أثاث القرن السابع عشر
بدايات القرن السابع عشر:
كانت أغلب الأقطار الأوروبية متورطة في حروب سياسية ودينية، فأدى هذا إلى عدم تطور الفنون في أقطار أوروبية عديدة. وكانت إيطاليا وهولندا هما اللتين تتمتعان بالسلام فقط، وأصبح الحرفيون الإيطاليون خاصة هم المصدر المهم للتصميمات الجديدة للأثاث. وقد أبدع صناع الأثاث الهولنديون في إيجاد تصميمات نباتية مطعَّمة بالأخشاب الاستوائية وأم اللآلئ (جدران بعض أنواع الأصداف البحرية).
وفي فرنسا أنشأ الملك هنري السادس ورشًا للأثاث الملكي في قصر اللوفر بباريس، وأنفق على هذه الورش وجلب لها خيرة الحرفيين من الأقطار الأخرى ليعملوا فيها.
نالت إيطاليا قصب السبق في تطوير الأثاث ؛ لأن عددًا كبيرًا من التجار الإيطاليين كانوا يبنون قصورًا عظيمة في تلك الفترة. وكانوا يريدون أجمل الأثاث لقصورهم، وقد أمدهم الحرفيون الإيطاليون بذلك.
كان لأغلب الطاولات الإيطالية قواعد مشكلة على المناضد الشرائحية الرومانية القديمة. وكان الجزء الأعلى لبعض الطاولات مصنوعًا من الرخام، أو الخشب المعشق على قاعدة منحوتة في شكل كائنات خرافية، أو أصداف، أو تصميمات نباتية، أو أشكال آدمية. وكانت التماثيل المنحوتة على شكل أُناس تستخدم أيضًا أرجلاً للخزائن الخشبية، والشمعدانات وبعض الكراسي.
وأنتج الحرفيون الإيطاليون أنماطًا من الصناديق، والخزائن الخشبية، وخزائن الملابس والأدوات، التي انتشرت في كل أوروبا. وتطور كَاسُّون القرن السادس عشر إلى كِرِيدَنْزا طويلة ذات أبواب عديدة، وتطورت الكريدنزا بدورها إلى شكلين جديدين أخذ أحدهما شكل خِزانة طويلة ذات بابين، والآخر شكل صندوق طويل بأدراج وله قاعدة.
وفي القرن السابع عشر اعتبر أغلب الناس أن نوعية التنجيد في الأثاث المنزلي تُعبِّر عن المستوى الاجتماعي للشخص. ولهذا فإن الأسِرّة المزينة بالكثير من الحرير والمخمل والمنسوجات المترفة أصبحت أهم قطع الأثاث. وكانت مثل هذه الأسرَّة المعبرة عن الوضع الطبقي توضع في الغرفة الرئيسية بالقصر أو بالبيت الكبير، كما كانت توضع في غرفة النوم.
أثاث لويس الرابع عشر:
كان نمط أثاث لويس الرابع عشر أكثر الأثاثاث شهرة خلال القرن السابع عشر. وقد أصبح لويس الرابع عشر ملكًا لفرنسا عام 1643م وهو في الرابعة من عمره، وتولى قيادة الحكومة الفرنسية عام 1661م بعد وفاة جوليس كاردينال مازارين، كبير الوزراء الفرنسيين، وكان عمره وقتها 23 سنة، ومنذ ذلك الوقت وهب نفسه للعمل من أجل أن تكون فرنسا المركز الثقافي والسياسي للعالم الغربي، واعتبر أن صناعة الأثاث والفنون الزخرفية ذات أهمية سياسية، لأنه يمكن أن يستخدمها لتعظيم مكانته كملك للبلاد. فاشترى مبنى على أطراف باريس وحَوّلَهُ إلى ورش، وعَيّن فيه عددًا من الحرفيين من ذوي الخبرة، وكلفهم عمل الأثاث اللازم لأماكن سكنه. وأوجدت عملية التأثيث هذه أسلوبًا قوميًا جديدًا في الفن.
