لماذا الكون ثلاثي الأبعاد؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا الكون ثلاثي الأبعاد؟



    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	space_stars_and_planets_wallpaper_2014_hd-384x253.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	13.6 كيلوبايت 
الهوية:	159582



    عند رؤيتك لكومة عشوائية من الحبال أو الأسلاك المعقودة، تأمل الميل الطبيعي للتشابك للأشياء من حولنا، والذي سيساعد على تفسير الطبيعة الثلاثية الأبعاد للكون من حولنا وأيضًا تفسير كيفية تشكلها.

    طور فريق دولي من الفيزيائيين نظرية جديدة كليًا والتي تقترح أنه بعد مدة وجيزة من ظهور الكون ،تحديدًا قبل 13.8 مليار سنة، فإن الكون كان مليئًا بعقد من خيوط الطاقة المرنة والتي يُطلق عليها (أنابيب التدفق) وهي مسؤولة عن ربط الجسيمات الأولية مع بعضها البعض.

    تقدم هذه الفكرة تفسيرًا دقيقًا حول سبب وجودنا في كون ثلاثي الأبعاد، وقد وصف كاتبو هذا المقال هذه الفكرة في الورقة البحثية التي نشرت في مجلة فيزيكال الأوروبية وعنوانها: (التضخم المعقد وأبعاد الزمكان).

    لقد بدأت الورقة البحثية بما يلي: (على الرغم من أن السؤال المتعلق بسبب وجود ثلاثة أبعاد مكانية (كبيرة) للكون هو واحد من أكثر الألغاز الكونية عمقًا، فإننا كنا في الواقع نتناولها فقط ضمن الأدب (العلمي).

    من أجل الوصول إلى حل جديد لهذا اللغز، فإن أساتذة الفيزياء والذي قد تشاركوا في تأليف هذه الورقة البحثية وهم (أرجون بيريرا – Arjun Berera) في جامعة أدنبرة، و(روماني بوني – Roman Buniy) في جامعة تشابمان، و(هاينريش باس – Heinrich Päs) وهو مؤلف (الموجة المثالية: النيوترينوهات على حدود الفضاء والوقت) في جامعة دورتموند، و(جوا روزا – João Rosa) في جامعة أفييرو، و(توماس كيفارت – Thomas Kephart) في جامعة فاندربيلت.

    هؤلاء العلماء كانوا قد أخذوا عنصر شائع من النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات ودمجوه بنظرية العقد لينتجوا بذلك سيناريو لن يشرح هيمنة الأبعاد الثلاثية فحسب، بل سيوفر مصدر الطاقة الطبيعية اللازمة لتسارع عملية تضخم الكون والتي يعتقد معظم علماء الكونيات بأن الكون مر من خلالها بعد ميكروثانية من حدوث الانفجار الأعظم.

    إن العنصر الشائع الذي افترضه الفيزيائيون هو أنبوب التدفق المكون من الكواركات؛ وهي الجسيمات الأولية التي تشكل البروتونات والنترونات. وتُجمع هذه الكواركات مع بعضها البعض عن طريق جسيمات أولية أخرى تُدعى (الغلوون).

    تربط جسيمات الغلوون كوارك الموجب بكوارك مضاد سالب عبر خيوط مرنة من الطاقة تدعى بأنبوب التدفق، وتُسحب الجسيمات المرتبطة بعيدًا حيث يكتسب أنبوب التدفق طولًا إضافيًا حتى يصل إلى عتبة ينقطع فيها.

    وحالما يصل أنبوب التدفق إلى هذه العتبة فإنه يحرر طاقة كافية لتشكيل زوج ثاني من مضاد الكوارك والتي تنفصل عن بعضها البعض لترتبط مع جسيمات أولية حقيقية منتجة زوجين من الأجسام المترابطة (تشبه هذه العملية قطع شريط مغناطيسي من المنتصف منتجة شريطين مغناطيسيين طولهما أصغر، ولكلا الشريطين قطبين مغناطيسيين شمالي وجنوبي).

    ويقول كيفارت؛ أستاذ الفيزياء في فاندربيلت: (لقد أخذنا ظاهرة معروفة لأنبوب التدفق ورفعناها إلى مستويات الطاقة الأعلى).

    لقد عمل الفيزيائيون على تفاصيل نظريتهم الجديدة منذ عام 2012 وذلك عندما حضروا ورشة عمل نظمها كيفارت في معهد إسحاق نيوتن بجامعة كامبيردج. إن كلًا من (بوني وباس) كانا يعرفان (كيفارت) لأنهما كانا موظفين في مرحلة ما بعد الدكتوراة بجامعة فاندربيلت قبل أن يثبت تعيينهما في هيئة التدريس، وأثناء المناقشات التي دارت في ورشة العمل سحرت فكرة احتمال لعب أنابيب التدفق دورًا أساسيًا في التشكل الأولي للكون الفريق.

    ووفقا للنظريات الحالية، فإن الكون عند إنشائه كان مغمورًا بحساء أولي عالي الحرارة يدعي ببلازما كوارك- غلوون، والتي تألفت من مزيج من الكوارك والغلوون.

    (في عام 2005 أُعيد تشكيل بلازما كوارك-غلوون في مسرع الجسيمات ضمن مصادم الأيونات الثقيلة بالسرعات النسبية بمختبر بروكهافن الوطني، وذلك عن طريق فريق دولي من الفيزيائيين تضمن ثلاثة من جامعة فاندربيلت وهم: ستيفنسون تشير – Stevenson Chair وأساتذة الفيزياء تشارلز ماجوير- Charles Maguire وجوليا فيلكوفسكا – Julia Velkovska).

