الفصل الرابع
الأفراح والأحزان
تتجلى العادات والتقاليد الاجتماعية في الافراح والأحزان، وأهم الافراح في حياة كل انسان ، كان ولايزال :
١ - الزواج :
لمّا كانت المرأة محجوبة عن الرجل كان لابد من ارسال امرأة عن / بنت الحلال / لابنها ، فتبدأ بزيارة بعض البيوت، وهي تخفي هدفهــــا الأصلي من الزيارة حتى اذا وجدت ضالتها المنشودة، كشفت عن هدفهــــا وأبدت رغبتها بالتقرب من عائلة ،البنت، ثم تذكر صفات ابنها وعطـ ـه ودخله وميزاته ، ثم تنصرف على أن تعود في موعد آخر، فاسحة المجــال لأهل البنت ليسألوا عن ابنها في السوق من يعرفه ومن يزكيه، ومن أخواله، وهنا يأتي دور الأب أو الأخ ليسأل عن الخاطب، فاذا وجـد مـــن بزكيه أخبر الأم بذلك، وعندما تعود الخاطبة وتأخذ الجواب بالموافقة، تبدأ المباحثات التمهيدية . بین النساء للاتفاق على المهر: المقدم والمؤخر، وفرش البيت والعلامة والصباحية فالعلامة : مجموعة الهدايا التي تقدم الى حفلة الخطبة وتكون مرفقة بالمعجل من المهر. والصباحية الخطيبة في . الهدية التي يقدمها العريس لعروسه ليلة العرس أثناء الجلوة .
بعد أن يتم الاتفاق على هذه الأمور، بين النساء يعين موعد خطبة الرجال . وفي الموعد المحدد يذهب أبو العريس ومعه أعمام العريس وأخواله وبعض كبار العائلة الى بيت والد العروس ويكون هذا ، قد دعا أيضا أعمامها وأخوالها وبعض الاقارب .
وبعد السلام والترحيب ، يتكلم أحد أقارب العريس، ذاكرا فضل وب عائلة العروس وأخلاقها وأن هذه الصفات هي التي جعلتهم يودون التقـ الى آل فلان ، وأنهم يأملون سماع موافقة والد العروس على اعطاء ابنته / فلانة: الى ابننا فلان / ثم يقول اسمعونا الفاتحة على نيـــــــة القبول والرضــا وعـلـى روح الرسول الكريم. فتتلى الفاتحة. ثم يقدم الــــــى الضيوف ماهيء لهذه المناسبة، وينصرف القوم شاكرين حامدين .
كل هذه الأمور تجري والخطيب لا يعرف شيئا عن خطيبته الا مانقلته له أمه أو الخاطبة من أوصافها "يا ابنى نيالك على هالعروس وجد مدور مثل القمر وتم مثل الخاتم، وقوام مثل قضيب البان " "وعيــون ســود مـــــــل (١)- الغزالة وأنها مبظبظة وبيضا مثل المرتبة (۲) .
خلال مدة الخطوبة ينصرف العريس الى اعداد بيته وهو في الغالب غرفة في دار أهله، وتنصرف الفتاة لاعداد جهازها بمعونة أهلها وصديقاتها . تحدد عادة ليلة الاثنين أو ليلة الجمعة أو ليلة الخميس لـ / كتب الكتاب / ويتم العقد في بيت العريس على يد من يكلفه القاضي الشرعي بذلك . ويدعى اليه أقارب الطرفين من الرجال ، وبعد عقد القرآن ، تعين ليلة الزفاف، ويستحب أن تكون احدى الليالي المذكورة .
في الأيام التي تسبق ليلة الزفاف تؤخذ العروس الى الحمـــام ويرافقها موكب من المدعوات، فاذا كان أهلها ميسورين أخذ الحمـ نام / خلوة / أي استؤجر خصيصا لهن ويمنع غيرهن من الدخول ، وهناك يزغـــــردن ويرقصن حول البركة / البرانية ويشاركن في الداخل بتغسيل العروس وهن يداعبنها بأيديهن وألسنتهن وعيونهن .
أما الحنة فتأتي في اليوم التالي بعد الحمام، وتستعمل بالمناسبة المفرحة دائما فهي مقرونة بالفرح أبدا، ولذلك قالوا في أمثالهم: " بعــــد موتي حنّي "دياتك" كناية عن الشماتة بمن مات وهي ليست قاصرة على النساء، بل يشترك الرجال بها حينا والأطفال في بعض الأحايين . وهي قديمة في التاريخ، عرفت عند الفراعنة بهذا الاسم أيضا ، وفي الحقبة التي نتكلم عليها كانت المرأة تحني بها يدبها وقدميها في مواسم معينة وفي مناسبات خاصة : حنّة رجب والعيدين وعند الزواج خاصة اذ تتم باحتفال خاص بين الرقص والغناء .
