بخاري (محمد اسماعيل)
Al-Bukhari (Mohammad ibn Ismail-) - Al-Boukhari (Mohammad ibn Ismaël-)
البخاري )محمد بن إسماعيل ـ(البخاري (محمد بن إسماعيل ـ)
(194 ـ 256هـ/809 ـ 869م)
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبه الجُعْفِيّ البخاري، إمام المحدّثين، صاحب «الجامع الصحيح».
نُسِب إلى مدينة بخارى لولادته فيها وغلبت هذه النسبة البخاري عليه حتى صار هو المقصود بها في الغالب. وقيل له الجُعْفِي لأن المغيرة والد جده أسلم على يدي اليمان الجعفي والي بُخارَى، فنسب إليه لأنه مولاه ولاء إسلام.
توفي والد البخاري وهو صغير، وخلّف له مالاً جليلاً، فنشأ في رعاية أمه.
وفي الكُتّاب حُبِّب إليه العلم، وبدأ بطلب الحديث وحفظه، وهو ابن عشر سنين أو أقل، ثم أقبل على مجالس الحديث في بخارى، وحفظ ما وصل إلى بلدته من حديث، وظهرت أمارات نبوغه آنذاك، في مجلس بعض شيوخه، حين صحح له خطأ في السند، وكان الصواب كما قال، وكان ابن إحدى عشرة سنة.
ومع بلوغه السادسة عشرة كان قد حفظ كتب عبد الله بن المبارك من أئمة الحديث والفقهاء، واطلع على فقه أهل الرأي ومنهم الحنفية، ثم أخذ بعد ذلك فقه الشافعي ومالك، وكانت صلته بالإمام أحمد بن حنبل متينة.
ثم خرج البخاري مع أمه وأخيه الأكبر أحمد إلى مكة للحج، وبعد قضاء المناسك رجع أخوه وأمه إلى بلادهما، وأقام البخاري في مكة والحجاز ست سنوات يطلب الحديث، ثم تنقل في البلدان فدخل الشام ومصر والجزيرة وبلاد العراق، وأخذ عن شيوخ الحديث ورواته في تلك البلاد حتى كثر عدد مشايخه وكان فيهم جملة من الأئمة ممن تقدَّم سماعه وعلا إسناده.
ظهر علم البخاري وفضله في وقت مبكر في سن الشباب فبدأ الناس يأخذون الحديث عنه وشرع يصنف في علومه، فصنف فضائل الصحابة والتابعين وأقاويلهم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وصنف كتاب «التاريخ» عند قبر الرسولe في الليالي المقمرة كما قال. ورحل البخاري في البلدان يعقد مجالس التحديث، فتحلَّق حوله طلاب العلم حلقاً كبيرة وازدحموا عليه ازدحاماً شديداً، وزاد في شهرته امتحان علماء بغداد له، حين قلبوا له مئة حديث، جعلوا سند هذا الحديث لذاك، ومتن ذاك الحديث لسند آخر وأعطوها عشرة أشخاص، يلقي كل واحد عشرة أحاديث، فأعاد البخاري الأحاديث عليهم كما سمعها ثم ردها على الصواب حديثاً حديثاً، فأقرّوا له بالعلم وأذعنوا.
اختار الإمام البخاري نيسابور مقراً لإقامته، ومكث فيها مدة طويلة ينشر العلم ويملي كتبه وجامعه الصحيح، وسمع منه خلق كثير، منهم جماعة من الأئمة الأجلاء مثل مُسلِم بن الحجّاج صاحب «الصحيح» ومحمد بن عيسى الترمذي وأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني وابن ماجه القزويني أصحاب كتب السنن المشهورة.
