القياس الاجتماعي Sociometry نظرية خاصة بالعلاقات الاجتماعية،

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القياس الاجتماعي Sociometry نظرية خاصة بالعلاقات الاجتماعية،

    القياس الاجتماعي

    القياس الاجتماعي لغوياً هو ترجمة للّفظة الانكليزية sociometry التي تتألف من شقين؛ الأول socio، ويعني اجتماعي، والثاني metry، ويعني قياس، أما اصطلاحاً فيقصد به تلك الطريقة المنهجية المستخدمة لتقدير العلاقات الاجتماعية كميّاً، وقياس نوعيتها من حيث مدى الجذب والرفض أو النفور بين الأفراد داخل الجماعات الصغيرة والكبيرة.
    فالقياس الاجتماعي نظرية خاصة بالعلاقات الاجتماعية، أو موضوع من موضوعات العلوم الاجتماعية الجديدة، أو منهج في البحث الاجتماعي، أو هو كل ما ذكر في آن معاً، أي نظرية وموضوعاً ومنهجاً وطريقة وأداة من أدوات جمع البيانات.
    ويعود الفضل في التأسيس للقياس الاجتماعي (أو «السوسيومترية») وتطويره إلى عالم النفس المعروف «جاكوب مورينو» (1892ـ1974) Jacob L.Moreno الذي ولد في رومانيا، وعمل في الحقل الأكاديمي بالنمسا، ثم هاجر إلى أمريكا، حيث نشر عدداً من الأعمال العلمية في مجال البحث الاجتماعي، وأهمها مؤلفه الشهير «لمن سيكتب البقاء؟» Who Shall Survive? عام (1934م)
    وقد قام مورينو في هذا المؤلف بتحليل بناء الجماعات وشبكة علاقاتها الاجتماعية، عادَّاً «القياس الاجتماعي» أكثر من مجرد طريقة منهجية دقيقة لتحليل الجماعات، فهو، برأيه، مساهمة جادة في سبيل معرفة المجموعة لذاتها، وتمكينها من القيام بعملية استيعاب أفرادها ودمجهم في شؤونها الحياتية المختلفة.
    فلسفة القياس الاجتماعي
    تقوم فلسفة القياس الاجتماعي على أساس أن الذرة الاجتماعية، أي النواة التي تتشكل من كل الأفراد الذين يتجه إليهم الشخص برابطة انفعالية، أو الذين يرتبطون به انفعالياً في الوقت ذاته، هي أبسط الوحدات الاجتماعية، وهي المركز الذي تدور حوله قوى الجذب والتنافر، بناء على ذلك، فإن الذرة الاجتماعية، أي الصلات والروابط الانتقائية بين الفرد وغيره من الأفراد المنتمين إلى هذه الجماعة أو تلك، هي وحدة الدراسة، وليس الفرد بحد ذاته.
    وهكذا، فإن القياس الاجتماعي يسعى إلى تحديد قوى التجاذب أو التباعد في الجماعة بصورة كميّة من خلال استخدام وسائل القياس المختلفة التي يمكن بنتيجتها عرض البيانات على هيئة خريطة اجتماعية، تبين الانتقاءات السالبة والموجبة للعلاقات بين أعضاء الجماعة باستخدام الرموز. وتسمح هذه الخريطة بتحديد الذرات الاجتماعية، ومقدار العلاقات التي تحيط بالفرد.
    وسائل القياس الاجتماعي
    تستخدم العلوم الاجتماعية، وخاصة علم الاجتماع[ر] وعلم النفس[ر] وعلم النفس الاجتماعي، وسائل القياس الاجتماعي لمعرفة الأسس التي تقوم عليها عملية التفاعل الاجتماعي بين أعضاء الجماعة، والعوامل المؤثرة في هذه العملية، ولتوضيح مقدار التماسك أو التفكك داخل الجماعة. وموضوعات القياس الاجتماعي كثيرة، أهمها: الشخصية، القيادة، الإدراك الاجتماعي، إنتاجية الجماعة، الاتجاهات والاهتمامات والقيم.
