نشأة الطريقة الرفاعية في حمص :
في مخطوط محمد المكي بن الخانقاه الذي حققه السيد عمر نجيب العمر ويتضمن أحداث السنوات ( ۱۱۰۰ - ١١٣٥هـ = ١٦٨٨ ١٧٢٢م) في حمص لا نجد ذكرا للطريقة الرفاعية، ولكنه يذكر في أحداث / ۱۱۲۲هـ : طلعت المشايخ الجندلية وفقراهم الى سيدنا خالد وطلع الشيخ عبد القدوس الى جهة العاصي، ونزلوا بعد العصر، فالجندلية راحوا الى عند جعفر الطبار، رضي الله عنه، وعبد القدوس نزل الى المدينة ولم يذكر الطريقة التي ينتمي البها الشيخ عبد القدوس، كما لم يذكر اسم / شيخ الجندلية / ، ولكن محقق الكتاب شرح كلمة الجندلية في الحاشية رقم / ٢٥٦ / بأنهم أتباع الطريقة السعدية الجباوية التي تنسب الى سعد الدين الجبـاوي ، مؤسس الطريقة ، وهذا غلط لان من المعروف في حمص أن الجندلية على الطريقة الرفاعية، وليسوا أتباع الطريقة السعدية .
أقدم من يصل اليه علمنا من مشايخ الرفاعية في حمص هو : الشيخ أحمـ الكيالي الرفاعي الشهير بـ / السواح الثاني المولود بقرية واسط بالعـ راق ١٧٢٥م ونزيل حمص / ١١٨٣هـ = ١٧٦٤م، تزوج في حمص بامرأة صالحة، وسافر الى الاستانة زمن السلطان العثماني مصطفى الثالث ١٧٥٧-١٧٧٤م. فمنحه السلطان //٣٩٥/ دونما ومزرعة من أراضي قرية / مودان / (۳) وصدرت ارادة سلطانية باعفاء أسرته من الأموال الأميرية بموجب فرمان محفوظ لديها ، وعند احتلال ابراهیم باشا سورية أبقى مضمون الفرمان ساريا وحفظ للأسـ رة امتیازاتها ، فالى الشيخ أحمد الكيال الرفاعي يعود الفضل في تأسيس الطريقة الرفاعية في حمص ونشرها فيها .
كان للطريقة الرفاعية في حمص أواخر القرن التاسع عشر زاوية تقع عند موقع باب السباع / ، في السفح الشرقي للقلعة بناها السيد أحمد الرفاعي حفيد دفين مودان ، ووالد الشيخ سليمان الذي أرخ بناءها بثلاثة أبيات من الشعر :
يرجــو فـوزا بالنبي التاريخ فضلا بالرفاعي = ١٣٠٥هـ = ۸۸/۱۸۸۷م، فاذا أضفنا اليها التاركاه / الرفاعية في باب الدريب وداركـاه بيت الأديب في ظهر المغارة وزاوية الشيخ حمام جنوبي باب هود يكون للطريقة الرفاعية أربع زوايا هدمت احداها في باب السباع وتحولت الباقيات الى عقارات : ، دارین و مستودع .
