ظهورُ نجمٍ مستعر أعظم«supernova» يستمر بالإنفجار منذ سنواتٍ أعاقَ فهم العلماء لتشكّل وموت النجوم، والبحث جارٍ لشرح هذه الظاهرة الغريبة.
تنتهي حياة نجوم بأكثر من ثمانية أضعاف كتلة الشّمس في انفجاراتٍ كبيرة تسمى النجوم المستعرة العظمى «supernovas» وهي من بين الظواهرِ الأكثر نشاطًا في الكون، ويمكنُ أن ينافسَ سطوع نجم يحتضر -لفترةٍ وجيزة- سطوعَ مجرة بأكملها.
تتشكل النجوم المستعرة العظمى من النجوم الهائلة لترتفع بسرعة إلى سطوع الذروة ثم تتلاشى على مدى حوالي 100 يوم بينما تفقد أمواجُ الصدمة طاقتها.
على النقيض من ذلك، فإنّ المستعر الأعظم الذي دُرِسَ مؤخرًا «IPTF14hls» نَما بشكل خافت وأكثر إشراقًا لمدةٍ تفوق العامين، وفقًا لبيان من قبل مرصَد لاس كومبريز«Las Cumbres» في غوليتا بولاية كاليفورنيا، الذي تعقب النّجم المستعر، وظهرت تفاصيل هذا الاكتشاف يوم الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني في مجلة «Nature» بعنوان «أولُّ موجة صدمة لنجم مستعر أعظم التقطها تلسكوب راصد للكواكب».
فيديو لموجة الصدمة لنجم متفجر التقطتها المركبة الفضائية كيبلر:
اكتشافٌ مُبهم
لَم يُلاحَظ النجم المستعر «iPTF14hls» عندما رُصِد لأول مرة من قبل تلسكوب «Telescope» شريك في سان دييغو في 22 سبتمبر/أيلول 2014، وكان طيف ضوءه مثالًا لنجم مستعر من النوع «II-P» أكثر الأنواع التي يلاحظها الفلكيون شيوعًا.
قال المؤلف الرئيسي وعالم الفلك في جامعة كاليفورنيا-سانتا باربرا إيير أركافي-Iair Arcavi لموقع «Space.com»: (لقد كان المستعر الأعظم يتلاشى بالفعل).
ركز أركافي اهتمامه على أبحاث واعدة أكثر لأن المرصدَ كان في منتصف الاستطلاع التعاوني لمدة 7 سنوات ونصف لكن في فبراير/شباط 2015 لاحظَ طالب يعمل لدى أركافي في فصل الشتاء يدعى تشنغ تشون ونغ-Zheng Chuen Wong أنّ النجم المستعر قد أصبح أكثر إشراقًا على مدى الأشهر الخمسة الماضية.
قال أركافي: (لقد أطلعني على البيانات، وقال: هل هذا طبيعي؟. قلت: لا على الاطلاق، فهذا أمرٌ غريب جدًا، فالنجوم المستعرة لا تفعل ذلك).
في البداية، اعتقد أركافي أنّهُ نجم محليّ في مجرتنا، ويبدو أكثر إشراقًا لأنه أقرب.
أضافَ أركافي: (من المعروف أن العديد من النجوم لديها سطوع متغير، ولكن كشفَ توقيع النجم الضوئي أنّه يقع في مجرة صغيرة غير منتظمة تبعدُ حوالي 500 مليون سنة ضوئية عن الأرض).
بعد 100 يوم أصبحَ النّجم المستعر أكثر غرابةً، فقد بدا بعمر الـ30 يومًا فقط، أمّا بعد عامين لا يزال يبدو طيفُ النّجم المستعر كأنّ عمر انفجارهِ 60 يومًا فقط، وقد ظهرَ مؤخرًا من وراءِ شمسِ الأرض.
صرّح أركافي: (لا يزال النجم المستعر مشرقًا بعد ما يقرب الثلاث سنوات ولكن في واحد من مائة من سطوع ذروته يبدو أنّه يتلاشى في النهاية).
