أبرز ست فرضيات تحاول الإجابة:
خلال إقامتنا القصيرة نسبيا على الأرض أنجزنا الكثير، فقد أرسلنا البشر إلى القمر للعيش في الفضاء، وطورنا تليسكوبات ضخمة لرؤية أبعد الحدود في الكون، وأرسلنا مركبات إلى المريخ ومجسات على حافة نظامنا الشمسي، و مع ذلك فإن العديد من المنظمات أرادت أن تخطو خطوة أبعد في رحلة الإنسان إلى الحدود النهائية للكون، فالناس و وكالة الفضاء الأوروبية ومعهد البحث عن الذكاء خارج كوكب الأرض(SETI) عملوا بلا كلل لمعرفة ما إذا كنا وحدنا في الكون.
وبالفعل، كانت هناك العديد من المشاريع التي تفحصت النجوم للعثور على إشارات للحياة الذكية، وعلى الرغم من أن العديد من هذه المشاريع تطلعت لمدة عقود إلى السماء إلا أننا لم نحصل على أي اتصال بعد، ويُعدّ هذا الأمر مشكلة!.
البداية كانت بـ”مفارقة فيرمي ” Fermi Paradox
أقل ما يقال عن نظامنا الشمسي أنه قديم جدا، وفي الحقيقة لا يزال العلماء يحاولون معرفة عمره، فالأدلة التي جمعت من النيازك تشير إلى ما يقرب من 5مليارات سنة، أما الأنظمة النجمية المحيطة به فهي أكبر بمليارات السنين.
وبالرغم من أن السفر بين النجوم مازال حلما بعيد المنال، فإن التكنولوجيا الجديدة التي تظهر كل سنة تسمح لنا بمسح السماء بغية الحصول على إشارات من حضارات في زوايا بعيدة من الكون، ولا يزال عدد العوالم الفضائية والأنظمة النجمية المكتشفة تكنولوجيا في ارتفاع، لكن أساليبنا الإبداعية لم تفلح في كشف أي شيء يشبه اتصالا من خارج الأرض أو من قبل حضارات أخرى.
وبالنظر إلى حجم الكون وعمره فإنه كان ينبغي لنا إجراء اتصال لكن ذلك لم يحدث طبعا، وفي أوائل القرن العشرين سأل الفيزيائي إنريكو فيرمي نفسه سؤالا مشهورا:
« اعتبارا لاتساع نطاق كوننا، لماذا لم نجد حياة ذكية خارج الأرض؟ أو لماذا لم يجدوننا هم ؟ ».
وقد يطلق على هذا السؤال أحياناً إسم: مفارقة فيرمي أو الصمت العظيم.
وقد طرح العلماء العديد من الإجابات الممكنة منذ أن سأل فيرمي ذلك السؤال.
نعرض في ما يلي بعض الأسباب الأكثر منطقية لعدم إجراء أي اتصال أولي فضائي.
1- التصفية العظمى Great Filter
يؤكد الاحتمال الأساسي لهذه النظرية على ضرورة وجود حياة عليا خارج كوكب الأرض، وبأننا لم نقم بأي اتصال إلى الآن، فإنه حسب النظرية هناك حاجزا يمنع سفر الحياة بين النجوم أو على الأقل يمنع التواصل مع بقية الأنواع الفضائية، يعرف هذا الحاجز باسم: « التصفية العظمى »، وهي قوة أو حدث يمنع الحضارات من الوصول إلى نقطة السفر أو الاتصال البينجمي.
ولو كانت هذه النظرية صحيحة، فإن هناك سببين أساسيين لفشلنا في إجراء أي اتصال، إما أن المجتمعات قامت بقتل نفسها قبل الوصول إلى مرحلة متقدمة كافية لاستكشاف النجوم أو أن السفر بين النجوم لم يكن ممكنا تكنولوجيا، و ليس هناك ما يسر في كلا الحالتين.
