الفصل الخامس
المواسم والأعياد
الموسم في اللغة اجتماع الناس، ويتم في وقت معين ومكان معين . والمواسم التي كانت في مدينة حمص /الخمسانات . ويبدوا أن أصلها قديم، فكان الناس يقسمون فصل الشتاء الى قسمين : الأربعينية وهي الأربعون يوما التي تمتد من العشر الأخيرة من كانون الأول حتى نهاية كانون الثاني من السنة الميلادية الجديدة . وتليها الخمسينية / وهي خمــــــون يوما تبدأ من مطلع شباط حتى نهاية العشرة الثانية من آذار . والهدف من هذا التقسيم التهوين من ثقل الشتاء والتخفيف نفسيا من الشعور بطوله اذا كان غزير المطر كثير الزوابع والعواصف الثلجية وماتجـره مـن بـــــــرد وصقيع .
وانسحبت الخمسينية على الخمسانات وهي سبعة أخمسة تبدأ في الخميس الذي يلي اثنين الراهب / في شباط وهو بداية الصوم الكبير لدى المسيحيين على التقويم الشرقي. وتلك الأخمسة أو الخمسانات/ كما تلفظها العامة هي خميس التايه / ذ / خميس الشعنونة / و / المجنونة / فـ / القطاط / وهذه الأربعة أخمسة ليس فيها مواسم لوقوعها في أواخر الشتاء بين شبـــــــاط وآذار . أما الثلاثة التالية فهي / خميس النبات / ذ / الأموات/ /أو الحلاوة ثم / خميس المشايخ وفيها المواسم :
آ ـ خميس النبات : واسمه مأخوذ من بئر كانت موجودة في القلعة وكانت عميقة فكانوا ينبتون حظوظهم في البئر بأن يلقوا فيها حجرا ، فان تركت دويا وطنينا كان معنى أن ذلك حظ صاحب /الحجرة أو صاحبتها / يفلق الصخر / واذا لم يصدر صوت دل ذلك على أن حظه، أوحظها فهو اذن خميس القلعة، لأنها كانت مكان الاحتفال به فكان هامد خاب ، يعقد بعد زوال الشمس وجنوح النهار الى الأصيل، فتتقاطر على القلعة أفــــــواج النسوان والصبيان والفتيات ويقبل عليها جموع الباعة والمسترزقين والمتسولين وتتجمع هذه الخلائق عند سفحها الغربي مما يلي مطلعها، فاذا ضاق بها المكان توغلت جموع النسوة في الجبانات المجاورة ، ولم تكن مسورة ، ويصعد من بريد الكشف عن حظه من النساء والرجال الى ظهر القلعـة حيث البئر كما ذكرنا .
ويمتاز خميس النبات بأن بعض الناس كانوا ينقعون بالماء بعض الأزاهير مساء الأربعاء وتبقى هذه الأزاهير منقوعة حتى صباح الخميس اذ يغسلن بمائها وجوههم، أما الصبية فكانوا يشكلون جماعات في الحارات تمر بالبيوت طالبة الأزاهير من ساكنيها وهي تنشد :
عطونا من زهوركن حتى النبي يزوركن سبع طبول وسبع زمور لفاطمة بنت الرسول .
ثم يصيح أحدهم الجاجي عالسطوح بتعطونا والا نروح ؟؟؟ فاذا أعطتهم ربة الدار طلبهم انصرفوا الى الدار التي تليها ، والا هجوها بقولهم :
جاجي فوق حاجي فوق حاجي صاحبة الدار غناجي غناجي وقد يصل الهجاء الى حدّد الاقذاع فيقولون :
فوطة فوق فوطة فوق فوطة صاحبة الدار شرموطة شرموطة
ثم يهربون .
بقيت العادة حتى احتلال الفرنسيين للبلد واتخاذهم من القلعة موقعا عسكريا فحيل بين المواطنين وبين الصعود الى القلعة ونبت الحظ ! !