وضّح أركافي: (لا يوجد نموذج أو نظرية قائمة تفسر كلّ الملاحظات التي لدينا، فقد يتلاشى المستعر الأعظم أو قد ينمو ليصبح أكثر إشراقًا أو قد يختفي فجأةً).
أحدُ أسبابِ عدم يقين أركافي أنّ هذا النجم المستعر الأعظم قد شُوهِد في نفس الموقع في عام 1954م وهذا يعني أنّ الحدث الذي كان أركافي يراقبه قد يكون في الواقع مستمرًا لمدة 60 عامًا .
ذكَر أركافي: ( إنّ هناك فرصة تتراوح بين 1و 5 فى المائة أن الحدثين لا علاقة بينهما، ولكن ذلك سيثيرُ الدهشةً أكثر، وسيتخطى أحدثَ النماذج).
لم يسبق أن لاحظ علماءُ الفلك مطلقًا نجمين مستعرين غير مرتبطين تفصلهما عقود ويتواجدان في نفس المكان.
أقزام النجم المستعر«iPTF14hls» نموذجية في السطوع وطول العمر، وتُشكّل التقلبات المثيرة لهذا الحدث تحديًا كبيرًا للمجتمع الفلكي لتفسيره.
ما وراءَ هذا الاكتشاف
قال ستانفورد ووسلي«Stanford Woosley» عالم الفيزياء الفلكية بجامعة كاليفورنيا-سانتا كروز، لموقع «Space.com»: (لا أعتقد أنَّ أي شخصٍ يعلمُ ماذا يحدث بالضبط، ومع ذلك فقد حدثت هذه الظاهرة وتتطلب تفسيرًا علميًا).
إنَّ ووسلي ليس جزءًا من الدراسة لكنه من بين النظريين العاملين على فهم هذا الحدث. قال: )تُظهِر فرضيتان أملًا في شرح هذه الظاهرة) .
الفرضية الأولى تتضمن معادلة ألبرت أينشتاين الشهيرة« E = mc2 » التي أظهرَ بها أنّ المادة والطّاقة قابلتان للتبادل بشكلٍ أساسي.
تحترقُ النجوم بتحويل المادة إلى طاقة، وتُدمَج عناصر أخفَّ وزنًا كالهيدروجين والهيليوم في عناصر أثقل والتي تتراكم في نواة النجم وتطلق الطاقة أيضًا، فعندما يصل نجم أكبر من كتلة الشمس ب80 مرة لدرجة حرارة تبلغ 1 مليار درجة مئوية «1.8 مليار درجة فهرنهايت»، يُنتِج تكافؤ الطاقة والمادة أزواجًا من الإلكترونات ونظيراتها المضادة للجسيمات البروتونات«positrons» على حدّ قول ووسلي: (تُحيط هذه العملية النجم بالطاقة، وتسبب تقلصه).
وكما أوضح ووسلي فعندما يحدثُ هذا، ترتفع درجة الحرارة في نواة النجم لتصل للدرجة 3 مليارات سيليسيوس «5.4 مليار فهرنهايت» وتصدر صمامات الأكسجين المتفجرة كميات هائلة من المواد وتُكرَّر هذه العملية حتى يصلَ النجم لكتلة مستقرة، وعندما تصطدم الجهة الأمامية لغلافٍ من المواد بالحافة الخلفية لغلافٍ سابق فتُطلَقُ الطاقة كضوء.
يستمر النجم بصهر الأكسجين مع عناصر بكتلة أكبر منه وصولًا للحديد، وعند فشل التفاعل بإطلاق طاقة كافية يحافظُ ذلك على النجم من الانهيار على نفسه، وفي الواقع نجم كالذي أدى لنشوء «iPTF14hls» سينهار فى ثقب أسود دونَ حدوثِ أيِّ انفجار اخر.
تُدعى هذه الظاهرة، الزوج غير المستقر النابض للمستعر الأعظم «pulsation pair instability-PPI»يمكن أن يفسر هذا لمعان «IPTF14hls»المستمر وسطوعهُ المتفاوت.
