رحلة كاسيني الوداعية إلى حلقات زحل بينت حزاما ممطرا غريبا ومفاجئات أخرى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رحلة كاسيني الوداعية إلى حلقات زحل بينت حزاما ممطرا غريبا ومفاجئات أخرى



    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Ultra-Close-Orbits-of-Saturn-384x253.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	14.1 كيلوبايت 
الهوية:	163674


    يبدو الفراغ بين كوكب زحل وحلقاته مجرد فضاء هادئ لمن ينظر إليه عن بعد.

    ولكن في 11 ورقة بحثية جديدة، اعتمدت على بيانات من مهمة كاسيني الوداعية، دمّر العلماء هذه الأوهام كاشفين عن مجموعة من الظواهر الغريبة التي تتراقص في هذا الفراغ.

    هذه الأبحاث المنشورة في اثنتين من أهم المجلات العالمية هي مستهل الأبحاث التي ستعتمد على البيانات التي جمعتها مركبة كاسيني في مهمتها الأخيرة التي أسمتها ناسا «النهاية العظيمة» أو «Grand Finale».

    والتي تضمّنت سلسلة من المناورات الجريئة تنقلت خلالها كاسيني بين زحل وحلقاته.

    فلو أخذنا هذه الأوراق البحثية مجتمعة، بإمكاننا رسم صورة واضحة لما يحصل بين زحل وحلقاته مثل تيار كهربائي مصدره دوران الكوكب حول نفسه، وحزام ممطر بطريقة غريبة.

    «لقد فكرنا بالفعل في هذا الأمر على أنه فجوة» هذا ما أدلت به ليندا سبيلكر، العالمة المشاركة في الإشراف على بعثة كاسيني في وكالة ناسا، لموقع Space.com واصفةً المنطقة بين زحل وحلقاته، وأضافت أن الفريق المشرف كان متفائلًا بشأن ما يمكن أنْ تتعلمه كاسيني أثناء عملية «النهاية العظيمة»، ولكنّ العملية انتهت بإنتاج ما أسمته سيبلكر «عائد علمي أكثر ثراء بكثير مما نتخيل»، بل يمكن مقارنتها بمهمة مستقلّة.

    أمضت كاسيني ما يقارب 13 عامًا في دراسة كوكب زحل وأقماره.

    ولكن عندما شارف وقودها على الانتهاء قام العلماء المشرفون على مهمّتها بتصميم مسار شجاع جدًّا لتسلكه كاسيني عابرةً حلقات زحل لتحترق في غلافه الجوي العلوي.

    هذا الاحتراق سيضمن عدم انتقال الميكروبات الأرضية التي قد تكون كاسيني قد التقطتها إلى أيّ من أقمار زحل المُرشّحة لاستضافة الحياة.

    ولكن «النهاية العظيمة» سمحت أيضًا للعلماء باستخراج بعض البيانات من الأجهزة على متن كاسيني، ودفعت المركبة الفضائية إلى أبعد مما اعتقد العلماء المشرفون عليها، حيث أنّ كاسيني وأجهزتها لم تُصمّم لإنجاز مثل هذا العمل الرائع.

    بل أنّ بعض العلماء اجتمعوا عند أول «غطسة» لكاسيني في حلقات زحل، متسائلين عمّا إذا كانت المركبة الفضائية ستصمد فترة كافية حتى تبدأ «النهاية العظيمة».

    سبيلكر وغيرها من العلماء يقولون إنّ تحليل البيانات التي أرسلتها كاسيني ما يزال في بدايته، إذْ صرحت سبيلكر: «إنك تنظر أساسًا إلى تدفق البيانات التي تعود من كاسيني في السنوات الـ 13 الماضية، وفي الحقيقة قمنا بانتزاع القشرة عن قمة البيانات».

    وقد ساعد هذا العملُ العلماءَ على البدء في فهم الظواهر الفردية التي تحدث في زحل.

    لكن في هذه الأثناء ، إليك نظرة خاطفة على ما تعلمه العلماء بالفعل عن الكوكب ذي الحلقات..
    إنها تمطر، إنها تتدفّق..


    اكتشاف جديد حُقّق باستخدام أحد الأجهزة، جعل العلماء في الفريق يعتقدون في البداية أنه يجب أن يكون هناك خطأ ما.
    هذا الجهاز، الذي يُسمّى « Ion and Neutral Mass Spectrometer» أو« INMS» ، يمكنه أنْ يكشف التركيب الكيميائي للمواد التي يمسك بها.

    «منذ بداية المهمة، كان هناك الكثير من الحديث حول نتائج دراسات INMS» هذا ما قالته بوني مينك، لموقع Space.com، العالمة المهتمة بكوكب زحل في معهد «Space Telescope Science Institute»، وهي لم تشارك في أيّ من الأبحاث الجديدة..

