قلعة عجلون
تقع قلعة عجلون (الرَّبَض) Ajlun (Ar-Rabad) على مرتفع إلى الغرب من مدينة عجلون في الأردن، بناها عز الدين أسامة، أحد كبار قادة صلاح الدين الأيوبي في عام580ـ581هـ/1184ـ1185م، وقد كتب عنها أحد مؤرخي القرن الثالث عشر مايلي: تقع قلعة عجلون بين إقليم السواد التابع لولاية الأردن وإقليم الشراة، وهي حصن مهم على صغره، يقوم فوق مرتفع بارز يشرف على وادي الأردن، ويبدو للعيان من القدس ومن مرتفعات نابلس. وتعرف السلسلة التي بنيت عليها القلعة باسم جبل عوف؛ لأن عشيرة من بني عوف كانت تقيم فيها منذ أيام الخلفاء الفاطميين الأوائل. وكان يحكم هذه العشيرة شيوخ تكثر الخلافات والحروب بينهم، وبقيت البلاد على هذه الحال حتى أيام الملك العادل سيف الدين أبوبكر بن أيوب شقيق صلاح الدين، إذ أقطعها لعز الدين أسامة أحد كبار قادته. وبدأ عز الدين أسامة ببناء قلعة يلجأ إليها أتباعه من غزوات بني عوف، ولكن هؤلاء لم يلتزموا جانب السكينة، فأقنعهم الأمير بأنه يستهدف من بناء القلعة حمايتهم من عدوان الإفرنج، وعندئذ كف بنو عوف عن حركاتهم وأخذوا يسهمون في بناء القلعة. وحينما بنيت القلعة دعا الأمير شيوخ بني عوف إلى وليمة داخل جدرانها، ولما فرغوا من الطعام أمر عبيده بإلقاء القبض عليهم وسجنهم. ويقال إن ديراً قديماً كان يقوم في مكان القلعة يقيم فيه راهب اسمه عجلون. وقد أقيمت هذه القلعة مكان خرائب الدير وسميت باسم ذلك الراهب.
استخدم الأمير عز الدين في بناء القلعة بعض الأسرى الصليبيين الذين اتخذوا لسكناهم مكاناً مجاوراً يعرف باسم كفرنجة kufrinja، وقد جمع هؤلاء البناة الصليبيون الحجارة من الأبنية القديمة، أو قطعوها من أماكن مجاورة، ونحتوها وحفروا على بعضها بعض الشارات المميزة لبعض الفرسان الصليبيين. وتعد قلعة عجلون من أجمل القلاع الحربية الإسلامية وأكثرها كمالاً، ولعل بعضهم يجعلها بعد قلعة حلب في الأهمية والإحكام.
وتسمى قلعة عجلون باسم الربض أيضاً، ولعلها أخذت هذا الاسم من قبيلة الربضية التي لايزال أبناؤها يملكون ويقطنون تلك الأراضي.
يحيط بالقلعة سور ضخم يراوح عرضه بين مترين وثلاثة أمتار، تدعمه أبراج عدة مربعة الأشكال، وقد أضيفت إليها زيادات كثيرة في عصور متتالية. فمثلاً، لما استولى الملك العادل على ملك أخيه صلاح الدين الأيوبي، عين مملوكه أيبك بن عبد الله نائباً له في عجلون، فزاد على قلعة الربض البرج الجنوبي.
وبعد وفاة المعظم ابن العادل انتقل حكم عجلون إلى الملك الناصر داود، حيث استعملت القلعة في زمنه مستودعاً لآلات القتال التي أرسلت إلى حدود مصر، إثر هجوم لويس ملك فرنسا على ثغر دمياط.
ثم اشترى الأمير ظاهر الدين سنقر الحلبي قلعة الربض بأربعين ألف درهم، وأشياء أخرى قدمها إلى الملك الناصر يوسف الثاني ابن الملك العزيز ملك حلب، فأمر بتجديدها وترميمها وإضافة بعض المباني إليها.
