الطّائر الّذي كان يرفرف في أرجائي سعيداً فَقَدَ ريشه دون عاصفة ...كان يملك منقاراً و جناحين .... و حين أصابه العقل و تسرّبت الأفكار الى رأسه الصّغير سقط ...و منذ ذلك العهد و هو يغطس في الغدران و يعدو واثباً متوهّماً أنه ضفدع ...
أريد أن أزرع شتاتي في بستانٍ كي ينمو نخيلاً بدون بلح ...يعرّش فيه أولادي و أحفادي دون أن يذوقوا الطّعم المرّ ... كي تبقى الطّيور التي بداخلهم سعيدةً كما كانت ... بمناقير و أجنحة و رأسٍ يملؤه التّغريد ... بلا عقل و بلا أفكارٍ شاردة .
كنتُ المغرّد الوحيد في قريةٍ وادعةٍ ... و كنتُ أعود تارةً أتهادى كرجلٍ مخمورٍ ... و تارةً بباقة ورد و أعشابٍ برّيّة أرتّبها و أسمّيها غنائمي .. لكنّ الوعي هو من كدّر بحيراتي ... هو من شلّ يديّ و جعلني أبدو كعاشقٍ فاشلٍ يرتجف أمام حبيبته الخائنه ... و ها أنتم ترون .. لا شيء في اليد ... فأنا الرّجل الّذي احتضَنَ صندوقاً فارغاً و توهّم أنّه مليءٌ بالذّهب .
حين يخلد الآخرون للنّوم ... أصحو أنا مثل لصّ أشحذ أقلامي و أتربّص طوال اللّيل كي أسطو على الكلمات ... ربّما أسعدني فيما مضى أن أنطّ بين الاشجار و أمشي قرب البرك و أجدل الورد لفتاةٍ لم تصل ... ربّما روّضتُ العاصفة لكنّها دوماً تسحبني من حلمٍ الى آخر مثل جنديّ كسيح .
أفتح كتابي الأخير و كان بالإمكان أن أفتح كتابي الأوّل .... أجلس هنا و كان بالإمكان أن أجلس أمام النّار ...أنتم أردتموني هنا و ربّما أنا راضٍ سعيد من ناحيةِ انّكم رفعتم عنّي عناء أن أختار .... لكنّي واهنٌ رغم البراكين الّتي ترجّ جبالي ...و حائرٌ مثل بزرةٍ سقطت في كثيب رمل ... اذكر لماماً الأحلام الّتي رأيتها مراراً في طفولتي .... و الآن أسال : كيف سأصل و أنا الحلزون الضّئيل الّذي تغلّفه ألف قوقعه ؟.......
_______________ فراس ____________________-