تشتهر الثقوب السوداء بتمزيقها النجوم، لكن محاكاةً جديدةً تشير إلى أنه في اللحظات الأخيرة، يمكن للثقب الأسود أن يعيد النجوم إلى الحياة.
فقط بعض النجوم -وفي ظروفٍ معينة ومثالية- يمكن أن تساعد في حلّ لغز الثقب الأسود المحيّر، فكيف يكون هذا ممكنًا؟
إنَّ وجود قزمٍ أبيض -أو في الواقع أيّ نجمٍ- قريبًا جدًا من الثقب الأسود يكون عديم النفع، لكن ما يحدث بعد ذلك هو إحدى أكثر العمليات عنفًا في الكون.
إن قوة الجاذبية الهائلة للثقب الأسود (ما نسميه بقوة المد والجزر)؛ لأنها القوة نفسها التي يمارسها القمر لإحداث المد والجزر لكن على نطاقٍ أكبر، ستمزق النجم وتلتهمه أو تلتهم ما تبقّى، ولكن إذا كان النجم قزمًا أبيض فإن نقطة النهاية التطورية للنجوم صغيرة ومتوسطة الحجم مثل شمسنا قد تكون شيئًا مثيرًا للاهتمام.
في هذه الأقزام البيضاء يتوقّف الاندماج الهيدروجينيّ بالفعل قبل أن يتم امتصاصه، ولكن في الوقت الذي تُمدِّد فيه قوى مد الثقب الأسود النجمَ وتضغطه في اتجاهاتٍ متعارضة فيما يسمى بحدث اضطراب المد والجزر، يمكن للضغط في الواقع أن يشعل الاندماج في قلب النجم حتى ولو لبضع ثوانٍ فقط، وفقًا للمحاكاة الجديدة.
مدمّر العوالم قد يغذّي شرارة الحياة!، على الرغم من ذلك، يمكن أن يحدث هذا فقط إذا كان ثقبًا أسود متوسطًا.
ولسببٍ ما يبدو أنه مفقودٌ في الكون، هناك فئتان من الثقوب السوداء في الكون؛ الثقوب السوداء النجمية ذات الكتلة النجمية، والتي عادةً ما تكون أقل من 100 مرة ضعف كتلة الشمس، وتكون اصطداماتها مسؤولة عن ملاحظات موجات الجاذبية.
والثقوب السوداء فائقة الكتلة التي تصل كحدٍّ أدنى إلى حوالي 100000 ضعف كتلة الشمس، وقد تتراوح ما بين ملايين أو مليارات الكتل الشمسية؛ مثل القوس وهو الثقب الأسود الهائل في مركز درب التبانة (حوالي 4 ملايين ضعف كتلة الشمس).
وقد ثبت أن الفئة التي ينبغي أن تكون في المنتصف من 1000 إلى 100000 كتلة شمسية بعيدةُ المنال.
المرشّح الأفضل حتى الآن ظهر في وقتٍ سابق من هذا العام، لكنه ليس حاسمًا بنسبة 100%.
لكن الباحثين قالوا لا الثقوبُ السوداء ذات الكتلة النجمية أو الضخمة ستؤدي إلى خلق القزم الأبيض.
إن الثقب الأسود ذا الكتلة النجمية صغيرٌ جدًا بحجمه، ما يعني أن القزم الأبيض سيبتلعه في البداية، وإنّ قوى المد لثقبٍ ضخم قويةٌ لدرجة أن النجم سيقع فيه قبل أن تتعطل القوى؛ لذا فإن معرفة أن الثقب الأسود المتوسط يؤثر على تكوين قزمٍ أبيض يمكن أن تساعد في تحديد الحلقة المفقودة في الثقوب السوداء الغامضة.
قال عالم الفيزياء الفلكية كريس فراجيل من كلية تشارلستون: «إنه من المهم معرفة عدد الثقوب السوداء متوسطة الكتلة؛ لأن هذا سيساعد في الإجابة عن السؤال: من أين تأتي الثقوب السوداء الهائلة؟ إن العثور على ثقوب سوداء متوسطة من خلال أحداث تعطّل المد قد يكون تقدمًا هائلًا».
لن يكون الأمر سهلًا، فعلى الرغم من أنها يمكن أن تنتج كمية لا تُصدّق من الطاقة الكهرومغناطيسية إذ إن الثقب الأسود ينفثها بدفعاتٍ نسبية؛ إلا أنه لم تُكتشَف سوى حفنة من أحداث تعطيل المد والجزر، ولم يكن القزم مسؤولًا عن أيٍّ منها.
إذا كان لا بدّ من ابتلاع قزم أبيض بواسطة ثقبٍ أسود كثيف متوسط، فيمكن أن يؤدي الاندماج النووي الذي أعيد إشعاله إلى تحويل تركيبة القزم الأبيض النموذجية من الهيليوم والكربون والأكسجين إلى عناصر أثقل مثل الحديد والكالسيوم.
تُبيّن عمليات محاكاة الفريق أنه عندما يكون القزم الأبيض أبعد قليلًا عن الثقب الأسود فإنه ينتج المزيد من الكالسيوم، ولكن عندما يكون أقرب ينتج المزيد من الحديد.
وبما أنه لا ينتهي المطافُ بكل نجمٍ ملتهَمًا من قِبل ثقب أسود، يمكن بعد ذلك إطلاق هذه العناصر في الفضاء ودمجها في النهاية في نجوم جديدة.
أظهرت محاكاة الفريق أيضًا أن هذه الأحداث يمكن أن تنتج انفجارات قصيرة من موجات الجاذبية الخافتة.
ليس لدينا في الوقت الحاليّ أجهزة حساسة بما يكفي لاكتشافها، ولكن هذا لا يعني أننا لن نمتلكها في المستقبل، وفي الوقت نفسه هناك عددٌ من التلسكوبات التي تبحث بالفعل عن أحداث تعطيل المد والجزر.
يمكن لمحاكاة الفريق أن تساعد في العثور عليها وتمييزها، ونأمل أن يُلقى بعض الضوء على هذه الثقوب السوداء الغريبة والمراوغة.