الفصل الثالث
العادات والتقاليد الأجتماعية
تظهر العادات والتقاليد في الحياة اليومية، والأفراح والأحـزان ، والمواسم والأعياد .
آ - الحياة اليومية :
كانت الدار عماد الحياة اليومية، وكل دار مؤلفة من العناصر التالية: باحة الدار والبيوت حولها والمرافق . وهي بهذه العناصر تخدم ثلاث وظائف حياتية واجتماعية وجمالية. فهي تؤمن المأوى والراحة لساكنيها ضمن مخطط يعكس تقاليد ومعتقدات ساكنيها ، فالمرأة محجبة حتى نهاية الحرب العالمية الأولى لــدى جميع سكان حمص مسلميهم ومسيحيبهم، وهذا ما فرض المخطط العام للدور : باحة وحولها البيوت لتظل ربة البيـ ومن معها من الحريم طليقة في عقر دارها ، تنصرف الى أمور بيتهـ بحرية وراحة . ولم تكن هناك شبابيك على الشارع، خوفا من وحماية للمرأة .
وكانوا يطلقون على هذه الباحة (أرض الدار ) تحيط بها من جهاتها الأربع أو من بعضها البيوت أي الغرف، وباب الدار الذي يصلها بالشارع أما أن يرتبط بها بوساطة ممر ضيق كانوا يدعونه (الدهليز) أو يؤدي الى أرض الدار مباشرة، ويكون ( الدهليز) في العادة مسقوفا وقد يوضع في ( التنور ) و ( الموقدة) في الدار التي لا مطبخ فيها وكانت المواد المستعملة في البناء هي : التراب ، والحجر والأخشاب فالتراب مصدره الغضار الرباعي الأحمر المنتشر في ضواحي المدينة بسماكة كبيرة. فكان يستعمل على شكل طين يمزج بالماء والحشائش لطلي السق وتثبيت أحجار الجدران كمونة لها. كما كان يضرب به اللبن بسكبه : قوالب خشبية ذات قياس معلوم نصف القالب يعطي لبنة بشكل مربع والنصف الآخر مقسوم الى قسمين كل منهما نصف (لبنة) ويترك حتى يجف ثم يستعمل في بناء الجدران باستعمال مونة من الطين . ويستعمل الطين في بناء جدران (الدَّك) وذلك بتثبيت قالب خشبي برك ـوق الأساس الحجري للجدار ثم يكبس وينك الطين بين فردتي القال شم يترك ليجف فيفك القالب وينقل الى ناحية أخرى من الجدار وهكذا ..
في الرابع من رمضان (۱۳۲۷هـ - ۱۹ أيلول ۱۹۰۹م) داهم حمص سیل لم تشهد له مثيلا في حياتها حتى الآن، كان من نتيجته تهدم جميع الدور المبنية جدرانها باللبن والدّك. فذكر ذلك السيد عبد الهادي الوفائي في منظومته التي وصف فيها السيل :
أما الحجر فكان يؤخذ من منطقة الوعر وهي الهضبة البازالتية الممتدة من الشاطيء الشمالي لبحيرة حمص حتى حدود محافظة حماه بين العام في شرقها وجبل الحلو في غربها . والأحجار البازلتية قاسية سوداء اللون ات ــة ضاربة الى الزرقة وميزة البازلت مع قسوته طواعيته المطرقة النحـ بحيث ينقسم بسهولة الى على شكل متوازي المستطيلات منتظمـ الزوايـا وبـل ويمكن الحصول منه على شرائح ذات سماكة قليلة يبلغ طولها أضعاف عرضها لاستعمالها في سقف النوافذ وساكفا لاعلى الباب . أحجار الاسناس لا تشذب وانما تلقى في خنادق الأساس كيفما اتفق كتلا كبيرة وصغيرة، وبعد الأساس تستعمل الأحجار المشذبة حتى موضع السق ف . والاساسات دائما من الحجر ويبنى فوقها الجدران الحجرية أو الطينية. والأخشاب كانت متوافرة من بساتين حمر ولكن أمتنها كان يأتي من جبال لبنان وجبال البلعاس وتستعمل في اقامة السقوف الخشبية والخشبية الترابية وتدعيم الجدران ونجارة الأبواب والنوافذ .
كانت باحات دور الأغنياء مرصوفة بالحجر المنحوت أو معدسة ( ١ ) أو تبقى ترابية لدى غيرهم . وتوضع حول أرض الدار ( تنكات الزريعة من الفل أو القرنفل أو الزنبق وغيرها من الأزاهير. وفي هذه الباحة بئر مركــ عليه (السربس) أو البكرة لنضح الماء من البئر بوساطة (دلو) كانوا يدعونه (القادوس) . كما كان بعض الأغنياء يقيمون بحرة في وسط الدار، وأغلب الدور فيها (بايكة ) تـأوى اليها حيوانات النقل التابعة للمالك وحيوانات الركوب .
