تُوفي الفيزيائي ستيفن هوكينج في منزله بكامبريدج عن عمر ستة وسبعين عامًا تاركًا عالم العلم يترنح من هول الخبر.
في الواحد والعشرين من عمره، تم تشخيص هوكينج بمرض نادر يُدعى داء العصبونات المتحركة، ولكن عبقريته الفذة وروحه وحس دعابته جعلته كالمعجزة بالنسبة لمن تبع خطاه منا.
وعقب وفاته، فاضت رثاءات العلماء الذين كانوا محظوظين إما لمعرفته عن قرب أو ممن ألهمهم منظوره المختلف عن الكون كبقيتنا.
فيما يلي نعرض بعض تعليقات الباحثين حول وفاته:
قالت البروفيسورة (سارة بركاك- Sara Parcak): «توفى ستيفن هوكينج اليوم. كدت أقتله منذ خمسة عشر عامًا وكاد يقتلني عندما علق كرسيه المتحرك بين سيارتين في باحة وقوف السيارات في كامبريدج بينما كنت أقود دراجتي ولكنني انحرفت بها في اللحظة الأخيرة. باركك الرب وارقد في سلام».
بينما قال البروفيسور (ماثيو كوليس-Matthew Colless )، رئيس قسم الفلك والفيزياء الفلكية في جامعة أستراليا الوطنية: «لقد كنت محظوظًا، كوني دارسًا في جامعة كامبريدج، أن يكون هوكينج محاضرًا لي في فيزياء الجاذبية والثقوب السوداء. اعتاد هوكينج أن يدور بكرسيه حول المنصة المنخفضة في مقدمة القاعة لإلقاء محاضرته المسجلة مسبقًا، وكان أحد المعيدين يكتب المعادلات على السبورة.
وفي إحدى المرات، انحرف الكرسي أكثر من اللازم فسقط هوكنج من على المنصة. هرعنا لتقديم العون له بينما كان هو منشغلًا بالكتابة على الجهاز الخاص به، وعندما بدأت المحاضرة قال بصوته المعروف: «لقد سقطت من على حافة العالم».
وبعد بضع سنوات، أثناء زمالتي البحثية في الكلية الملكية، كنت على وشك تحقيق أكبر شائنة علمية عندما كدت أصدمه بسيارتي عند اقترابه من بوابة الكلية ولكني ضغطت على المكابح واستمر هو في طريقه. ظللت أفكر حينها كيف كانت ستصبح حياتي لو أصبحت قاتل ستيفن هوكينج! كان هوكينج عالمًا عظيمًا وملهمًا. لقد كان الكون مفهومًا بشكل أفضل وأكثر إثارة لأنه كان موجودًا به».
أما عن البروفيسورة (ليزا هارفي سميث- (Lisa Harvey Smith، مدير مجموعة مرصد العلوم الأسترالي القومي(ATNF) في منظمة رابطة البحوث العلمية والصناعية (CSIRO) للفلك وعلوم الفضاء، فقد قالت: «كان هوكينج ذا فطنة عالية وحس دعابة غير عادي، وقد مكّنته مهاراته المنطقية والعقلانية مع فهمه العميق للنسبية وميكانيكا الكمّ من المجيء بأفكار جديدة حول طبيعة الكون والثقوب السوداء والانفجار العظيم.
حتى عندما كان يثبت خطأ أفكاره، كان يساعده ذلك على خلق صلات جديدة بين ظواهر مختلفة، مما فتح أعيننا على آفاق جديدة.
وتُعتبر فكرته حول الثقوب السوداء بأنها تتحلل ببطء كالأسبرين في الماء أهم إرث علمي لهوكينج. إن تأثيره في فهم العامة للعلوم لا يمكن حصره وكان حماسه وشغفه بالعلم يساعده على الوصول إلى العامة من الناس».
ويعلق البروفيسور (بيتر توثيل- Peter Tuthill) من معهد سيدني للفلك في جامعة سيدني قائلًا: «هذا الخبر من الأخبار التي تعلق في الذاكرة كنقطة فاصلة لسيل من الأحداث، إذ يجب على المرء أن يتذكر أين كان عندما سمع خبر وفاة هوكينج. كنت طالبًا أستراليًا أدرس في كامبريدج، وكان هو بالطبع أكبر المحاضرين الذين جعلو كامبريدج مكانًا جذابًا للدراسة، ولكني لم أتوقع أن يكون لقائي الأول به محور الحديث في العناوين الرئيسية للصحف القومية في بريطانيا.
