلى عدد من المواقع في المنطقة الوسطى في كل من : الدوادمي والقويعية وظلم التي تشتمل مواقعها على خنادق وكهوف التعدين وبقايا مستوطنات إسلامية ملحق بها مناطق تصنيع المعادن التي تشمل بقايا أدوات الجرش والطحن والتنقية والصهر. ووجد بالقرب من أماكن التصنيع كميات كبيرة من مخلفات التصنيع. وفي الجنوب الغربي من الجزيرة العربية عرف عدد من مواقع التعدين العباسية أبرزها مواقع التعدين في منطقة وتبالة مثل: العبلة وكتينة والمنازل والمسحة، أما في منطقة المخواة، فقد كشف عن ثلاثة مواقع هي: الدرين، ووادي الشوة، ووادي خف. وفي منطقة الباحة سجل عدد من المواقع أهمها: محوية، وحوش السلمان، والمنهل، والمسوكة، والعقيق. وتعد بيشة وعشم من أبرز مواقع التعدين في جنوب غرب الجزيرة. تؤكد انتشار هذه المواقع وكثرتها الاهتمام الكبير للدولة العباسية بهذه المعادن التي أمدت دور السك ومراكز الصناعة العباسية بما تحتاج إليه من المعادن اللازمة لسك العملة وصناعة المعادن المختلفة.



    ولم يقتصر النشاط الاستيطاني في الجزيرة العربية خلال العصر العباسي على طرق الحج ومواقع التعدين فحسب، بل شمل كذلك مراكز الاستيطان الأخرى ؛ حيث شهدت هذه المرحلة ظهور أعداد كبيرة من القرى والمدن انتشرت في كل أقاليم الجزيرة.

    تل قلعة البحرين. تقع قلعة البحرين على الساحل الشمالي لجزيرة البحرين إلى الغرب من مدينة المنامة، وهذا الموقع مساحة كبيرة يغطيها تل أثري يعود إلى عصور قديمة. أما القلعة الإسلامية، فتقع على السفح الشمالي لهذا التل في مواجهة البحر. وقد كشفت البعثة الدنماركية في الفترة من 1955 - 1956م عن الجزء الأوسط من المبنى، في حين كشفت البعثة الفرنسية التي حفرت الموقع عامي 1977 - 1978م عن جزء كبير من السور الشمالي للقلعة. تشير المادة الأثرية المكتشفة إلى أن القلعة بنيت بين القرنين الرابع والخامس الهجريين. ويعتمد مسقط المبنى على ساحة مركزية تفتح عليها وحدات المبنى المختلفة، وهي تماثل في ذلك مخططات القصور الأموية المحصنة المعروفة في بلاد الشام. استخدمت القلعة كحصن خلال سيطرة القرامطة على إقليم الأحساء، وتحولت في العصور الإسلامية المتأخرة إلى سكن عام حتى هجرت وخلت من ساكنيها في القرن السابع الهجري، ثم اتخذت مقبرة بعد هذا التاريخ. عثر أثناء أعمال الحفر على مسكوكات مصنوعة من الرصاص استخدمت لأول مرة في عهد القرامطة، كذلك عثر على مسكوكات صينية تعود إلى مملكة تانج (القرنان الأول والثاني للهجرة) ومملكة أسونك الشمالية والجنوبية (القرنان الرابع والخامس للهجرة) كما وجدت نماذج مختلفة من الخزف الصيني الذي يعود لهذه المرحلة.

    موقع العقير. يقع العقير على ساحل الخليج العربي على بعد 50كم إلى الشمال الشرقي من الهفوف. والعقير ميناء هجر ونجد، ووصفه الحربي بأنه فرضة الصين وعمان والبصرة. وقد كان العقير منبرًا لبني الرجاف من عبد القيس. وقد أصبح في القرنين الرابع والخامس الهجريين ميناء لدولة القرامطة في الأحساء. يتكون موقع العقير الأثري من عدد من التلال الأثرية تمتد على مساحة تبلغ 3كم² أهمها بقايا المنطقة السكنية التي تشير المواد الأثرية السطحية أنها تعود إلى فترة إسلامية مبكرة، أما الجزء الثاني من الموقع فهو أطلال مبنى محصن تحيط به أبراج، إضافة إلى عدد من المباني المتفرقة التي ربما كانت مساكن، أو مباني رسمية. ومن المنشآت المعمارية القائمة مبنى يسمى الخان يقع غرب الميناء، ويعتقد أنه يعود لمرحلة متأخرة من تاريخ الموقع، وكان يخدم الجانب الإداري، وتودع فيه البضائع وخصص جزء منه للسكنى.