فروعها : أقدم فروعها الجندلية، ويرى الشيخ سعد الدين الجباوي في مخطوطة ( مسامرة الجليس في تاريخ (الخميس) بأن الجنادلة جاءوا الى حمص من قرية / معرة بني الرفاعي ، وأقاربهم بنو جندل لم يزالوا هناك حتى الشيخ جندل أخذ الطريق منذ سبعين سنة من أحد أقاربه وتوطنوا بحمص / ٢٣ / أما فرع بيت الأديب فيذكر عنه (جاء الشيخ على الأديب من شمال وبيده اجازة رفاعية وادعى الشرف قدم حمص ١٢٢٥ تقريبا وأخذ طريقة متابعة الجنادلة ثم توفي ودفن في زاويته، وأعقب الشيخ أرسلان ، وكان يتسم بالعلم والذكاء والمداعبة ص ٢٥/ ثم يقول في الصفحة / ٢٧/ فالشيخ رسلان ذهب الى الاستانة وأوصى أولاده: أنتم لا تماثلوا تلك المشايخ وفتح الله عليه بالاستانة من الأموال ثم من بعده الشيخ محمد سعيد توطن بالاستانة، واستحصل على عمارة الزاوية وتركوا السيارة بتاتا ) أي لم يشاركوا في مواكب خميس المشايخ، وبعده جاء الشيخ شريف، من أولاد السواح دفين قرية مودان / ۰۰۰ جاء من مودان وسكن حمص، وصار في كل سنة، من بعد مرور المشايخ يطلع بثلاث نوبات وثلاثة صناجق يمر على بابا عمرو / ويذهب الى مودان ص / ۲۷/ وفي عام ١٣٠٥هـ = ۱۸۸۷م/ ۸۸ طلع بالسيارة الشيخ أحمد حمام كان قاطنا / بدوما / من أعمال دمشق وأخذ الطريقة عن شيوخها وحضـر الى حمص ص / ٤١ / ومعه اجازته من شيخه أحمد بن سويد الرفاعي كمـــــا ورد في تسلسل طريقته المؤرخة ١٢٨٢هـ = ٦٦/١٨٦٥م. وهـو ( أحمد أبو الشعر بن ابراهيم حمام / .
وهنا لابد لنا من الكلام على أبرز مشايخ هذه الطريقة من الناحية الثقافية، وهو الشيخ سليمان الكيالي: المعروف بالشيخ الأعرج لدى معاصريـــــه أحمد الكيالي لعرج في ساقه وهو : سليمان هبة الله أحمد بن سليمان بن الرفاعي الشهير بـ / السواح الثاني / دفين قرية / مودان / كما مر بنا سابقا . ولد الشيخ سليمان ١٢٦٣هـ = ٤٧/١٨٤٦م، في حمص ، نشأ بحجر والده وتلقى عنه العلوم الدينية، وعندما شب لبس الخرقة الرفاعي ــة الكيالية عن والده فاذن له والده بلبس الخرقة الرفاعية الحريرية عن ابن عمه الشيخ أحمد الحريري الحموي، وأخذ علومه عن جلة من علماء عصره ، منهم مفتي حمص العلامة محمد الأتاسي ويحيى الزهراوي نقيب الأشراف في وقته، ومنهم مرشد السالكين شيخ السجادة القادرية السيد محمد سعيد بن الشيخ بكار الزعبي الكيلاني ، والشيخ محمد سليم صافي مرشد السلوك في الطريقة النقشبندية، وكثيرون ذكرهم في نهاية كتاب اللالى الدريــة فـي مناقب رابعة العدوية ، وعرف بجودة الخط حتى كان كتابه / مقصد الراغبين في تعلم حسن الخط، وهو بالاضافة الى ذلك شاعر وكان يعلم في مقام رابعة العدوية .
قام برحلتين الأولى ۱۳۱۹هـ = ۱۸۹۳م الى الاستانة حيث قاب الشيخ أبا الهدى الصيادي الذي أكرمه وأنعم عليه . والثانية قام بها الى ادلب ۱۳۲۲هـ = ۱۹۰۴م. بدعوة من آل الكيالي فيها، اصطحب معه ابنه محمد نجيب ، أقام بينهم شهرين معززا مكرما وزار قبر جدهم الأعلى ون من ات / اسماعيل الكيالي الرفاعي المدف بقرية / الترنبة / أعمال / سرمين في محافظة ادلب الآن، وهو أغزر مشايخ وقته انتاجا له من المؤلف كتاب البشارات الأحمدية في سلوك الطريقة الرفاعية، والأشعار في نفائس الأشعار، ونصح الأمة في التعلم والتعليم للأمور المهمة . والرحيق السيال في نسب السادة ( القطب الكيال ) ، واللالي الدرية في مناقب رابعة العدوية وكلها لاتزال مخطوطة كما كتبها بخطه الجميل وفي ١٣٣٣هـ = ١٩١٤ م وافاه أجله المحتوم ودفن في مقبرة عمه الشيخ شريف غربي باب التركمان .
تعليق