الأخوان أيضا قبر الحلاج المتوفى ۳۰۹هـ . وتتناقل الروايات في هذه المرحلة كيف عرض عليه الرفاعي والجيلاني صاحبا مفاتيح البلاد، أن يقاسماه اياها ، ولكنه أعرض عنهما قائلا أنه لا يقبل تلك المفاتيح الا من الفتاح وبعد ذلك بعام رأى أحمد رؤيا سافر بعدها الى طنطا / بمصر حيث بقي فيها حتى وفاته .
وتلونت حياة أحمد في طنطا بآخر ألوانها وأروعها، وقد وصفت تلك الحياة على الوجه الاتي ( فصعد الى سطح غرفته في احدى الدور الخاصة) وكان طول نهاره وليله قائما شاخصا بيصره الى السماء وقد انقلب سواد عينيه بحمرة تتوقد كالجمر ، وكان يمكث الأربعين يوما وأكثر لا يأكـل ولا يشرب ولا ينام .
لقي في طنطا وماجاورها مریدین، كما واجه خصوما فيها، وقـ دفعته حاجته الى مداواة عينيه الى الاتصال بـ / عبد العال / الذي غدا تلميذه بعد ذلك ، فخليفته ، وقد أخملت شهرة أحمد منذ وصوله طنطا / شهرة كل من كان فيها من الأولياء فبعضهم لم يحتمله وهاجر من طنطا والبعض الآخر استجاب ودخل تحت لوائه، ويقال أن معاصره الملك الظاهـ / بيبرس كان يقدسه وأنه قبل قدميه ولمّا كان تلاميذه قد اعتـــــــادوا المكوث فوق السطح معه فقد سموا لذلك بـ / السطوحية / أو أصحاب السطح وكان يقوم الليل على تلاوة القرآن كما كان يأتم بـه امـامـان في الصلاة أما فيما يتعلق بحاله فقد قيل ان حضوره أكثر من غيابه) ، وبعد أن عاش في طنطا ، على هذا المنوال احدى وأربعين سنة توفي في الثاني عشر من ربيع الأول ٦٧٥هـ = ٢٤ آب ١٢٧٦م/ .
تعاليمه نجد أكثرها في //الوصايا / التي وجهها بخاصة الـى مريده عبد العال، ثمّ خليفته من بعده، وأول هذه الوصايا ما يحث على التمسك بالقرآن والسنة وهو يمتدح قيام الليل تعبدا ويقول : ( ان ركعة واحدة في الليل تعدل ألف ركعة في النهار ) ( وهو ينزل الذكر منزلة كبيرة على أن يكون ذلك بالقلب، وأقصى ثمار الذكر الوجد والايمان هو أثمن شـ وأكثر الناس ايمانا أتقاهم) .
أما تعاليمه الخلقية : فمنها ( لا تشمت بمصيبة أحد من خلق الله تعالى) . ولا تنطق بغيبة ولانميمة ولا تؤذ من يؤذيك، فاعف عمن ظلمك واعط مـــــــن حرك( ومنها أيضا اياك وحب الدنيا فانه يفسد العمل الصالح كما يفـــــــد الخل العسل)، وأتباعه يرون أن الشيخ في قومه كالنبي في أ أمته، وقد أسمو علمة المتصوفة (القوم) بينما أطلقوا على غيرهم من الناس (الخلق ) ، ومن جملة وصاياه الى تلميذه عبد المتعال .
(يا عبد المتعال : ان الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه له راية حمراء يمشي تحتها المهاجرون والانصار في الغزوات باشارة رسول الله صلعم / وقد اخترت هذه الراية لنفس وبعد مماتي فهي علامة لمن يمشي على طريقتنا (۱)..
بعد وفاة أحمد خلفه تلميذه عبد العال الذي لازمه منذ طفولت أربعين عاما، وحمل آثاره وهو البشت الأحمر - ولثامة وعلمه الأحمر وابتنى / خلوة / حول قبره : صارت على مر الأيام مسجدا كبيرا . كان صارما مع أتباعه وهو الذي رتب شعائر الطريقة قبل أن يتوفى سنة ۷۳۳هـ = ۳۳/۱۲۳۲ م. وانتشر أتباع البدوي في جميع أرجاء مصر - و . وعرفوا بـ / الأحمدية وشارتهم البشت (۱) الأحمر، وانقسموا الى فروع : هي البيومية وأولاد نوح، والشعبية، والشناوية ، ومن هذا الفرع الأخير ورد الى حمى في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الشيخ محمد بن علي الشتاوي، وهو أول من أدخ ل الطريقة الأحمدية الى حمص فكيف كان ذلك ؟؟؟ .
يذكر الشيخ سعد الدين الجباوي في مخطوطه (مسامرة الجليس ـ تاريخ السيارة – بالخميس ) . انه في العام ١٢٨٢هـ = ١٨٦٥م. جاء الشيخ محمد ابن علي الشناوي، ومعه الطريقة الأحمدية الى حمى، ونزل في بداية الأمر في جامع الأربعين ثم انتقل الى جوار مسجد / عبدالله بن مسعود / في حي باب هود وسكن البيت الذي كان سكنه من بعده الشيخ طاهر الرئيس رحمه الله الى الشرق من المدرسة المسعودية الخاصة حاليا . وطلع بالسيارة يوم الجمعة بعد بني خمو، ص ٤٠ من المخطوط .