كل بيت من بيوت الدار يوجد فيه مايلي: العتبة وهي عادة تلي الباب مباشرة وهي أوطأ من أرض البيت وأعلى من أرض الدار، وفي احدى جهاتها الملاصقة للجدار يوجد (المصبّ ) وهو فجوة في الجدار فوق العتبة مقسومة الى قمسين : الأسفل وتوضع فيه جرّة الماء، والأعلى ويوضع (۲) فيه السراج أو الكاز، بعد ذلك، والى جانب المصب (اليوك) وهو فجوة أوسع من المصب توضع فيه الفرش واللحف . وفي الجدار الآخر غير المـ على أرض الدار توجد (الخرستانات) واحدها (خرستان ) .واليوك والخرستان يكون لكل منها باب بمصراعين يستر مابداخله أو يكتفى بوضع ستارة من قماش برداية لكل منهما . وقد يوجد في أحد الجدران غير المطلة على باحة الدار فجوة صغيرة تدعى (كتبية ) توضع فيها الكتب. أما الجدار المؤدي الى أرض الدار، فكانت توجد فيه النوافذ (الشابيك) وكانوا يقيسون سعة البيت بعددها، فيقولون مثلا : بيت بباب وشباك أو شبّاكين أو ثلاثة اذا كان كبيرا .
تستخدم العتبة لوضع الأحذية والقباقيب فيها بعد خلعها وقبــــــــــل الجلوس في البيت كما كانت تستخدم لتغسيل الأولاد اذا كانت مبلطة أو ويوجد في كل بيت طاقة أو طاقتان علويتان لتأمين التهوية.
* هندسة الدور :
كانت هندسة الدور موحدة تقريبا كما رأينا ولم يكن هناك طابق ثان في الدار حتى العقد الأخير من القرن التاسع عشر، كذلك لم يكن في حمص كلها دار لها نوافذ على الشارع بسبب حجاب المرأة وحماية للدار من اللصوص، كما كان بعض الأغنياء يزاوجون ، في زخرفة الجدران بـــــــين الحجر المنحوت الأبيض وبين المنحوت الأسود كما كانوا يعمدون الى زخرفة أبواب البيوت الخشبية بحفرها بأشكال الأرابسك كدار (كامل لوقا ) ودار آل (نسيم) في حي باب تدمر، ودار عبدالله فركوح في حييني السباع ي ودار توفيق الزهري اليافي في باب الدريب تحت المادنتين وقصر عبد
العادات والتقاليد الأجتماعية
تظهر العادات والتقاليد في الحياة اليومية، والأفراح والأحـزان ، والمواسم والأعياد .
آ - الحياة اليومية :
كانت الدار عماد الحياة اليومية، وكل دار مؤلفة من العناصر التالية: باحة الدار والبيوت حولها والمرافق . وهي بهذه العناصر تخدم ثلاث وظائف حياتية واجتماعية وجمالية. فهي تؤمن المأوى والراحة لساكنيها ضمن مخطط يعكس تقاليد ومعتقدات ساكنيها ، فالمرأة محجبة حتى نهاية الحرب العالمية الأولى لــدى جميع سكان حمص مسلميهم ومسيحيبهم، وهذا ما فرض المخطط العام للدور : باحة وحولها البيوت لتظل ربة البيـ ومن معها من الحريم طليقة في عقر دارها ، تنصرف الى أمور بيتهـ بحرية وراحة . ولم تكن هناك شبابيك على الشارع، خوفا من وحماية للمرأة .
وكانوا يطلقون على هذه الباحة (أرض الدار ) تحيط بها من جهاتها الأربع أو من بعضها البيوت أي الغرف، وباب الدار الذي يصلها بالشارع أما أن يرتبط بها بوساطة ممر ضيق كانوا يدعونه (الدهليز) أو يؤدي الى أرض الدار مباشرة، ويكون ( الدهليز) في العادة مسقوفا وقد يوضع في ( التنور ) و ( الموقدة) في الدار التي لا مطبخ فيها وكانت المواد المستعملة في البناء هي : التراب ، والحجر والأخشاب فالتراب مصدره الغضار الرباعي الأحمر المنتشر في ضواحي المدينة بسماكة كبيرة. فكان يستعمل على شكل طين يمزج بالماء والحشائش لطلي السق وتثبيت أحجار الجدران كمونة لها. كما كان يضرب به اللبن بسكبه : قوالب خشبية ذات قياس معلوم نصف القالب يعطي لبنة بشكل مربع والنصف الآخر مقسوم الى قسمين كل منهما نصف (لبنة) ويترك حتى يجف ثم يستعمل في بناء الجدران باستعمال مونة من الطين . ويستعمل الطين في بناء جدران (الدَّك) وذلك بتثبيت قالب خشبي برك ـوق الأساس الحجري للجدار ثم يكبس وينك الطين بين فردتي القال شم يترك ليجف فيفك القالب وينقل الى ناحية أخرى من الجدار وهكذا ..