امتُحن البخاري في آخر عمره لما نسب إليه من القول بخلق «لفظنا بالقرآن» وهو لم يصرح بذلك، لكنه سئل فقال: «ألفاظنا من أفعالنا وأفعالنا مخلوقة» لكن القوم كانوا على عصبية شديدة في هذا الموضوع، لآراء أهل السنة والحديث وإمامهم أحمد بن حنبل في هذه المسألة، فشغب الناس عليه، كما أثار حفيظة الوالي عليه حين أبى أن يُحضر كتابه «الصحيح» ويقرأه في قصره، وخشي البخاري على نفسه، فترك مدينة نيسابور وذهب إلى بلدته بخارى، فاستقبله أهلها أحسن استقبال لكنه لم يستقر فيها طويلاً بل توجه إلى سمرقند ومرض في الطريق فلبث عند أقربائه في قرية «خَرْتَنْك» وتوفي فيها.
كان للبخاري منذ ظهور أمره مكانة العمدة العليا في علم الحديث، وقد لقب «أمير المؤمنين في الحديث».
قال الإمام عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي: «قد رأيت العلماء بالحرمين والحجاز والشام والعراق فما رأيت فيهم أجمع من محمد بن إسماعيل» وقال: «هو أعلمنا وأفقهنا وأكثرنا طلباً».
وقال الإمام الترمذي: «ولم أر أحداً بالعراق ولابخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل رحمه الله».
كان البخاري في غاية الفضل، سخي النفس في الإنفاق في وجوه الخير، كثير التعبد وتلاوة القرآن، أخذ في معاملاته بالورع والبعد الشديد عن الشبهات، وكان شديد الاحتياط في حقوق العباد، وقد اشتهر عنه أنه قلما يصرح بتجريح الرواة، وأكثر ما يقول: «اسكتوا عنه»، «فيه نظر»، «منكر الحديث».
وكان آية في قوة الحفظ واتقاد الذهن، ومن ذلك قوله: «رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر».
ويتميز البخاري بكثرة محفوظه من الأحاديث وسعة اطلاعه على الرجال، والأسانيد، وعمق النظر في علل الأحاديث الناقدة لها، إلى جانب اطلاعه على الفقه بمختلف مناهجه، فكان ذلك تمهيداً للإمام البخاري لتكوين نظر ممتاز، واجتهاد مستقل، خلافاً لما نسب إليه من التمذهب ببعض المذاهب، بل قد أُعطي أفضليةً فقهية، فقال عنه شيخه محمد بن بشار إنه «سيد الفقهاء»، وهذا يعني تفضيله على المحدثين المتفقهين.
وللبخاري سهم كبير في الارتقاء بعلم الحديث، لأنه خرَّج طائفة كبيرة من الأئمة الذين أغنوا مكتبة الحديث بمصنفاتهم المتميزة بحسن التخير والتهذيب والترتيب، وبمصنفاتهم في الحديث ورجاله، وكلامه في نقد الحديث وعلله، وقد زادت مؤلفاته على العشرين، طبع منها نحو العشرة. منها: «التاريخ الكبير»، وهو مرجع حافل مرتب على الأسماء، لا على السنين، يعرِّف فيه برجال الحديث بإيجاز، وقد قال: «قَلَّ اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب»، ويقع الكتاب في ثمانية أجزاء. ومنها أيضاً: «الأدب المفرد» وهو كتاب في الأحاديث التي تتناول آداب الحياة اليومية والاجتماعية. يرويها بأسانيدها، مرتبة على الأبواب، بحسب الموضوعات، فيه من الأحاديث الصحاح والحسان، والضعاف. وكتاب «الجامع الصحيح» وبه اشتهر البخاري، وعرف الكتاب منسوباً إليه باسم «صحيح البخاري» واسمه الكامل «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله e وسننه وأيامه». جمع فيه جملة كبيرة من الأحاديث، ورتبها على الأبواب، وأتى بجميع الموضوعات، وسلك فيه طريقة متميزة بين كتب الحديث بتشدده في اختيار الأحاديث التي أخرجها فيه. وقسم الأحاديث إلى كتب وفي كل كتاب جملة من الأبواب جعل لكل منها عنواناً يدل على محتواه.