ويذكر أتباعه في حمص سبب مجيئه اليها ، وهو أنه رأى في المنام السيد أحمد البدوي يأمره بالذهاب اليها . فأتى اليها ونشر الطريقة الأحمدية فيها. وقد خلفه من بعده الشيخ خالد بن ابراهيم السقا، وعن خالد أخذ الشيخ حامد الطيارة وهو جد الأستاذ المحامي مصباح طيارة وخلف الشيخ حامــــــــد المتوفی ۱۹۳۱ ، ابنه محمد ناجي وعنه تخلف دفعة واحدة كل من الشيخ أحمد عبد المنعم والشيخ يحيى الأسود والشيخ حمدي شلار، والشيخ عبد الهادي أبو اللبن .
ونتيجة لذلك وجدت الفروع التالية للطريقة الأحمدية في حمص، فرع عبد المنعم ، وآل الأسود ، باب هود ، وآل شلار - باب الدريب ، الذين كانوا يشاركون بمواكب خميس المشايخ في الحقبة بين الحربين وما بعد الحرب العالمية الثانية، ولابد من الاشارة هنا الى أن الشيخة المنلاوية التـ كانت تقيم الأذكار في حي الأربعين ثم انتقلت الى حي القرابيم الثلاثينات من هذا القرن، وكان يأتى الى زاويتها في بيتها نساء مــــــن مختلف أحياء المدينة واسمها ، كما ورد في اجازتها التي منحها لها الشيخ حامد الطيارة بدوية بنت الحاج علي بن المنلا عثمان من أهالي حمص . وجاء في نص الاجازة : ( فأجزتها بما أجازنی به شیخی وأن تلبـ الخرقة الشريفة المحمدية - الأحمدية بالاخلاص وصدق النية، وأن تجـ وتجلس على السجادة وتقتدي في ذلك بأهل الزهد والورع ، والعبادة وأن يشال العلم الأحمدي على رأسها لتعرف في ذلك - في يومها وأسها، وأن تأخذ العهود وتجود بالموجود، وتشد النقبا وتزور أضرحة الأولياء الصالحين ... وأن تفتح مجالس الذكر في كل محل ارادته ولا أحد يتعارض لها ) - والاجازة مؤرخة في جمادى الثانية ١٣٤١هـ - شباط ۱۹۲۳م .
٦ - الطريقة الخلوتية :
یری السيد / على مبارك المتوفى /۱۸۹۳م في الخطط التوفيقي أن الخلوتية منسوبة الى السيد / المصطفى البكري / ويرى الدكتور توفيــــــــق الطويل: ( والراجح أنه غير صحيح، فالطريقة الخلوتية كانت قائمة في مصر قبل مصطفى البكري، وكان زعيمها في مستهل العصر العثماني/ دمرداش (۱۱) المحمدي وتلاه تلميذه محمد كريم الخلوتي .
اشتقت هذه التسمية من الخلوة، ولم يكن لاتباعها من علم أو زي يميزهم سوى لبسهم التاج وهي طريقة فارسية الأصل ترد في سندها الى أبي النجيب السهروردي ، ويعد مؤسسها الحقيقي ابن أخيه أبا حفص عمر السهروردي وكانت الخلوة من لوازم هذه الطريقة وهى الخلوة السرية للتفرد باللــه فـي الذكر في مكان طاهر والأفضل أن يكون مسجد الجماعة، وأن ينوي المريد الاعتكاف والصوم، وكانت عادة هذه الطريقة أن لا تنصب خليفة الشيخها الا أجنبيا عنه لأن النبي اختار الصديق للخلافة مع كونه أجنبيا عنه في وجود عمه العباس وابن عمه وصهره علي بن أبي طالب(۱) وقد وجدت الخلوتية البكرية المصلحة على يد مصطفى البكري وهو مصطفی بن کمال الدين الخلوتي الحنفي / ١٦۸۸ ١٧٤٩ / ٠ وهو شاعر صوفي ولد في دمشق ومات في القاهرة، زار القدس وحلب وبغداد والقسطنطينية أكثر من مرة وحج مرتين له عدة كتب يصف فيها رحلاته وعدة رسائل صغيرة فـ التصوف مثل / منظومة الاستغفار / واليه تنسب الخلوتية البكرية المصلحة ثم بعد وفاته خلفه ابنه كمال وأخذ الطريقة عن كمال السيد عمــــ (۲) اليافي ــة . وهذا عمر اليافي هو الذي أدخل الطريقة الخلوتية البكريـ أي المصلحة الى حمص سنة ١٢٢٠هـ = ١٨٠٥م . ومن تلامذته الأول حمص شاعر الشام ومصر في عصره - الشاعر :النابغة أمين الجندي بن خالد ابن محمد / ١١٨٠ - ١٢٥٧ هـ / ١٧٦٦ م - ١٨٤١م/ .
وقد أخذ العهد عليه ولقنه الذكر شيخه عمر اليافي عند ضريح خالد بن الوليد، وذكر ذلك في القصيدة التي رثاه بها ۱۲۳۲هـ مؤرخـــــــا وفاته ومطلعها :
تعليق