ووفقًا للخبراء العاملين على النظرية، فإن حادثة التصفية لها احتمال مساو أو أكبر من وجود حياة في الفضاء في حد ذاتها، وهي النقطة التي يجادل بها روبن هانسون -وهو باحث مشارك في معهد مستقبل الإنسانية في جامعة أكسفورد- عند مناقشته للموضوع.
ولم تقم أي حضارة من خارج الأرض باستعمار نظامنا الشمسي أو الأنظمة الشمسية المجاورة؛ لذلك من بين مليارات المليارات من النجوم في ماضي كوننا فإنه لم يصل أحد إلى مستوى التكنولوجيا والنمو الذي قد نصل إليه قريبا، وتشير هذه المعطيات إلى أن التصفية العظمى تقف بين المادة الميتة العادية والحياة الدائمة المتفجرة والمتجددة.
وبما أننا لم نقدر على كشف حياة خارج كوكب الأرض ( أو مغادرة النظام الشمسي) فإلى أي مدى نحن محاصرون بأحداث تمنعنا من العثور على حياة خارج كوكب الأرض أكثر من أي وقت مضى؟
يقول هانسون: « كلما كان تطور حياتنا إلى هذه المرحلة أسهل، كانت فرص مستقبلنا ضئيلة، وبمعنى آخر، كلما كانت هناك أكثر من حياة في الكون كَبُر احتمال وصولنا إلى حدث كارثي ينهي حياتنا أو احتمال بلوغنا الحدود الكونية للتقدم التكنولوجي».
2- فرضية السبات العميق aestivation hypothesis
لا تزعجوا الفضائيين!…
ظهرت فرضية أخرى لتؤكد أن الحضارات خارج كوكب الأرض موجودة فعلاً، لكنها ببساطة غير نشطة، إنها فرضية السبات العميق (السبات أو البيات هي حالة خمول الكائن الحي لمدة طويلة على غرار السبات الشتوي للدبب أو أو السبات الصيفي للضفدع الذي يدفن نفسه في الرمل أثناء الطقس الحار) والتي طرحها الباحثون من معهد أكسفورد لمستقبل الإنسانية و المرصد الفلكي ببلغراد.
وتنص هذه النظرية، والتي نشرت في مقال لمجلة الجمعية البريطانية للكواكب سنة 2017 ، على أن الفضائيين قد يكونوا في سبات إلى أن تصبح الظروف البيئية مناسبة للنشاط وبناء مجتمعهم الفائق، ويرى الباحثون أن قوانين الديناميكا الحرارية تحدّ بشكل مباشر من الحوسبة، حيث تحتاج تقنيات الحوسبة إلى التبريد لتعمل، وهذا ما يجعل إنشاء التكنولوجيات المتقدمة صعباً للغاية، حيث أن الحفاظ عليها ضمن نطاق واسع يصبح عسيرا جدا، وبالتالي فقد اختار الفضائيون السبات العميق حتى يبرد الكون.
ولكن تركيز تطور حضارة ضمن شروط نماذجنا الحالية والتي بها بعض النقص، يمكن اعتباره اختزالا!، وماذا لو أن الحياة الذكية خارج كوكب الأرض وجدت حلا للتغلب على العوائق الحرارية التي تحد من قدراتها الحاسوبية؟
قال مؤلفو الدراسة: « ماذا لو أنهم ولّدوا أشكالا أخرى للتقييم؟».
لو كانوا مخطئين حول العلاقة بين الديناميكا الحرارية والتكنولوجيا، فإن نظرية السبات العميق ستُلغى، وفي هذه الحالة من الممكن أن تكون بعض الأفكار الأخرى هنا هي الصائبة.
3- فرضية Gaian bottleneck
غايا تخرج من عنق الزجاجة..
وفقًا لفرضية Gaian bottleneck، تحتاج الحياة لتتطور إلى ظروف بيئية خاصة وهي ظروف غير شائعة.