وقد أورد البخاري بعض الآيات والأحاديث وآثار الصحابة ومن بعدهم في تراجم الأبواب، بقصد تقوية الاستدلال للحكم أو الفائدة التي جعلها ترجمة للكتاب، أو ترجيحاً لبعض الآراء، مما كان له حميد الأثر عند العلماء، فقالوا: «فقه البخاري في تراجمه».
وأورد كذلك الأحاديث والآثار في التراجم معلقة، أي محذوفة أول السند، وقد يحذف السند كله، لأنه أوردها استئناساً وتقوية لاستنباطه، وهذا يتساهل فيه العلماء، فعلقها إشارة إلى أنها ليست داخلة في شرط كتابه، وتبين بالبحث أن كثيراً منها صحيح غيره، ومنها صحيح أخرجه في صحيحه في موضع آخر، ومنها ماهو دون الصحيح، لكن يُستأنس به.
وقد تخير الإمام البخاري أحاديث كتابه «الجامع الصحيح» من زهاء ستمئة ألف حديث، وقال: «ما أَدْخَلْتُ في كتابي الجامع إلا ما صحّ، وتركْتُ من الصحاح لحال الطول».
أما الظنّ بأنه جمع كل الأحاديث الصحيحة، أو أنها جمعت كلها في الصحيحين، فليس له حقيقة، وهو خلاف ما صرح به البخاري ومسلم.
وقد قام العلماء باختبار أحاديث الكتاب. انتقد بعضهم بعض الأحاديث فيه، ثم قرروا بالمناقشة والبحث صحة كل أحاديثه المسندة، أما المعلّقة فإنها ليست من موضوع الكتاب وشروطه، إنما هي بمنزلة الحواشي، للاستئناس والتقوية، وحاز صحيح البخاري مرتبة أصح كتب الحديث.
نور الدين العتر
Al-Bukhari (Mohammad ibn Ismail-) - Al-Boukhari (Mohammad ibn Ismaël-)
البخاري )محمد بن إسماعيل ـ(البخاري (محمد بن إسماعيل ـ)
(194 ـ 256هـ/809 ـ 869م)
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبه الجُعْفِيّ البخاري، إمام المحدّثين، صاحب «الجامع الصحيح».
نُسِب إلى مدينة بخارى لولادته فيها وغلبت هذه النسبة البخاري عليه حتى صار هو المقصود بها في الغالب. وقيل له الجُعْفِي لأن المغيرة والد جده أسلم على يدي اليمان الجعفي والي بُخارَى، فنسب إليه لأنه مولاه ولاء إسلام.
توفي والد البخاري وهو صغير، وخلّف له مالاً جليلاً، فنشأ في رعاية أمه.
وفي الكُتّاب حُبِّب إليه العلم، وبدأ بطلب الحديث وحفظه، وهو ابن عشر سنين أو أقل، ثم أقبل على مجالس الحديث في بخارى، وحفظ ما وصل إلى بلدته من حديث، وظهرت أمارات نبوغه آنذاك، في مجلس بعض شيوخه، حين صحح له خطأ في السند، وكان الصواب كما قال، وكان ابن إحدى عشرة سنة.
ومع بلوغه السادسة عشرة كان قد حفظ كتب عبد الله بن المبارك من أئمة الحديث والفقهاء، واطلع على فقه أهل الرأي ومنهم الحنفية، ثم أخذ بعد ذلك فقه الشافعي ومالك، وكانت صلته بالإمام أحمد بن حنبل متينة.
