* نهايته : استمر خميس المشايخ بالازدهار بين الحربين العالميتين الأولى والثانية ( ۱۹۱۹ - ۱۹۳۹ ) ولكنه بدأ بالتعثر بعد نهاية الحـ وب العالمية الثانية / ۱۹٤٥ / وفي مطلع عهد الاستقلال / ١٩٤٦ / وذلك بسبب تدخل بعض الناس الذين كانوا بريدون ايقاع الفتنة بين المشايخ وبين أهالي باب تدمر وباب الدريب، وفي موسم / ١٩٤٨ / اتفق الشيخ سعد الديــ الجباوي مع الشيخ عبدالله جندل، على عدم الخروج بذلك الموسم وعدم الاحتفال به فأجابه الى ذلك، وخرجا يوم الخميس من العام المذكور الـــــــى نزهة هروبا من المشاكل والاحراج وكان على رأس معارضي خميس المشايخ بعض الأصوليين الذين كانوا يرون فيه بدعة من البدع يجب أن تزال ، ولذلك قاوموه فبدأ الاحتفال به يضعف في السنوات التالية حتى كان موسم / ١٩٥٤ / فلم يخرج فيه الا بعض خلفاء المشايخ وبشكل بسيط محدود، ولـــــــم يعودوا اليها بعد ذلك أبدا . وبذلك أسدل الستار على أعظم مهرجان شعبي و موسم اقتصادي في حمص .
هذه صورة لخميس المشايخ كما كانت في العشرينات والثلاثينات من هذا القرن، وكما كنا نشاهدها ونحن أطفال صغار، وهي لا تختلف عما كــــــــان يجري في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، الا في بعض أسماء الشوارع كشارع القوتلي والتطور الوحيد الذي طرأ على الاحتفال بالخميس ، خلال المائة عام الأخيرة من عمره، كان ادخال الشاشتري / ونوباته على مصطفى الشيخ عثمان كما رأينا في سياق البحث ولاتزال في بعض الزواية في حمص الالات والادوات والسناجق التي كانت تستخدم في الاحتفال منذ مائة عام وأن بطل استخدامها منذ سبع وثلاثين سنة .
* الاعياد :
كان المسلمون يحتفلون بثلاثة أعياد هي: ١- عيد الفطر، بعد شهر رمضان ، ويدعونه العيد الصغير / .
۲ - عيد الأضحى في العاشر من شهر ذي الحجة، ويدعى / بالعيد الكبير / . ٣ ـ عيد مولد النبي في / ۱۲ / ربيع الأول من كل عام هجري .
أما المواطنون المسيحيون فأعيادهم المهمة التي تحتفل بها كل طوائفهم هي عيد الميلاد، وعيد الفصح وسنعطي صورة لكل منها .
* عيد الفطر : ثلاثة أيام تلي شهر رمضان المبارك، أي الايام الثلاثة الأولى من شهر شوال / فاذا ثبت موعده لدى المحكمة الشرعية، أعلن ذلك على الناس بطلقات / مدفع رمضان / . وكان هذا المدفع ، في أواخر القـ التاسع عشر وأوائل العشرين، يوضع حيث يوجد الآن مقهى الروضة وما حولـــــــه وكانوا يطلقون عليها اسم / ساحة المدفع وباطلاق المدفع اثباتا لرمضان يبدأ. الصيام منذ الفجر التالي .
ان رمضان كله عيد لدى المسلمين، فيه يتبدل نظام حياتهم اليومية وفيه يعود الجاهلون الى طاعة الرحمن . ويسخو ذوو العيال على عيالهم سال وذوي أرحامهم ويجود المياسير على المعسرين . وكانت الجوامع التي : تضاء بالسرج يزاد عدد السرج فيها وتزاد كمية الزيت المخصصة للانارة ويعين عمــــ اضافيون للاشراف على انارة المساجد والقيام بتنظيفها والعناية بها وتـ نفقات المدرسين والانارة من الأموال الموقوفة لهذه الغاية .
ولما كانت بيوت الناس تخلو من الساعات المنبهة لذلك وجدت مهنة خاصة برمضان تأتي معه وتذهب معه هي مهنة المسحر / الذي ينبه الناس الى وقت حلول / السحور / وهو طعام /السحر الذي يسبق الامساك عن الطعام وبدء الصيام .
وكان لكل حي في حمص / مسخره الخاص يمشي في الأزقة قارعا طبلته الصغيرة وهو يقول وحدوا الله يانايم وحد الدايم، ويانايم وحد ربك ، صحن القطايف جنبك . وغيرها من العبارات التي تناسب المقام وقد يقرع بيوت الذين يعرفهم من سكان الحي ويناديهم بأسمائهم، لا يعوقه عن القيام بمهمته عائق من مطر أو ثلج أو ريح قارصة في أيام الشتاء الباردة وكان له جولتان الأولى وقت السحر كما ذكرنا والثانية قبيل المغرب حين يكون الطبيخ قد نضج فيقرع الباب ويطلب ما يجود به أهل البيت مما يهيئونه لافطارهم. ويضع ذلك كله في كشكوله .
