يوم القيامة Doomsday هو يوم انبعاث الناس من القبور ليقوموا بين يدي الحي القيوم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يوم القيامة Doomsday هو يوم انبعاث الناس من القبور ليقوموا بين يدي الحي القيوم

    القيامة (يوم ـ)

    هو يوم انبعاث الناس من القبور ليقوموا بين يدي الحي القيوم، قيل أصله: مصدر قام الخلق من قبورهم قيامة. أطلق عليه القرآن الكريم أسماء عديدة تعبر عن عدد من أوصافه وأهواله، كالحاقة، والواقعة، والساعة.
    فإن لوحظ في الاسم الزمان أضيف إلى اليوم: فهو يوم البعث: يبعث الله تعالى فيه الخلائق من قبورهم. ويوم الدين: يدان الناس فيه بأعمالهم. ويوم الفصل: يفصل الله تعالى فيه بالعدل بين عباده. ويوم الخروج: يخرج الناس فيه من قبورهم. ويوم الحساب: يحاسب الناس فيه بأعمالهم. ويوم الوعيد: ينفذ الله تعالى فيه وعيده للكافرين. ويوم الحسرة: يتحسر فيه العصاة والكفرة على ما فرَّطوا في جنب الله. ويوم الجمع: يجمع الله تعالى فيه الخلائق للحساب. ويوم التغابن: يظهر فيه غبن الكافر بتركه الإيمان، وغبن المؤمن بتقصيره في الإحسان.
    وإن لوحظ فيه المكان أضيف إلى الدار: فهو الدار الآخرة: في مقابل الدار الأولى دار الدنيا. ودار القرار: يستقر العباد فيها، فلا يرحلون عنها كما رحلوا عن دار الدنيا. ودار الخلد: لاموت فيها ولا فناء.
    وإن لوحظ ما يجري فيه من أحداث جسام: فالقيامة هي الصَّاخَّة: تقوم بعد الصيحة التي تصخُّ الآذان حتى تكاد تُصمُّها، وهي القارعة: تقرع القلوب والأسماع بألوان الأهوال والأفزاع. والغاشية: تغشى الخلائق بأهوالها وشدائدها. وهي الطَّامَّة: تعم بأهوالها كل شيء، وتعلو على سائر الدواهي. والآزفة: لدنوها وقرب قيامها.
    وإن أريد التأكيد على وقوعها: فهي الحاقَّة: لتحقق وقوعها وقطعيتها. والواقعة: التي لابد من وقوعها.
    وللقيامة علامات تدل على قرب وقوعها ودنو أجلها
    وهي أمارات صغرى وقعت كلها تقريباً، كرفع العلم بالدين، وكثرة الجهل به، وكثرة الزنا وشرب الخمر، وقلة الرجال وكثرة النساء، وتوالي الفتن، وأن تَلِدَ الأَمَةُ (الخادمة) ربَّتها أي سيدتها، وأن ترى الحفاة العُراةَ العالةَ رِعاء الشاء يتطاولون في البنيان، وأن يُوَسَّد الأمرُ إلى غير أهله.
    و أمارات كبرى عديدة لم يحصل شيء منها، وإذا وقع أولها توالت بعد ذلك كلها، منها الدخان (سورة الدخان/آية10) والدّابة (سورة النمل/آية82)، وطلوع الشمس من مغربها (صحيح البخاري/حديث رقم4290). وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وبالمغرب وبجزيرة العرب. ونار تخرج من عدن تسوق الناس إلى محشرهم. وخروج الدجال، ونزول سيدنا عيسىu يتعاون مع المهدي المنتظر لقتل الدجال وكسر الصليب وقتل الخنزير، وفي أيامه يخرج يأجوج ومأجوج للإفساد في الأرض، وبدعوة مباركة من المسيحu يتم هلاكهم جميعاً في ليلة واحدة، وبعد ذلك يعم الخير الأرض، والسلام الجميع لفترة محدودة، يبعث الله بعدها ريحاً طيبة تقبض أرواح المؤمنين وتُبقي شرار الخلق، فتقوم الساعة عليهم.
