الى الزاوية وينزلون في ضيافة الشيخ ومن زاد عن استيعاب الزاوية بوزعون على بعض أهل الحي. وهذا كله يتم مساء الأربعاء ليلة الخمين .
وفي صباح الخميس يجتمع الخلفاء والمريدون وأهل حي باب تدمر / وكثير من الناس الوافدين على الزاوية السعدية وتتوجه نوبات الشيخ : كل نوبة الى دار خليفة من الخلفاء المتقدمين الذين سيركبون خلف الشيخ في الموكب . فتأتي نوبة الخليفة برفقة نوبة الشيخ الى الزاوية. وتتجمع النوبات على باب الزاوية وعندما يتم وصول النوبات والخلفاء يقوم نقيب النقب اء بترتيب الموكب حسب توزيع الشيخ في الليلة السابقة ويكون ترتيب الموكب على الشكل التالي :
تمشی نوبات المزاهر أولا ويبلغ عددها مابين ثلاث عشرة نوبة واحدى وعشرين نوبة. وقد يصل العدد في بعض الأحايين الى أربع وعشرين نوبة . كل على راحته وهذه النوبات تمشي خلف نوبات الشيخ حسب التقدم في الخلافة .
ونوبة المزاهر مؤلفة من أربعة مزاهر وطبل وصنج برافقهم سنجــــــــق يمشي وراء النوبة. ويمشي خلف نوبات المزاهر الدراويش أو الفقراء وهم فرقة مؤلفة من عشرين أو ثلاثين تلميذا من تلاميذ الشيخ يلبسون ثيابا بيضا وكسوة صوف بيضاء على رأس كل منهم. وهو زي الفقراء السعديين، ويحملون آلات.الحرب القديمة وبرأسهم أحد نقباء الشيخ ويلقنهم الذكر "دايم يا دايم دايم يا الله هو" و "الله جليل " بايقاع خاص طوال الطريق ذهابا وايابـــــــا ويمشون بكل أدب واحترام وحضور أثناء ترديد الذكر ويمشون بدون صـف :
كل على راحته .
انفردت الطريقة السعدية بهذا النموذج ، وكان أول من خرج بهذه الفرقـــة من الفقراء وخصها بهذا الشكل الشيخ خالد السعدي المتوفى / ۱۲۸۹ هـ = ۱۸۷۳م وهو والد الشيخ سعد الدين كما رأينا ويمشى خلف الدروايـ والفقراء نوبة الشاشتري / (۱) وأقلها أربع طبلات وصنع ، وقد يخرج بثماني طبلات وصنجتين وسنجق مرافق لهم .
كان أول من استعمل نوبات / الشاشتري / في خميس المشايخ الشيخ مصطفى عثمان في موكب الشيخ بكار القادري يوم الجمعة، فاستحسنها الشيخ سعد الدين ودعا الشيخ مصطفى للخروج معه يوم الخميس بنوبة /الشاشتري / فقبل بذلك. وصار يخرج يوم الخميس مع الشيخ . سعد الدين ويوم الجمعة مع الشيخ بكار .
يمشي خلف نوبة /الشاشتري / جمع كثير من تلاميذ الشيخ ومحبيه وأهل باب تدمر / وهم أجمل مافي خميس المشايخ لكثرة المشاركين ويترأسهم نقيبان وهم ينشدون : الفيض الأسنى بالأسماء الحسنى من نظم الشيخ سعد حي الدين والناس حول /النقيبين / يرددون اللازمة بصوت يملأ الافاق توسلا وتضرعا الى الله تعالى .
