ولابد من ذكر (الكماة) التي تنبت في بعض المواسم عندما يتوافر في شهور الشتاء الأولى لاسيما في تشرين الثاني المطر والرعد والبرق ، ويبدأ التنقيب عنها في شهر شباط ويستمر عطاؤها حتى نهاية نيسان فأولهـــــــا شباطيّة وآخرها حصادية تنظف مما علق بها من حبات الرمل ثم تطبخ على ثلاثة أشكال : ملفحة باللحمة أو محشوة أو مسلوقة تقطع وتـدق ويضاف اليها الثوم والزيت وتوكل كمقبلات قال مصطفى زين الدين يصفها .
* طريقة الأكل والطبخ :
يقدم الطعام في صحن واحد كبير يوضع في صدر نحاسي أو في طبق من القش، أو يكتفى بمـد قطعة من القماش ويجلس حوله الطاعمون على الأرض ، فاذا كان الطعام سائلا استعملت الملاعق والا غمس باليد لقمــا مدعومة بقطع من الخبز والخبز برافق جميع المأكولات الا الحلويات وكانت الأم الفقيرة توصي أولادها بأن (يؤدموا ) أي يقللوا من الأدام ويكثروا من الخبز توفيرا للنفقة. كما يحظر عليهم الأكل (الحاف) أي تناول الطعام بدون خبز!!!
أما الطبخ فكان يتم على الموقدة بوقد فيها الحطب أو (الجلة) والاغنياء كانوا يستعملون (طباخا ) على الفحم الشجري وهو وعاء من حديــــــد اسطواني الشكل، يقسمه الى قسمين : علوي وسفلي حاجز بينهما مثقب. يوضع الفحم في القسم العلوي وتوضع الطنجرة على الطباخ وكان أقل مشقة من الموقدة. وأردأ أنواع الحطب ( حطب التوت) ولذلك قالوا في أمثالهم " اذا بدك مراتك تموت وقدها حطب التوت" . وأحسن أنواع الحطب حطب (البلعاس) الأحمر الذي كان يشتعل من (عود الكبريت) والذيـن كـانـوا يملكون كروما كانوا يستعملون أيضا ( الجرزون ) وهو عيدان الكرمة بعــــــد (كسحها).
* أدوات الطعام :
كانت أدوات الطعام كلها من النحاس (المبيض) بطبقة من القصدير ويجدد ( التبييض ) كل سنة أو أقل، حسب استهلاك طبقة القصدير، عند المبيض. فأداة الطبخ اليومية في الأحوال العادية، كانت الطنجرة، وهـي على نوعين : الأول تكون فتحته أضيق من قاعدته والثاني تكون الفتحة أعرض من القاعدة ويدعى الطنجرة الحلبية وأكبر من الطنجرة (الدست) تكون فتحته أضيق من قاعدته، وله حلقة في كل من جانبيه ليحمل بها. وأكبر منه القدرة أو (الحلة ) وتكون فتحتها بمقدار قاعدتها وتستعمل على الغالب لسلق الحنطة قبل طحنها برغلا وللطبخ في الولائم الكبرى ورد في تركة أحمد بن اسماعيل فرزات مختار الرستن ، المتوف (۱۳۱۹هـ = ۱۹۰۱م) : دستان نحاس وزنهما خمسة أرطال وطبق نحاس (أي لكن ) وزنه خمسة أرطال ، وصينيتين نحاس وزنهما نصف رطل . فاذا كان ـق الرطل الحمصي = ( ۳ ) كغ فيبلغ وزن (الدست) الواحد ( ٧,٥ ) كغ أما الطبـ فيبلغ وحده (١٥) كغ من النحاس .
أما الصحون فمنها الكبير ويدعى ( الجنق ) وهي كلمة تركية ومنهـ الصغير العادي ويكون أما عميقا أو (فايشا ) . ولم تكن العادة أن يخص كـــل طاعم بصحن كما هو الآن عند أغلب الناس، بل يوضع (الجنق ) في طبق من القش أو صدر من النحاس ويتحلق حوله الطاعمون، وتمتد الأيدي اليه فتأخذ أو تغمس فيه لتناول اللقمة بقطعة من الخبز وأكبر من مه بالملعقة (١) الملعقة (الكبجة) وهي نصف كـرة لها ذيل طويل ، تسكب بها السوائل من الطنجرة الى الصحن . أمّا (الكفكير) فهو قطعة مستديرة من النحاس ليس لها أي عمق لها ذيل وهي مثقبة بثقوب تسمح للسوائل بالتسرب منها ويبقى فيها مالا يتسرب كالحمص والفول وغيرها .