محاكاة التصادم بين غلافين من المادة التي قذفتها انفجارات الزوج غير المستقر النابض للمستعر الأعظم.
صرّح ووسلى: (يتطلّب هذا التفسير أن يكون النجم أكبر بـ 105 مرات من كتلة الشمس).
ومع ذلك، فإن نموذج «PPI» لا يمكن أن يفسر القدر الهائل من الطاقة التي أصدرها «IPTF14hls»، قال أركافي: (أصدرَ الانفجار الأول في عام 2014 طاقةً أكثر مما توقعه النموذج بالنسبة لجميع الانفجارات مجتمعة).
لم يتم التحقق من هذه الظاهرة بالرصد لحد الآن وقد قال ووسلي: (إن النجوم بكتلة شمسية تتراوح بين 80 و 140 والتي تحدث فيها هذه الظاهرة يجب أن تكون موجودة ويجب أن تموت، لذلك يفترض أن يكون هذا الحدث مستمرًا وموجودًا في مكان ما ولكنّ أحدًا لم يَره بعد).
عاصفة مغناطيسية هائلة
تفسيرٌ بديل ينطوي على أن يكون النجم 20 إلى 30 ضعف كتلة شمس الأرض، وبعد أن يمر بطور النجم المستعر التقليدي، يتكاثف ليتحول لنجم نيوتروني «neutron star» يدور بسرعة ليُشكل النجم المغناطيسي«magnetar».
النجم النيوتروني يحزم كتلة 1.5 شمسًا في كائنٍ قطره تقريبًا بحجم مدينة نيويورك، ووضَّح ووسلي: (إن نجم نيوتروني يدور بمعدل 1.000 مرة في الثانية سيحتوي طاقة أكبر من النجم المستعر الأعظم كما أنه سيوّلد حقلًا مغناطيسيًا بـ100 تريليون إلى 1 كوادريليون ضعف قوة حقل الأرض، وبما أن النجم قد دار باستمرار على مدار عدة أشهر، فإن مجاله المغناطيسي الهائل قد مكنه من تحويل الطاقة الدورانية للنجم إلى بقايا المستعر الأعظم التي تشكلت من الضوء المنبعث، يشبهُ ذلك وجود منارةٍ في وسط المستعر الأعظم).
نجم مغناطيسي في الكتلة النجمية ويسترلوند«Westerlund» تتبع أقواسه المضيئة المجال المغناطيسي المكثف للنجم.
ذكرَ ووسلي: (يواجه تفسير النجم المغناطيسي صعوبةً بشرحِ الانخفاضات والقمم في سطوع «iPTF14hls» ولا يزال التفسير الفيزيائي لكيفية عمل هذه الظاهرة غيرَ مؤكدٍ حتى الآن ).
يأمل أركافي أن يكون قادرًا على الرؤية أعمق في بنية النجم المستعر « iPTF14hls» بينما يزال يبعث الطاقة، فإن كان فعلًا نجمًا مغناطيسيًا فإّنه يتوقع أن يرى الأشعة السّينية التى كان يحجبها المستعر الأعظم نفسه ويبدأ فى اختراقه.
وقالَ أركافي: ( ربما من خلال الجمع بين ظاهرة الزوج غير المستقر النابض مع النجم المغناطيسي، يمكننا البدء بشرح المستعر الأعظم).
الاستمرار بالمراقبة والتفسير
صرَّح الباحثون أنًّ وجودَ «IPTF14hls» له نتائج بعيدة المدى فبالرغم من أنه يَبعُد 500 مليون سنة ضوئية فإنّه لا يزال قريبًا نسبيًا من الأرض.
وفقًا لأركافي فإنّ بنية الكون -من حيث التكوين والتنظيم- نفسها اليوم وقد كانت كذلك عندما حدثت هذه الظاهرة، فإذا كان الحدث ناجمًا عن الزوج غير المستقر النابض لمستعر أعظم، فإنَّ النجوم ذات 100 كتلة شمسية والتي يُعتقَد أنها كانت منتشرة في بدايات تشكل الكون، لا تزالُ تتشكل حتى اليوم.
