يحتفل التلسكوب الفضائي Spitzer بمضيّ 15 عامًا منذ إطلاقه في أغسطس عام 2003. وقد حقّقت مركبة الفضاء هذه اكتشافات لم يتوقّعها مصمموها، بما في ذلك 7 من كواكب النجم TRAPPIST-1 التي في مثلِ حجم الأرض.
وإليكَ بعض الحقائق الرئيسية حول Spitzer:
أولًا: استكشاف الكون
لقد هَدَف برنامج الرصد إلى استكشاف الكون بأربعة تلسكوبات فضائية ضخمة، تخصّص كلٌ منها بعرض الكون بموجات ضوئية مختلفة عن الأخرى. وتشمل المراصد العظيمة الأخرى التلسكوب الفضائي هابل، مرصد تشاندرا الفضائي للأشعة السينية، ومرصد كومبتون لأشعة غاما.
بجمع البيانات من أنواع التلسكوبات المختلفة، أمكن للعلماء رسم صورة أكمل للكون.
ثانيًا: يعمل Spitzer بالأشعة تحت الحمراء:
الموجات الضوئية تحت الحمراء، التي تأتي بصورة أساسية من الإشعاع الحراري، أطول من أن تُرَى بالعين المجرّدة، لكنّها مهمة جدًّا من أجل استكشاف الفضاء، لا سيّما حينما يخطر لك الحصول على معلومات عن شيءٍ ما بعيد لأقصى الحدود.
يُمكن دراسة مدى واسعٍ من الظواهر بالأشعة تحت الحمراء؛ بدءًا من السحب المضطربة حيثُ تتكون النجوم وحتى الكويكبات القريبة من مدار الأرض. الأشياء الخافتة جدًّا أو البعيدة جدًّا على التليسكوبات البصرية لترصدها، أو تلك التي تغطّيها سحب الغبار الفضائي الكثيفة، يُمكن رؤيتها بالتلسكوب Spitzer. وبهذه الطريقة يعمل Spitzer كامتداد لرؤية الإنسان لاكتشاف الكون على المدى القريب والبعيد.
وما هو أكثر، على عكس التلسكوبات الأرضية، لا يحتاج Spitzer إلى التعامل مع الغلاف الجوي للأرض، تغيّرات درجات الحرارة اليومية، أو دورات الليل والنهار.
بمرآتِهِ البالغ قُطرها أقل من متر، فإنّ Spitzer في الفضاء يكون أكثر حساسيّةً حتى من تلسكوب ذي قُطر عشرة أمتار على الأرض.
ثالثًا: كان Spitzer أوّل المركبات الفضائية التي تطير في مدار تعقبي للأرض:
بدلًا من الدوران حول الأرض، كما يفعل هابل، يدور Spitzer حول الشمس تقريبًا بنفس مدار الأرض. لكن يتحرك أبطأ من الأرض لذلك ينجرفُ بعيدًا عن كوكبنا كل عام.
لدى المدار التعقبي للأرض الخاص بـ Spitzer العديد من المميزات. كونُه أبعد عن الأرض من قمر صناعي، فإنّه يستقبل حرارةً أقل من كوكبنا ويتمتّع ببيئة باردة طبيعيًّا. كما يستفيد من دورانه حول الشمس برؤية أوسع للسماء. بينما يتغير حقل رؤيتُه خلال العام، إلا أنّه يستطيع رؤية ثلث السماء تقريبًا في أيّ وقت. أيضًا استقر التلسكوب الفضائي كيبلر، المعروف باكتشافه لآلاف الكواكب الخارجية، الكواكب الواقعة خارج النظام الشمسي، في مدار تعقبي للأرض بعد ست سنوات من Spitzer.
