في الـ26 من نوفمبر ستنطلق المركبة الفضائيّة (إنسايت لاندر – InSight Lander) – التابعة لوكالة الفضاء الأمريكيّة ناسا – من خلال الغلاف الجويّ للمريخ وستحاول إنزال المركبة برفقٍ على سطح الكوكب الأحمر في وقتٍ أقلّ ممّا تحتاجه لسلق بيضة.
قام فريق مهمة إنسايت المختصّ باختراق وإنزال (EDL) المركبة “لاندر” – الموجود في مختبر الدفع النفّاث التابع لناسا في باسادينا بولاية كاليفورنيا – بالتعاون مع فريق لوكهيد مارتن في دنفر، لبرمجةٍ مسبقةٍ للمركبة الفضائيّة بهدف تنفيذ سلسلةٍ محددةٍ من الأنشطة وجعل ذلك ممكنًا.
تفاصيل المهمة
مهمة إنسايت هي جزء من برنامج استكشاف ناسا والتي ستعتمد على التقنيات المجرّبة، والتي استُخدِمَت في مهمة المريخ السابقة (فينكس – Phoenix) التابعة لوكالة ناسا. كما ستُرسَل المركبة لاند إلى سطح المريخ وستقضي عامَين في استكشاف المناطق الداخليّة العميقة من المريخ، ودراسة العمليّات التي شكّلت الكوكب الأحمر، بالإضافة إلى الكواكب الصخريّة في جميع أنحاء النظام الشمسيّ الداخليّ.
لكنّ إنسايت هي أكثر من مهمة للمريخ، إنّها مستكشِفة الكواكب الصخريّة التي ستعالج واحدةً من أهمّ القضايا الأساسيّة لعلم الكواكب وعلم النظام الشمسيّ، من خلال فهم العمليّات التي شكّلت الكواكب الصخريّة للنظام الشمسيّ الداخليّ – بما في ذلك الأرض – قبل أكثر من أربعة مليارات سنة.
سوف تتعمق إنسايت لاندر عميقًا تحت سطح المريخ – بواسطة استخدام الأدوات الجيوفيزيائيّة المتطورة – وتكشف عن بصمات عمليات تكوين الكوكب الصخريّ، وكذلك قياس المؤشّرات الحيويّة للكوكب، مثل النبضات الزلازليّة، ودرجة الحرارة – عن طريق مسبار تدفّق الحرارة -، وردود الأفعال – الطريقة التي يتذبذب بها الكوكب عند سحبه من الشمس وأقماره (من خلال المتتبع الدقيق) -.
قامت البعثات السابقة إلى المريخ بالتحقيق في تاريخ سطح الكوكب الأحمر من خلال فحص عدّة ملامح، مثل الأخاديد، والبراكين، والصخور، والتربة، لكن لم يحاول أحد التحقق من أقدم نشوءٍ للكوكب – كوحدات البناء الأساسيّة التي لا يمكن العثور عليها إلّا من خلال النظر بعيدًا تحت السطح -.
ونظرًا لأنّ المريخ كان أقلّ نشاطًا من الناحية الجيولوجيّة مقارنةً مع الأرض – على سبيل المثال لم يحتوي على تكتونيّة صفائح -، فإنّه يحتفظ فعليًا بسجلٍ أكثر اكتمالًا لتاريخه في وحدات البناء الأساسيّة الخاصّة به: وهي اللّب، والغطاء، والقشرة.
من خلال دراسة حجم، وسمك، وكثافة، والهيكل العام لنواة الكوكب الأحمر والغطاء والقشرة، بالإضافة إلى معدّل تسرّب الحرارة من باطن الكوكب، ستزوّدنا مهمة إنسايت بلمحاتٍ عن العمليّات التكوينيّة لكلّ الكواكب الصخريّة في النظام الشمسيّ الداخليّ.
من حيث العمليات الأساسيّة التي تساهم في تكوين الكواكب، المريخ هو الكوكب المناسب الصحيح، وهذا يعود لكونه كبيرًا بما يكفي حتّى يكون قد خضع لعمليّات التسخين الداخليّ والفصل المبكّر – فصل القشرة والغطاء واللّب – التي شكّلت الكواكب الصخريّة، مثل الأرض والزهرة وعطارد والقمر، لكنّه كذلك صغيرٌ بما يكفي لاحتفاظه ببصمة تلك العمليّات خلال الأربعة مليارات سنة التي مرّت.
قد يحتوي المريخ على السجل الأكثر عمقًا ودقّة في النظام الشمسيّ لهذه العمليّات ضمن المخططات الهيكليّة الخاصّة به.
ستتبّع مهمة إنسايت مهمة المريخ فينيكس التابعة لناسا وترسل المركبة لاندر التي ستتعمق بدورها في السطح – أكثر من أيّ مركبة فضائيّة أخرى انطلقت إلى المريخ – للتحقيق في بنية الكوكب وتكوينه، بالإضافة إلى نشاطه التكتونيّ، طالمًا أنّه مرتبط بكلّ الكواكب الصخريّة بما في ذلك الأرض.
الأهداف
تسعى مهمة إنسايت إلى فهم التكوين التطوريّ للكواكب الصخريّة بما في ذلك الأرض، من خلال البحث في البنية الداخليّة وعمليات تشكّل المريخ. كما ستبحث مهمة إنسايت في ديناميكا النشاط التكتونيّ المريخيّ وتأثيرات النيازك، والتي من الممكن أن تقدّم أدلّة حول ظواهر مشابهة على الأرض.
كما ستُزوَّد المركبة لاندر بأداتين علميتين واللتان ستُجريان أوّل فحصٍ للمريخ منذ أكثر من 4.5 مليار سنة، وستقيسان النبضات الزلازليّة، أو نشاطه الداخليّ ودرجة حرارته وردود الأفعال – الطريقة التي يتذبذب بها الكوكب عند سحبه من الشمس وأقماره -. من خلال تفسير هذه البيانات سيتمكّن العلماء من فهم تاريخ الكوكب، بهيكله الداخليّ ونشاطه، والقوى التي ساهمت في تشكيل كوكبٍ صخريّ في النظام الشمسيّ الداخليّ.