الطرق الصوفية
الطرق في اللغة جمع طريق وجمع الجمع طرقات وهو السبيل الذي يطرق بالأرجل أي يضرب ، يذكر ويؤنث. أما الطريقة فجمعها طرائق وهني سيرة الرجل أو حالته أو مذهبه، وقد مرّ بنا أن التصوف الاسلامي بمرحلتين : الاولی :
كان فيها فرديا والثانية أصبح فيها جماعيا ، نسبة الى الجماعة وقد خططه (۱) حدد المقريزي في . قيام المرحلة الثانية بعام/٥٦٩/هـ = ١١٧٣م - ١١٧٤م .
وبهذا تحوّل التصوف من ظاهرة نفسية فردية الى ظاهرة اجتماعية ، فكان المتصوفون ،جماعات لكل جماعة منها شيخها وزاويتها وطريقتها . فالشيخ رئيس الجماعة في البلدة ومرشدها والزاوية هيا المكان الذي تقام فيه أورائها وأذكارها ، ويجتمع فيها المريدون ، وعلى الغالب كانت غرفة في دار الشيخ أما الطريقة فهي السيرة المختصة بالسالكين الى الله تعالى من تسليك المري وقطع المنازل والترقي في المقامات .
وفي هذا النظام لابد لكل لمن أراد سلوك الطريق من شيخ يدله عليه ویرشده اليه. وجعلوا له شروطا منها :
١ - أن يكون مجازا بالارشاد من شيخ أجيز من شيخ مرشد آخر قبله، وتستمر سلسلة الاجازات شيخا عن شيخ حتى تصل الى الرسول عليه الصلاة والسلام ومنهم من يصلها حتى آدم .
۲ ـ لابد له من أن يكون قد اجتاز العقبات وتخلص من العيوب عيبنيا .
فعيبا وارتقی مقاما فمقاما حتى قصد مقصد الكمال وعلى المريدين آداب تجاه الشيخ منها : تعظيمه وتوقيره ظاهرا وباطنا وعدم الاعتراض عليه فني شيء فعله ولو كان ظاهره أنه حرام وعدم الالتجاء لغيره من الصالحين، فلا يزور وليا من أهل العصر. ولا صالحا الا باذنه ولا يحضر مجلس غيره الا باذنه ولا يسمع من سواه حتى يتم سقيه من ماء سر شيخه . ومنها أن لا يقعد وشيخه واقف ولاينام بحضرته الا باذنه : محل الضرورة ومنها أن لا يكثر الكلام بحضرته ولو ،باسطه ولا يجلس المكان المعد له ولا يلح عليه في أمر ،ولا يسافر ولايتزوج ولا يفعل فعـــــلا من الأمور المهمة الا باذنه، وأن لا يمشي أمامه ولا يساويه في شيء الا بليل مظلم ليكون مشيه أمامه صونا له من مصادفة ضرر وأن لا يذكره الا بخير عند أعدائه . خوفا من أن يكون وسيلة لقدحهم فيه ومنها أن يحب من أحبه الشيخ ويكره من يكرهه الشيخ ، ومنها : أن يرى كل بركة حملت له من بركات الدنيا والآخرة فببركته. وأن يسلم له قياده ظاهرا وباطنا، ومنها ملازمة الورد الذي رتبه، فان مدد الشيخ في ورده الذي رتبه فمن تخلف عنه فقد حرم المدد - وهيهات أن يصح في الطريق : ومنها أن لا يتجسس على أحوال الشيخ من عبادة أو عادة فان في ذلك هلاكه والله أعلم .
وأن لا يدخل عليه في خلوة الا باذنه وأن يحسن به الظن كل حال وأن لا يزوره الا وهو على طهارة لأن حضرة الشيخ من حضرة الله ... وان لا يكلفه شيئا حتى لو قدم من سفر لكان هو الذي يسعى ليسلم على الشيخ، وأن لا ينتظر أن الشيخ يأتيته للسلام عليه" ( ١ )
وهكذا نرى أن سلطة الشيخ على المريد كانت كاملة وهيمنته عليه تامة .