٢ - خميس الأموات : وهو خميس الحلاوة . وتصنع فيه الحلاوة على أنواعها : بشمينة وسمسمية وخبزية وغريبة ،وهريسة وجوزية، وشوشية وراحة أما البشمينة: تصنع من الطحين المحمص بالسمن العربي تحميصا خفيفا ثم يؤخذ ثلاثة أرباعه فيجبل عجينة تصنع منها رقائق كبيرة وترش بـــــين كل رقيقة وأخرى شيء من الطحين المتبقي ثم تقسم الرقائق الى مكعبات وتعرض للبيع .
_ والسمسمية : تصنع من الناطف مع السمسم .
_ والخبزية : رقائق العجين تقلى بـ / السارج/
_ والغريبة : تصنع بالصينية ويجعل لها وجهان : زهـر وأبيض وتعطر بشيء من المسك كان الاطفال يدعونها / مسكي/ أو الحلاوة المسكية .
_ والهريسة : قضبان تصنع من النشا والسكر .
_ والجوزية : تصنع من الناطف مع الجوز .
_ والشوشية : سكر مع الطحينة .
_ والراحة : متنوعة تكون بفستق أو جوز أو لوز، أو منوعة القلوبات .
وكانت النساء يخرجن : بعد ظهر الخميس الى الجبانات لزيارة القبور وتوزيع ماحمن معهن من حلاوة على القراء والفقراء. وكان بائعو الحلاوة ينادون عليها الله يرحم الأموات كانوا يحبو الحلاوات/ كما كان صانعوها ينشرون بين البسطاء من الناس أن الانسان اذا لم يأكل من حلاوة الخميس يصيبه / الجرب / لحثهم على شرائها .
كان الناس في تلك الأخمسة، بما فيها خميس المشايخ، يخرجون للنزهة في أطراف البلدة وفي المناطق النزهة منها اذا كان الجو مناسبا، فتجلس النساء حول الزرع، أما الشباب فيقيمون بعض الالعاب ومنها قبة حمام الزيني وتتم بأن يشكل ستة أو سبعة أو عشرة شباب دائرة وقد وضع كل منهم ذراعيه الممدودتين على كتفي جاريه ثم يصعد فوقهم أشخاص آخرون على أكتافهم بالتشكيلة نفسها، ويسيرون وهم يرددون .
ثم يتغير النعم والايقاع فينشد الحادي ويردّد المشاركون المرافقون وراءه ويكون المشوار قد قارب على النهاية وعندئذ ينشد أحد أفراد الصف الفوقان ويردد المشاركون وراءه :
يا حبوبة يا حبوبة بس النوبة بس النوبة
ثم : دل دلوك عبي لك من هالمية ير المية صيدو غية صيدو غية صيدو غية بالبرية بالبرية .
ويكون المشوار قد انتهى فيبدأ الصف العلوي بالقفز الى الأرض وتنتهي اللعبة وقد تعاد ، وكانوا يلعبون بـ / أم الأشبار و الزودة / و / عالزنكوخلف / . ومن المواسم التي كان الناس يخرجون فيها الى جنوبي القلعة / عيد الحضر / وتاريخه في السادس من أيار، بعد خميس المشايخ :
في جنوب المدينة من جهة القلعة كان يوجد ضريح يعتقد الناس أنه ضريح الخضر عليه السلام وكان لزيارته دلالة خاصة لدى الصبايا العازبات. فاذا كانت احداهن بايرة تخاف أن يفوتها القطار، أتت الى الضريح ورددت الدعاء التالي :
ياخضر جيتك غايرة من كتر ماني بايرة ان قعدت السنة ع الكرسي لجبلك شمعة عرسي
وتنذر له النذور ان استجاب لها وقد ذكرت لنا احدى العجائز الظريفات أنها لم تمض على زيارتها للخضر عدّة أشهر، بعد ترديدها الدعاء عند ضريحه ، الا وقد خطبت وتزوجت في السنة نفسها . .
٣ ـ خميس المشايخ : خميس المشايخ آخر الأخمة، أيضا ويسمى / خميس البيض وهو الخميس الذي يسبق أحد الفصح على التقويم الشرقي، والأحد الذي يسبق أحد الفصح هو أحد الشعانين / ثم يليه خميس المشايخ ثــم الجمعة العظيمة فسبت النور فعيد الفصح .