لاحظَ الباحثون أنّ الحدث احتوى كمية من الهيدروجين أكثرَ بكثير من توقعاتهم، وقالَ أركافي: (إنّ الانفجار الذي وقع عام 1954م ينبغي أن يكون قد طردَ كلّ الهيدروجين الموجود في النجم وسيتعين على علماء الفيزياء الفلكية إعادة النظر في نماذجهم للمستعراتِ العظمى لفهمِ كيفية حدوث هذه الظاهرة ).
ستؤثر نتائج هذا الاكتشاف على دراسة المجرات أيضًا، وكما قال أركافي: (إن طاقة الجاذبية التي تحافظُ على تماسك المجرة بنفسِ قدر الطاقة التي أطلقها المستعر الأعظم وهكذا فإنّ عددًا قليلًا من هذه المستعرات في المجرة يمكنُها تفكيك المجرّة بأكملها).
يخطط أركافي وفريقه لمواصلةِ رصدِ «iPTF14hls» لمدة سنةٍ أو سنتين على الأقل، وستنضم مجموعة من المناظير والمراصد الدولية إلى هذا المشروع، وسيتعقب الزملاء السويديون في تلسكوب نورديك البصري «Nordic Optical Telescope» في جزر الكناري المستعر الأعظم بينما يخفت ليصل لحدٍ لاتستطيع عنده مجموعة تلسكوب أركافي اكتشافه).
صرّحَ أركافي: (ستبحثُ المركبة الفضائية سويفت «Swift spacecraft» التابعةُ لوكالة ناسا عن انبعاثات الأشعة السينية، ومن المقرر أن يصوّر تلسكوب الفضاء هابل الموقع ابتداءً من ديسمبر/كانون الأول وستتبعه مناظيرٌ أخرى).
لا يزالُ هذا الحدثُ لغزًا في الوقت الراهن، قالَ ووسلي: (إنّه مجردُ لغزٍ في السماء وهذا ما يعيشُ لأجله علماء الفلك).
تنتهي حياة نجوم بأكثر من ثمانية أضعاف كتلة الشّمس في انفجاراتٍ كبيرة تسمى النجوم المستعرة العظمى «supernovas» وهي من بين الظواهرِ الأكثر نشاطًا في الكون، ويمكنُ أن ينافسَ سطوع نجم يحتضر -لفترةٍ وجيزة- سطوعَ مجرة بأكملها.
تتشكل النجوم المستعرة العظمى من النجوم الهائلة لترتفع بسرعة إلى سطوع الذروة ثم تتلاشى على مدى حوالي 100 يوم بينما تفقد أمواجُ الصدمة طاقتها.
على النقيض من ذلك، فإنّ المستعر الأعظم الذي دُرِسَ مؤخرًا «IPTF14hls» نَما بشكل خافت وأكثر إشراقًا لمدةٍ تفوق العامين، وفقًا لبيان من قبل مرصَد لاس كومبريز«Las Cumbres» في غوليتا بولاية كاليفورنيا، الذي تعقب النّجم المستعر، وظهرت تفاصيل هذا الاكتشاف يوم الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني في مجلة «Nature» بعنوان «أولُّ موجة صدمة لنجم مستعر أعظم التقطها تلسكوب راصد للكواكب».
فيديو لموجة الصدمة لنجم متفجر التقطتها المركبة الفضائية كيبلر:
اكتشافٌ مُبهم
لَم يُلاحَظ النجم المستعر «iPTF14hls» عندما رُصِد لأول مرة من قبل تلسكوب «Telescope» شريك في سان دييغو في 22 سبتمبر/أيلول 2014، وكان طيف ضوءه مثالًا لنجم مستعر من النوع «II-P» أكثر الأنواع التي يلاحظها الفلكيون شيوعًا.