لقد كان الحرفيون يعملون ـ في حقيقة الأمر ـ في مشروع واحد فقط في فرساي حيث كانوا يعملون على تحويل النُزُل الملكي للصيد إلى قصر ملكي مترف. وقد أشرف المعماري الفرنسي الشهير شارل لوبرون على مشروع فرساي، واستأجر حرفيين من أقطار أخرى. وأصبح موضوع زخرفة وتأثيث قصر فرساي مشروع مقاولات ضخمًا بحيث أدى إلى استقرار بعض الحرفيين الأجانب نهائيًا في فرنسا. وتزوج كثير منهم من نساء فرنسيات، وأنجبوا أطفالاً صاروا فيما بعد صنّاع أثاث، وكوّنوا مجموعة الحرفيين الوطنيين الفرنسيين.
وعُرف الأسلوب الممتاز الذي أُثِّث به قصر فرساي باسم طراز لويس الرابع عشر. وقد اشتُهر هذا الطراز المترف لسببين مهمين: أحدهما أسلوب القشرة الذي ابتكره أحد صناع الخزائن الخشبية الفرنسيين واسمه أنْدريه شارْل بَاول. وفي هذا الأسلوب القشري يحشو الحِرفي طبقة خفيفة من مادة بين مادتين أخريين متضادتين. فاستخدم الحرفيون مواد كالنحاس، والأبنوس والقصدير وجلد السلحفاة، وكانوا ينحتون الطبقات ليكونوا وحدات زخرفية لولبية. ولقد استُخدمت هذه الطريقة في خزائن لويس الرابع عشر، وفي طاولاته المخصصة للكتابة، وغيرها من الأثاث. أما السبب الثاني فهو أن لوبرون ولويس نفسيهما كانا مسؤوليْن عن أثاث الاستراحة المطعم بالفضة والذي صُنِع للغرف الرئيسية في فرساي.
انتشار طراز الأثاث الفرنسي:
حدد تأثيث قصر فرساي المستوى الذي ينبغي أن تكون عليه القصور الملكية. وسرعان ما انتشر تقليد الأسلوب الفرنسي في أثاث القصور في كل أرجاء أوروبا. غير أن هناك أسبابًا سياسية ودينية لانتشار التأثير الفرنسي.
كان الدين القومي في فرنسا هو الرومانية الكاثوليكية، غير أن أغلب الحرفيين كانوا بروتستانت وكانوا يسمون في فرنسا هُوغُونُوت، وتمتعوا بحرية دينية منحها لهم المرسوم المسمى بمرسوم نَانْت الذي أصدره الملك هنري الرابع عشر عام 1598م. عاد لويس الرابع عشر، في عام 1685م فألغى هذا المرسوم، وصادر حريات هذه المجموعة، وهرب كثير من الحرفيين إلى هولندا و إنجلترا. وهناك عملوا مع النبلاء والتجار والأثرياء فأنشأوا ـ في البلدين ـ تصميمات يغلب عليها الذوق الفرنسي.
وأكبر هؤلاء الحرفيين الهُوغُونُوت تأثيرًا في هولندا وإنجلترا كان دَانييل مارو، وقد عمل مع وليم الثالث الذي كان وزيرًا في هولندا قبل أن يصبح ملكًا لإنجلترا عام 1689م. كما قام بالتصميمات الداخلية وبتأثيث القصر الملكي في هامبتون قرب لندن. ووجدت تصميماته للمقاعد العالية الظهر ذات التنجيد الفرنسي للمقعد والظهر، إقبالاً شديدًا في أواخر القرن السابع عشر. وقد أدى عمل مارو إلى نمط من الأسِرَّة الرسمية بثنيات أكثر ترفًا حتى من تلك التي استخدمت في فرنسا.
سطح طاولة إيطالي من القرن السابع عشر مزخرف بأحجار شبه كريمة بأسلوب يسمى بيتري دور. وهناك سطوح طاولات أخرى صُنعت في الفترة نفسها من الرخام أو الخشب المرصَّع. |
كانت أغلب الأقطار الأوروبية متورطة في حروب سياسية ودينية، فأدى هذا إلى عدم تطور الفنون في أقطار أوروبية عديدة. وكانت إيطاليا وهولندا هما اللتين تتمتعان بالسلام فقط، وأصبح الحرفيون الإيطاليون خاصة هم المصدر المهم للتصميمات الجديدة للأثاث. وقد أبدع صناع الأثاث الهولنديون في إيجاد تصميمات نباتية مطعَّمة بالأخشاب الاستوائية وأم اللآلئ (جدران بعض أنواع الأصداف البحرية).