رابعًا: بدأ Spitzer في مهمة باردة:
تفوّق Spitzer على المطلب العمري الأولي لعامين ونصف العام، وقد سمّى فريق Spitzer أول خمس سنوات ونصف، بالمهمة الباردة؛ لأنّ أدوات المركبة الفضائية هدأت عمدًا في هذا الوقت. وقد أبقى الهيليوم السائلُ المبرّدُ على أدوات Spitzer في درجات أعلى قليلًا من الصفر المطلق، بما يُعادل -459 درجة فهرنهايت أو -273 درجة سيليزيوس في الجزء الأول من المهمة.
خامسًا: المهمة الدافئة لم تزل باردة جدًّا:
دخل Spitzer فيما يُسمّى المهمة الدافئة حين نفذ مخزونه من 360 لترًا من الهيليوم السائل المُبرّد والذي كان يُبرّد أجهزته.
في درجات الحرارة الدافئة عند -405 فهرنهايت، توقف جهازان لspitzer عن العمل وهما راسم الطيف بالأشعة تحت الحمراء “IRS”، والتصوير الضوئي متعدد المراحل “MIPS”.
صمدت اثنتان فقط من مجموعات الكشف الأربعة في كاميرا طيف الأشعة تحت الحمراء. وقد قادت قنوات الكاميرا استكشافات Spitzer منذُ ذلك الحين.
سادسًا: لم يكُن spritzer مصمّمًا لدراسة الكواكب الخارجية، خارج المجموعة الشمسية، لكنّه قطع أشواطًا في هذا الميدان.
كان علم الكواكب الخارجية في طفولته عندما أُطلِقَ spitzer عام 2003، لذا لم يمتلك علماء ومهندسو المهمة الأولى أدنى فكرة عمّا إذا كان بمقدور spitzer أن يرصد الكواكب وراء نظامنا الشمسيّ. لكن نظام استهداف النجوم الدقيق للتلسكوب وقدرته على التحكم بالتغيرات غير المطلوبة، كالتغيّر في درجات الحرارة؛ جعلت منه أداةً مفيدةً من أجل دراسة الكواكب الخارجية. خلال مهمة Spitzer تعلّم المهندسون كيفية التحكّم بتصويب مركبة الفضاء بمزيد من الدقة لإيجاد وتمييز الكواكب الخارجية أيضًا.
باستخدام ما يسمى “طريقة العبور” يمكن لمسبار Spitzer تصوير نجم والكشف عن الانخفاضات الدورية في السطوع التي تحدث عندما يعبر الكوكب أمام النجم.
في واحدٍ من أبرز إنجازاته، اكتشف Spitzer 3 كواكب النجم TRAPPIST-1 وأثبت امتلاك النظام 7 كواكب في حجم الأرض تدور حول نجم قزم فائق البرودة. أيضًا، ساعدت بيانات Spitzer العلماء في تقرير أنّ 7 كواكب بأكملها صخرية، وجعلتها من أكثر الكواكب المفهومة إلى يومِنا هذا.
يمكن لـ Spitzer أيضًا أن يستخدم تقنيةً تُسمّى microlensing لإيجاد الكواكب الأقرب إلى مركز مجرّتنا. فحين يمُرّ نجمٌ من أمامِ نجمٍ آخر فإنّ جاذبية النجم الأول يمكن أن تعمل كعدسة، فتجعل الضوء من النجم الأبعد يظهر أكثر إشراقًا.
يستخدم العلماء تقنية microlensing للبحث عن ومضة وسط هذا السطوع، والذي قد يعني أن النجم الأمامي يدور حوله كوكب. لم تعمل تقنية Microlensing مبكرًا في المهمة حين كان Spitzer قريبًا من الأرض، لكن الآن المركبة بعيدة؛ فلديها فرصة أفضل لحساب هذه الأحداث.