المواسم والأعياد
الموسم في اللغة اجتماع الناس، ويتم في وقت معين ومكان معين . والمواسم التي كانت في مدينة حمص /الخمسانات . ويبدوا أن أصلها قديم، فكان الناس يقسمون فصل الشتاء الى قسمين : الأربعينية وهي الأربعون يوما التي تمتد من العشر الأخيرة من كانون الأول حتى نهاية كانون الثاني من السنة الميلادية الجديدة . وتليها الخمسينية / وهي خمــــــون يوما تبدأ من مطلع شباط حتى نهاية العشرة الثانية من آذار . والهدف من هذا التقسيم التهوين من ثقل الشتاء والتخفيف نفسيا من الشعور بطوله اذا كان غزير المطر كثير الزوابع والعواصف الثلجية وماتجـره مـن بـــــــرد وصقيع .
وانسحبت الخمسينية على الخمسانات وهي سبعة أخمسة تبدأ في الخميس الذي يلي اثنين الراهب / في شباط وهو بداية الصوم الكبير لدى المسيحيين على التقويم الشرقي. وتلك الأخمسة أو الخمسانات/ كما تلفظها العامة هي خميس التايه / ذ / خميس الشعنونة / و / المجنونة / فـ / القطاط / وهذه الأربعة أخمسة ليس فيها مواسم لوقوعها في أواخر الشتاء بين شبـــــــاط وآذار . أما الثلاثة التالية فهي / خميس النبات / ذ / الأموات/ /أو الحلاوة ثم / خميس المشايخ وفيها المواسم :
آ ـ خميس النبات : واسمه مأخوذ من بئر كانت موجودة في القلعة وكانت عميقة فكانوا ينبتون حظوظهم في البئر بأن يلقوا فيها حجرا ، فان تركت دويا وطنينا كان معنى أن ذلك حظ صاحب /الحجرة أو صاحبتها / يفلق الصخر / واذا لم يصدر صوت دل ذلك على أن حظه، أوحظها فهو اذن خميس القلعة، لأنها كانت مكان الاحتفال به فكان هامد خاب ، يعقد بعد زوال الشمس وجنوح النهار الى الأصيل، فتتقاطر على القلعة أفــــــواج النسوان والصبيان والفتيات ويقبل عليها جموع الباعة والمسترزقين والمتسولين وتتجمع هذه الخلائق عند سفحها الغربي مما يلي مطلعها، فاذا ضاق بها المكان توغلت جموع النسوة في الجبانات المجاورة ، ولم تكن مسورة ، ويصعد من بريد الكشف عن حظه من النساء والرجال الى ظهر القلعـة حيث البئر كما ذكرنا .
ويمتاز خميس النبات بأن بعض الناس كانوا ينقعون بالماء بعض الأزاهير مساء الأربعاء وتبقى هذه الأزاهير منقوعة حتى صباح الخميس اذ يغسلن بمائها وجوههم، أما الصبية فكانوا يشكلون جماعات في الحارات تمر بالبيوت طالبة الأزاهير من ساكنيها وهي تنشد :
عطونا من زهوركن حتى النبي يزوركن سبع طبول وسبع زمور لفاطمة بنت الرسول .
ثم يصيح أحدهم الجاجي عالسطوح بتعطونا والا نروح ؟؟؟ فاذا أعطتهم ربة الدار طلبهم انصرفوا الى الدار التي تليها ، والا هجوها بقولهم :
جاجي فوق حاجي فوق حاجي صاحبة الدار غناجي غناجي وقد يصل الهجاء الى حدّد الاقذاع فيقولون :
فوطة فوق فوطة فوق فوطة صاحبة الدار شرموطة شرموطة
ثم يهربون .
بقيت العادة حتى احتلال الفرنسيين للبلد واتخاذهم من القلعة موقعا عسكريا فحيل بين المواطنين وبين الصعود الى القلعة ونبت الحظ ! !