قال المؤلف الرئيسي وعالم الفلك في جامعة كاليفورنيا-سانتا باربرا إيير أركافي-Iair Arcavi لموقع «Space.com»: (لقد كان المستعر الأعظم يتلاشى بالفعل).
ركز أركافي اهتمامه على أبحاث واعدة أكثر لأن المرصدَ كان في منتصف الاستطلاع التعاوني لمدة 7 سنوات ونصف لكن في فبراير/شباط 2015 لاحظَ طالب يعمل لدى أركافي في فصل الشتاء يدعى تشنغ تشون ونغ-Zheng Chuen Wong أنّ النجم المستعر قد أصبح أكثر إشراقًا على مدى الأشهر الخمسة الماضية.
قال أركافي: (لقد أطلعني على البيانات، وقال: هل هذا طبيعي؟. قلت: لا على الاطلاق، فهذا أمرٌ غريب جدًا، فالنجوم المستعرة لا تفعل ذلك).
في البداية، اعتقد أركافي أنّهُ نجم محليّ في مجرتنا، ويبدو أكثر إشراقًا لأنه أقرب.
أضافَ أركافي: (من المعروف أن العديد من النجوم لديها سطوع متغير، ولكن كشفَ توقيع النجم الضوئي أنّه يقع في مجرة صغيرة غير منتظمة تبعدُ حوالي 500 مليون سنة ضوئية عن الأرض).
بعد 100 يوم أصبحَ النّجم المستعر أكثر غرابةً، فقد بدا بعمر الـ30 يومًا فقط، أمّا بعد عامين لا يزال يبدو طيفُ النّجم المستعر كأنّ عمر انفجارهِ 60 يومًا فقط، وقد ظهرَ مؤخرًا من وراءِ شمسِ الأرض.
صرّح أركافي: (لا يزال النجم المستعر مشرقًا بعد ما يقرب الثلاث سنوات ولكن في واحد من مائة من سطوع ذروته يبدو أنّه يتلاشى في النهاية).
وضّح أركافي: (لا يوجد نموذج أو نظرية قائمة تفسر كلّ الملاحظات التي لدينا، فقد يتلاشى المستعر الأعظم أو قد ينمو ليصبح أكثر إشراقًا أو قد يختفي فجأةً).
أحدُ أسبابِ عدم يقين أركافي أنّ هذا النجم المستعر الأعظم قد شُوهِد في نفس الموقع في عام 1954م وهذا يعني أنّ الحدث الذي كان أركافي يراقبه قد يكون في الواقع مستمرًا لمدة 60 عامًا .
ذكَر أركافي: ( إنّ هناك فرصة تتراوح بين 1و 5 فى المائة أن الحدثين لا علاقة بينهما، ولكن ذلك سيثيرُ الدهشةً أكثر، وسيتخطى أحدثَ النماذج).
لم يسبق أن لاحظ علماءُ الفلك مطلقًا نجمين مستعرين غير مرتبطين تفصلهما عقود ويتواجدان في نفس المكان.
أقزام النجم المستعر«iPTF14hls» نموذجية في السطوع وطول العمر، وتُشكّل التقلبات المثيرة لهذا الحدث تحديًا كبيرًا للمجتمع الفلكي لتفسيره.
ما وراءَ هذا الاكتشاف
قال ستانفورد ووسلي«Stanford Woosley» عالم الفيزياء الفلكية بجامعة كاليفورنيا-سانتا كروز، لموقع «Space.com»: (لا أعتقد أنَّ أي شخصٍ يعلمُ ماذا يحدث بالضبط، ومع ذلك فقد حدثت هذه الظاهرة وتتطلب تفسيرًا علميًا).
إنَّ ووسلي ليس جزءًا من الدراسة لكنه من بين النظريين العاملين على فهم هذا الحدث. قال: )تُظهِر فرضيتان أملًا في شرح هذه الظاهرة) .
الفرضية الأولى تتضمن معادلة ألبرت أينشتاين الشهيرة« E = mc2 » التي أظهرَ بها أنّ المادة والطّاقة قابلتان للتبادل بشكلٍ أساسي.