وقد شرح علماء الأستروبولجيا (البيولوجيا الفضائية) في الجامعة الوطنية الأسترالية تفسيرهم لمفارقة فيرمي في سنة 2016.
وكتب الباحثون أن الانقراض هو «الثابت الكوني لمعظم الحياة التي ظهرت على أسطح الكواكب الصخرية الرطبة في الكون».
ويجب أن يكون الكوكب مأهولا ليكون صالحاً للسكن، فالكائنات الحية الدقيقة (مثل البكتيريا) تغير تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، فلا حياة دون قابلية للسكن ولا قابلية للسكن دون حياة.
وقال الباحثون: لتستمر الحياة خارج كوكب الأرض يجب عليها أن تقاوم فهي أشبه بمحاولة التشبث بثور بري، الحياة لا يمكن أن تحدث إلا مع وجود حلقة ردود فعل بعيدة الاحتمال، وتعتبر الأرض استثناء للقاعدة.
4- الحياة الذكية خارج كوكب الأرض مدفونة في المحيطات العميقة
في سنة 2015، وبعد ما يقارب عقدا من الزمان من الانتقال ، أصبحت مركبة ناسا الفضائية “نيوهورايزون” New Horizons أول من قام برحلة جوية بالقرب من بلوتو، مكنت الإنسانية من أول نظرة على سطحه وأنعشت التساؤلات حول إمكانية وجود محيطات تحت السطح من الماء والكثير من الميثان والنيتروجين.
فهذه التساؤلات وضعت بلوتو على قائمة قصيرة ولكن متزايدة من العوالم التي تحتوي على محيطات مدفونة تحت قشرة سميكة من الجليد و الصخور.
ومن بين العوالم الأخرى نجد أقمار كوكب زحل كإنسيلدوس وتيتان، كذلك يوروبا وجانيميد وكاليست وأقمار كوكب المشتري.
و تلك المحيطات تلعب دورًا كبيرًا في نظرية تنص على أن هناك حياة كامنة في المحيطات قدمها ألان ستيرن المحقق الرئيس لنيوهوريزوين، فالمحيطات المدفونة تشكل نظاما بيئيا أكثر استقراراً من تيارات السطح المتدفقة، فالتغيرات مثل المد والجزر تحدث على مدى فترة زمنية أطول، كما أن القشرة الخارجية الصلبة تحمي الحياة المفترضة في المحيطات من قساوة المناخ ومن الغازات القاتلة الموجودة على السطح.
وصرح آلات ستيرن لموقع سبايس space.com:
« التصادمات والانفجارات الشمسية واحتمالية وجود مستعرات فائقة (سوبرنوفا) قريبة وموقع الكوكب في المدار وتواجد غلاف مغناطيسي من عدمه أو وجود غلاف جوي سام، كل هذه الأمور غير مؤثرة».
في إشارة إلى أن المحيطات تحت السطح محمية من كل تلك الأمور.
فكل حياة ذكية خارج كوكب الأرض مدفونة داخل المحيطات ستواجه عراقيلا كبيرة للتواصل مع سكان العوالم الأخرى، فالحفر من خلال تلك القشرة السميكة الوقائية لإرسال إشارات إلى الكواكب الأخرى أمر غير متوقع ولا يحصل إلا على السطح.
5- إشارات مفقودة
على مدى ثمانين سنة أو نحو ذلك، كنا نحاول أن نستمع لعلامات الحياة خارج كوكب الأرض عبر تكنولوجيا الراديو، ومنذ 2007 يعد تليسكوب ألين ( مصفوفة مقراب ألين Allen Telescope Array) الأكبر من نوعه والذي يقع على بعد 470 كيلومتر ( 290ميلا ) شمال سان فرانسيسكو، حيث يقف 42 طبقا بانتظام واستعدادا لمسح السماء على أمل تلقي إشارات الراديو من الحياة خارج كوكب الأرض.