وعندما ينتصف رمضان كانوا يبدأون بتوديعه من على مآذن المساجد، بعد صلاة العشاء فتصعد جماعة من الفتيان درجات المئذنة اللولبية مهما بلغ ارتفاعها وعندما يصلون الى مكان الاذان يبدأ حاديهم بالقول وهم يرددون وراءه :
يا ودعوه ثم قولوا لـه يا شهرنا هذا عليك السلام لما مضت أيام شهر الصيام جرت دموعي مثل فيض الغمام ولما يكون الحجاج آخذين بالتأهب للحاق بقافلة الحج في دمشق ومنها الى المدينة المنورة فمكة وذلك بعد نهاية العيد، يشار لهذا الأمر بقولهم : شهر به الحجاج قد ودعوا أعيالهم وأطفالهم برضعو لما رأ أنواره تلمع هموا جميعا نحو باب السلام أما في العشر الأخير من رمضان فتحل القصيدة التالية في وداع الحجاج : يا راحلين الى منى بقيادي هيجتموا يوم الرحيل فؤادي سرتم وسار دليلكم ياوحشتي الشوق أقلقني من صوت الحادي ما فاذا وصلتم سالمين فبلغوا مني السلام على النبي الهادي .
وفي العشر الأخير من رمضان أيضا يعتكف بعض المؤمنين في غرف صغيرة في الجامع أعدّت لهذا الغرض وسيمر بنا شروط الاعتكاف في بحث الطرق الصوفية الفصل التالي .
فاذا ثبتت رؤية هلال شوّال توقف ذلك كله وأطلق المدفع ايذانا بانتهاء شهر رمضان وبدء شوّال ، وأيامه الثلاثة الأولى هي أيام :
* العيد الصغير أو عيد الفطر في الاسبوع الأخير من رمضان تهتم العائلة بتأمين الملابس الجديدة والأحذية الجديدة، ولذلك تكون الأسواق قبيل العيد مكتظة بالناس وتنشط حركة البيع والشراء . بيدأ الناس عيدهم بذهاب الرجال الى المساجد بعد صلاة الصبح لأداء صلاة العيد. أما النساء فيذهبن الــ الجبانات ، قبيل الشروق، حاملات باقات الاس أو الورد لتشكيل القبور ، ويحطن معهن أيضا بعض / الاقراص / و / السنبوسك لتوزيعها على القــراء والفقراء المستجدين .
تتم صلاة العيد بعيد شروق الشمس وبعد أدائها والاستماع الى الخطبة يتوجه الرجال مصطحبين أولادهم لزيارة قبور أقربائهم، فيتلون الفاتحة، ويعايد بعضهم بعضا بقول كل عام وأنتم بخير ومن آداب زيارة القبور أن لا تقتصر تلاوة الفاتحة على أقارب الزائرين بل تتلى الفاتحة وتوهـب أرواح الجميع .
بعد ذلك يعودون الى بيوتهم لتناول الفطور ومعايدة أفراد الأسرة (۲) وتوزيع العيديات عليهم، ويتزاور الناس في أيام العيد الثلاثة مقدمين التهاني بالعبارات التقليدية التي لاتزال مستعملة حتى اليوم كما يقدمون العيدية الى أطفال أقربائهم، وذوي أرحامهم .
أما أغلب الناس من الأولاد والمراهقين والشباب فيذهبون الى أماكن الألعاب، حيث توجد القلابات والدويخات والمنجنيقات ، وكان مكان تجمعها أواخ القرن التاسع عشر في الفسحة التي كانت قائمة بين السرايا من الغرب، وظهر القشلة الغربي من الشرق أي شرقي السرايا (١) وغربي القشلة حيث تلتقي جموع الناس هناك، وكانت الدويخات والقلابات للاطفال ، أما المنجنيقات ــة فهي صندوق خشبي مستطيل معلق من زواياه الأربع العلويات بحبال متين وقوية بعارضة يبلغ ارتفاعها ثلاثة أو أربعة أمتار تستند على قوائم متينة ، يركب في الصندوق رجل أو رجلان ويبديان مهارتهما في جعل الشوط كـ وعاليا . وكنت ترى حول هذه الألاعيب بائعي المخلل والبزورات والقضام سبيرا والمسكي والسوس واللبن العيران والليمونادة اذا كان الجو حارا . وكل ذلك يختلط بحداء الأطفال وراءمن يحرك بهم الدويخة أو القلابة قائلا : ياعم محمد فيجيبه الأطفال باللازمة / يويو / .
عيرني حصانك - بوبو ، لشد واركب ـ يويو ، علی اسکندر - يويو اسکندر مات - يويو ، خلف بنات . یویو ، عيونها سود – یویو ، مثل البارود ثم يقول لهم قوموا انزلوا ، فيجيبونه ما منزل .
تعليق