وفي فرنسا أنشأ الملك هنري السادس ورشًا للأثاث الملكي في قصر اللوفر بباريس، وأنفق على هذه الورش وجلب لها خيرة الحرفيين من الأقطار الأخرى ليعملوا فيها.
نالت إيطاليا قصب السبق في تطوير الأثاث ؛ لأن عددًا كبيرًا من التجار الإيطاليين كانوا يبنون قصورًا عظيمة في تلك الفترة. وكانوا يريدون أجمل الأثاث لقصورهم، وقد أمدهم الحرفيون الإيطاليون بذلك.
كان لأغلب الطاولات الإيطالية قواعد مشكلة على المناضد الشرائحية الرومانية القديمة. وكان الجزء الأعلى لبعض الطاولات مصنوعًا من الرخام، أو الخشب المعشق على قاعدة منحوتة في شكل كائنات خرافية، أو أصداف، أو تصميمات نباتية، أو أشكال آدمية. وكانت التماثيل المنحوتة على شكل أُناس تستخدم أيضًا أرجلاً للخزائن الخشبية، والشمعدانات وبعض الكراسي.
وأنتج الحرفيون الإيطاليون أنماطًا من الصناديق، والخزائن الخشبية، وخزائن الملابس والأدوات، التي انتشرت في كل أوروبا. وتطور كَاسُّون القرن السادس عشر إلى كِرِيدَنْزا طويلة ذات أبواب عديدة، وتطورت الكريدنزا بدورها إلى شكلين جديدين أخذ أحدهما شكل خِزانة طويلة ذات بابين، والآخر شكل صندوق طويل بأدراج وله قاعدة.
وفي القرن السابع عشر اعتبر أغلب الناس أن نوعية التنجيد في الأثاث المنزلي تُعبِّر عن المستوى الاجتماعي للشخص. ولهذا فإن الأسِرّة المزينة بالكثير من الحرير والمخمل والمنسوجات المترفة أصبحت أهم قطع الأثاث. وكانت مثل هذه الأسرَّة المعبرة عن الوضع الطبقي توضع في الغرفة الرئيسية بالقصر أو بالبيت الكبير، كما كانت توضع في غرفة النوم.
طراز لويس الرابع عشر كان معروفًا بترفه. وقد جمع لويس لوفاو - المعماري الفرنسي الذي صمم هذه الغرفة - الأثاث الجميل مع الأعمال الفنية والزخارف المعمارية ليحقق تناسقا جميلا. وتعتبر الأريكة والكراسي ذات المساند الخلفية العالية مثالا لنمط لويس الرابع عش |
كان نمط أثاث لويس الرابع عشر أكثر الأثاثاث شهرة خلال القرن السابع عشر. وقد أصبح لويس الرابع عشر ملكًا لفرنسا عام 1643م وهو في الرابعة من عمره، وتولى قيادة الحكومة الفرنسية عام 1661م بعد وفاة جوليس كاردينال مازارين، كبير الوزراء الفرنسيين، وكان عمره وقتها 23 سنة، ومنذ ذلك الوقت وهب نفسه للعمل من أجل أن تكون فرنسا المركز الثقافي والسياسي للعالم الغربي، واعتبر أن صناعة الأثاث والفنون الزخرفية ذات أهمية سياسية، لأنه يمكن أن يستخدمها لتعظيم مكانته كملك للبلاد. فاشترى مبنى على أطراف باريس وحَوّلَهُ إلى ورش، وعَيّن فيه عددًا من الحرفيين من ذوي الخبرة، وكلفهم عمل الأثاث اللازم لأماكن سكنه. وأوجدت عملية التأثيث هذه أسلوبًا قوميًا جديدًا في الفن.