لكن ماذا لو كانت الحياة خارج كوكب الأرض لا تدار بمثل هذه الترددات؟ فمحاولات التواصل معنا قد تكون ببساطة حدثت ومرت دون أن نلحظها لأننا لم نفهم الأطوال الموجية الصحيحة.
وعوضًا عن استعمال مصفوفات التليسكوبات ومسح السماوات بحثا عن إشارات الراديو، اقترح دنكان فورغان، من جامعة سان أندروز في اسكتلندا ، إنشاء شبكة اتصالات مجرية، فكما نرسل إشارات ضوئية مرورية للسائقين الآخرين في الطريق عن طريق إضاءة الضوء الباهر وإطفائه، فإنه يمكننا استخدام ظل الأرض عندما تمر من أمام الشمس لإرسال رسالة إلى سكان الكون، ويقترح فورغان أن نبني أشعة ليزر قوية تقوم بإرسال تلك الرسائل المشفرة عند مرورنا من أمام الشمس.
وقال فورغان لـ : New scientz إذا كنت ترغب في التواصل مع شخص ما على الجانب الأخر من مركز المجرة سيعترضك الكثير من الغبار والنجوم، كذلك ثقبًا أسودًا كبيرًا، ف بدلًا من ذلك يمكن استخدام المسار الأطول خلال الشبكة (حيث تقوم بإرسال الرسالة لأقرب حضارة مشتركة في الشبكة ومن ثم تقوم هي بدورها بإعادة بثها في اتجاه حضارة أخرى وهكذا حتى تصل للهدف)، وعند إرسال رسالة لمجرة بعيدة بدلًا من ترك الرسالة تمر خلال المسافات الطويلة في الفضاء بين المجرات، يمكن للحضارات من مختلف المجرات أن توافق على استخدام “شبكة اتصالات بين المجرات” لضمان وصول رسائلهم إلى المتلقين المعنيين – نظام موحد لنقل الرسائل بين الجميع».
6- أصبحنا عديمي الصبر
لقد دبّ فينا النشاط بحثا عن الحياة خارج كوكب الأرض منذ حوالي قرن من الزمان، وهي فترة لا تكاد تذكر في تاريخ النظام الشمسي والكون عموما، إذ يقول إيفان سولومونيدس، وهو باحث في الفيزياء الفلكية والرياضيات من جامعة كورنيل، أنه يلزمنا بعض الوقت – حتى نكون دقيقين حوالي 1500 سنة من الآن – قبل أن نتواصل مع أي كائن من خارج كوكب الأرض.
وفي ورقة تدرس احتمال العثور على الحياة خارج كوكب الأرض و مقدمة إلى الجمعية الفلكية الأمريكية، كتب سولومونيدس: «نحن نتوقع أن ما وقع التوصل إليه إجمالا هو أقل من واحد بالمائة من المجرة بل حتى ما يقرب نصف النجوم والكواكب لم يقع التوصل إليها».
ويعتقد سولومونيدس أنه سيتحتم علينا اكتشاف نصف مجرة درب التبانة قبل أن نسمع أي شيء، وهو أمر قد يستغرق بعض الوقت لأننا بالكاد استكشفنا المجرة الخاصة بنا.
يبدو سولومونيدس متحفظا بشأن أن يكون 1500سنة موعدا نهائيا ويقول :
« هذا لا يعني أننا يجب أن نتوصل إلى ذلك بحلول ذلك الوقت وإلا فإننا وحدنا في الكون، بل أدعي أنه لن نسمع أي شيء قبل ذلك الوقت».
* فرضية غايا (إضافة من المترجم) : فرضية طرحها العالم البريطاني جيمس لفلوك سنة 1979 وسميت “غايا” تيمنا بآلهة الأرض اليونانية غايا والتي اعتبرها البعض الأرض نفسها، وترتكز هذه النظرية على فكرة أن الأرض كائن حي والبشر هم جديد جهازه العصب.