سابعًا: Spitzer نافذة للماضي البعيد:
لاحظت المركبة الفضائية Spitzer بعضًا من أبعد الأشياء في الكون وساعدت في اكتشافها، ما ساعد العلماء على فهم من أينَ أتينا. أساسًا، أَمَل مصممو كاميرا Spitzer أن تكشف المركبة عن مجرّات على بُعد 12 مليون سنة ضوئية. في الحقيقة، تخطّى Spitzer هذا، وتمكّن من رؤية أبعد من هذا، عائدًا بالزمن، تقريبًا نحو بدايات الكون. بالتنسيق مع Hubble، ساعد Spitzer في تمييز مجرّة GN-z11 على بُعد حوالي 13.4 مليار سنة ضوئية، وقد ظلّ ضوؤها يسافر من بعد الانفجار العظيم 400 مليون سنة؛ إنّها أبعد المجرّات المعروفة.
ثامنًا: اكتشف Spitzer أضخم حلقات زُحَل:
يعلم الجميع عن امتلاك زحل حلقات مميزة، لكن هل تعلم أنّ أضخم حلقاته اكتُشِفَت عام 2009، بفضل Spitzer؟ لأنّ الحلقة الخارجية هذه لا تعكس كثيرًا من الضوء المرئي؛ فإنّ التلسكوبات الأرضيّة سوف تمرُّ بوقتٍ عصيبٍ حتى تراها. لكنّ Spitzer رأى وهج الأشعة تحت الحمراء من الغُبار البارد في الحلقة. تبدأ الحلقة من بُعد 6 مليون كيلومتر من زُحل، وتمتدُّ لحوالي 12 مليون كيلومتر.
تاسعًا: مرحلة “طور ما بعد المرحلة” تدفع Spitzer لحدود جديدة
عام 2016، دخل Spitzer مرحلة تسمى “طور ما بعد المرحلة”، باسمٍ يعكس كيف تعمل المركبة خارج نطاقها الأصلي. كلما طَفَا Spitzer بعيدًا عن الأرض، زاد تحدّي التواصل الذي تُقدّمُه المسافة المتزايدة. يجب على مهندسي Spitzer توجيه هوائي Spitzer بزوايا أعلى تجاه الشمس، حتى يصبح بإمكانِه التحدّث إلى كوكبنا، الأمر الذي يُعرّضُ المركبة لحرارة أكبر. في الوقتِ نفسِه، استقبلت الألواح الشمسية ضوءًا أقل من الشمس حيث وُجهت بعيدًا عن الشمس، ما وضع ضغطًا أعلى على البطارية. قرر الفريقُ إبطال بعض نُظُم السلامة المستقلّة ذاتيًّا حتى يتمكّن Spitzer من إكمالِ عملِه على هذا النمط الخطر. ولكن حتى الآن لا زالت مرحلة “طور ما بعد المرحلة” تسيرُ على نحوٍ سلس.
عاشرًا: Spitzer يُمهّد الطريق لتلسكوبات أشعة تحت حمراء مستقبليّة:
قام Spitzer بتعريف مناطق من أجل دراسة أبعد بالتلسكوب الفضائي جيمس ويب المُخطّط لإطلاقِهِ عام 2021. سوف يستكشف جيمس ويب الفضاء بالأشعة تحت الحمراء أيضًا، ويكمل من حيثُ سيتوقّفُ Spitzer. بقدرتِهِ المُعزّزة على تقصّي الأغلفة الجويّة للكواكب، يُمكنُ لجيمس ويب أن يكشف عن تفاصيل جديدة صارخة عن الكواكب الخارجيّة التي اكتشفها Spitzer. يمكن لويب أيضًا أن يرصد مزيدًا من التفاصيل عن تلك المجرّات البعيدة التي أزاح Spitzer، بالتعاون مع التلسكوبات الأخرى، عنها الستار. التلسكوب WFIRST الذّي يخطّط لإطلاقِهِ بعد ذلك، سوف يُحقّق في الألغاز طويلة الأمد بالنظر إلى الأشعة تحت الحمراء أيضًا. الدراسات التي خطّطها العلماء عن مستقبل تلسكوبات الأشعة تحت الحمراء سوف تستند طبيعيًّا على الإرث الرائد لـ Spitzer.