درب المحال
مهى جعفر / لبنان
أنا امرأةٌ لا تطيل النظر في المرآة، أجلس أمامها صباحًا فقط، أسرّح شعري وأطرد من رأسي وساويس وشوشات ظنون نصفي المخفيّ تحت قحفة رأسي، المتسلّلة خفيةً من دروز عظامها، تتوارى في مسام شعري المجدولِ بعناد التجارب، تنتظر فكّ ضفائري فتتحرّر راكضةً على ظهري!
أنا امرأةٌ ترسم تفاصيل وجهها في انفعالات قلبها، أدوزن حجم الخطوط على جبهتي وفق مقياس اندهاشي أو غضبي أو خيباتي...
أنا امرأةٌ تستحمّ بنبيذ الغسق، وتلتحف ليل شعرها الحريريّ، ثمّ تنام على وسادةٍ من لهفة.
أحدّد تاريخ ولاداتي المتكرّرة، مع بداية كلّ حلمٍ، ليموت شغفي على حافّة تحقّق الأمنيات...
أبقي حلمي واعيًا مُستنفَرًا، كي لا ينتهي عند الوصول...
أنا امرأةٌ تعيش الرّحلة بتفاصيلها، وتعرف كيف تجعل للتراب لونًا أخضر، وتركب الأمواج وتعشق الغطس في عمق البحار ولا يثيرهاالسّطح رغم أمانه...
ما همّني ثقل تعاريج الدروب...أنا السائرة رغم الكساح، القابضة على النواح، والراحلة إلى ليالي الشعر كلّ مساءٍ...
فلا تسلني: من أين تأتين بكحل عينيك؟
إنّه درب المحال، درب اللّاوصول الممتعة، سرّ استمرار الحياة.