خلال إقامتنا القصيرة نسبيا على الأرض أنجزنا الكثير، فقد أرسلنا البشر إلى القمر للعيش في الفضاء، وطورنا تليسكوبات ضخمة لرؤية أبعد الحدود في الكون، وأرسلنا مركبات إلى المريخ ومجسات على حافة نظامنا الشمسي، و مع ذلك فإن العديد من المنظمات أرادت أن تخطو خطوة أبعد في رحلة الإنسان إلى الحدود النهائية للكون، فالناس و وكالة الفضاء الأوروبية ومعهد البحث عن الذكاء خارج كوكب الأرض(SETI) عملوا بلا كلل لمعرفة ما إذا كنا وحدنا في الكون.
وبالفعل، كانت هناك العديد من المشاريع التي تفحصت النجوم للعثور على إشارات للحياة الذكية، وعلى الرغم من أن العديد من هذه المشاريع تطلعت لمدة عقود إلى السماء إلا أننا لم نحصل على أي اتصال بعد، ويُعدّ هذا الأمر مشكلة!.
البداية كانت بـ”مفارقة فيرمي ” Fermi Paradox
أقل ما يقال عن نظامنا الشمسي أنه قديم جدا، وفي الحقيقة لا يزال العلماء يحاولون معرفة عمره، فالأدلة التي جمعت من النيازك تشير إلى ما يقرب من 5مليارات سنة، أما الأنظمة النجمية المحيطة به فهي أكبر بمليارات السنين.
وبالرغم من أن السفر بين النجوم مازال حلما بعيد المنال، فإن التكنولوجيا الجديدة التي تظهر كل سنة تسمح لنا بمسح السماء بغية الحصول على إشارات من حضارات في زوايا بعيدة من الكون، ولا يزال عدد العوالم الفضائية والأنظمة النجمية المكتشفة تكنولوجيا في ارتفاع، لكن أساليبنا الإبداعية لم تفلح في كشف أي شيء يشبه اتصالا من خارج الأرض أو من قبل حضارات أخرى.
وبالنظر إلى حجم الكون وعمره فإنه كان ينبغي لنا إجراء اتصال لكن ذلك لم يحدث طبعا، وفي أوائل القرن العشرين سأل الفيزيائي إنريكو فيرمي نفسه سؤالا مشهورا:
« اعتبارا لاتساع نطاق كوننا، لماذا لم نجد حياة ذكية خارج الأرض؟ أو لماذا لم يجدوننا هم ؟ ».
وقد يطلق على هذا السؤال أحياناً إسم: مفارقة فيرمي أو الصمت العظيم.
وقد طرح العلماء العديد من الإجابات الممكنة منذ أن سأل فيرمي ذلك السؤال.
نعرض في ما يلي بعض الأسباب الأكثر منطقية لعدم إجراء أي اتصال أولي فضائي.
1- التصفية العظمى Great Filter
يؤكد الاحتمال الأساسي لهذه النظرية على ضرورة وجود حياة عليا خارج كوكب الأرض، وبأننا لم نقم بأي اتصال إلى الآن، فإنه حسب النظرية هناك حاجزا يمنع سفر الحياة بين النجوم أو على الأقل يمنع التواصل مع بقية الأنواع الفضائية، يعرف هذا الحاجز باسم: « التصفية العظمى »، وهي قوة أو حدث يمنع الحضارات من الوصول إلى نقطة السفر أو الاتصال البينجمي.
ولو كانت هذه النظرية صحيحة، فإن هناك سببين أساسيين لفشلنا في إجراء أي اتصال، إما أن المجتمعات قامت بقتل نفسها قبل الوصول إلى مرحلة متقدمة كافية لاستكشاف النجوم أو أن السفر بين النجوم لم يكن ممكنا تكنولوجيا، و ليس هناك ما يسر في كلا الحالتين.