تحترقُ النجوم بتحويل المادة إلى طاقة، وتُدمَج عناصر أخفَّ وزنًا كالهيدروجين والهيليوم في عناصر أثقل والتي تتراكم في نواة النجم وتطلق الطاقة أيضًا، فعندما يصل نجم أكبر من كتلة الشمس ب80 مرة لدرجة حرارة تبلغ 1 مليار درجة مئوية «1.8 مليار درجة فهرنهايت»، يُنتِج تكافؤ الطاقة والمادة أزواجًا من الإلكترونات ونظيراتها المضادة للجسيمات البروتونات«positrons» على حدّ قول ووسلي: (تُحيط هذه العملية النجم بالطاقة، وتسبب تقلصه).
وكما أوضح ووسلي فعندما يحدثُ هذا، ترتفع درجة الحرارة في نواة النجم لتصل للدرجة 3 مليارات سيليسيوس «5.4 مليار فهرنهايت» وتصدر صمامات الأكسجين المتفجرة كميات هائلة من المواد وتُكرَّر هذه العملية حتى يصلَ النجم لكتلة مستقرة، وعندما تصطدم الجهة الأمامية لغلافٍ من المواد بالحافة الخلفية لغلافٍ سابق فتُطلَقُ الطاقة كضوء.
يستمر النجم بصهر الأكسجين مع عناصر بكتلة أكبر منه وصولًا للحديد، وعند فشل التفاعل بإطلاق طاقة كافية يحافظُ ذلك على النجم من الانهيار على نفسه، وفي الواقع نجم كالذي أدى لنشوء «iPTF14hls» سينهار فى ثقب أسود دونَ حدوثِ أيِّ انفجار اخر.
تُدعى هذه الظاهرة، الزوج غير المستقر النابض للمستعر الأعظم «pulsation pair instability-PPI»يمكن أن يفسر هذا لمعان «IPTF14hls»المستمر وسطوعهُ المتفاوت.
محاكاة التصادم بين غلافين من المادة التي قذفتها انفجارات الزوج غير المستقر النابض للمستعر الأعظم.
صرّح ووسلى: (يتطلّب هذا التفسير أن يكون النجم أكبر بـ 105 مرات من كتلة الشمس).
ومع ذلك، فإن نموذج «PPI» لا يمكن أن يفسر القدر الهائل من الطاقة التي أصدرها «IPTF14hls»، قال أركافي: (أصدرَ الانفجار الأول في عام 2014 طاقةً أكثر مما توقعه النموذج بالنسبة لجميع الانفجارات مجتمعة).
لم يتم التحقق من هذه الظاهرة بالرصد لحد الآن وقد قال ووسلي: (إن النجوم بكتلة شمسية تتراوح بين 80 و 140 والتي تحدث فيها هذه الظاهرة يجب أن تكون موجودة ويجب أن تموت، لذلك يفترض أن يكون هذا الحدث مستمرًا وموجودًا في مكان ما ولكنّ أحدًا لم يَره بعد).
عاصفة مغناطيسية هائلة
تفسيرٌ بديل ينطوي على أن يكون النجم 20 إلى 30 ضعف كتلة شمس الأرض، وبعد أن يمر بطور النجم المستعر التقليدي، يتكاثف ليتحول لنجم نيوتروني «neutron star» يدور بسرعة ليُشكل النجم المغناطيسي«magnetar».
النجم النيوتروني يحزم كتلة 1.5 شمسًا في كائنٍ قطره تقريبًا بحجم مدينة نيويورك، ووضَّح ووسلي: (إن نجم نيوتروني يدور بمعدل 1.000 مرة في الثانية سيحتوي طاقة أكبر من النجم المستعر الأعظم كما أنه سيوّلد حقلًا مغناطيسيًا بـ100 تريليون إلى 1 كوادريليون ضعف قوة حقل الأرض، وبما أن النجم قد دار باستمرار على مدار عدة أشهر، فإن مجاله المغناطيسي الهائل قد مكنه من تحويل الطاقة الدورانية للنجم إلى بقايا المستعر الأعظم التي تشكلت من الضوء المنبعث، يشبهُ ذلك وجود منارةٍ في وسط المستعر الأعظم).