أما الطريقة الصوفية : فهي جماعة من الأفراد المتصوفين ينسبون الننى شيخ معين ويخضعون لنظام من السلوك اليومي ويؤدون وظيفة يومية خاصة بطريقتهم وللطريقة أركانها وهي : تلقين الذكر و ادخال الخلوة ، وارخاء العذبة الزيادة المدلاة من العمامة ما بين الكتفين ) . والبـاس الخرقة وهي عرقية ( ١ ) وجبة ورداء .
فالذكر : كلمة تطلق على جميع العبادات التي يقوم بها المرء بلسانـــــــه وأفعاله ويراد به أن يشهد الذاكر ليلا ونهارا أنه الله بين يدي وأنه برانا ويطلع على أعمالنا وأقوالنا وخواطرنــا .
الخلوة : اعتزال المريد عن الناس للتفرغ لذكر الله والانقطاع لعبادته، منقطعا عن زوجه وولده وعشيرته وسائر الناس وثمرتها : يكشف المريد عالم الغيب المحجب، ويدرك أسرار الحيوانات والحشرات ويعطي القدرة على فعل الكرامات واثبات الخوارق والتصرف الكون بالهمة، فيمشي على الماء ويطير في الهواء ، ويقتحـ النيران، ويفعل كل مالا يقوى عليه سائر البشر . ولكل طريقة وردها (٢) الخاص بها - وضعه مؤسسها وتمسك . مشايخها وحرص عليه أتباعه في حياته وبعد مماته يرددونه في الأوقات التي حددها لهم، ويتلونه جماعة دون أن يتغيب عن تلاوتها أحد منهم، لأن مدد الشيخ في ورده والشيخ يعتز بورده فلا يأذن لأحـد مـن مريديه أن
يقرأ ورد غيره .
وكل الطرق الصوفية مشتقة من طرق أربع رئيسة حسب تسلسلها الزمني الا المولوية .
أ - الطريقة القادرية أو الكيلانية ( ١ ) : : لمؤسسها عبد القادر الكيلاني ( ٤٧٠ ه - ٥٦١ ه ) = ( ١٠٧٧ م ـ ١١٦٥م) .
ب - الطريقة الرفاعية : ومؤسسها أحمد الرفاعي (٥١٢هـ ـ ٥٧٨هـ ) = (۱۱۱۸ م – ۱۱۸۲) م.
ج ـ الطريقة الأحمدية : مؤسسهنا أحمد البدوي (٥٩٦ هـ - ٦٧٥ ه = ١١٩٩م - ١٢٧٦م)
د ـ الطريقة الدسوقية : مؤسسها ابراهيم الدسوقي (٦٣٣ - ٦٧٦ هـ) = (١٢٣٥ – ١٢٧٧م) .
وأطلق مشايخ كل طريقة على مؤسسها لقب (القطب) و (الغوث) وأجمعوا ، سلفا وخلفا على أن هذا الغوث المعني بهذه الامامة) لا يكون من غير أهل البيت النبوي أبدا ( ٢ ) فوضعت سلاسل الانساب التربطهم ببيت النبوة الطاهر . وأصبح لكل طريقة سلسلة في نسب شيخها أكثرها ينتهي لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، تطبيقا للحديث الشريف (أنا مدينة العلم وعلي بابها ) .
وكلما تقدّم الزمن زادت السلسلة طولا وبعضهم بالغ فجعل سلسلة طريقته تنتهي بآدم !!! وكان يطلق على اجتماع المريدين لاقامة الذكي (الحضرة ) .
وكان هناك مراتب ضمن الطريقة يسلكها السالكون تبدأ بمرتبة المريــد ـ ثم الشاويش ـ ثم النقيب - ثم الخليفة - وهـي أعلى رتبة قبــل شـيـخ الطريقة ، ولسبب تعدد الخلفاء كانت الطرق الفرعية تنقسـ الى روع متعددة عندما يقيم كل خليفة زاوية للطريقة في حيه الذي يقطن فيه بعد أن يجاز من شيخ سجادة الطريق - أي رئيسها في البلد أو مــن خــــارج البلد .
فالمريد أي مريد الله : أول درجات السلوك في الطريقة والشاويش : مدير الحلقة أثناء اقامة الحضرة والنقيب : مقدّم الفقراء - وخادم الرواق .
فشيخ السجادة يدبر أمور الخلفاء، والخليفة يدير أمور الآخرين ، ويختار مــــــن الخلفاء الشيخ المرشد الذي يشرف على أعداد السالك الجديد أو المريـــد .
تعليق