    أدرك كيفارت ومعاونيه أن سيناريو الطاقة العالية من بلازما كوارك-غلوون كان يمثل بيئة مثالية لتشكيل أنبوب التدفق في الكون المبكر جدًا حيث أن الأعداد الضخمة من أزواج الكوارك ومضاد الكوارك والتي كانت تتشكل وتتدمر قد شكلت أعداد هائلة من أنابيب التدفق.

    عادةً يختفي أنبوب التدفق والذي يربط بين الكوارك ومضاد الكوارك عندما يقوم جسمين بالتلامس ومن ثم يتدمرا ذاتيًا ولكن هناك استثناءات.

    على سبيل المثال، في حال أخذ أنبوب التدفق شكل عقدة فإنه يصبح مستقرًا ويستطيع تخطي سيناريو تدمير الجسيمات التي أنشأته، وفي حال أثر أحد الجسيمات على مسار تشكل العقدة العلوية فإن أنبوب التدفق سيتشكل على صورة عقدة تريفويل، ونتيجة لذلك فإن الأنبوب المعقود سيستمر في الوجود حتى لو تدمرت الجسيمات التي يربطها مع بعضها البعض.

    إن الأنابيب المستقرة سوف تنشأ أيضًا عندما يرتبط أنبوبان أو أكثر من أنابيب التدفق مع بعضهم البعض، و أبسط مثال هو رابط هوب الذي يتكون من دائرتين مترابطتين.

    وبهذه الطريقة فإن داخل الكون كان قد امتلأ من شبكة رفيعة من أنابيب التدفق وذلك كما تصور المؤلفون. وعندما كانوا يحسبون مقدار الطاقة المحتملة التي كانت تحتويها هذه الشبكة فإن نتيجة هذه الحسابات كانت مفاجأة سارة لهم حيث تبين أن تلك الطاقة كانت كافية للبدء بالمراحل الأولى للتضخم الكوني.

    منذ أن بدأت فكرة التضخم الكوني بالظهور في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، فإن علماء الكون سلموا بشكل عام بافتراض يدور حول أن الكون المبكر قد مر بمرحلة تضخم من حجم البروتون إلى حجم الليمون في أقل من جزء من تريليون من الثانية .

    إن هذه المرحلة من التضخم المفرط تحل مشكلتين من المشاكل الهامة في علم الكون حيث يمكن أن تفسر نتائج عمليات الرصد والتي تدل على أن الكون بشكل عام هو أكثر تناسق واستواءً مما توقعه الفلكيون أن يكون، وعلى الرغم من هذه المزايا فقد أعيق قبول النظرية بسبب عدم تحديد مصدر مناسب لطاقة هذا التضخم المفرط.

    ويقول كيفارت: (لا توفر شبكة أنابيب التدفق لنا الطاقة اللازمة للدفع بعملية التضخم فحسب، بل تخبرنا لماذا توقفت فجأة هذه العملية( ويكمل كيفارت قوله: (مع بدء عملية تضخم الكون، فإن شبكة أنابيب التدفق بدأت بالتفسخ وتحطمت بنهاية المطاف قاضية بذلك على مصدر طاقة التضخم).

    وعندما تحطمت شبكة أنابيب التدفق، فإنها ملأت الكون بالإشعاع وبغاز مكون من الجسيمات دون الذرية مما سمح لتطور الكون باستمرار عبر مسارات محددة.

    إن السمة الأكثر تميزًا لهذه النظرية هي أنها تقدم تفسيرًا طبيعيًا لعالم ثلاثي الأبعاد، وهناك العديد من نظريات الأبعاد الكثيرة، مثل: نظرية الأوتار والتي تتصور بأن الكون ذو تسعة أو عشرة أبعاد مكانية حيث يشير مؤيدو هذه النظرية أن هذه الأبعاد الكثير مختفية عن الرؤية بشكل أو بآخر.

    إن تفسير نظرية أنبوب التدفق يأتي من نظرية العقدة الأساسية حيث يقول كيفارت: (كان هاينريش باس – Heinrich Päs يعلم أن العقدة مكونة من ثلاثة أبعاد فقط، وأراد استخدام هذه الحقيقة لكي يشرح لماذا نعيش في كون ثلاثي الأبعاد).

    وهناك مثال ثنائي الأبعاد سيساعدنا على الشرح: لنفترض أنك وضعت نقطة بمركز دائرة مرسومة على ورقة، فإنه حتمًا لا توجد وسيلة ضمن البعدين المكانيين للدائرة لكي تتحرر من هذه النقطة طالما بقيت الدائرة على الورقة المرسومة عليها،

    ولكن إذا قمنا بإضافة بعد ثالث للدائرة فإنه يمكننا رفع الدائرة فوق النقطة ونقلها إلى موضع آخر ومن ثم تنزل إلى الأسفل مرة ثانية.

    يحدث شيء مماثل للعقدة ثلاثية الأبعاد في حال إضافة بعد رابع- حيث بدأ علماء الرياضيات بتحليل هذا اللغز، ويقول كيفارت: (لهذا السبب فإنه لا يمكن للعقد أو الأنابيب المترابطة أن تتشكل في مساحات ذات أبعاد كثيرة).

    إن النتيجة النهائية تقول بأن التضخم سيقتصر على ثلاة أبعاد، أما الأبعاد الإضافية (إن وجدت) فإنها سوف تبقى صغيرة جدًا. والخطوة التالية للفيزيائيين ستتمثل في تطوير نظريتهم لكي تقدم تنبؤات يمكن التحقق منها حول طبيعة الكون.

    وقد دعمت منحة (DE-SC0010504) في وزارة الطاقة الأمريكية، ومؤسسة ألكسندر فون همبولدت، والمفوضية الأوروبية، والمؤسسة البرتغالية للعلوم والتكنولوجيا هذا البحث.
يعمل...
X