كنا متجهين للمنزل ليلًا على دراجاتنا عندما اصطدم صديقي بهوكينج الذي صدف أنه كان يتجول في الباحات الخلفية الهادئة لنهر كامبريدج، وذهب كلاهما للمستشفى مما جعل صديقي في الصفحات الأولى من الصحف.
ولم يمر الكثير من حياتي العملية حتى بدأت أدرك أنه ليس عملاقًا في الفيزياء فحسب، وإنما أيضًا في الثقافة والمجتمع بصورة عامة.
فبينما كنت إجاباته على الأسئلة المهمة في الفيزياء متعمقة، كانت له إسهامات أخرى في العديد من القضايا المهمة والمعاصرة مثل الذكاء الاصطناعي وبناء مجتمع عادل والمشاكل التي قد تسببها التكنولوجيا الحديثة».
وقال الدكتور (برندان برنز-Brendan Burns )، أستاذ محاضر في قسم التقنية الحيوية وعلوم الثنائية الجزيئية في المركز الأسترالي لبيولوجيا الفلك في جامعة نيو ساوث ويلز: «نظرت في انبهار، بصفتي عالم زميل، إلى ما أنجزه هوكينج، وخاصة مع ما واجهه من معوقات في الحياة. فقد شكلت فطنته وبصيرته طريقًة جديدة في النظر إلى الكون وتموضعنا فيه وهو ما يعرّف ماهيتنا أخيرًا».
وقال (ريموند فولكاس-Raymond Volkas )، مدير فرع ملبورن في مركز التميز في فيزياء الجزيئات على مقياس التيرا التابع للمجلس الأسترالي للأبحاث، جامعة ملبورن: «اكتشف هوكينج بأنه عند تطبيق قوانين الكمّ التي تحكم الفيزياء الذرية والجزيئات الأولية على الثقوب السوداء، فإنها تأتي بنتائج مدهشة وهي أن الثقوب السوداء بالفعل تطلق إشعاعًا- يدعى الآن إشعاع هوكينج (Hawking Radiation)- وأنها ليست فقط حفرًا عميقة تمتص المادة والإشعاع إلى طيّات النسيان.
فقد بيّن هوكنج أن الثقوب السوداء ساخنة (أي تمتلك الحرارة)، وهذا الربط المذهل بين الجاذبية والديناميكا الحرارية (فيزياء الحرارة) له تأثيرات بعيدة المدى على فهمنا للقوانين الأساسية التي تحكم الكون».
بينما يقول دكتور (بول جاردنر ستيفن- Paul Gardner Stephen)، محاضر بارز في كلية العلوم والهندسة في جامعة فليندرز: «لم يفقد العالم في ستيفن هوكينج مجرد رجل جيد في العلوم ولكن أيضًا رجلًا كرّس حياته لتقّدم الجنس البشريّ من خلال تطبيق النقد العقلي والمنطقي، وقد أنجز هذا في ظل محنة شخصية وبالأخص في مواجهة جسد غير متعاون.
لقد كان مُلهمًا للعديد وسيظل كذلك لأعوام كثيرة قادمة. عادة ما يُقال في مثل هذه المواقف أن الشخص قد ترك فراغًا كبيرًا، ولكن في هذه الحالة يجدُر بالمرء أن يقول بأنه ترك لنا مساحات كبيرة في الكون والوقت وسيستمر أجيال قادمة في محاولة ملأ هذا المكان».
ويقول البروفيسور المساعد (دانييل تيرنو- (Daniel Terno، المدير المفوّض للمركز البحثي في علوم الكوانتم والتكنولوجيا في جامعة مكواري: «كان ستيفن هوكينج من أعظم الفيزيائيين الرياضيين في النصف الثاني من القرن العشرين، فقد جعلته كتبه الرائجة واحدًا من أشهر الفيزيائيين كما لو كان فنانًا مشهورًا، كما أثارت فضول الكثير من المراهقين نحو الفيزياء. لقد شكل جيلين من العلماء الباحثين، وأنا منهم، ويعرف الكتاب الذي شارك في تأليفه منذ أكثر من خمسة وأربعين عامًا في المجال ببساطة باسم هوكينج-إليس.