نجم مغناطيسي في الكتلة النجمية ويسترلوند«Westerlund» تتبع أقواسه المضيئة المجال المغناطيسي المكثف للنجم.
ذكرَ ووسلي: (يواجه تفسير النجم المغناطيسي صعوبةً بشرحِ الانخفاضات والقمم في سطوع «iPTF14hls» ولا يزال التفسير الفيزيائي لكيفية عمل هذه الظاهرة غيرَ مؤكدٍ حتى الآن ).
يأمل أركافي أن يكون قادرًا على الرؤية أعمق في بنية النجم المستعر « iPTF14hls» بينما يزال يبعث الطاقة، فإن كان فعلًا نجمًا مغناطيسيًا فإّنه يتوقع أن يرى الأشعة السّينية التى كان يحجبها المستعر الأعظم نفسه ويبدأ فى اختراقه.
وقالَ أركافي: ( ربما من خلال الجمع بين ظاهرة الزوج غير المستقر النابض مع النجم المغناطيسي، يمكننا البدء بشرح المستعر الأعظم).
الاستمرار بالمراقبة والتفسير
صرَّح الباحثون أنًّ وجودَ «IPTF14hls» له نتائج بعيدة المدى فبالرغم من أنه يَبعُد 500 مليون سنة ضوئية فإنّه لا يزال قريبًا نسبيًا من الأرض.
وفقًا لأركافي فإنّ بنية الكون -من حيث التكوين والتنظيم- نفسها اليوم وقد كانت كذلك عندما حدثت هذه الظاهرة، فإذا كان الحدث ناجمًا عن الزوج غير المستقر النابض لمستعر أعظم، فإنَّ النجوم ذات 100 كتلة شمسية والتي يُعتقَد أنها كانت منتشرة في بدايات تشكل الكون، لا تزالُ تتشكل حتى اليوم.
لاحظَ الباحثون أنّ الحدث احتوى كمية من الهيدروجين أكثرَ بكثير من توقعاتهم، وقالَ أركافي: (إنّ الانفجار الذي وقع عام 1954م ينبغي أن يكون قد طردَ كلّ الهيدروجين الموجود في النجم وسيتعين على علماء الفيزياء الفلكية إعادة النظر في نماذجهم للمستعراتِ العظمى لفهمِ كيفية حدوث هذه الظاهرة ).
ستؤثر نتائج هذا الاكتشاف على دراسة المجرات أيضًا، وكما قال أركافي: (إن طاقة الجاذبية التي تحافظُ على تماسك المجرة بنفسِ قدر الطاقة التي أطلقها المستعر الأعظم وهكذا فإنّ عددًا قليلًا من هذه المستعرات في المجرة يمكنُها تفكيك المجرّة بأكملها).
يخطط أركافي وفريقه لمواصلةِ رصدِ «iPTF14hls» لمدة سنةٍ أو سنتين على الأقل، وستنضم مجموعة من المناظير والمراصد الدولية إلى هذا المشروع، وسيتعقب الزملاء السويديون في تلسكوب نورديك البصري «Nordic Optical Telescope» في جزر الكناري المستعر الأعظم بينما يخفت ليصل لحدٍ لاتستطيع عنده مجموعة تلسكوب أركافي اكتشافه).
صرّحَ أركافي: (ستبحثُ المركبة الفضائية سويفت «Swift spacecraft» التابعةُ لوكالة ناسا عن انبعاثات الأشعة السينية، ومن المقرر أن يصوّر تلسكوب الفضاء هابل الموقع ابتداءً من ديسمبر/كانون الأول وستتبعه مناظيرٌ أخرى).
لا يزالُ هذا الحدثُ لغزًا في الوقت الراهن، قالَ ووسلي: (إنّه مجردُ لغزٍ في السماء وهذا ما يعيشُ لأجله علماء الفلك).