    وتشترط وسائل القياس الاجتماعي للموضوعات المذكورة أعلاه أن تكون الجماعة موضوع القياس محددة المعالم، وغير كبيرة الحجم، وأن يعرف أعضاؤها بعضهم بعضاً، إذ من دون ذلك يصعب قياس العلاقات القائمة بينهم، من حيث مدى الجذب والرفض أو النفور. ووفقا لموضوع قياسها هناك عدد من وسائل القياس الاجتماعي، ومن أهمها:
    ـ الاختبار السوسيومتري: ويستخدم هذا الاختبار لقياس عمليات التجاذب والتنافر داخل الجماعة، ومن أهم شروط نجاح هذا الاختبار أن تكون أسئلته والتعليمات المصاحبة له سهلة ومفهومة وواضحة من قبل المبحوثين.
    ـ الاستبيانات السوسيومترية: في حين أن الاختبار السوسيومتري يهدف إلى تعرّف مختلف الجوانب والعوامل المتعلقة بالموضوع المقاس بأعلى درجة من كفاءة الأداء بالنسبة للمبحوثين، فإن الاستبيانات السوسيومترية تهدف إلى مجرد تعرّف بعض تلك الجوانب، وبدرجة كفاءة أقل في الأداء من قبل المبحوثين.
    ـ مقاييس التقدير: وتقوم مقاييس التقدير بأنواعها المختلفة (المقاييس الاسمية، المقاييس الترتيبية، مقياس المسافات، مقياس النسب، المقياس المتدرج) على مبدأ مفاده أن عملية التحليل والتفسير الناجحة هي تلك التي لا تتعامل مع البيانات الكيفية، بل البيانات الكمية التي تقدمها مقاييس التقدير.
    الشروط المنهجية للقياس الاجتماعي
    تتحدد قيمة مقياس من المقاييس بمدى دقته في تحقيق الأهداف المرجوة منه. وترتبط دقة هذا المقياس أو ذاك بشروط أساسية، هي:
    ـ الموضوعية: عامة، تعني الموضوعية[ر] غياب عوامل التحيّز وكفّ تأثيرها. وبناءً عليه، يكون المقياس موضوعيا إذا ما أدى إلى النتائج أو الدرجات نفسها بغض النظر عن الباحث الذي صممه أو الذي يقوم بعملية تصحيحه.
    ـ الصدق: ويقسم الصدق إلى نوعين؛ ظاهري، ويعني قابلية المقياس بأن يقيس ما يجب قياسه في الواقع، ومعاملي، ويعني قابلية المقياس لقياس درجة صدق كل عنصر من عناصره.
    ـ الثبات: ويعني قدرة المقياس على إعطاء النتائج ذاتها باستمرار عند تكرار تطبيقه على المجموعة المبحوثة ذاتها وفي الظروف نفسها. وللتأكد من ثبات المقياس يمكن اتباع واحدة أو أكثر من الإجراءات الآتية:
    أ ـ تكوين صورتين متماثلتين للمقياس، ثم احتساب معامل ارتباط الصورة الأولى بالصورة الثانية بعد تطبيق الاختبارين على الأفراد نفسهم.
    ب ـ تكرار المقياس مرتين وإيجاد معامل الارتباط بين نتائج المرة الأولى ونتائج المرة الثانية للمقياس.
    ج ـ تجزئة المقياس نفسه إلى قسمين واحتساب معامل الارتباط بينهما.
    لاشك في أن السعي الدائم لممثلي العلوم الاجتماعية نحو تكميم موضوعات بحثهم أمر مبرر ومطلوب في ظل النجاحات الهائلة للعلوم الطبيعية التي تقوم أساساً على القياس measurement، غير أن المبالغة في ذلك يمكن أن تؤدي إلى طمس خصوصية الظاهرة الاجتماعية وتشييئها، ومن ثمَّ إلى عدم الوصول إلى معرفة علمية دقيقة حولها.
    وقد أدرك أنصار القياس الاجتماعي هذه الحقيقة، فابتعدوا عن محاولة قياس الظواهر الاجتماعية عموماً، وركزوا، أولاً وقبل كل شيء، على علاقات الجذب والنفور السائدة بين أفراد الجماعة، ففتحوا بذلك ميداناً خصباً للدراسات الاجتماعية الخاصة بالجماعات.
    يوسف بريك
يعمل...
X