إسهاماته العلمية كثيرة جدًا حتى أنه يصعب حصرها. فهو المسؤول عن القوانين الثلاثة للثقوب السوداء والتي شكلت أسس فهمنا لهذه الأشياء، وقد بيّن لنا اكتشاف موجات الجاذبية طريقة عمل هذه القوانين.
ويُعد إشعاع هوكينج من أهم إنجازاته، فقد أدرك هوكنج أن قوانين ميكانيكا الكم ومبدأ اللايقين الجوهري فيها يقوم بهذا الفعل المثير في النجوم العملاقة الخامدة التي تمتص كل شيء يقترب منها، فتتوهج أولًا بشكل خافت ومن ثَم تُصبح أسخن وأكثر اتقادًا باحتراقها، ثم تختفي بانفجار.
وقد أثار هذا الاكتشاف حدس (جاكوب بيكنستين- Jacob Bekenstien) حول إنتروبيا الثقوب السوداء في الحدود الكونية، وكشف واحدًا من أكبر الألغاز في الفيزياء الحديثة».
وكتب البروفيسور (ميروسلاف فيليبوفيتش- Miroslav Filipovic) من جامعة سيدني الغربية: «سيبقى ستيفن هوكينج واحدًا من أعظم العقول في زمننا، فلقد شكلت أفكاره مسار علم الكونيات والفيزياء النظرية، وقد برهن، طوال حياته الاستثنائية، على قوة العقل في مواجهة التحديات الجسدية».
وشارك البرفيسور (راجبير باثل- (Ragbir Bhathal قائلًا: «يُعد موت ستيفن هوكينج خسارة عظيمة للمجتمع الفلكي والعلمي، فقد شكّل إلهامًا للعديد ممن أصبحوا علماء فلك أو فيزياء فلكية، وأثّر في العديد من الشباب الذين رسموا طريق حياتهم العملية في العلوم والهندسة».
وعلق الدكتور (نيك توثيل- (Nick Tothill من جامعة سيدني الغربية قائلًا: «أحرز ستيفن هوكينج تقدمًا كبيرًا معتمدًا على عقله وعلى القليل من المساعدة في مجال تحتكره فرق بحثية كبيرة من العلماء والأدوات الضخمة، فقد امتلك موهبة الأسئلة غير العادية، مثل: ما الذي يحدث فعلًا عند أفق الحدث في الثقب الأسود؟
لم يساهم هوكنج في تطور فهمنا للكون ومكوناته من خلال اكتشافاته فقط، ولكنه أثار فكرنا كذلك عن كيفية عمل الكون، فقد تركت كتبه تأثيرًا كبيرًا في أتباعه حتى وإن لم يفهموه كليةً فإنهم ما زالوا مهتمين بما يمكن أن يأتي به عالم كونيات عن الكون المُعجز وغرابته».
ونعاه البرفيسور (سكوت كروم- Scott Croom) من معهد سيدني للفلك في جامعة سيدني قائلًا: «كان هوكينج من عمالقة المجال بالفعل باكتشافاته حول الثقوب السوداء وطبيعة الكون، كما أنه قد ألهم أجيالًا من العلماء. أتذكر قراءة كتابه (تاريخ موجز للزمن) عندما كنت في السادسة عشر، وقد ساعدني بالطبع على وضع قدمي على أول الطريق لكوني عالم فيزياء فلكية».
وكتب البروفيسور (كريستوفر توت-(Cristopher Tout ، أستاذ التطور النجمي في جامعة كامبريدج: «لقد حزنت عند سماعي خبر موت هوكينج، فقد كان ذا حضور دائم في حياتي في كامبرديج بداية من كوني طالبًا عندما كنت أراه على كرسيه المتحرك في سيدج ويك (الشارع الذي توجد به الجامعة)، مرورًا بالمقابلات في مقهى قسم الرياضيات التطبيقية والفيزياء النظرية، ولاحقًا بكونه ضيف شرف رسمي على العشاء في جامعة تشرشيل. كان ستيفن ملهمًا للجميع وسنفتقده بشدة».