ووفقًا للخبراء العاملين على النظرية، فإن حادثة التصفية لها احتمال مساو أو أكبر من وجود حياة في الفضاء في حد ذاتها، وهي النقطة التي يجادل بها روبن هانسون -وهو باحث مشارك في معهد مستقبل الإنسانية في جامعة أكسفورد- عند مناقشته للموضوع.
ولم تقم أي حضارة من خارج الأرض باستعمار نظامنا الشمسي أو الأنظمة الشمسية المجاورة؛ لذلك من بين مليارات المليارات من النجوم في ماضي كوننا فإنه لم يصل أحد إلى مستوى التكنولوجيا والنمو الذي قد نصل إليه قريبا، وتشير هذه المعطيات إلى أن التصفية العظمى تقف بين المادة الميتة العادية والحياة الدائمة المتفجرة والمتجددة.
وبما أننا لم نقدر على كشف حياة خارج كوكب الأرض ( أو مغادرة النظام الشمسي) فإلى أي مدى نحن محاصرون بأحداث تمنعنا من العثور على حياة خارج كوكب الأرض أكثر من أي وقت مضى؟
يقول هانسون: « كلما كان تطور حياتنا إلى هذه المرحلة أسهل، كانت فرص مستقبلنا ضئيلة، وبمعنى آخر، كلما كانت هناك أكثر من حياة في الكون كَبُر احتمال وصولنا إلى حدث كارثي ينهي حياتنا أو احتمال بلوغنا الحدود الكونية للتقدم التكنولوجي».
2- فرضية السبات العميق aestivation hypothesis
لا تزعجوا الفضائيين!…
ظهرت فرضية أخرى لتؤكد أن الحضارات خارج كوكب الأرض موجودة فعلاً، لكنها ببساطة غير نشطة، إنها فرضية السبات العميق (السبات أو البيات هي حالة خمول الكائن الحي لمدة طويلة على غرار السبات الشتوي للدبب أو أو السبات الصيفي للضفدع الذي يدفن نفسه في الرمل أثناء الطقس الحار) والتي طرحها الباحثون من معهد أكسفورد لمستقبل الإنسانية و المرصد الفلكي ببلغراد.
وتنص هذه النظرية، والتي نشرت في مقال لمجلة الجمعية البريطانية للكواكب سنة 2017 ، على أن الفضائيين قد يكونوا في سبات إلى أن تصبح الظروف البيئية مناسبة للنشاط وبناء مجتمعهم الفائق، ويرى الباحثون أن قوانين الديناميكا الحرارية تحدّ بشكل مباشر من الحوسبة، حيث تحتاج تقنيات الحوسبة إلى التبريد لتعمل، وهذا ما يجعل إنشاء التكنولوجيات المتقدمة صعباً للغاية، حيث أن الحفاظ عليها ضمن نطاق واسع يصبح عسيرا جدا، وبالتالي فقد اختار الفضائيون السبات العميق حتى يبرد الكون.
ولكن تركيز تطور حضارة ضمن شروط نماذجنا الحالية والتي بها بعض النقص، يمكن اعتباره اختزالا!، وماذا لو أن الحياة الذكية خارج كوكب الأرض وجدت حلا للتغلب على العوائق الحرارية التي تحد من قدراتها الحاسوبية؟
قال مؤلفو الدراسة: « ماذا لو أنهم ولّدوا أشكالا أخرى للتقييم؟».
لو كانوا مخطئين حول العلاقة بين الديناميكا الحرارية والتكنولوجيا، فإن نظرية السبات العميق ستُلغى، وفي هذه الحالة من الممكن أن تكون بعض الأفكار الأخرى هنا هي الصائبة.
3- فرضية Gaian bottleneck
غايا تخرج من عنق الزجاجة..
وفقًا لفرضية Gaian bottleneck، تحتاج الحياة لتتطور إلى ظروف بيئية خاصة وهي ظروف غير شائعة.
