الرجل الحكيم
مقطع من رواية مرآة الروح
لونا قصير / لبنان
- ياسمين.. أريد أن أروي لك الليلة قصة أخبرتني اياها والدتي..
ابتسمت ياسمين متفاجئة..
- كلي آذان صاغية!!
في يوم من الأيام قصد شاب رجلا ذاع صيته بحكمته، أراد أن يشكو له همه. عندما وصل هذا الأخير استقبله وسأله:
- قل يا بني، ما الذي يشغل بالك؟
- أيها الرجل الحكيم.. تزوجت من فتاة أحبها كثيرًا، تمنَيت أن أهديها أشياء كثيرة، لكنني أصبت بالمرض. أنفقت كل ما لدي من مال ولم أشف، إلى أن أصبحت فقير الحال، قلبي تحطم من الحزن لعدم مقدرتي على اسعاد زوجتي، وتحقيق رغبتها في تكوين أسرة..
فقال له الرجل الحكيم قائلاً:
- اكمل يا بني..
صمت رمزي لثوان ومن ثم رح يكمل قصته:
- أيها الحكيم.. زوجتي لا تتأفف، صمتها الجارح في قلبي جرحًا كبيرًا، وبدأت أشعر بأن حبها لي يتلاشى من قلبها. كرهت نفسي، حاولت أن أتركها في سبيلها، لكنني لم أستطع، أختنق شوقًا من تعلقي بها. عطرها يسري في دمي، وعطري يبوخ عند بزوغ كل صباح. أجلس عند نافذتي، أنتظر عصفورا شاردًا، ليرفرف علَه يواسيني، لا يلبث أن يبتعد بعد ثوانٍ. أنتظر ساعات وساعات لحين عودة حبيبتي، أخاف أن تأتي وأكون قد رحلت من غير أن أضّمها ولو لمرة واحدة..
أشعر بالإختناق أيها الحكيم، ليتني أستطيع أن أفجَر عشقي لها في صرخة، في عتاب، في قبلة، في ضمّة. أتساءل إن كان طيفي سيلاحقها إن رحلت عنها؟ هل ستجد الحب في وجوه المارة؟ هل ستسامح أنانيتي؟ هل يجب أن أطلق سراحها وأخلصها من حياتها البائسة، أم أتركها تتعذب في حيرتها؟ وهي تغني لي كل ليلة لأغفو..
تدحرجت دموع ياسمين واختنقت من الحزن. لقد فهمت قصد رمزي.. اقتربت منه وقالت له:
- أريد أن أغفو بالقرب منك الليلة.. أنا خائفة..
- لا تخافي.. أنا خائف أكثر منك، ألا تريدين أن تعلمي جواب الرجل الحكيم؟
- لا.. لا أريد أن أعلم.. الله يعلم فقط الجواب..
تظرت إليه بحزن وقالت له:
- رمزي..
- قولي لي حبيبتي وأشعر كأنك تريدين أن تخبريني بأمر ما!!
- ينتابنا في بعض الأحيان شعور غريب،لا نعرف كيف نفسره، وكأننا نريد أن ننتقم من أنفسنا لعدم قدرتنا على تحقيق ما نريده..
لم يجبها رمزي بل غمرها بقوة، وغفا بين ذراعيها كطفل خائف من مصيره المحتّم، وواقع يحاصره ويهدده كل يوم أكثر، ثم فجأة نظر إليها قائلاً لها:
- ياسمين.. ألم أخبرك كيف يكون الحب عندما يغمر وجهك، أنت جميلة جدًا !!
2018/ من رواية مرآة الروح