في الرابع من رمضان (۱۳۲۷هـ - ۱۹ أيلول ۱۹۰۹م) داهم حمص سیل لم تشهد له مثيلا في حياتها حتى الآن، كان من نتيجته تهدم جميع الدور المبنية جدرانها باللبن والدّك. فذكر ذلك السيد عبد الهادي الوفائي في منظومته التي وصف فيها السيل :
أما الحجر فكان يؤخذ من منطقة الوعر وهي الهضبة البازالتية الممتدة من الشاطيء الشمالي لبحيرة حمص حتى حدود محافظة حماه بين العام في شرقها وجبل الحلو في غربها . والأحجار البازلتية قاسية سوداء اللون ات ــة ضاربة الى الزرقة وميزة البازلت مع قسوته طواعيته المطرقة النحـ بحيث ينقسم بسهولة الى على شكل متوازي المستطيلات منتظمـ الزوايـا وبـل ويمكن الحصول منه على شرائح ذات سماكة قليلة يبلغ طولها أضعاف عرضها لاستعمالها في سقف النوافذ وساكفا لاعلى الباب . أحجار الاسناس لا تشذب وانما تلقى في خنادق الأساس كيفما اتفق كتلا كبيرة وصغيرة، وبعد الأساس تستعمل الأحجار المشذبة حتى موضع السق ف . والاساسات دائما من الحجر ويبنى فوقها الجدران الحجرية أو الطينية. والأخشاب كانت متوافرة من بساتين حمر ولكن أمتنها كان يأتي من جبال لبنان وجبال البلعاس وتستعمل في اقامة السقوف الخشبية والخشبية الترابية وتدعيم الجدران ونجارة الأبواب والنوافذ .
كانت باحات دور الأغنياء مرصوفة بالحجر المنحوت أو معدسة ( ١ ) أو تبقى ترابية لدى غيرهم . وتوضع حول أرض الدار ( تنكات الزريعة من الفل أو القرنفل أو الزنبق وغيرها من الأزاهير. وفي هذه الباحة بئر مركــ عليه (السربس) أو البكرة لنضح الماء من البئر بوساطة (دلو) كانوا يدعونه (القادوس) . كما كان بعض الأغنياء يقيمون بحرة في وسط الدار، وأغلب الدور فيها (بايكة ) تـأوى اليها حيوانات النقل التابعة للمالك وحيوانات الركوب .
كل بيت من بيوت الدار يوجد فيه مايلي: العتبة وهي عادة تلي الباب مباشرة وهي أوطأ من أرض البيت وأعلى من أرض الدار، وفي احدى جهاتها الملاصقة للجدار يوجد (المصبّ ) وهو فجوة في الجدار فوق العتبة مقسومة الى قمسين : الأسفل وتوضع فيه جرّة الماء، والأعلى ويوضع (۲) فيه السراج أو الكاز، بعد ذلك، والى جانب المصب (اليوك) وهو فجوة أوسع من المصب توضع فيه الفرش واللحف . وفي الجدار الآخر غير المـ على أرض الدار توجد (الخرستانات) واحدها (خرستان ) .واليوك والخرستان يكون لكل منها باب بمصراعين يستر مابداخله أو يكتفى بوضع ستارة من قماش برداية لكل منهما . وقد يوجد في أحد الجدران غير المطلة على باحة الدار فجوة صغيرة تدعى (كتبية ) توضع فيها الكتب. أما الجدار المؤدي الى أرض الدار، فكانت توجد فيه النوافذ (الشابيك) وكانوا يقيسون سعة البيت بعددها، فيقولون مثلا : بيت بباب وشباك أو شبّاكين أو ثلاثة اذا كان كبيرا .
تستخدم العتبة لوضع الأحذية والقباقيب فيها بعد خلعها وقبــــــــــل الجلوس في البيت كما كانت تستخدم لتغسيل الأولاد اذا كانت مبلطة أو ويوجد في كل بيت طاقة أو طاقتان علويتان لتأمين التهوية.
* هندسة الدور :
كانت هندسة الدور موحدة تقريبا كما رأينا ولم يكن هناك طابق ثان في الدار حتى العقد الأخير من القرن التاسع عشر، كذلك لم يكن في حمص كلها دار لها نوافذ على الشارع بسبب حجاب المرأة وحماية للدار من اللصوص، كما كان بعض الأغنياء يزاوجون ، في زخرفة الجدران بـــــــين الحجر المنحوت الأبيض وبين المنحوت الأسود كما كانوا يعمدون الى زخرفة أبواب البيوت الخشبية بحفرها بأشكال الأرابسك كدار (كامل لوقا ) ودار آل (نسيم) في حي باب تدمر، ودار عبدالله فركوح في حييني السباع ي ودار توفيق الزهري اليافي في باب الدريب تحت المادنتين وقصر عبد
تعليق