يحيط بالقلعة خندق يراوح عرضه بين 15ـ20متراً، ماعدا الجهة الشرقية، فإن عرضه لا يزيد فيها على خمسة أمتار، وكان يوجد في هذا القسم الضيق جسر متحرك يصل بين البر وباب القلعة. ويمتلئ داخل القلعة بكثير من المباني وإسطبلات الخيل، فضلاً عن المخابز وصهاريج الماء وطاحونة قمح ومعصرة.
لهذه القلعة موقع استراتيجي وعسكري مهم، فهي تشرف غربا ًعلى الغور، كما تسيطر على ثلاثة أودية تبدأ من الغور وتمتد بين الجبال حتى تتوغل في داخل المنطقة، وفي هذه الأودية تجري سيول راجب وكفرنجة والوادي اليابس لتصب في نهر الأردن. كما أنها كانت تسيطر على بعض الطرق المهمة، منها طريق رئيسية من بيسان، ثم فحل وباعون وعين جن منتهية إلى جرش.
ويذكر لانكستر هاردنغ L.Harding، مؤلف كتاب «آثار الأردن»، أن القلعة بنيت على شكل شبه مربع تحميها أبراج في زواياها الأربع، ثم أضيفت إلى القلعة فيما بعد أجنحة أخرى في الشرق والجنوب، كما بني برجان في زاوية الجناح الشرقي.
ظلت قلعة عجلون بأيدي الأيوبيين حتى الغزوالمغولي لسورية، فعندما أخرج المغول الملك الناصر يوسف من دمشق التجأ إلى قلعة عجلون، حتى أخرجه منها القائد المغولي كتبُغا فتوجه إلى مصر، وبذلك انتهى حكم الأيوبيين في سورية. وبقيت قلعة عجلون في يد المغول إلى أن أخرجهم منها الملك الظاهر بيبرس بعد معركة عين جالوت في عام 658هـ/1260م، ثم ولّى عليها نائبه عز الدين أيبك بن عبد الله العلائي فأمر بترميمها وإصلاحها، وأصبحت في تلك الفترة إحدى محطات الحمام الزاجل لنقل الرسائل بين بغداد والقاهرة.
ثم انتقل حكم القلعة إلى الملك المنصور قلاوون، وقد ذكرها في تلك الفترة كثير من الرحالة والمؤرخين، منهم شمس الدين الدمشقي وأبو الفداء وابن بطوطة والقلقشندي.
وفي العصر العثماني زارها الرحالة بوركهارت Burckhardt في عام 1812م، فذكر أنها مازالت مأهولة، ويسكنها أربعون رجلاً من آل بركات.
تهدمت القلعة إثر زلزال عام 1837م، وغادرها أهلها من آل بركات إلى كفرنجة. وزادت حالة القلعة سوءاً بعد الزلزال الذي حدث في عام 1927م، ثم حصلت في البرج الشمالي والأسوار وقوس البوابة ترميمات، مما أزال الخطر عن هذه القلعة المهمة.
عبد الرزاق زقزوق
استخدم الأمير عز الدين في بناء القلعة بعض الأسرى الصليبيين الذين اتخذوا لسكناهم مكاناً مجاوراً يعرف باسم كفرنجة kufrinja، وقد جمع هؤلاء البناة الصليبيون الحجارة من الأبنية القديمة، أو قطعوها من أماكن مجاورة، ونحتوها وحفروا على بعضها بعض الشارات المميزة لبعض الفرسان الصليبيين. وتعد قلعة عجلون من أجمل القلاع الحربية الإسلامية وأكثرها كمالاً، ولعل بعضهم يجعلها بعد قلعة حلب في الأهمية والإحكام.