الطبيخ الزائد عن وجبة العشاء كان يوضع في صحون في أرض المطبخ . ثم يغطى بـ ( القفاعة ) والاغنياء يتخذون (النملية ) وهي خزانة خشبية : النصف العلوي الأمامي منها مركب عليه شريط ناعم يسمح بدخول الهواء ويمنـــــــع الحشرات.
* اللباس : تدور حياة الانسان، منذ ولادته وحتى وفاته حول عناصر ثلاثة : المأوى والغذاء والكساء، وقد تكلمنا على المأوى والغذاء، وبقي هي أن نتكلم على اللباس في الحقبة التاريخية موضوع بحثنا .
آ - الوليد : تهتم الأم الحامل باعداد الديارة لوليدها القادم أنثى كان أم ذكرا ، وقوامها : قميص رقيق يستر بشرة الوليد الناعمة، ثم يليه شتاء (المنتيان ) وهو من قماش سميك من القطن الناعم يدعــ (الفانيلة ) . ثم قنباز حريري يصل حتى قدميه ثم عدد من ( الحفاضات ) تتخذ من (خروقا). البطانة أو قطع الالبسة البالية لتلقي فة فضلاته كانت تسمى لديهم ثم تأتي بـ بعد ذلك (اللقافة) التي يلف بها الوليد مـع ألبسته المذكورة ثم يحزم بحزام من صدره حتى قدميه فوق اللفاف ــة ولا يخرج منها الا عند تغيير خرقته المتسخة ووضع أخرى نظيفة بدلا عنها . يبقى الطفل حتى الشهر الثالث ضمن لقافته ثم ينقل الى مرحلة أخرى ، فيخرج من اللفافة وتصبح يداه ورجلاه طليقة ويستعاض عنها بـ (لباسة) وحفاضة. وتتناسب الديارة مع الوضع المادي لأسرة الطفل من حيث كثرة الطبوسات وغلاء الأقمشة .
ب - مرحلة الطفولة والذهاب الى الكتاب : كانت ألبسة الطفل على النحو التالي: لباس الرأس طاقية أو طربوش وألبسة البدن : القميص بنصف كم أو بكم حتى الرسغين ، ثم يأتي بعده ( المنتيان ) فوق القميص وهو مـــــن قماش سميك بدون أكمام وأطول من القميص مفتوح من الأمام وينتهي كل من طرفيه عند الخصر بقطعة رقيقة من القماش تعقدان الواحدة مع الأخرى وذلك تأمينا للدفء في الشتاء والشنتيان وهو لباسة طويل ـة تصل حتى الكاحلين ويثبت على الخصر بوساطة (تكة) أو دكة ، كما كانوا يدعونها. تدور حول الجزع وتعقد من الخلف. ثم يأتي بعد ذلك كله (القنباز ) وهو من الصاية الحرير أو القطن . وهو اسطواني الشكل لــــــه فتحة عند موقع الصدر وحول الرقبة ليدخل منها الرأس وله كمان طويلان وعلى كل من جانبيه (جيبة ) طويلة تتسع لعدة اللعب من الكلال والبيور، ولعدة (الطوشة) وأهمها (المدح ) وهو قطعة اسطوانيـة مـــــــن الخشب مخروطة ومنتهية برأس مدبب لدّح الخصم ! ! ! أما المقلاع فكان يربط حول الخصر بعد أن يلف به عدة مرات ولباس القدم كـان (البابوج) أو الصرماية الحمراء أو (الزربولة) وهو حذاء من جلد أسود أو أحمر ليس لـه کعب وقسمه الأمامي مؤنف وفي أواخر القرن التاسع عشر لبس الأولاد (البيتون ) في أقدامهم، والكلمة محرّفة عن الفرنسية ( bottine) وهو يشبه (البوط) وكان يزرر من الوسط عند وجه القدم بعروات تدخل فيها أزرار معدنية .
حتى هذه المرحلة تبقى ألبسة البنات والبنين موحدة ثم تبدأ بالافتراق عند سن البلوغ .
ج _ ألبسة الرجال : ونبدأ بالملابس الداخلية: القميص من قماش رقيق من القطن الأبيض قبله واسعة ليدخل الرأس، والكمان عريضان ،
تعليق