وقد شرح علماء الأستروبولجيا (البيولوجيا الفضائية) في الجامعة الوطنية الأسترالية تفسيرهم لمفارقة فيرمي في سنة 2016.
وكتب الباحثون أن الانقراض هو «الثابت الكوني لمعظم الحياة التي ظهرت على أسطح الكواكب الصخرية الرطبة في الكون».
ويجب أن يكون الكوكب مأهولا ليكون صالحاً للسكن، فالكائنات الحية الدقيقة (مثل البكتيريا) تغير تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، فلا حياة دون قابلية للسكن ولا قابلية للسكن دون حياة.
وقال الباحثون: لتستمر الحياة خارج كوكب الأرض يجب عليها أن تقاوم فهي أشبه بمحاولة التشبث بثور بري، الحياة لا يمكن أن تحدث إلا مع وجود حلقة ردود فعل بعيدة الاحتمال، وتعتبر الأرض استثناء للقاعدة.
4- الحياة الذكية خارج كوكب الأرض مدفونة في المحيطات العميقة
في سنة 2015، وبعد ما يقارب عقدا من الزمان من الانتقال ، أصبحت مركبة ناسا الفضائية “نيوهورايزون” New Horizons أول من قام برحلة جوية بالقرب من بلوتو، مكنت الإنسانية من أول نظرة على سطحه وأنعشت التساؤلات حول إمكانية وجود محيطات تحت السطح من الماء والكثير من الميثان والنيتروجين.
فهذه التساؤلات وضعت بلوتو على قائمة قصيرة ولكن متزايدة من العوالم التي تحتوي على محيطات مدفونة تحت قشرة سميكة من الجليد و الصخور.
ومن بين العوالم الأخرى نجد أقمار كوكب زحل كإنسيلدوس وتيتان، كذلك يوروبا وجانيميد وكاليست وأقمار كوكب المشتري.
و تلك المحيطات تلعب دورًا كبيرًا في نظرية تنص على أن هناك حياة كامنة في المحيطات قدمها ألان ستيرن المحقق الرئيس لنيوهوريزوين، فالمحيطات المدفونة تشكل نظاما بيئيا أكثر استقراراً من تيارات السطح المتدفقة، فالتغيرات مثل المد والجزر تحدث على مدى فترة زمنية أطول، كما أن القشرة الخارجية الصلبة تحمي الحياة المفترضة في المحيطات من قساوة المناخ ومن الغازات القاتلة الموجودة على السطح.
وصرح آلات ستيرن لموقع سبايس space.com:
« التصادمات والانفجارات الشمسية واحتمالية وجود مستعرات فائقة (سوبرنوفا) قريبة وموقع الكوكب في المدار وتواجد غلاف مغناطيسي من عدمه أو وجود غلاف جوي سام، كل هذه الأمور غير مؤثرة».
في إشارة إلى أن المحيطات تحت السطح محمية من كل تلك الأمور.
فكل حياة ذكية خارج كوكب الأرض مدفونة داخل المحيطات ستواجه عراقيلا كبيرة للتواصل مع سكان العوالم الأخرى، فالحفر من خلال تلك القشرة السميكة الوقائية لإرسال إشارات إلى الكواكب الأخرى أمر غير متوقع ولا يحصل إلا على السطح.
5- إشارات مفقودة
على مدى ثمانين سنة أو نحو ذلك، كنا نحاول أن نستمع لعلامات الحياة خارج كوكب الأرض عبر تكنولوجيا الراديو، ومنذ 2007 يعد تليسكوب ألين ( مصفوفة مقراب ألين Allen Telescope Array) الأكبر من نوعه والذي يقع على بعد 470 كيلومتر ( 290ميلا ) شمال سان فرانسيسكو، حيث يقف 42 طبقا بانتظام واستعدادا لمسح السماء على أمل تلقي إشارات الراديو من الحياة خارج كوكب الأرض.
