حتى نهاية الحرب العالمية الأولى ( ۱۹۱۸م) م لم يتجاوز تطور الحجاب هذه المرحلة، وفي الثلاثينات من هذا القرن طرأ تطور هام على لباس المرأة الخارجي فحل (الكاب) محل (الملاية) وهو معطف طويل يستـــــــر الجسم من الكتفين الى ماتحت الركبتين ، أما الرأس فيوضع عليه منديل رقيق نهنه، يشف ،ولا يحجب، أطلق عليه (البونية) ، ويبدو أنه محرف عن الفرنسية ( bonne ) وكان موضع استهجان كبير في الأوساط المحافظة، حتى كان الصبية يصيحون بلابساته "أم البونيه الرقاصة يبعت لهـا بميد ورصاصة " .
رافق انتشار الكاب والبونيه موضة قص الشعر (شاليشا ) أي الى مافوق النقرة بعد أن كان شعر النساء طويلا برجل على شكل ضفائر وعـ قص الشعر مظهر من مظاهر الفساد والخروج على العرف وبدعة سيئة قاومها المشايخ في أحاديثهم ومواعظهم ويروى عن أحدهم، وكان قد أنهى موعظته حول قص الشعر وضرورة زجر النساء عنه، أن سأله أحد الحضور: (لماذا سمحت لامرأتك بقص شعرها ؟؟؟ فأجاب الشيخ ضاحكا (الله يقرف عمرها والله لابق لرقبتها ) .
* الانارة :
كانت الانارة ليلا تتم بالسراج وهو وعاء من فخار يوضع فيـ شيء من ( زيت الحلو ) أي زيت الزيتون وتغطس في الزيت فتيلة ثم تشعل الفتيلة، فاذا كان الزيت قليلا والفتيلة رفيعة كان النور أسطع والدخان أقل ، ولذلك قالوا في أمثالهم الحمصية أصيلي بنت أصيل الللي الزيت ورفعي (الفتيلة) أي أصيلة بنت أصيلة أقلّي الزيت ورفعي الفتيلة . بعد دخول (زيت الكاز) البلد في العقد الأول من القرن العشرين ، تطورت وسيلة الانارة المنزلية فأصبح هناك (الكاز) وهو وعاء زجاجي له أشكال مختلفة ونمر متعددة (٦١) يوضع فيه زيت الكاز (كيروسين ) ثم توضع عليه سدادة وتمر فيها فتيلة عريضة، تغطس مـــــن طرفها السفلي في زيت الكاز، ويشعل طرفها العلوي، ثم توضع بلورة لها شكل مغزلي منتفخ فى أسفله واسطواني رفيع في أعلاه، تستند قاعدتها على سدادة الكاز، فكان نورها أسطع وكلما ارتفعت نمرته كلما اشتـد نوره .
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كان السراج والشموع الوسيلة الوحيدة للانارة ولم تكن هناك انارة للشوارع وفي نهاية العقد الأول من القرن العشرين تم انارة الشوارع بوساطة فوانيس تعلق على ارتفاع معين : ويهتم بفوانيس كل حي موظف من قبل البلدية يمر بها قبيل المغرب ويبدأ باشعالها، وكثيرا ماكان طمعه فى وقودها زيت الكاز يؤدي الى انطفائها بعد فترة قصيرة من اشعالها .
والفانوس كان متوازي المستطيلات من البلور يثبت في قاعدته مـــــن الداخل (الكاز ) وينتهى من أعلاه بحلقة تستعمل لحمله باليد أو لتعليقه على الحامل. في أيلول من عام (۱۹۱۲ ) كان رئيس البلدية السيد عمر الاتاسى، وما أن استلم عمله حتى عمد مباشرة الى شراء مائة مصباح كبير (لوكس) وزعها على الشوارع الرئيسة في المدينة وفى مفارق الطرق ، فغمر النور تلك الشوارع وأزاح عنها حلكة الظلام مما خفف حوادث النهـــــب والسلب وأشاع بعض الأمان في ليالي المدينة، ويذكر المرحوم رضا صافي أن صاحب مقهى الدروبي قد سبق البلدية في استعمال (اللوكسات) لانارة مقهاه والسهلة الواقعة أمامها (۱) شمال الساعة القديمــة فــي أول شـــــــارع حماه ، ومنه انتقلت العدوى الى البلدية .
" التدفئة :
كانت أداة التدفئة في البيت ( المنقل ) أو الكانون وهو إما أن يكون مستطيلا أو مستديرا وأرخص أنواعه ماكان من الحديد. والفقراء كـــــــــــانـوا يتخذون اناء من الفخار بقدر صحن كبير، أما الميسورون فكانوا يتخذون المناقل النحاسية وهي اما صفراء أو بيضاء (منكلة) يوضع في قاع المنقل شيء من الصفوة أو الرماد ثم يوضع فوقه الفحم ويشعل في أرض الدار وبعد أن يشتعل الفحم يدخل المنقل الى البيت وكثيرا ما أدى اشغال الفحم في البيت الى حوادث الوفاة اختناقا بغاز الفحم الناتج عن الاحتراق غير الكامل. وكان الفقراء يعمدون الى رد الصفوة على جمرات الفحم المتقدة رغبة في الاقتصاد باستهلاك الفحم .
في العقد الأخير من القرن التاسع عشر تسربت (الصوبة) الـــــــى بيوت الأغنياء وأول وثيقة تشير الى استعمالها مؤرخة (۱۳۱۷هـ = ۱۸۹۹)م وكانت الشعلة الأولى فيها مؤلفة من رقائق الخشب و (أشابير) الفرة ب ، الصفراء وهي ما يبقى من العرانيس بعد ،فرطها، ثم يوضع الحط والبعض استخدم الفحم الحجري أولا ثم استغنى عنه واستعمل الحط لرخص ثمنه وتوافره في السوق المحلية.
في بداية القرن العشرين بدأت الصوبة) تنتشر شيئا فشيئا ولـم تحل محل المنقل الا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية (١٩٤٥م) اذ شاعت مدافئ المازوت ذات الوقود الرخيص .
تعليق