    موقع المابيات بالعلا في المملكة العربية السعودية.
    موقع المابيات. يوجد موقع المابيات إلى الشرق من مدينة العلا وعلى مسافة 20كم تقريبًا منها. وموقع المابيات يرتبط بمدينة قرح المشهورة التي غلب عليها اسم وادي القرى خلال العصور الإسلامية المبكرة. ويذكر المقدسي أن "وادي القرى ليس بالحجاز اليوم أجل وأعمر وأكثر تجارًا وأموالاً وخيرات بعد مكة. وعليها حصن منيع على قرنته قلعة". وهذا الوصف ينطبق على موقع المابيات الذي تحف به من جهة الغرب قلعة شامخة. يمتد الموقع على مساحة كبيرة تبلغ أكثر من 600م²، ويحيط بالبلدة سور ضخم تظهر بقاياه محيطة بالموقع، وفي داخل السور تنتشر التلال الأثرية التي تمثل أحياء المدينة ومنشآتها المعمارية. وفي عام 1404هـ حُفر جزء من الموقع الأثري، وقد أظهرت نتائج الحفر جانبًا من مساكن المدينة التي كانت مشيدة بالطوب اللبن والآجر المشوي، وبلطت بعض غرفه بالآجر المزخرف، وقد أظهرت المادة الأثرية المكتشفة أنماطًا من الخزف الإسلامي الذي صنف على أنه خليط من الخزف العباسي والفاطمي، وأبرز أنماط ذلك الخزف هو من نوع البريق المعدني. كذلك عثر على صنج زجاجية ومسكوكات مختلفة، وهذه المواد تعود للفترة الإسلامية الممتدة حتى نهاية القرن السادس الهجري، وهي الفترة التي شهدت نهاية موقع المابيات.



    موقع الزبارة. تقع الزبارة على الشاطئ الشمالي الغربي لقطر، ويبعد الموقع عن مدينة الدوحة بحوالي 105كم. يمثل الموقع بقايا خرائب مدينة الزبارة الإسلامية التي يحيط بها سور من ثلاث جهات، بينما تفتح الجهة الرابعة على البحر. وقد كشفت أعمال الحفر أجزاء مختلفة من الموقع شملت جانبًا كبيرًا من سور المدينة وأبراجها، وكذلك حفر عدد من منازل المدينة التي تتميز بسعتها واحتوائها على بعض العناصر المعمارية مثل العقود والغرف التي تغطيها قبوات برميلية. اتضح من خلال المواد الأثرية أن الموقع استمر لفترة زمنية طويلة تمتد من العصر العباسي الثاني حتى بداية القرن الرابع عشر الهجري. ويتضح من خلال كبر حجم الموقع واتساعه وطول فترة استخدامه أن الزبارة كانت من الحواضر المهمة في قطر، وأنها قامت بدور كبير في الحركة التجارية في الخليج إبان تلك المراحل ويتأكد هذا من كبر المدينة التي يمتد سورها لأكثر من كيلومترين.



    قلعة المويلح بالوجة
    العصر الأيوبي والعصر المملوكي:

    تأثرت الجزيرة العربية بسقوط بغداد ونهاية الدولة العباسية ؛ حيث شهدت هذه الفترة اندثار أعداد كبيرة من حواضر الجزيرة العربية لتردي الوضع الاقتصادي للجزيرة العربية ؛ فقد هجرت مراكز التعدين والمدن التي قامت على هذا النشاط، واندثرت الأسواق والمدن التي تقوم عليها. ولم ينج من هذا الوضع سوى مدن الحجاز وتلك المدن الواقعة على مسار طرق الحج الشامية والمصرية وبعض مدن جنوب الجزيرة.



