النجوم التي تدور حول ثقب أسود تعيد إثبات صحة نظريات أينشتاين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النجوم التي تدور حول ثقب أسود تعيد إثبات صحة نظريات أينشتاين

    في وسط مجرتنا وعلى بعد 26000 سنة ضوئية تقريبًا من الأرض، يوجد الثقب الأسود الهائل المعروف باسم (Sagittarius A)، تبلغ كتلته حوالي 4 مليون مرة كتلة الشمس بقطر يبلغ 44 مليون كيلومتر وجاذبية هائلة.

    لا يستطيع علماء الفلك رصد الثقوب السوداء بشكل مباشر فإن وجودها تتم ملاحظته بشكل كبير بسبب تأثيرها على مجموعة صغيرة من النجوم التي تدور حولها.

    وجد العلماء في هذا الصدد أن مراقبة (Sagittarius A) طريقة فعّالة جدًا لاختبار فيزياء الجاذبية، على سبيل المثال وفي قضية مراقبة هذه النجوم، لاحظ فريق من العلماء من ألمانيا والتشيك تأثيرات واضحة لجاذبية هذا الثقب الأسود وبالفعل استطاعوا مرة أخرى تأكيد بعض توقعات أينشتاين في النسبية العامة.

    سميت الدراسة: “دراسة في الحركة النسبية للنجوم بالقرب من الثقب الأسود الهائل في مركز المجرة”، ونشرت مؤخرًا في دورية (Astrophysical) وكما هو محدد في مسارها استعمل العلماء تقنيات تحليل جديدة للملاحظات التي تمت سابقًا من خلال التلسكوب الكبير جدًا (VLT) في المرصد الأوروبي الجنوبي (ESO) والتلسكوبات الأخرى خلال العشرين سنة الماضية.

    تصور فني لجزء من مدار النجم (S2s) حول الثقب الأسود الهائل في مركز درب اللبانة

    ومن هنا حَسَبَ العلماء مدارات النجوم حول (Sagittarius A) لاختبار تنبؤات فيزياء نيوتن الكلاسيكية (الجاذبية الكونية) جنبًا إلى جنب مع توقعات النسبية العامة، ووجدوا أن أحد النجوم وهو (S2) أظهر انحرافًا مخالفًا لوضعه السابق ومتناسق مع وضعه لاحقًا.

    هذا النجم والذي تبلغ كتلته 15 مرة كتلة شمسنا يتبع مسارًا إهليجيًا أو بيضاويًا حول الثقب الأسود الهائل ويكمل دورة واحدة كل 15.6 سنة أرضية، أقرب نقطة له تبعد حوالي 17 ساعة ضوئية عن الثقب الأسود أي حوالي 120 ضعف المسافة بين الأرض والشمس (120 وحدة فلكية)، ولاحظ الفريق أن مدار (S2) هو الأكثر إهليجيّةً بين مجموعة النجوم التي تدور حول الثقب الأسود.

    ولاحظ الفريق أيضًا تغيّرًا طفيفًا في المدار (نسبة مئوية صغيرة في الشكل وحوالي سدس درجة في الاتجاه) ويمكن شرح هذا فقط وفقًا للتأثيرات النسبية لجاذبية (Sagittarius A) الشديدة والتي تتسبب بسابقة في المدار، وذلك يعني أن العقدة البيضاوية لـ S2 تتناوب وتستدير مع الوقت وتتغير نقطة الحضيض في اتجاهات مختلفة.

    ومن المثير للاهتمام أن هذه التأثيرات تشبه ما تم رصده في مدار عطارد في أواخر القرن التاسع عشر، تحدّت هذه الملاحظات ميكانيكا نيوتن الكلاسيكية وقادت العلماء للاستنتاج بأن نظرية نيوتن حول الجاذبية غير مكتملة، ودفعت أينشتاين لتطوير النسبية العامة والتي قدمت تفسيرًا مقنعًا للمشكلة.



    هل يجب تأكيد نتائج الدراسة، هذه المرة الأولى التي يتم فيها حساب تأثيرات النسبية العامة على وجه التحديد باستعمال نجوم تدور حول الثقب الأسود الهائل، مرضية بارسا (Marzieh Parsa) طالبة دكتوراه في جامعة كولونيا-ألمانيا والمؤلفة الرئيسية للورقة كانت متحمسة لهذه النتائج كما نشرت في بيان صحفي للمنظمة الأوروبية للبحوث الفلكية (ESO): «إن مركز المجرة هو المختبر الأفضل لدراسة حركة النجوم ضمن بيئة نسبية، أنا حقًا دُهشت كيف أمكننا تطبيق الأساليب التي وضعناها عن طريق محاكاة النجوم على البيانات عالية الدقة للنجوم ذات السرعة العالية بالقرب من الثقب الأسود الهائل».

    تم إجراء هذه الدراسة بفضل الدقة العالية لتلسكوب (VLT) وخاصة البصريات التكيفية في كاميرا (NACO) ومطياف الأشعة تحت الحمراء (SINFONI)، هذه الأدوات كانت مفعمة بالحيوية في تتبع نقطة اقتراب وتراجع النجم عن الثقب الأسود ما ساعد الفريق في تحديد شكل مداره وبالتالي تحديد التأثيرات النسبية على النجم.

    بالإضافة لمعلومات أكثر دقة عن مدار النجم (S2) فإن تحليلات الفريق قدمت أيضًا تقييمات جديدة أكثر دقة حول كتلة (Sagittarius A) جنبًا إلى جنب مع بعده عن الأرض، وبإمكان ذلك طرح سبل جديدة للبحث حول هذا الثقب الأسود الهائل وغيره فضلًا عن التجارب الإضافية التي من الممكن أن تساعد العلماء على معرفة المزيد عن فيزياء الجاذبية.

    الأجزاء المركزية من درب اللبانة كما تمت ملاحظتها بالأشعة تحت الحمراء عبر أدوات NACO على ESO-VLT


    كما قدمت النتائج نظرة عامة عن القياسات والاختبارات التي ستُجرى العام المقبل، في 2018 سيكون (S2) في نقطة قريبة جدًا من (Sagittarius A) وسيحظى العلماء حول العالم بالفرصة لاختبار أداة (GRAVITY) وهي أداة الجيل الثاني التي تم تركيبها مؤخرًا على مقياس التداخل في تلسكوب (VLTI).

    تُجري هذه الأداة ملاحظات لمركز المجرة منذ عام 2016 حيث تم وضعها من قبل الجمعية الدولية بقيادة معهد ماكس بلانك (Max Planck) للفيزياء خارج الأرض وفي 2018 سيتم استخدامها لقياس مدار (S2) بدقة أكبر، ومن المتوقع أن تكشف لنا المزيد.

    ويبحث علماء الفيزياء الفلكية حاليًا وضع قياسات إضافية في التأثيرات النسبية للثقب الأسود الهائل.

    كما يأمل العلماء بالكشف عن انحرافات إضافية في مسار النجم ما يمكن أن يكون إشارة على وجود فيزياء جديدة، مع الأدوات الصحيحة المدربة على المكان الصحيح والوقت الصحيح؛ من الممكن أن يجد العلماء أن نظريات أينشتاين نفسه من الممكن أن تكون غير كاملة، ولكن في الوقت الحالي فهي آخر وأعظم النظريات الفيزيائية، وتثبت صحتها مرة أخرى.
يعمل...
X