    وأضافت مينك: «للوهلة الأولى، فهو نوع من الأشياء التي لا تصدّقها تقريبًا، وبكونك عالِمًا، يجب أن تقوم بشيء ما للتحقق».

    كان لجهاز INMS سجل جيد ، حيث استُخدم في وقت سابق من البعثة، عندما استكشفت كاسيني بعض أقمار زحل مثل تيتان وإنسيلادوس.

    وفي هذا السياق ، قالت ريبيكا بيريمان ،الباحثة في المعهد الجنوبي الغربي للأبحاث والتي أشرفت على استخدامات جهاز INMS في هذه المهمة لموقع Space.com: «بعد ذلك، وجهناها نحو زحل وجعلناه نجم هذا الجزء الأخير من المهمة، لقد قمنا بالكثير من العمل للحصول على ما كنا قد خططنا له مسبقًا، إذْ كنا واثقين بأن INMS سيكون قادرًا على الحصول على بعض النتائج الرائعة عندما تبدأ كاسيني الغوصَ في الغلاف الجوي لكوكب زحل».

    لقد توقع العلماء أن تكون النتائج التي سيسجلها جهاز INMS مجرد قياس لنسبة عنصريّ الهيدروجين والهيليوم في ما أسموه « ring rain»، وهو ما يمكن ترجمته بحلقة المطر أو الحلقة الماطرة، وهي عبارة عن حبيبات صغيرة تتجه من الحلقات الداخلية للكوكب نحو غلافه الجوي العلوي ويمكن مقارنة حجمها بقطرات المطر.

    لكن الواضح أنهم وجدوه أكثر إثارة مما توقعوا، فيبدو أنّ هذه القطرات تحتوي على أول أكسيد الكربون والميثان والنيتروجين إلى جانب الهيدروجين والهيليوم.
    جاذبية الكوكب المغناطيسية:


    كانت كاسيني مهيّأة أيضًا لحساب الحقل المغناطيسي لكوكب زحل، رغم أنّ العلماء كانوا قد درسوا الحقل المغناطيسي للكوكب، ولكن بشكل مقتضب خلال مرور مركبات بيونيرو فوييجر، ولكن كاسيني اقتربت بهم إلى هذا الحقل أكثر من أي وقت مضى من خلال النهاية العظيمة.

    والقياسات التي جمعتها كاسيني خلال دورانها القريب من الكوكب أعطت العلماء معلومات جديدة مذهلة، إذْ أيقنوا بالفعل أنّ الحقل المغنطيسي لكوكب زحل يصطف بشكل جيد نوعًا ما مع المحور الذي يدور حوله الكوكب، فمن المعروف أنّ الحقول المغناطيسية وبحكم التعريف تنشأ نتيجة (الدوران- spin)، ولكن يُظهر تحليل جديد لبيانات «النهاية العظيمة» أنّ هذا الاصطفاف أكثر كمالية مما توقعه العلماء.

    وهذا يعني أنّ هناك شيئًا غريبًا، وعلى العلماء العودة إلى بيانات النهاية العظيمة لتفسيره حسب ما قالت ميشيل دوجيرتي، الفيزيائية في جامعة إمبريال كوليدج اللندنية، وأحد المشاركين الرئيسيين في الأبحاث المذكورة لموقع Space.com.

    وتعتقد دوجيرتي وزملاؤها أنه قد يكون هناك شيء يحجب نظر العلماء عن القلب المغناطيسي الحقيقي لزحل، ما يخلق الوهم من محاذاة شبه مثالية بين دوران الكوكب وحقله المغناطيسي، ويكبح نظرياتهم.

    إذْ قالت: «لم نحصل على الجواب بعد لكن أيًّا كان الجواب الذي سنصل إليه، سيغيّر حقًّا من فهم الناس للهياكل الداخلية للكواكب».

    وإلى أن يقوموا بتحليل البيانات، لن يتمكن العلماء من قياس الوقت الذي يستغرقه زحل في الدوران حول نفسه بالدقة اللازمة.

    فأضافت دوجيرتي: «إنّه لشيء محرج بعض الشيء، فقد كنا في مدارنا هناك لمدة 13 عام وما زلنا لا نستطيع تحديد مدة يوم على كوكب زحل».

    ومع عدم وجود معالم يسهل تتبّعها على سطح صلب أو مجال مغناطيسي قوي، يُقدّر العلماء أنّ اليوم على زحل يبلغ حوالي 10,7ساعة فقط.

    كان البحث عن قلب الحقل المغناطيسي مشوّشًا جزئيًا بمفاجأة أخرى كامنة في البيانات المغناطيسية -ظاهرة جديدة أنتجها تفاعل هذا المجال المغناطيسي مع مجموعات من الرياح تتدفّق بمعدلات مختلفة في الغلاف الجوي العلويّ لزحل- وهي عبارة عن تيار كهربائي يتماوج في طبقة من الغلاف الجوي تسمى (الغلاف الحراري – thermosphere).
    وها هي كيفيّة عملها..


