لقد كان لدى القمر غلافه الجوي والمكون من غازات البراكين, وذلك على مدى 70 مليون سنة.
لقد مرّ القمر خلال المئات من ملايين السنين الأولى لتشكله ببعض الأوقات العصيبة. حيث اكتشف الفلكيون فترة زمنية من عمر القمر يمكن تسميتها بفترة القصف الثقيل والعنيف.
خلال هذه المدة – والتي امتدت ضمن فترة زمنية تقدر بـ 3.8 إلى 4.1 مليار من الآن- فإن القمر (وأيضًا النظام الشمسي الداخلي بأكمله) قد تعرض لضربات عنيفة من الكتل الصخرية والتي كانت موجودة بكثرة بين كواكب النظام الشمسي الداخلي.
يظهر هذا الرسم التخيلي, حصول ثوران بركاني في منطقة (حوض إمبريوم – Imbrium Basin) وذلك قبل 3.5 مليار سنة, حيث سببت الغاز الناتجة من هذا الثوران غيوم سميكة من الغاز شكلت غلاف جوي مؤقت للقمر
أدّت هذه الضربات على القمر إلى حدوث سلسلة من الانفجارات البركانية والتي جعلت من سطح القمر حقل جهنمي من اللافا المتدفقة عبر مئات الأميال.
في دراسة حديثة تم نشرها في مجلة رسائل علوم الأرض والكواكب, أظهر باحثان أن القمر البدائي تعرض قبل 3 إلى 4 مليار سنة من الآن إلى فترة نشاط بركاني عنيف, حيث أفرجت تلك البراكين عن كمية من الغاز أدت إلى تشكل غلاف جوي سميك نسبيًا حيت استمر وجود هذا الغلاف لحوالي 70 مليون سنة.
وعلى الرغم من كون هذا الغلاف الجوي كان سميكًا بالمقاييس القمرية, فإن يعتبر ضئيل عند مقارنته مع الغلاف الجوي للأرض. حيث بلغ الضغط الجوي للقمر (من قبل 3.5 مليار سنة تقريبًا) حوالي 1 كيلوباسكال مقارنة مع الضغط الجوي للأرض عند سطح البحر والذي يبلغ 100 كيلوباسكال.
يظهر في هذا الرسم التخيلي القمر خلال فترة القصف العنيف (في الأعلى) والقمر الذي يبدو اليوم (في الأسفل)
لحساب كمية الغازات التي كانت موجودة في الغلاف الجوي السابق للقمر قام عالم البحث (ديبرا ه. نيدهام – Debra H. Needham) من مركز مارشال لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا و(ديفيد أ. كرينغ – David A. Kring) كبير العلماء في معهد القمر والكواكب.بإجراء تحليل لعينات من اللافا القمرية سميت بـ (ماريا) وأيضًا على صخور قمرية تم جمعها من بعثات أبولو 15 و 17.
ومن خلال هذه التحاليل حدد الباحثون أنواع الغازات التي كانت موجودة ضمن الغلاف الجوي للقمر. في حين أن رسم خرائط تدفقات الحمم المتجمدة سمحت لهم بتقدير الحجم الكلي للغاز الذي تم إنتاجه.
بالنسبة لعينات الصخور القمرية التي جاءت بها بعثات أبولو, فقد وجد الباحثون أدلة على أول أكسيد الكربون والهيدروجين والأكسجين (المكونات للمياه)، والكبريت، وعدد من الغازات المتطايرة الأخرى.
وعلاوة على ذلك، فقد استخدم الباحثون هذه الصخور ليحددوا متى وقعت أشد الثورات البركانية القمرية حيث تبين أنها حصلت قبل حوالي 3.5 إلى 3.8 مليار سنة من الآن.
يظهر هذا التسلسل الزمني للسطح القمري كيف تغيرت البحار القمرية والمشكلة من البازلت – وهو نوع من الصخور
البركانية الداكنة والحبيبية- حيث ازدادت خلال 500 مليون سنة. وتظهر المناطق الحمراء رواسب جديدة لثورات بركانية ثانوية.
وقال كرينغ فى بيان صحفى: (لقد غير هذا العمل نظرتنا تجاه القمر من جسم صخري لا هواء له إلى جسم كان محاطًا بجو أكثر كثافة من الذي يمتلكه المريخ في هذه الأيام)
وعلى الرغم من أن القسم الأكبر من الغلاف الجوي للقمر قد انطلق إلى الفضاء, فإنه قد يوجد بعض الغازات بشكل متجمد في الفوهات البركانية بالقرب من قطبي القمر, وإذا كان الأمر كذلك, فإن هذه الغازات المتطايرة قد تكون متجمدة على شكل رواسب جليدية, وتشكل خزانات من الهواء والوقود يمكن لرواد الفضاء الاستفادة منها في البعثات المستقبلية للقمر وما بعده. وفي هذه الحالة، فإن ذلك الوقت الصعب للقمر كان ذا قيمة لنا.