كان يؤتى بهذا الصباغ النباتي من الهند، وله نوعان : أحم لليدين والرجلين ، وأسود للعجز من النساء والرجال سترا للشيب ومداراة لما ابين من الأفواد ! ! ! وقد تصبغ بعض النساء شعرها بالحنة الحمراء. في النهار السابق ليلة الحنّة تعجن /الحنّاء بالماء وتبقى فــــــــــي وعائها الى المساء حتى تختمر وقبل النوم تغسل اليدان وتوضع في كل منهما قطعة من تلك العجينة ، فتطبق عليها الكف وتلفّ بمنديل أو قطعة قماش، وعند الصباح تفلك الأربطة وتغسل الاكف وتمسح بالزيت أو السيرج في اليوم الذي يسبق ليلة العرس يعد جهاز العروس لارساله الى بيت العريس ويدعى الى هذه المناسبة أهل العريس من النساء للاطلاع على الجهاز ، ويكون معلقا على الجدران ومنشورا على مرس/ داخل قاعة أو قاعتين وبعد ذلك يعد في /بقج/ أو يوضع في الصرافة (١) أو السبت .
في الأصل كان يؤخذ الجهاز مع العروس ليلة الزفاف، فيسير موكب العروس وحولها حاشية من النساء والأولاد، وعلى رأس كل منهم أو منهن ابقجة / فيها بعض ثياب العروس. وبعض الأولاد يحمل على رأسه صدرا فيه أرز أو غيره من المواد المعدّة للطبخ كحملان من بيت العروس الى بيت العريس. ثمّ تغيّرت هذه العادة، فأخذوا برسلون الجهاز قبل يوم أو يومين
من ليلة الزفاف .
منذ صباح ليلة الزفاف تبدأ الفتاة في اعداد نفسها فتستدعى اليها احدى الماشطات لتزيينها . كان شعر النساء طويلا يتفاخرن بطوله، برجل على شكل ضفائر أمّا ليلة العرس فكان شعر العروس يسرح على كتفيها ثم يوضع عليه الغطاء الأبيض بعد الباسها البدلة البيضاء، وكانت عدة الزينة في ذلك الوقت :
* البياض السليماني يوضع على الوجه وهو مادة سامة لوجود أوكسيد الزئبق فيه.
* المغرة مادة حمراء كان يحضّرها العطارون وكانت تستعمل لتحمـ الوجنتين والشفتين لدى النساء .
* الكحل : وهو الاثمد من نوع الانتيموان، يدق ثم يزحن ثم ينخل بشاشية ناعمة جدا ويمزج ببعض الأصبغة العضوية ثم يوضع في / مكحلة / وعليها الميل تخطط به العينان والحاجبان، وهو يطفىء حرارة الأجفان كما يدعي البعنى .
* البورق : وهو قصيمات مستديرة من نوع ورق السوليفان / تكون بلون الذهب أو الفضّة وقد يكون البورق ناعما " ذرور " يثبت على الوجه لصقا باصبع / الماشطة فيعطى تموجات ضوئية جميلة، ولذا سمي / بهرجان / . وكان الجزارون يضعونه على الية الخراف لتجميلها !!! أيضا !!! . بعد انتهاء الماشطة من تزيين /العروس/ تجلس العروس ووجهها الى الحائط، ويطلب منها أن تبكي تعبيرا منها عن حزنها على فراق أهلها ! فمن العار أن تظهر فرحها بهذه المناسبة ! ! ! ذكرت لنا الخالة أم حسن، رحمها الله وقد عاشت تسعا وتسعين سنة هـ . ، أنها عندما طلب اليها الجلوس الى الحائط استعصى عليها الدمــــع لانها كانت فرحة في الواقع بعرسها، فما كان منها ، مراعاة للتقاليد، الا أن أخذت تبل أصابعها بلعابها وتدهن به عينيها لتظهر عليها آثار البكاء، علائم الأسف على فراق أهلها، مما اضطر الماشطة الى اعادة تزويقها ! ! !
في الاسبوع الذي يسبق يوم العرس يذهب أقارب العريس وأصدقاؤه الخلص ومعهم العريس الى الحمام في الوقت المخصص للرجال ليلا وهناك يغتسلون بين المزاح والتعليق والمداعبة ويمضون سهرتهم على هذا النحو، وعندما يبدأون بالخروج، يتأخر أحدهم عنهم ليدفع وفا الحمام أي أجرته الى الحمامي، وبعد ذلك حملانا للعريس من قبل الدافع . وفي ليلة العرس بعد الغروب، يؤخذ العريس الى بيت أحد أقاربه حيث يبدأون حفلة الباسه ثياب العرس وهذه الثياب ليس من الضروري أن تكون ملكه. بل قد تستعار الصاية من عند فلان والجاكيت من عند فلان آخر، والبيتون من شخص ثالث واذا وجد في الحارة من لديه صاية جيدة
تعليق