ذكر دكتور (براد توكر- Brad Tucker)، باحث زميل ومدير مرصد ماثيو سترومللو في جامعة أستراليا الوطنية: «لم يكن ستيفن هوكينج رائدًا في علم الكونيات والفيزياء الفلكية فحسب، بل دفعنا جميعًا لتحدي أنفسنا والمجهول، فقد غادرنا بعدما ألهم الكثير منّا وساعدنا على حل الكثير من الأسئلة التي طرحها البشر لعقود».
أما البروفيسور (ألان دوفي-Alan Duffy )، باحث زميل في مركز الفيزياء الفلكية والحاسبات الفائفة وعالم بارز في المعهد الملكي في أستراليا، فقد علق قائلًا: «لم يكن البروفسور هوكينج بمثابة ملهم لي لأكون عالمًا فحسب، بل لأكون ناقلًا للعلم أيضًا.
كان عمله كعالم كونيّات واكتشافاته في الثقوب السوداء أسطوريًا، وقد سُمي اكتشافه الأعظم باسم (إشعاع هوكينج)، وهو ما حوَّل الثقوب السوداء من مجرد سجون للجاذبية لا يُمكن الإفلات منها إلى أشياء تنكمش وتتلاشى بمرور الوقت.
وقد ألهمت كتاباته العديد من العلماء وأثرت حياة الملايين بأحدث وجهات النظر العلمية والكونية. كان مرحًا بشكل لا يُصدّق وذا معرفة إعلامية جعلته ينضم لقائمة المشاهير مع عدد قليل من العلماء قبله.
واقتربت إنجازاته، على الرغم من مرضه، من حدود الإعجاز، فلا يمكنني أن أتصور كيف استطاع معالجة معادلات أينشتاين في عقله على الرغم من كونه لا يقدر حتى على الإمساك بالقلم. بينما ستعيش هذه الإنجازات للأبد، فإن مما لا شك فيه أن العلم والعالم أجمع قد خسر كثيرًا بفقدانه».
وقد علق (بول هيس-Paul Haese )، رئيس الجمعية الفلكية في جنوب أستراليا على رحيله قائلًا: «رحل عنا عقل قد أعطى الكثير على المستويين الجسدي والعقلي، وسيفتقده مجتمع هواة الفلك بشدة».
في الواحد والعشرين من عمره، تم تشخيص هوكينج بمرض نادر يُدعى داء العصبونات المتحركة، ولكن عبقريته الفذة وروحه وحس دعابته جعلته كالمعجزة بالنسبة لمن تبع خطاه منا.
وعقب وفاته، فاضت رثاءات العلماء الذين كانوا محظوظين إما لمعرفته عن قرب أو ممن ألهمهم منظوره المختلف عن الكون كبقيتنا.
فيما يلي نعرض بعض تعليقات الباحثين حول وفاته:
قالت البروفيسورة (سارة بركاك- Sara Parcak): «توفى ستيفن هوكينج اليوم. كدت أقتله منذ خمسة عشر عامًا وكاد يقتلني عندما علق كرسيه المتحرك بين سيارتين في باحة وقوف السيارات في كامبريدج بينما كنت أقود دراجتي ولكنني انحرفت بها في اللحظة الأخيرة. باركك الرب وارقد في سلام».
بينما قال البروفيسور (ماثيو كوليس-Matthew Colless )، رئيس قسم الفلك والفيزياء الفلكية في جامعة أستراليا الوطنية: «لقد كنت محظوظًا، كوني دارسًا في جامعة كامبريدج، أن يكون هوكينج محاضرًا لي في فيزياء الجاذبية والثقوب السوداء. اعتاد هوكينج أن يدور بكرسيه حول المنصة المنخفضة في مقدمة القاعة لإلقاء محاضرته المسجلة مسبقًا، وكان أحد المعيدين يكتب المعادلات على السبورة.
وفي إحدى المرات، انحرف الكرسي أكثر من اللازم فسقط هوكنج من على المنصة. هرعنا لتقديم العون له بينما كان هو منشغلًا بالكتابة على الجهاز الخاص به، وعندما بدأت المحاضرة قال بصوته المعروف: «لقد سقطت من على حافة العالم».