    تلتف حول زحل حزمٌ من الرياح، طبعًا الرياح على خط الاستواء أسرع وتلك التي في الشمال والجنوب أبطأ.

    وعندما يكون هناك بنية من الحقول المغناطيسية تصطفّ بحيث تكون إحدى النهايتين في النطاق الاستوائي والأخرى ليست كذلك، فإن الريح الاستوائية تقترب من جسيمات البلازما المشحونة حولها، والتي بدورها تحرف خط المجال المغنطيسي.

    وقاست كاسيني قوة هذا التيار الكهربائي ليتبين أنّ طاقته تعادل طاقة 200 معمل أرضي كبير لتوليد الكهرباء مجتمعة.

    كتأثير جانبي، يُنتج هذا التيار أيضًا حرارةً في الجو المحيط به، ما قد يساعد في تفسير غموض قديم حول زحل.

    قال كريشان كورانا، عالم في المجال المغناطيسي في جامعة كاليفورنيا ، لوس أنجلوس لموقع Space.com: «إحدى ألغاز الغلاف الشمسي في كوكب زحل هو أنه أكثر حرارة من المتوقع، وتوفّر ظاهرة التيار الكهربائي هذه جزءًا من الإجابة».

    ومع أن زحل هو النجم هنا، فإن النتائج قد تفسر غموضا آخر في النظام الشمسي.

    وأضاف كورانا: «جو كوكب المشتري شديد الاضطراب، ولذا فإذا طُبّقت نفس الظاهرة على الحقل المغناطيسي لكوكب المشتري ستخلق تيارات كبيرة جدًّا وتسخن الغلاف الحراري بسرعة كبيرة».

    ويشمل هذا النقطة الحمراء العظيمة، العاصفة الضخمة التي تشبه سمكة نصف الكرة الجنوبي في كوكب المشتري.
    النهاية العظيمة ليست النهاية..


    هذه مجرد عينة من الأبحاث المنشورة الآن، وهي بدورها مجرد بداية لطوفان من المقالات العلمية الذي سينتج في نهاية المطاف عن النهاية العظيمة.

    إذْ ركزت إحدى الأوراق البحثية على منطقة في الغلاف الجوي لكوكب زحل تُصدر موجات راديوية شفقية لمحاولة فهم كيفية إنتاج موجات الراديو هذه.

    وفي ورقة أخرى، رصد فريق من الباحثين حزامًا إشعاعيًّا توقع العلماء وجوده منذ فترة طويلة، ولكن لم يُرصد أو يُقَس عمليًّا من قبل، ويقع في الغلاف الجوي العلوي لزحل حيث الحلقة الأقرب.

    وهذا يعني أن لا علاقة لهذا الحزام بالغلاف المغناطيسي الرئيسي لكوكب زحل.

    وتبين دراسة أخرى لهذا الحزام الإشعاعي أنه وبسبب تداخل الحلقات الضخمة، قد يكون هذا الحزام الإشعاعي ضعيفًا إلى حدٍّ ما مقارنةً بهياكل أُخرى مشابهة.

    قامت أداة مختلفة على متن كاسيني بقياس كثافة الإلكترونات في الأيونوسفير لزحل، وبينت وجود طبقتين منفصلتين، ففي الطبقة السفلية تتواجد الجسيمات المشحونة وغير المشحونة بوفرة حول خط الاستواء؛ بينما تحتوي الطبقة العليا على مجموعة قليلة جدًّا من الجسيمات الصغيرة المشحونة.

    أما جهاز INMS الذي ذكرنا سابقًا أنه ساعد في تحديد العديد من المُركّبات الكيميائية الغريبة فيما يُسمى بـ «حلقة المطر»، سمح للعلماء بحساب درجات الحرارة التقريبية لطبقة الغلاف الجوي التي كانت كاسيني تعبُرها.

    وقد تراوحت درجات الحرارة بين 150 و 200 درجة فهرنهايت (67 إلى 97 درجة مئوية).

    هناك ورقتان أيضًا لم تكونا جاهزتين للنشر، تُسلّطان الضوء على موضوعات كالأقمار الصغيرة في حلقات زحل ومستويات الجاذبية للكوكب العملاق.

    ومن ثمّ، هناك الكثير من الاكتشافات التي يمكن إجراؤها مع استمرار العلماء في قراءة وتحليل بيانات النهاية العظيمة وبقية عمليات بعثة كاسيني.

    أضاف مينك وهو عالم متخصص بدراسة كوكب زحل ومن غير المشاركين بأيّ من الأبحاث الجديدة: «أعتقد أنها فترة مثيرة حقًّا، فبعد 13 عامًا من بعثة كاسيني، كانت النهاية العظيمة هي الأكثر إثارة، لقد جعلتنا نرغب في العودة، وعلّمتنا أكثر مما اعتقدنا أنّنا سنتعلم».
يعمل...
X