قلعة عجلون |
يحيط بالقلعة سور ضخم يراوح عرضه بين مترين وثلاثة أمتار، تدعمه أبراج عدة مربعة الأشكال، وقد أضيفت إليها زيادات كثيرة في عصور متتالية. فمثلاً، لما استولى الملك العادل على ملك أخيه صلاح الدين الأيوبي، عين مملوكه أيبك بن عبد الله نائباً له في عجلون، فزاد على قلعة الربض البرج الجنوبي.
وبعد وفاة المعظم ابن العادل انتقل حكم عجلون إلى الملك الناصر داود، حيث استعملت القلعة في زمنه مستودعاً لآلات القتال التي أرسلت إلى حدود مصر، إثر هجوم لويس ملك فرنسا على ثغر دمياط.
ثم اشترى الأمير ظاهر الدين سنقر الحلبي قلعة الربض بأربعين ألف درهم، وأشياء أخرى قدمها إلى الملك الناصر يوسف الثاني ابن الملك العزيز ملك حلب، فأمر بتجديدها وترميمها وإضافة بعض المباني إليها.
يحيط بالقلعة خندق يراوح عرضه بين 15ـ20متراً، ماعدا الجهة الشرقية، فإن عرضه لا يزيد فيها على خمسة أمتار، وكان يوجد في هذا القسم الضيق جسر متحرك يصل بين البر وباب القلعة. ويمتلئ داخل القلعة بكثير من المباني وإسطبلات الخيل، فضلاً عن المخابز وصهاريج الماء وطاحونة قمح ومعصرة.
لهذه القلعة موقع استراتيجي وعسكري مهم، فهي تشرف غربا ًعلى الغور، كما تسيطر على ثلاثة أودية تبدأ من الغور وتمتد بين الجبال حتى تتوغل في داخل المنطقة، وفي هذه الأودية تجري سيول راجب وكفرنجة والوادي اليابس لتصب في نهر الأردن. كما أنها كانت تسيطر على بعض الطرق المهمة، منها طريق رئيسية من بيسان، ثم فحل وباعون وعين جن منتهية إلى جرش.
ويذكر لانكستر هاردنغ L.Harding، مؤلف كتاب «آثار الأردن»، أن القلعة بنيت على شكل شبه مربع تحميها أبراج في زواياها الأربع، ثم أضيفت إلى القلعة فيما بعد أجنحة أخرى في الشرق والجنوب، كما بني برجان في زاوية الجناح الشرقي.
ظلت قلعة عجلون بأيدي الأيوبيين حتى الغزوالمغولي لسورية، فعندما أخرج المغول الملك الناصر يوسف من دمشق التجأ إلى قلعة عجلون، حتى أخرجه منها القائد المغولي كتبُغا فتوجه إلى مصر، وبذلك انتهى حكم الأيوبيين في سورية. وبقيت قلعة عجلون في يد المغول إلى أن أخرجهم منها الملك الظاهر بيبرس بعد معركة عين جالوت في عام 658هـ/1260م، ثم ولّى عليها نائبه عز الدين أيبك بن عبد الله العلائي فأمر بترميمها وإصلاحها، وأصبحت في تلك الفترة إحدى محطات الحمام الزاجل لنقل الرسائل بين بغداد والقاهرة.
ثم انتقل حكم القلعة إلى الملك المنصور قلاوون، وقد ذكرها في تلك الفترة كثير من الرحالة والمؤرخين، منهم شمس الدين الدمشقي وأبو الفداء وابن بطوطة والقلقشندي.
وفي العصر العثماني زارها الرحالة بوركهارت Burckhardt في عام 1812م، فذكر أنها مازالت مأهولة، ويسكنها أربعون رجلاً من آل بركات.
تهدمت القلعة إثر زلزال عام 1837م، وغادرها أهلها من آل بركات إلى كفرنجة. وزادت حالة القلعة سوءاً بعد الزلزال الذي حدث في عام 1927م، ثم حصلت في البرج الشمالي والأسوار وقوس البوابة ترميمات، مما أزال الخطر عن هذه القلعة المهمة.
عبد الرزاق زقزوق