وبعد بضع سنوات، أثناء زمالتي البحثية في الكلية الملكية، كنت على وشك تحقيق أكبر شائنة علمية عندما كدت أصدمه بسيارتي عند اقترابه من بوابة الكلية ولكني ضغطت على المكابح واستمر هو في طريقه. ظللت أفكر حينها كيف كانت ستصبح حياتي لو أصبحت قاتل ستيفن هوكينج! كان هوكينج عالمًا عظيمًا وملهمًا. لقد كان الكون مفهومًا بشكل أفضل وأكثر إثارة لأنه كان موجودًا به».
أما عن البروفيسورة (ليزا هارفي سميث- (Lisa Harvey Smith، مدير مجموعة مرصد العلوم الأسترالي القومي(ATNF) في منظمة رابطة البحوث العلمية والصناعية (CSIRO) للفلك وعلوم الفضاء، فقد قالت: «كان هوكينج ذا فطنة عالية وحس دعابة غير عادي، وقد مكّنته مهاراته المنطقية والعقلانية مع فهمه العميق للنسبية وميكانيكا الكمّ من المجيء بأفكار جديدة حول طبيعة الكون والثقوب السوداء والانفجار العظيم.
حتى عندما كان يثبت خطأ أفكاره، كان يساعده ذلك على خلق صلات جديدة بين ظواهر مختلفة، مما فتح أعيننا على آفاق جديدة.
وتُعتبر فكرته حول الثقوب السوداء بأنها تتحلل ببطء كالأسبرين في الماء أهم إرث علمي لهوكينج. إن تأثيره في فهم العامة للعلوم لا يمكن حصره وكان حماسه وشغفه بالعلم يساعده على الوصول إلى العامة من الناس».
ويعلق البروفيسور (بيتر توثيل- Peter Tuthill) من معهد سيدني للفلك في جامعة سيدني قائلًا: «هذا الخبر من الأخبار التي تعلق في الذاكرة كنقطة فاصلة لسيل من الأحداث، إذ يجب على المرء أن يتذكر أين كان عندما سمع خبر وفاة هوكينج. كنت طالبًا أستراليًا أدرس في كامبريدج، وكان هو بالطبع أكبر المحاضرين الذين جعلو كامبريدج مكانًا جذابًا للدراسة، ولكني لم أتوقع أن يكون لقائي الأول به محور الحديث في العناوين الرئيسية للصحف القومية في بريطانيا.
كنا متجهين للمنزل ليلًا على دراجاتنا عندما اصطدم صديقي بهوكينج الذي صدف أنه كان يتجول في الباحات الخلفية الهادئة لنهر كامبريدج، وذهب كلاهما للمستشفى مما جعل صديقي في الصفحات الأولى من الصحف.
ولم يمر الكثير من حياتي العملية حتى بدأت أدرك أنه ليس عملاقًا في الفيزياء فحسب، وإنما أيضًا في الثقافة والمجتمع بصورة عامة.
فبينما كنت إجاباته على الأسئلة المهمة في الفيزياء متعمقة، كانت له إسهامات أخرى في العديد من القضايا المهمة والمعاصرة مثل الذكاء الاصطناعي وبناء مجتمع عادل والمشاكل التي قد تسببها التكنولوجيا الحديثة».
وقال الدكتور (برندان برنز-Brendan Burns )، أستاذ محاضر في قسم التقنية الحيوية وعلوم الثنائية الجزيئية في المركز الأسترالي لبيولوجيا الفلك في جامعة نيو ساوث ويلز: «نظرت في انبهار، بصفتي عالم زميل، إلى ما أنجزه هوكينج، وخاصة مع ما واجهه من معوقات في الحياة. فقد شكلت فطنته وبصيرته طريقًة جديدة في النظر إلى الكون وتموضعنا فيه وهو ما يعرّف ماهيتنا أخيرًا».
وقال (ريموند فولكاس-Raymond Volkas )، مدير فرع ملبورن في مركز التميز في فيزياء الجزيئات على مقياس التيرا التابع للمجلس الأسترالي للأبحاث، جامعة ملبورن: «اكتشف هوكينج بأنه عند تطبيق قوانين الكمّ التي تحكم الفيزياء الذرية والجزيئات الأولية على الثقوب السوداء، فإنها تأتي بنتائج مدهشة وهي أن الثقوب السوداء بالفعل تطلق إشعاعًا- يدعى الآن إشعاع هوكينج (Hawking Radiation)- وأنها ليست فقط حفرًا عميقة تمتص المادة والإشعاع إلى طيّات النسيان.