    وخلال العصرين الأيوبي والمملوكي عني السلاطين بالحرمين الشريفين وبطريق الحج المصري الذي شهد اهتمامًا كبيرًا خلال هذه المرحلة، حيث شيدت على طوله الآبار والبرك ؛ كبركة المعظم التي شيدها الملك الأيوبي شرف الدين عيسى بن الملك العادل سنة 611هـ. وتعد قلعة الأزلم التي بناها السلطان محمد بن قلاوون، ثم أعاد بناءها السلطان قانصوه الغوري سنة 916هـ، أبرز المنشآت المعمارية المملوكية على الطريق، إضافة لبركة البدع وآبار المويلح التي شيدها السلطان محمد بن قلاوون.




    العصور المتأخرة:

    تمثل الآثار المعمارية العثمانية التي شيدت في الجزيرة العربية خلال هذه الفترة أبرز المخلفات الباقية ؛ فقد عني العثمانيون بإصلاح طريق الحج الشامي، وشيدوا على طول مساره عددًا كبيرًا من القلاع والحصون أهمها قلاع: تبوك، والمعظم، وذات حاج، والحجر، وزرود بالإضافة إلى عدد كبير من البرك والآبار في معظم محطات الدرب. كذلك لقي طريق الحج المصري اهتمامًا من الخلافة العثمانية، وبنيت على الطريق أعداد من القلاع أبرزها: قلعة المويلح، والزريب بالإضافة للبرك والآبار في كل من: البدع، والوجه، ووادي عنتر، ووادي نبط. وفي الأحساء تعد قلعة إبراهيم ومسجدها من الآثار العثمانية المهمة على مستوى الجزيرة العربية.



    حي طريف بالدرعية في المملكة العربية السعودية (لقطة جوية).
    وإلى جانب تلك الآثار المشار إليها، شهدت هذه المرحلة ازدهار عدد كبير من المدن والحواضر في مناطق الجزيرة العربية المختلفة ؛ حيث شهد وسط المملكة العربية السعودية ظهور عدد من المدن المسورة التي تزامنت مع بداية الدولة السعودية الأولى حيث تعد الدرعية أهم تلك المدن، لذلك فإن آثار الدرعية الشاخصة اليوم تعد نموذجًا فريدًا لمدن الجزيرة العربية المتأخرة.



    موقع الدريحانية. تقع الدريحانية على ساحل الخليج العربي على طرف حي المعمورة في رأس الخيمة. ويتمثل الموقع في سلسلة من التلال الأثرية الممتدة على ساحل البحر بطول 5كم وعرض 250م. ويقسم الموقع إلى ثلاثة أجزاء: الأول ؛ الدريحانية في الجهة الجنوبية الغربية من الموقع ؛ والندود في الجزء الأوسط منه ؛ والمطاف الذي يقع في الطرف الشمالي الشرقي. وقد أجريت أعمال حفر في ثلاثة أماكن من الموقع ؛ ففي الجهة الجنوبية حفر تلان أظهرت نتائجها طبقات مختلفة حددت بثلاثة مستويات ؛ حيث عثر على مواد أثرية مثل: الفخار، والخزف، والزجاج. أما الحفرية التي نفذت في الجزء الشمالي الشرقي فقد كشفت عن مبنى مكون من ثلاث غرف مشيدة من الطين الممزوج بالكلس والأصداف البحرية، وعثر داخل هذه الغرف على مسكوكات وخزف صيني من نوع البورسلين والسيلادون. وقد أظهرت نتائج تلك الحفريات أن الموقع يعود لفترة حضارية واحدة ؛ حيث أكدت المسكوكات المكتشفة أن بداية الاستيطان في الموقع تعود للقرن العاشر الهجري حيث أدى الميناء دورًا في التبادلات التجارية بين المراكز التجارية في الخليج العربي والصين وجنوب شرقي آسيا.
يعمل...
X