هل تم حل اللغز؟
لقد تم حل لغز سبب خفوت ضوء النجوم الصغيرة في كثير من الأحيان، إذ لاحظ الباحثون للمرة الأولى ما يُعتقد أنه نجم يبتلع حطامًا ناتجًا عن اصطدام كوكبين.
إنه نجم صغير يبعد نحو 430 سنة ضوئية ضمن سحابة توروس، وهي منطقة مليئة بالنجوم تقع بين مجموعتي الكواكب الشمالية توروس وأوريغا.
يطلق على النجم الذي اكتُشِف عام 1937 اسم (RW Aur A)، ويقوم كل بضعة عقود بفعل شيءٍ يثير الفضول، إذ يخفت توهجه لمدة شهر تقريبًا ثم يسطُع مجددًا.
في السنوات الأخيرة كان يفعل النجم ذلك بشكل أكثر تكرارًا ولفترات أطول.
الآن تُوفّر البيانات التي حصل عليها مرصد شاندرا للأشعة السينية دليلًا على ما قد تسبب في آخر خفوت لهذا النجم.
يبدو أن اثنين من الكواكب البدائية قد تصادما أثناء دورانهما حول النجم.
وعندما تسارعت الأنقاض الناجمة عن التصادم نحو النجم شكلت سحابة من الغبار حجبت بعضًا من ضوء النجم بشكل مؤقت، فلم تستطع المحافظة على قوة دفع تكفي للهروب من جاذبية النجم.
يقول خبير الفيزياء الفلكية هانز موريتز جوينثر من معهد كافلي للفيزياء الفلكية والبحوث الفضائية: «تنبأت المحاكاة الحاسوبية منذ زمن بعيد بأن الكواكب يمكن أن تسقط على نجم صغير لكننا لم نرَ ذلك من قبل.
إذا كان تفسيرنا للبيانات صحيحًا، فستكون هذه هي المرة الأولى التي نرصد فيها بشكل مباشر نجمًا صغيرًا يلتهم كوكبًا أو مجموعة كواكب».
وإذا كان تفسيرنا صحيحًا، سيفسر أيضًا سبب خفوت ضوء نجم (RW Aur A) عدة مرات أخرى على مر السنين.
يتعلق هذا الأمر أيضًا بعمر النجم.
ويقدر عمره بحوالي بضعة ملايين من السنين، وهو طفل صغير بالنسبة لباقي النجوم.
في هذا العمر تكون النجوم لا تزال محاطة بقرص من الكواكب البدائية مكونة من الغبار والغاز الذي يتحول في النهاية إلى نظام كوكبي.
هناك الكثير مما نجهله عن هذه العملية، ولكن نظامنا الشمسي يخبرنا أن التصادمات خلال سنوات التكوين الأولية قد تكون شائعة إلى حدٍ ما.
على سبيل المثال كوكب أورانوس والذي لديه مميزات يمكن تفسيرها بشكل كبير من خلال الاصطدام.
يُعتقد أيضًا أن القمر جاء نتيجة تصادم.
الأرض بحسب أحد الفرضيات ابتلعت كويكبًا بدائيًا آخر بعد اصطدام.
كما يُعتقد أن حزام الكويكبات الخاص بالنظام الشمسي هو نتاج تصادمات الكواكب والمواد الناتجة عن الكويكبات المدمرة.
لذلك فإن هذا التفسير معقول للغاية، خاصة بالنظر إلى البيانات المتوفرة.
أصبح خفوت ضوء النجم في السنوات الأخيرة سلوكًا غير اعتيادي، فقد خفت في عام 2011 لمدة ستة أشهر، ومرة أخرى في منتصف عام 2014 قبل العودة إلى السطوع الكامل بحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2016 ثم خفُت مرة أخرى في يناير/كانون الثاني 2017 .
تمكن الفريق من مراقبة النجم باستخدام مرصد شاندرا خلال قمة لمعانه في عام 2013، وجمع ما يقارب 14 ساعة من بيانات المراقبة عندما كان ضوء النجم أخفت في 2015 و 2017.
وهذا يعني أنه يمكنهم مقارنة التغييرات في طيف الضوء بين الخفوت والإضاءة الكاملة.
يقول جوينثير: «تأتي الأشعة السينية من النجم ويتغير طيف الأشعة السينية مع تحرك الأشعة عبر الغاز الموجود في القرص المحيط.
نحن نبحث عن آثار معينة والتي يسببها الغاز في طيف الأشعة السينية».
وجد الباحثون أن حادثتي خفوت الضوء كانتا بسبب وجود غاز كثيف بيننا وبين النجم، ووجدوا أيضًا أن النجم أكثر حرارة بكثير مما كان متوقعًا.
كما وجدوا بعد حادثة 2017 أن هذا الغبار يحتوي على الكثير من الحديد أكثر مما لوحظ في عام 2013.
ويضيف جوينثير: «هنا نرى الكثير من الحديد، على الأقل أكثر بـ 10 أضعاف من قبل، وهو أمر غير مألوف، لأن النجوم النشطة والساخنة عادةً ما يكون لديها كمية حديد أقل من غيرها، في حين أن هذا النجم لديه أكثر من غيره، فمن أين يأتي كل هذا الحديد؟».
خلُص الفريق إلى تفسيرين محتملين.
الأول هو ما يعرف باسم «فخ ضغط الغبار»، يحدث عندما تتوقف حبيبات الغبار فيما يسمى «المناطق الميتة» في القرص.
وعندما يمر نظير النجم (RW Aur A) تحدث قوة مد وجزر، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تعطيل ما يسمى فخ الغبار، وسقوط هذه المواد على النجم.
لم يعتقد الفريق أن هذا التفسير ذو احتمالية كبيرة.
وبدلًا من ذلك يعتقدون أن السبب على الأرجح هو صدام بين كوكبين بدائيين حيث كان أحدهما أو كلاهما يحتوي على نسبة عالية من الحديد.
يأمل الفريق في مراقبة النجم بشكل أكبر في المستقبل، لتحديد ما إذا كان محتوى الحديد قد تغير.
هذا الأمر يمكن أن يساعد في حساب حجم الأجسام المتصادمة.
إذا بقيت مستويات الحديد كما هي أو أقل قليلًا، فهذا يشير إلى كتلة أكبر وبالتالي حطام أكثر.
ويشير عكس ذلك إلى كتل أصغر.
يقول جوينثير: «نبذل حاليًا الكثير من الجهد لمعرفة المزيد عن الكواكب الخارجية وكيفية تشكلها لذا من المهم جدًا أن نرى كيف يمكن أن تتحطم الكواكب البدائية من خلال اصطدامها مع نجومها أو الكواكب البدائية الأخرى، وما هي العوامل التي تحدد ما إذا كانت هذه الكواكب ستنجو من هذه الصدامات».