في مركز مجرتنا، يقبع ثقب أسود عملاق (SMBH) يعرف باسم Sagittarius A.
بناء على أبحاث جارية، حدد العلماء قطر هذا الثقب ب 44 مليون كم وبكتلة تُقدر ب 4.31 مليون كتلة شمسية.
من حين لآخر، يقترب نجم من هذا الثقب الأسود ويتم تمزيقه بشكل عنيف بعملية تعرف باسم الحدث الناجم عن التشوه النجمي بفعل قوة مد وجزر الثقوب السوداء (tidal disruption event) (TDE).
هذه الأحداث تتسبب في إطلاق شعلات مضيئة من الأشعة، والتي تمكن علماء الفضاء من معرفة أن نجمًا قد تم استهلاكه.
لسوء الحظ، لعقود، لم يستطع العلماء التمييز بين هذه الأحداث والظواهر المجريّة الأخرى.
ولكن، وبفضل دراسة جديدة بواسطة فريق دولي من علماء الفيزياء الفلكية، علماء الفلك يمتلكون الآن نموذجًا موحدًا يفسر المشاهدات الحديثة لهذه الأحداث.
الدراسة التي نُشرت حديثًا في مجلة الفيزياء الفلكية Astrophysical Journal تحت عنوان: “نموذج موحد للحدث الناجم عن التشوه النجمي بفعل قوة مد وجزر الثقوب السوداء” تقوده Jane Lixin Dai، فيزيائية من مركز علم الفضاء الداكن بمعهد نيلز بور.
انضم لها أعضاء من معهد العلوم والفضاء المشترك التابع لجامعة ميريلاند وجامعة كاليفورنيا سانتا كروز UCSC.
كما فسر Enrico Ramirez-Ruiz، بروفيسور علم الفلك وعالم الفيزياء الفلكية في UCSC والمؤلف المساعد في الورقة البحثية في مؤتمر صحفي ل UCSC: «فقط في العقد الماضي تقريبًا استطعنا التمييز بين حدث TDE وغيره من الظواهر المجرية الأخرى، والنموذج الجديد يزودنا بالأساسات اللازمة لفهم هذه الأحداث النادرة».
في معظم المجرات، الثقوب السوداء الهائلة لا تستنفذ أي مادة بشكل نشط؛ وبالتالي لا تشع أي ضوء، ما يميزها عن المجرات التي تملك أنويةً مجريةً نشيطةً.
ولذلك، فإن الأحداث الناجمة عن التشوه النجمي بفعل قوة مد وجزر الثقوب السوداء تعتبر أحداثًا نادرةً، تحدث مرةً كل 10.000 سنة في مجرّة قياسية، ولكن، عندما يتمزق نجم، فهذا يتسبب بإشعاع كمية كبيرة وشديدة من الإشعاع.
بناء على تفسير Dai: «من المثير رؤية المواد وهي تشق طريقها نحو الثقوب السوداء تحت ظروف متطرفة، أثناء تناول الثقب الأسود للغاز النجمي، يتم إطلاق كمية هائلة من الإشعاع».
«الإشعاع هو ما يمكننا رصده، ومن خلاله يمكننا فهم الفيزياء وحساب الخصائص الخاصة بـ الثقوب السوداء، هذا يجعل البحث عن هذه الأحداث أمر في غاية المتعة والحماس».
في السنوات القليلة الماضية، بعض المرشحين المحتملين لهذه الأحداث تم رصدهم بواسطة أدوات ضوئية واسعة المجال والماسحات فوق البنفسجية بالإضافة للتلسكوبات التي تعمل بأشعة إكس.
في حين أنه من المتوقع أن تكون الفيزياء الخاصة بكل هذه الأحداث هي نفسها، لاحظ علماء الفلك وجود بعض الأنواع المختلفة من هذه الأحداث، في حين أن بعضها تصدر عنه بالمعظم أشعة إكس، بعضها الآخر يصدر عنه ضوء مرئي وفوق بنفسجي.
بالنتيجة، عانى العلماء لفهم الخصائص المختلفة التي تم رصدها لإنتاج نموذج متكامل يمكن أن يفسرها جميعها.
لأجل نموذجهم، Dai وفريقها جمعوا عناصر من النسبية العامة، المجالات المغناطيسية، الإشعاع، وديناميكا الموائع.
اعتمد الفريق أيضًا على أدوات حسابية فنية ومجمعات جديدة من أجهزة الحاسوب بتمويل من مؤسسة Villum لـ Jens Hjorth (رئيس مركز علم الفضاء الداكن)، مؤسسة علوم الولايات المتحدة الوطنية، وناسا.
باستخدام النموذج الناتج، استنتج الفريق أن زاوية المراقبة الخاصة بالمراقب هي المؤثرة على اختلاف المشاهدات.
بشكل أساسي، المجرات المختلفة متواجدة بشكل عشوائي بالنسبة للمراقبين من الأرض والذين يشاهدون مناحٍ مختلفة للـ TDE اعتمادًا على اتجاهاتها.
كما شرح Ramirez-Ruiz: «فإن الأمر كما لو أن وشاحًا يغطي جزءًا من وحش، من بعض الزوايا نحن نشاهد وحشًا مكشوفًا، ولكننا من زوايا أخرى نشاهد وحشًا مخبئًا، الوحش هو ذاته، لكنّ منظورنا يختلف».
في السنوات القادمة، عدد من مشاريع المسوحات المخطط لها من المتوقع أن تقدم المزيد من المعلومات حول الـ TDE، والتي ستساعدنا على توسيع المجال البحثي المتعلق بهذه الظاهرة.
هذه تتضمن المسوحات العابرة الخاصة بتجربة المستعرات العظمى الفتيّة YSE، والتي يقودها مركز علوم الفضاء الداكنة، وتلسكوب LSST الذي يتم بنائه في شيلي.
تبعًا لـ Dai، هذا النموذج الجديد يبين للعلماء ما يمكنهم أن يتوقعوا رؤيته أثناء مراقبتهم TDE من زوايا مختلفة، كما يمكنهم من ملائمة أحداث مختلفة في نظام واحد متّسق.
«نرصد من المئات إلى الآلاف من الأحداث خلال السنوات القليلة القادمة».
تقول أيضًا: «هذا سيمنحنا العديد من المختبرات لاختبار نموذجنا واستخدامها لفهم المزيد حول الثقوب السوداء».
هذا طوّر من فهمنا لكيفية استنفاد الثقوب السوداء لطاقة النجوم من فترة لأخرى كما يزودنا بالمزيد من الاختبارات على النسبية العامة، البحث حول موجات الجاذبية، ويساعد علماء الفلك على تعلم المزيد حول تطور المجرّات.