فقد بيّن هوكنج أن الثقوب السوداء ساخنة (أي تمتلك الحرارة)، وهذا الربط المذهل بين الجاذبية والديناميكا الحرارية (فيزياء الحرارة) له تأثيرات بعيدة المدى على فهمنا للقوانين الأساسية التي تحكم الكون».
بينما يقول دكتور (بول جاردنر ستيفن- Paul Gardner Stephen)، محاضر بارز في كلية العلوم والهندسة في جامعة فليندرز: «لم يفقد العالم في ستيفن هوكينج مجرد رجل جيد في العلوم ولكن أيضًا رجلًا كرّس حياته لتقّدم الجنس البشريّ من خلال تطبيق النقد العقلي والمنطقي، وقد أنجز هذا في ظل محنة شخصية وبالأخص في مواجهة جسد غير متعاون.
لقد كان مُلهمًا للعديد وسيظل كذلك لأعوام كثيرة قادمة. عادة ما يُقال في مثل هذه المواقف أن الشخص قد ترك فراغًا كبيرًا، ولكن في هذه الحالة يجدُر بالمرء أن يقول بأنه ترك لنا مساحات كبيرة في الكون والوقت وسيستمر أجيال قادمة في محاولة ملأ هذا المكان».
ويقول البروفيسور المساعد (دانييل تيرنو- (Daniel Terno، المدير المفوّض للمركز البحثي في علوم الكوانتم والتكنولوجيا في جامعة مكواري: «كان ستيفن هوكينج من أعظم الفيزيائيين الرياضيين في النصف الثاني من القرن العشرين، فقد جعلته كتبه الرائجة واحدًا من أشهر الفيزيائيين كما لو كان فنانًا مشهورًا، كما أثارت فضول الكثير من المراهقين نحو الفيزياء. لقد شكل جيلين من العلماء الباحثين، وأنا منهم، ويعرف الكتاب الذي شارك في تأليفه منذ أكثر من خمسة وأربعين عامًا في المجال ببساطة باسم هوكينج-إليس.
إسهاماته العلمية كثيرة جدًا حتى أنه يصعب حصرها. فهو المسؤول عن القوانين الثلاثة للثقوب السوداء والتي شكلت أسس فهمنا لهذه الأشياء، وقد بيّن لنا اكتشاف موجات الجاذبية طريقة عمل هذه القوانين.
ويُعد إشعاع هوكينج من أهم إنجازاته، فقد أدرك هوكنج أن قوانين ميكانيكا الكم ومبدأ اللايقين الجوهري فيها يقوم بهذا الفعل المثير في النجوم العملاقة الخامدة التي تمتص كل شيء يقترب منها، فتتوهج أولًا بشكل خافت ومن ثَم تُصبح أسخن وأكثر اتقادًا باحتراقها، ثم تختفي بانفجار.
وقد أثار هذا الاكتشاف حدس (جاكوب بيكنستين- Jacob Bekenstien) حول إنتروبيا الثقوب السوداء في الحدود الكونية، وكشف واحدًا من أكبر الألغاز في الفيزياء الحديثة».
وكتب البروفيسور (ميروسلاف فيليبوفيتش- Miroslav Filipovic) من جامعة سيدني الغربية: «سيبقى ستيفن هوكينج واحدًا من أعظم العقول في زمننا، فلقد شكلت أفكاره مسار علم الكونيات والفيزياء النظرية، وقد برهن، طوال حياته الاستثنائية، على قوة العقل في مواجهة التحديات الجسدية».
وشارك البرفيسور (راجبير باثل- (Ragbir Bhathal قائلًا: «يُعد موت ستيفن هوكينج خسارة عظيمة للمجتمع الفلكي والعلمي، فقد شكّل إلهامًا للعديد ممن أصبحوا علماء فلك أو فيزياء فلكية، وأثّر في العديد من الشباب الذين رسموا طريق حياتهم العملية في العلوم والهندسة».