ويأتي خلفهم الشيخ ممتطيا فرسه وعلى الفرس سجادة. ويرفع للشيخ (علم أو راية ويمسك مقود الفرس أحد المريدين المتقدمين ويرافق الشيخ اثنان من المنشدين واحد من اليمين وآخر من اليسار، ويضع كل منهم يده عــــــلـى سرج الفرس ويتبادلان انشاد / الثنائيات وتسمى : المطاوعي والقصائد، وذلك ابتداء من باب الزاوية الى حين العودة ومن المطاوعيات :
عاشر ذوي الفضل واصحبهم على ماهم لعل يوم العطش نورد على ماهم . (٢)
قوم کرام ورب العرش أعطاهـم أهل التعفف تعرفهم بسيماهم .(٣)
ويكون الشيخ مرتديا زي الأشراف السعدية وهو الجبة البيضاء والكسـوة والعمامة الصوفية البيضاء ويضع على رأسه / مسح / صوف عريض، وعـ لی كتفيه عباءة صوف بيضاء موشاة وقد يضعها أحيانا على رأسه بدل /المسح/ ويمسك بيده باكورة مستندا بها على سرج الفرس في بعض الأحايين . ومن المشايخ من يمسك بيده سيفا أو أي سلاح تقليدي. ويضع حده على جبهته أثناء السير .
يأتي بعد الشيخ خلفاؤه المتقدمون بالسن والخلافة حسب الترتيب السابق . وعددهم يتراوح بين العشرة خلفاء والعشرين . ويركب كل منهم على فرسه أو بغله وبجانبه اشارة السادة السعديين دلالة على أنه خليفة الشيخ ولكن لا توضع سجادة على سرج الدابة التي يمتطونها ، وبدون أن تـــــــردد لهم / الثنائيات ولا القصائد أثناء الوقوف . ويسير الموكب ، حسبما ذكر ذهابا وايابا .
آداب الموكب :
كان للموكب آدابه : اذا مرّ الموكب بقبر أحد الصالحين كانوا يقفون ويدقون النوبة ويقرؤون الفاتحة ثم يتابع الموكب سيره، واذا مروا بعالم من العلماء أو علم من الأعلام البارزين في البلد، كالحاكم أو الموظف الكبير أو بشيخ من المشايخ المنتسبين الى احدى الطرق الصوفية أو بأعيان من الناس كانوا يقفون ويدقون النوبة فيبادلهم المقصود بهذه النوبة، والناس الواقفون التحية بتلاوة الفاتحة على روح النبي الكريم وآل بيته وأهل الطريقة . وكذلك تفعل سائر النوبات .
ترتيب الموكب :
أقدم وثيقة لدينا تذكر ترتيب المشايخ قصيدة الشيخ عبد الهادي الوفائي التي نظمها سنة ١٣٠٥هـ - ۸۸/۱۸۸۷م أي قبل وفاته بحوالي اثنين وعشرين عاما على التاريخ الميلادي، وفيها يذكر أسماء مشايخ سبقوا تاريخ نظم القصيدة بخمسين عاما . وهذا يدل على أن ترتيب المشايخ في موكب الخميس لم يطرأ عليه أي تغيير منذ طفولة الشيخ الوفائي. وربما من قبل ولادته، الا أن يموت أحد المشايخ فيخلفه من رشحه لخلافته ، والقصيدة نظمها الشيخ الوفائى فى الأصل ردّا على شخص يدعى /المقدور / تغزّل بمنتزهات حلب فرد عليه الوفائي بقصيدة مطلعها :
ما حمص الا رياض الأنس دع حلبا فلا تحدث أيا مقدورنا كذبا وفيها يصف منازه حمص التي كانت معروفة خارج البلد / كالميدان / فی غرب المدينة / والميماس / على العاصي في شمالها الغربي و عين الصفا / غرب بابا عمرو، ومنتزة البحيرة وسدّها وجوبر / فى الطريق الى البحيرة بعد بابا عمرو، وتل ادريس قرب العاصى غرب بابا عمرو . ثم ينتقل الى ذكــ الخمسانات ويعدد أسماءها ويذكر خصائصها . ففي خميس النبات ينبت الناس حظوظهم في بئر القلعة، كما مر بنا ثم:
- ومن بعده يأتنا يوم تلوح به حلاوة أكلها عند النسـا ( ٢ )
- أهل القرى ينقلون عن جدهم خبرا من لم يذق طعمها في عامه جربا ( ٢ )
- نعم الخميس الذي فيه مشايخنا نزور عمرو بن معد جده کربا ( ۳ )
تعليق