ثم خرج البخاري مع أمه وأخيه الأكبر أحمد إلى مكة للحج، وبعد قضاء المناسك رجع أخوه وأمه إلى بلادهما، وأقام البخاري في مكة والحجاز ست سنوات يطلب الحديث، ثم تنقل في البلدان فدخل الشام ومصر والجزيرة وبلاد العراق، وأخذ عن شيوخ الحديث ورواته في تلك البلاد حتى كثر عدد مشايخه وكان فيهم جملة من الأئمة ممن تقدَّم سماعه وعلا إسناده.
ظهر علم البخاري وفضله في وقت مبكر في سن الشباب فبدأ الناس يأخذون الحديث عنه وشرع يصنف في علومه، فصنف فضائل الصحابة والتابعين وأقاويلهم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وصنف كتاب «التاريخ» عند قبر الرسولe في الليالي المقمرة كما قال. ورحل البخاري في البلدان يعقد مجالس التحديث، فتحلَّق حوله طلاب العلم حلقاً كبيرة وازدحموا عليه ازدحاماً شديداً، وزاد في شهرته امتحان علماء بغداد له، حين قلبوا له مئة حديث، جعلوا سند هذا الحديث لذاك، ومتن ذاك الحديث لسند آخر وأعطوها عشرة أشخاص، يلقي كل واحد عشرة أحاديث، فأعاد البخاري الأحاديث عليهم كما سمعها ثم ردها على الصواب حديثاً حديثاً، فأقرّوا له بالعلم وأذعنوا.
اختار الإمام البخاري نيسابور مقراً لإقامته، ومكث فيها مدة طويلة ينشر العلم ويملي كتبه وجامعه الصحيح، وسمع منه خلق كثير، منهم جماعة من الأئمة الأجلاء مثل مُسلِم بن الحجّاج صاحب «الصحيح» ومحمد بن عيسى الترمذي وأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني وابن ماجه القزويني أصحاب كتب السنن المشهورة.
امتُحن البخاري في آخر عمره لما نسب إليه من القول بخلق «لفظنا بالقرآن» وهو لم يصرح بذلك، لكنه سئل فقال: «ألفاظنا من أفعالنا وأفعالنا مخلوقة» لكن القوم كانوا على عصبية شديدة في هذا الموضوع، لآراء أهل السنة والحديث وإمامهم أحمد بن حنبل في هذه المسألة، فشغب الناس عليه، كما أثار حفيظة الوالي عليه حين أبى أن يُحضر كتابه «الصحيح» ويقرأه في قصره، وخشي البخاري على نفسه، فترك مدينة نيسابور وذهب إلى بلدته بخارى، فاستقبله أهلها أحسن استقبال لكنه لم يستقر فيها طويلاً بل توجه إلى سمرقند ومرض في الطريق فلبث عند أقربائه في قرية «خَرْتَنْك» وتوفي فيها.
كان للبخاري منذ ظهور أمره مكانة العمدة العليا في علم الحديث، وقد لقب «أمير المؤمنين في الحديث».
قال الإمام عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي: «قد رأيت العلماء بالحرمين والحجاز والشام والعراق فما رأيت فيهم أجمع من محمد بن إسماعيل» وقال: «هو أعلمنا وأفقهنا وأكثرنا طلباً».
وقال الإمام الترمذي: «ولم أر أحداً بالعراق ولابخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل رحمه الله».
كان البخاري في غاية الفضل، سخي النفس في الإنفاق في وجوه الخير، كثير التعبد وتلاوة القرآن، أخذ في معاملاته بالورع والبعد الشديد عن الشبهات، وكان شديد الاحتياط في حقوق العباد، وقد اشتهر عنه أنه قلما يصرح بتجريح الرواة، وأكثر ما يقول: «اسكتوا عنه»، «فيه نظر»، «منكر الحديث».
وكان آية في قوة الحفظ واتقاد الذهن، ومن ذلك قوله: «رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر».