وعلق الدكتور (نيك توثيل- (Nick Tothill من جامعة سيدني الغربية قائلًا: «أحرز ستيفن هوكينج تقدمًا كبيرًا معتمدًا على عقله وعلى القليل من المساعدة في مجال تحتكره فرق بحثية كبيرة من العلماء والأدوات الضخمة، فقد امتلك موهبة الأسئلة غير العادية، مثل: ما الذي يحدث فعلًا عند أفق الحدث في الثقب الأسود؟
لم يساهم هوكنج في تطور فهمنا للكون ومكوناته من خلال اكتشافاته فقط، ولكنه أثار فكرنا كذلك عن كيفية عمل الكون، فقد تركت كتبه تأثيرًا كبيرًا في أتباعه حتى وإن لم يفهموه كليةً فإنهم ما زالوا مهتمين بما يمكن أن يأتي به عالم كونيات عن الكون المُعجز وغرابته».
ونعاه البرفيسور (سكوت كروم- Scott Croom) من معهد سيدني للفلك في جامعة سيدني قائلًا: «كان هوكينج من عمالقة المجال بالفعل باكتشافاته حول الثقوب السوداء وطبيعة الكون، كما أنه قد ألهم أجيالًا من العلماء. أتذكر قراءة كتابه (تاريخ موجز للزمن) عندما كنت في السادسة عشر، وقد ساعدني بالطبع على وضع قدمي على أول الطريق لكوني عالم فيزياء فلكية».
وكتب البروفيسور (كريستوفر توت-(Cristopher Tout ، أستاذ التطور النجمي في جامعة كامبريدج: «لقد حزنت عند سماعي خبر موت هوكينج، فقد كان ذا حضور دائم في حياتي في كامبرديج بداية من كوني طالبًا عندما كنت أراه على كرسيه المتحرك في سيدج ويك (الشارع الذي توجد به الجامعة)، مرورًا بالمقابلات في مقهى قسم الرياضيات التطبيقية والفيزياء النظرية، ولاحقًا بكونه ضيف شرف رسمي على العشاء في جامعة تشرشيل. كان ستيفن ملهمًا للجميع وسنفتقده بشدة».
ذكر دكتور (براد توكر- Brad Tucker)، باحث زميل ومدير مرصد ماثيو سترومللو في جامعة أستراليا الوطنية: «لم يكن ستيفن هوكينج رائدًا في علم الكونيات والفيزياء الفلكية فحسب، بل دفعنا جميعًا لتحدي أنفسنا والمجهول، فقد غادرنا بعدما ألهم الكثير منّا وساعدنا على حل الكثير من الأسئلة التي طرحها البشر لعقود».
أما البروفيسور (ألان دوفي-Alan Duffy )، باحث زميل في مركز الفيزياء الفلكية والحاسبات الفائفة وعالم بارز في المعهد الملكي في أستراليا، فقد علق قائلًا: «لم يكن البروفسور هوكينج بمثابة ملهم لي لأكون عالمًا فحسب، بل لأكون ناقلًا للعلم أيضًا.
كان عمله كعالم كونيّات واكتشافاته في الثقوب السوداء أسطوريًا، وقد سُمي اكتشافه الأعظم باسم (إشعاع هوكينج)، وهو ما حوَّل الثقوب السوداء من مجرد سجون للجاذبية لا يُمكن الإفلات منها إلى أشياء تنكمش وتتلاشى بمرور الوقت.
وقد ألهمت كتاباته العديد من العلماء وأثرت حياة الملايين بأحدث وجهات النظر العلمية والكونية. كان مرحًا بشكل لا يُصدّق وذا معرفة إعلامية جعلته ينضم لقائمة المشاهير مع عدد قليل من العلماء قبله.
واقتربت إنجازاته، على الرغم من مرضه، من حدود الإعجاز، فلا يمكنني أن أتصور كيف استطاع معالجة معادلات أينشتاين في عقله على الرغم من كونه لا يقدر حتى على الإمساك بالقلم. بينما ستعيش هذه الإنجازات للأبد، فإن مما لا شك فيه أن العلم والعالم أجمع قد خسر كثيرًا بفقدانه».
وقد علق (بول هيس-Paul Haese )، رئيس الجمعية الفلكية في جنوب أستراليا على رحيله قائلًا: «رحل عنا عقل قد أعطى الكثير على المستويين الجسدي والعقلي، وسيفتقده مجتمع هواة الفلك بشدة».