حلا منصور
من مختلف الأعمار و المحافظات.. شباب جمعهم حبّ الموسيقى.
في قاعة تدريب صغيرة بمدينة حمص، تجتمع أصوات 40 عازف/ة ومُغنّي/ة، شكّلوا معاً كورال “شيبلا”. شبابٌ من مختلف الجغرافية السوريّة، حماسهم يبدو جليّاً من أصواتهم، بالموسيقى يحاولون البحثَ عن خيوطٍ من الفرح و الأمل لمسح غبار الحرب من ذكرياتهم.
بشكل منتظم يأتي أعضاء كورال “شيبلا” لحضور تدريباتهم، محاولين التنسيق بين تدريبهم وجامعاتهم من طرطوس ودمشق واللاذقية وحمص. متحدّينَ أزمة النقل التي أجبرتهم بعض الأحيان أن يتدرّب كلّ منهم في محافظته، ليجتمعوا أخيراً على خشبة المسرح أمام الجمهور.
استطاعَ شباب الكورال، التوفيق بين البروفات التي تتم في نادي المعلوماتية للشبيبة، وبين دوامهم الجامعي. حيث يجتمع كل أعضاء الكورال يوم السبت في تمرين جماعي، بينما ينقسمون إلى مجموعتين للتمرين خلال يومين في الأسبوع بما لا يتعارض مع جامعاتهم.
التأسيس والانطلاقة
يتحدث “علي النقري”، مؤسس كورال “شيبلا” وعضو مجلس إدارة في المشروع، عن بداية فكرة تأسيس الكورال، والتي بدأت من الشارع. ويقول: «كنّا مجموعة من الشباب طالعين من بروفا مسرحية، وما في سرافيس لنطلع فيها، كملنا طريقنا مشي ونحنا عم نغني لفيروز وماجدة الرومي. بوقتا الناس بالشارع تفاعلوا معنا وأبدوا إعجابهم، من هون طلعت الفكرة، أنّه ليش ما منأسس كورال؟» وذلك ما حدث.
في الشهر الأخير من 2022، نزل مجموعة من الشباب وعددهم 8 إلى شارع الحضارة في مدينة حمص، وأرادوا أن يغنّوا في الشارع “المسرح الأضخم” كما وصفه علي. وحصدوا تفاعلاً جميلاً من الناس آنذاك.
إلى أنّ تبنّاهم مشروع شيبلا، وهو مشروع ثقافي يضمّ دار نشر و فرقة مسرحية وأخرى للفنون الشعبيّة، إضافة للكورال. و”شيبلا” كلمة سريانية، تعني السنبلة، وهي رمز للحياة والتجدد.
يهدف المشروع لإعادة إحياء الثقافة السورية السريانيّة، ويهتم الكورال بالأغاني التراثية مستخدماً الآلات الشرقية الوترية بشكل أساسي.
شباب شيبلا
بعمر 13 عاماً، انضمّت “ساما عبد الرجب” ابنة مدينة حمص، مع كمانها إلى كورال شيبلا. الفتاة الصغيرة التي سحرتها الآلات الموسيقية منذ صغرها، وجدت في انتسابها للكورال فرصة لنموّ الحلم وصقل الموهبة. فالكورال قدّم لها دعماً وتدريباً، ويفتح أبوابه لكل المواهب الناشئة.
أما “نزار الساطع” (19 عاماً) وهو عازف ناي في كورال شيبلا، وطالب في كليّة الهندسة البترولية في جامعة البعث. يعتبر أنّ الموسيقا هي المهرب الوحيد المُتاح له من الوضع الراهن. خصوصاً وأن الكورال بالنسبة له شكّل بيئةً آمنةً تحتضتن الاختلاف والتنوع. مُبيّناً أنّ لوالده الأثر الأكبر في وجوده هنا، بعد أنّ تلقى دعمه وتشجعيه.
من جهتها رند علي (21 عاماً) عازفة غيتار، وطالبة طب أسنان في جامعة البعث. تشير لسناك سوري أن الجمع بين دراستها في الجامعة والعزف وحضور البروفات هو تعب جميل ويستحق. وتعتبر وأنّ الوقت الذي تقضيه في العزف ليسَ وقتاً ضائعاً.
وأضافت: «تربية طفل على سماع الموسيقى أمر يهذّب الطاقة الموجودة عنده.. وبعتقد لما يكبر رح يشكر أهله على هاد الغرس.. متل ما أنا بشكر أهلي اليوم لأني هون».
أقام كورال شيبلا حفلتان موسيقيتان منذ انطلاقته الرسمية في 4 أيلول الجاري. الأولى كانت في خان القيصيرية التراثي في مدينة حمص، والثانية على مسرح دار الثقافة ولاقت اقبالاً واسعاً من الناس. ويسعى في قادم الأيام لتسجيل أغنيات خاصة بالكورال، من تأليف وتلحين أعضائه.
حلمٌ واحدٌ أجمعَ عليه شباب الكورال، هو الوصول لأهمّ المسارح ونحو مراكز الفنون والجامعات، وأن يكون اجتماعهم من مختلف الجغرافية السورية انعكاساً لحقيقة التنوع في البلاد، وإثراءً للمشهد الموسيقي فيها.