ويتميز البخاري بكثرة محفوظه من الأحاديث وسعة اطلاعه على الرجال، والأسانيد، وعمق النظر في علل الأحاديث الناقدة لها، إلى جانب اطلاعه على الفقه بمختلف مناهجه، فكان ذلك تمهيداً للإمام البخاري لتكوين نظر ممتاز، واجتهاد مستقل، خلافاً لما نسب إليه من التمذهب ببعض المذاهب، بل قد أُعطي أفضليةً فقهية، فقال عنه شيخه محمد بن بشار إنه «سيد الفقهاء»، وهذا يعني تفضيله على المحدثين المتفقهين.
وللبخاري سهم كبير في الارتقاء بعلم الحديث، لأنه خرَّج طائفة كبيرة من الأئمة الذين أغنوا مكتبة الحديث بمصنفاتهم المتميزة بحسن التخير والتهذيب والترتيب، وبمصنفاتهم في الحديث ورجاله، وكلامه في نقد الحديث وعلله، وقد زادت مؤلفاته على العشرين، طبع منها نحو العشرة. منها: «التاريخ الكبير»، وهو مرجع حافل مرتب على الأسماء، لا على السنين، يعرِّف فيه برجال الحديث بإيجاز، وقد قال: «قَلَّ اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب»، ويقع الكتاب في ثمانية أجزاء. ومنها أيضاً: «الأدب المفرد» وهو كتاب في الأحاديث التي تتناول آداب الحياة اليومية والاجتماعية. يرويها بأسانيدها، مرتبة على الأبواب، بحسب الموضوعات، فيه من الأحاديث الصحاح والحسان، والضعاف. وكتاب «الجامع الصحيح» وبه اشتهر البخاري، وعرف الكتاب منسوباً إليه باسم «صحيح البخاري» واسمه الكامل «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله e وسننه وأيامه». جمع فيه جملة كبيرة من الأحاديث، ورتبها على الأبواب، وأتى بجميع الموضوعات، وسلك فيه طريقة متميزة بين كتب الحديث بتشدده في اختيار الأحاديث التي أخرجها فيه. وقسم الأحاديث إلى كتب وفي كل كتاب جملة من الأبواب جعل لكل منها عنواناً يدل على محتواه.
وقد أورد البخاري بعض الآيات والأحاديث وآثار الصحابة ومن بعدهم في تراجم الأبواب، بقصد تقوية الاستدلال للحكم أو الفائدة التي جعلها ترجمة للكتاب، أو ترجيحاً لبعض الآراء، مما كان له حميد الأثر عند العلماء، فقالوا: «فقه البخاري في تراجمه».
وأورد كذلك الأحاديث والآثار في التراجم معلقة، أي محذوفة أول السند، وقد يحذف السند كله، لأنه أوردها استئناساً وتقوية لاستنباطه، وهذا يتساهل فيه العلماء، فعلقها إشارة إلى أنها ليست داخلة في شرط كتابه، وتبين بالبحث أن كثيراً منها صحيح غيره، ومنها صحيح أخرجه في صحيحه في موضع آخر، ومنها ماهو دون الصحيح، لكن يُستأنس به.
وقد تخير الإمام البخاري أحاديث كتابه «الجامع الصحيح» من زهاء ستمئة ألف حديث، وقال: «ما أَدْخَلْتُ في كتابي الجامع إلا ما صحّ، وتركْتُ من الصحاح لحال الطول».
أما الظنّ بأنه جمع كل الأحاديث الصحيحة، أو أنها جمعت كلها في الصحيحين، فليس له حقيقة، وهو خلاف ما صرح به البخاري ومسلم.
وقد قام العلماء باختبار أحاديث الكتاب. انتقد بعضهم بعض الأحاديث فيه، ثم قرروا بالمناقشة والبحث صحة كل أحاديثه المسندة، أما المعلّقة فإنها ليست من موضوع الكتاب وشروطه، إنما هي بمنزلة الحواشي، للاستئناس والتقوية، وحاز صحيح البخاري مرتبة أصح كتب الحديث.
نور الدين العتر