لكن ماذا لو كانت الحياة خارج كوكب الأرض لا تدار بمثل هذه الترددات؟ فمحاولات التواصل معنا قد تكون ببساطة حدثت ومرت دون أن نلحظها لأننا لم نفهم الأطوال الموجية الصحيحة.
وعوضًا عن استعمال مصفوفات التليسكوبات ومسح السماوات بحثا عن إشارات الراديو، اقترح دنكان فورغان، من جامعة سان أندروز في اسكتلندا ، إنشاء شبكة اتصالات مجرية، فكما نرسل إشارات ضوئية مرورية للسائقين الآخرين في الطريق عن طريق إضاءة الضوء الباهر وإطفائه، فإنه يمكننا استخدام ظل الأرض عندما تمر من أمام الشمس لإرسال رسالة إلى سكان الكون، ويقترح فورغان أن نبني أشعة ليزر قوية تقوم بإرسال تلك الرسائل المشفرة عند مرورنا من أمام الشمس.
وقال فورغان لـ : New scientz إذا كنت ترغب في التواصل مع شخص ما على الجانب الأخر من مركز المجرة سيعترضك الكثير من الغبار والنجوم، كذلك ثقبًا أسودًا كبيرًا، ف بدلًا من ذلك يمكن استخدام المسار الأطول خلال الشبكة (حيث تقوم بإرسال الرسالة لأقرب حضارة مشتركة في الشبكة ومن ثم تقوم هي بدورها بإعادة بثها في اتجاه حضارة أخرى وهكذا حتى تصل للهدف)، وعند إرسال رسالة لمجرة بعيدة بدلًا من ترك الرسالة تمر خلال المسافات الطويلة في الفضاء بين المجرات، يمكن للحضارات من مختلف المجرات أن توافق على استخدام “شبكة اتصالات بين المجرات” لضمان وصول رسائلهم إلى المتلقين المعنيين – نظام موحد لنقل الرسائل بين الجميع».
6- أصبحنا عديمي الصبر
لقد دبّ فينا النشاط بحثا عن الحياة خارج كوكب الأرض منذ حوالي قرن من الزمان، وهي فترة لا تكاد تذكر في تاريخ النظام الشمسي والكون عموما، إذ يقول إيفان سولومونيدس، وهو باحث في الفيزياء الفلكية والرياضيات من جامعة كورنيل، أنه يلزمنا بعض الوقت – حتى نكون دقيقين حوالي 1500 سنة من الآن – قبل أن نتواصل مع أي كائن من خارج كوكب الأرض.
وفي ورقة تدرس احتمال العثور على الحياة خارج كوكب الأرض و مقدمة إلى الجمعية الفلكية الأمريكية، كتب سولومونيدس: «نحن نتوقع أن ما وقع التوصل إليه إجمالا هو أقل من واحد بالمائة من المجرة بل حتى ما يقرب نصف النجوم والكواكب لم يقع التوصل إليها».
ويعتقد سولومونيدس أنه سيتحتم علينا اكتشاف نصف مجرة درب التبانة قبل أن نسمع أي شيء، وهو أمر قد يستغرق بعض الوقت لأننا بالكاد استكشفنا المجرة الخاصة بنا.
يبدو سولومونيدس متحفظا بشأن أن يكون 1500سنة موعدا نهائيا ويقول :
« هذا لا يعني أننا يجب أن نتوصل إلى ذلك بحلول ذلك الوقت وإلا فإننا وحدنا في الكون، بل أدعي أنه لن نسمع أي شيء قبل ذلك الوقت».
* فرضية غايا (إضافة من المترجم) : فرضية طرحها العالم البريطاني جيمس لفلوك سنة 1979 وسميت “غايا” تيمنا بآلهة الأرض اليونانية غايا والتي اعتبرها البعض الأرض نفسها، وترتكز هذه النظرية على فكرة أن الأرض كائن حي والبشر هم جديد جهازه العصب.