    الإيمان بقيام الساعة
    ركن من أركان الإيمان لايتم إلا به، وإنكاره كفر وضلال، قال الله تعالى: ]وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً[ (النساء 136)، وفي بيانه لمعنى الإيمان قالr: «أَنْ تُؤمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الاَخِرِ، وَتؤمنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرّهِ» (صحيح مسلم/ج1/8)
    والإيمان بقيام الساعة ضرورة حتمية: يقتضيها عدل الله المطلق، وحكمته البالغة، وتنزيه أفعاله عن العبث. قال الله تعالى: ]أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُون& فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ[ (المؤمنون 115ـ116) ويستحيل في حق الحكم العدل أن يسوي بين الطائع والعاصي، والمستجيب لأمره والخارج عنه، قال تعالى: ]أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِين& مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ[ (القلم35ـ36) وقد تسمح ظروف الجاه والقوة والسلطان للمجرمين بأن يتحكموا بالضعفاء والمساكين قتلاً وظلماً واستلاباً للحقوق، وقد يتاح لهم بحكم السيطرة والقوة أن يفلتوا في الدنيا من القصاص العاجل، فلولا أن الله تعالى قد أعد حياة ثانية لإقامة الجزاء والعدل و القسط، لتهرب الظالم من الجزاء وضاع حق المظلوم، واستوى حال المحسن والمسيء والظالم والمظلوم، قال تعالى: ]أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ[ (الجاثية/21) وقال تعالى: ]أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى& أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى& ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى& فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى& أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى[ (القيامة36ـ40)
    والإيمان بيوم القيامة ضرورة أخلاقية: لردع الظالم عن ظلمه والعاصي عن معصيته، وإنذار للمسرف، وإغراء للطائع والمستقيم الصالح لبذل المزيد من السعي الطيب والعمل المبرور.
    والإيمان بيوم القيامة قاعدة أساسية لتحقيق السعادة ونشر الطمأنينة والاستقرار للفرد والمجتمع؛ فإن الرقابة التي يفرضها الإيمان بالله واليوم الآخر على الفرد في كل أعماله وأحواله وسلوكه، والخوف الدائم من عقاب الله وعذابه، كل ذلك يهيئ المناخ الطيب لانتشار الأمن والطمأنينة والسلام لأبناء المجتمع، وليعملوا تحت مظلة الإيمان في جو من الحب والإخاء والتعاون.
    أخبار يوم القيامة وأهوالها وما يجري فيها كلها تتعلق بأمور غيبية من النفخ في الصور حين يصعق من في السموات والأرض، فيخرج الناس من قبورهم، ويحشرون حفاة عراة في يوم تُبدل فيه الأرض غير الأرض والسماوات، يشيب فيه الصغير ويهرم الكبير، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، طول هذا اليوم خمسون ألف سنة، تدنو فيه الشمس من رؤوس الخلائق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيشتد الحرّ، ويجري من الأجساد العرق، لكن الناس فيه على قدر أعمالهم، فمنهم من يخوض في عرقه ومنهم من يغرق فيه حتى يُلجمه، ومنهم من يؤتى كتابه بيمينه ويحاسب حساباً يسيراً، ومنهم من يأخذه بشماله ويحاسب حساباً عسيراً، ويختم الله فيه على أفواه الكفرة والعصاة، فتتكلم الجوارح وتنطق بالأعمال، ويُنصب الميزان لتقدير الحسنات والسيئات، ويُضرب الصراط جسراً دقيقاً فوق جهنم وعلى حافتيه كلاليب معلقة تأخذ من أمرت به.
    وفي مقابل هذا في يوم القيامة حوض النبيr، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء في العدد، من شرب منه فلا يظمأ أبداً. وللنبي أيضاً نهر الكوثر، ترد عليه أمته، حافتاه من ذهب ومجراه على الدرّ والياقوت، وتربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج يشرب منه أحبابه ومتبعوه.
    وفي هذا اليوم الشفاعة للنبيr لفصل القضاء، ولقوم من أهل النار يخرجهم إلى الجنة، ولقوم يدخلون الجنة بغير حساب، وفيه كذلك شفاعة سائر الأنبياء والمؤمنين المقربين بإذن الله تعالى، وبالكرم الإلهي وبفضله يخرج الموحدون العصاة من النار فلا يخلدون فيها، وفيه الجنة ونعيمها وخلود المؤمنين فيها، في مقابل النار وعذابها وخلود الناس فيها، وفي الجنة من النعيم والإكرام مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وفيها يستمتع المؤمنون بلذة النظر إلى وجه الله الكريم، وهي رأس النعيم وقمة الإكرام.
    وفي النار دركات وأهوال من العذاب كلما نضجت جلود المعذبين فيها بدلت بجلود غيرها ليذوقوا العذاب، شرابهم الحميم وطعامهم الزّقوم.
    وكل هذا وأمثاله أخبار غيبية لا تعلم بالنظر والاجتهاد، فالمدار فيها على السمع بالأخبار الصادقة يقر بها المسلم الذي هداه الله بفضله للإيمان والمعرفة.
    والخلاصة، تشتمل القيامة على أهوال جسام، أولها: النشر من القبور(الخروج أحياء)، ثم الحشر(الجمع) للحساب من الله وحده للخلائق، ثم العبور على الصراط(الجسر الممدود بين الجنة والنار). ثم الخلود في الجنة للمؤمنين الصالحين، والخلود في النار للجاحدين والضالين.
    محمد هشام برهاني
يعمل...
X