لقد كان الحرفيون يعملون ـ في حقيقة الأمر ـ في مشروع واحد فقط في فرساي حيث كانوا يعملون على تحويل النُزُل الملكي للصيد إلى قصر ملكي مترف. وقد أشرف المعماري الفرنسي الشهير شارل لوبرون على مشروع فرساي، واستأجر حرفيين من أقطار أخرى. وأصبح موضوع زخرفة وتأثيث قصر فرساي مشروع مقاولات ضخمًا بحيث أدى إلى استقرار بعض الحرفيين الأجانب نهائيًا في فرنسا. وتزوج كثير منهم من نساء فرنسيات، وأنجبوا أطفالاً صاروا فيما بعد صنّاع أثاث، وكوّنوا مجموعة الحرفيين الوطنيين الفرنسيين.
وعُرف الأسلوب الممتاز الذي أُثِّث به قصر فرساي باسم طراز لويس الرابع عشر. وقد اشتُهر هذا الطراز المترف لسببين مهمين: أحدهما أسلوب القشرة الذي ابتكره أحد صناع الخزائن الخشبية الفرنسيين واسمه أنْدريه شارْل بَاول. وفي هذا الأسلوب القشري يحشو الحِرفي طبقة خفيفة من مادة بين مادتين أخريين متضادتين. فاستخدم الحرفيون مواد كالنحاس، والأبنوس والقصدير وجلد السلحفاة، وكانوا ينحتون الطبقات ليكونوا وحدات زخرفية لولبية. ولقد استُخدمت هذه الطريقة في خزائن لويس الرابع عشر، وفي طاولاته المخصصة للكتابة، وغيرها من الأثاث. أما السبب الثاني فهو أن لوبرون ولويس نفسيهما كانا مسؤوليْن عن أثاث الاستراحة المطعم بالفضة والذي صُنِع للغرف الرئيسية في فرساي.
الأسرَّة الملكية التي تميزها الظلة المنحوتة، والستائر المترفة، كانت أهم القطع عند النبلاء والأثرياء في أواخر القرن السابع عشر. صمم دَانْييل مارُو صانع الأثاث الفرنسي الشهير هذا السرير الرفيع لغرفة النوم الملكية في القصر الملكي في هامبتون قرب لندن. |
حدد تأثيث قصر فرساي المستوى الذي ينبغي أن تكون عليه القصور الملكية. وسرعان ما انتشر تقليد الأسلوب الفرنسي في أثاث القصور في كل أرجاء أوروبا. غير أن هناك أسبابًا سياسية ودينية لانتشار التأثير الفرنسي.
كان الدين القومي في فرنسا هو الرومانية الكاثوليكية، غير أن أغلب الحرفيين كانوا بروتستانت وكانوا يسمون في فرنسا هُوغُونُوت، وتمتعوا بحرية دينية منحها لهم المرسوم المسمى بمرسوم نَانْت الذي أصدره الملك هنري الرابع عشر عام 1598م. عاد لويس الرابع عشر، في عام 1685م فألغى هذا المرسوم، وصادر حريات هذه المجموعة، وهرب كثير من الحرفيين إلى هولندا و إنجلترا. وهناك عملوا مع النبلاء والتجار والأثرياء فأنشأوا ـ في البلدين ـ تصميمات يغلب عليها الذوق الفرنسي.
وأكبر هؤلاء الحرفيين الهُوغُونُوت تأثيرًا في هولندا وإنجلترا كان دَانييل مارو، وقد عمل مع وليم الثالث الذي كان وزيرًا في هولندا قبل أن يصبح ملكًا لإنجلترا عام 1689م. كما قام بالتصميمات الداخلية وبتأثيث القصر الملكي في هامبتون قرب لندن. ووجدت تصميماته للمقاعد العالية الظهر ذات التنجيد الفرنسي للمقعد والظهر، إقبالاً شديدًا في أواخر القرن السابع عشر. وقد أدى عمل مارو إلى نمط من الأسِرَّة الرسمية بثنيات أكثر ترفًا حتى من تلك التي استخدمت في فرنسا.