٢ - خميس الأموات : وهو خميس الحلاوة . وتصنع فيه الحلاوة على أنواعها : بشمينة وسمسمية وخبزية وغريبة ،وهريسة وجوزية، وشوشية وراحة أما البشمينة: تصنع من الطحين المحمص بالسمن العربي تحميصا خفيفا ثم يؤخذ ثلاثة أرباعه فيجبل عجينة تصنع منها رقائق كبيرة وترش بـــــين كل رقيقة وأخرى شيء من الطحين المتبقي ثم تقسم الرقائق الى مكعبات وتعرض للبيع .
_ والسمسمية : تصنع من الناطف مع السمسم .
_ والخبزية : رقائق العجين تقلى بـ / السارج/
_ والغريبة : تصنع بالصينية ويجعل لها وجهان : زهـر وأبيض وتعطر بشيء من المسك كان الاطفال يدعونها / مسكي/ أو الحلاوة المسكية .
_ والهريسة : قضبان تصنع من النشا والسكر .
_ والجوزية : تصنع من الناطف مع الجوز .
_ والشوشية : سكر مع الطحينة .
_ والراحة : متنوعة تكون بفستق أو جوز أو لوز، أو منوعة القلوبات .
وكانت النساء يخرجن : بعد ظهر الخميس الى الجبانات لزيارة القبور وتوزيع ماحمن معهن من حلاوة على القراء والفقراء. وكان بائعو الحلاوة ينادون عليها الله يرحم الأموات كانوا يحبو الحلاوات/ كما كان صانعوها ينشرون بين البسطاء من الناس أن الانسان اذا لم يأكل من حلاوة الخميس يصيبه / الجرب / لحثهم على شرائها .
كان الناس في تلك الأخمسة، بما فيها خميس المشايخ، يخرجون للنزهة في أطراف البلدة وفي المناطق النزهة منها اذا كان الجو مناسبا، فتجلس النساء حول الزرع، أما الشباب فيقيمون بعض الالعاب ومنها قبة حمام الزيني وتتم بأن يشكل ستة أو سبعة أو عشرة شباب دائرة وقد وضع كل منهم ذراعيه الممدودتين على كتفي جاريه ثم يصعد فوقهم أشخاص آخرون على أكتافهم بالتشكيلة نفسها، ويسيرون وهم يرددون .
ثم يتغير النعم والايقاع فينشد الحادي ويردّد المشاركون المرافقون وراءه ويكون المشوار قد قارب على النهاية وعندئذ ينشد أحد أفراد الصف الفوقان ويردد المشاركون وراءه :
يا حبوبة يا حبوبة بس النوبة بس النوبة
ثم : دل دلوك عبي لك من هالمية ير المية صيدو غية صيدو غية صيدو غية بالبرية بالبرية .
ويكون المشوار قد انتهى فيبدأ الصف العلوي بالقفز الى الأرض وتنتهي اللعبة وقد تعاد ، وكانوا يلعبون بـ / أم الأشبار و الزودة / و / عالزنكوخلف / . ومن المواسم التي كان الناس يخرجون فيها الى جنوبي القلعة / عيد الحضر / وتاريخه في السادس من أيار، بعد خميس المشايخ :
في جنوب المدينة من جهة القلعة كان يوجد ضريح يعتقد الناس أنه ضريح الخضر عليه السلام وكان لزيارته دلالة خاصة لدى الصبايا العازبات. فاذا كانت احداهن بايرة تخاف أن يفوتها القطار، أتت الى الضريح ورددت الدعاء التالي :
ياخضر جيتك غايرة من كتر ماني بايرة ان قعدت السنة ع الكرسي لجبلك شمعة عرسي
وتنذر له النذور ان استجاب لها وقد ذكرت لنا احدى العجائز الظريفات أنها لم تمض على زيارتها للخضر عدّة أشهر، بعد ترديدها الدعاء عند ضريحه ، الا وقد خطبت وتزوجت في السنة نفسها . .
٣ ـ خميس المشايخ : خميس المشايخ آخر الأخمة، أيضا ويسمى / خميس البيض وهو الخميس الذي يسبق أحد الفصح على التقويم الشرقي، والأحد الذي يسبق أحد الفصح هو أحد الشعانين / ثم يليه خميس المشايخ ثــم الجمعة العظيمة فسبت النور فعيد الفصح .
تعليق