الألماس يبقى للأبد والذهب نفيس ولكن أيهما أندر؟ وهل لهذه الندرة أيّ علاقة بالثمن الذي نراه في محال المجوهرات؟
من الواضح أن الإجابة ليست بالسهولة التي تظن.
«الذهب معدن ثقيل، وهو أحد عناصر الأرض النادرة، تشكلت في تصادمات النجوم النيوترونية»، حسب ما يقول عالم الأرض والبروفيسور في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، أولريتش فول (Ulrich Faul).
تقول يانا فيدورتشوك (Yana Fedortchouk) أستاذة علوم الأرض ومديرة مشاركة في مختبر الأبحاث الجيولوجية بالضغط العالي التجريبي في جامعة دالهوزي في هاليفاكس، في مقاطعة نوفا سكوتيا الكندية: «خلال تكون الأرض انجذبت العناصر الأثقل نحو نواة الأرض، وهذا يعني أنه بالقرب من قشرة الأرض يصعب العثور على كميات كبيرة من الذهب».
يمكنك العثور عليه ولو بتركيزات منخفضة، إنّه موجود في مجموعة كبيرة ومتنوعة من الصخور في القشرة كما قالت فيدورتشوك لـ(Live Science)، وأضافت: «ولكن من أجل تكوين مخزَن، فإنها تحتاج للوصول إلى بعض التراكيز لجعل التعدين مجديًا اقتصاديًا».
وفقًا لفيدورتشوك، متوسط تركيز الذهب في القشرة الأرضية «منخفض جدًا جدًا»، حوالي 4 أجزاء في المليار.
وأضافت بأنه من أجل إنتاج أي تركيز من الذهب يمكن أن يكون ذا قيمة سوقيّة يجب أن يكون الذهب المخزَّن مركزًا أكثر من 1250 مرة.
من ناحية أخرى، يتشكل الألماس تحت الضغط العالي من عنصر شائع جدًا، هو الكربون.
في شكله غير المضغوط، يُعرف باسم الغرافيت، وهي المادة الموجودة في أقلام الرصاص.
مقارنة مع الذهب، يبلغ متوسط تركيز الكربون في القشرة الأرضية حوالي 200000 جزء في المليار.
حسب كتاب (Elsevier Science Ltd., 1978) كتبه الجيولوجي ويليام فايف (William Fyfe): «تكمن أهمية السوائل في عمليات النقل المتحولة والتكتونية والكيميائية».
لذا فإنّ ندرة الألماس ليس لها علاقة بالتركيب العنصري له بل إن تحويل الكربون الطبيعي إلى الألماس الذي يمكن أن يُصنّع، عملية شاقة جدًا ونادرًا ما تكون ناجحة.
من الممكن أن يتكون الألماس في طبقة الوشاح من الأرض، و بطريقة ما يمكن استخراجه إلى السطح أو أنه من الممكن أن يتشكل خلال تأثير النيزك، لكن تلك الألماسات ليست أحجارًا كريمة أبدًا وحجمها صغير جدًا حسب ما قالته فيدورتشوك.
أما الوشاح فهو الطبقة الموجودة تحت القشرة الأرضيّة.
يتشكل الألماس في عمق وشاح الأرض كما أنه يمكن استخراجه عن طريق الرواسب العميقة أو تلك التي اندفعت خلال الارتفاع الصخري البطيء خلال عملية تكوّن الجبال.
لكن يتحول الألماس إلى الغرافيت خلال فترة الارتفاع البطيء -التحول للغرافيت- ما يجعل إمكانية صعوده للسطح غير ممكنة أبدًا كالأحجار الكريمة.
تعتمد الصيغة المطلوبة لتشكيل الألماس على كل من العمق ودرجة الحرارة والضغط، حيث يُدفن الكربون 150 كيلومتر تحت سطح الأرض على الأقل، ويُسخّن بعدها إلى 1,204 درجة مئوية تقريبًا، تحت 725,000 رطل من الضغط لكل مربع بوصة تقريبًا (5 مليارات باسكال).
وبشكل سريع يُجلب إلى السطح عن طريق انفجار بركاني لتبرد.
تلك العمليّة الاستثنائية تجعل الألماس الطبيعي القابل للإحتراق أكثر ندرة من الذهب، وهذا ما قالته فيدورتشوك.
«ولكن في شكله البدائي، يعتبر الذهب أندر بكثير من الألماس»، هذا ما أخبره فول (Faul) لـ(Live Science).
ومع كلّ هذا، فإن الكربون واحد من أكثر العناصر وفرة على الأرض وخصوصًا عند مقارنته مع المعادن الثقيلة مثل الذهب، وببساطة فإنّ الألماس يتكون من كربون موضوع تحت ضغط هائل.
إن اختراع الألماس الصناعي يقوم بتعقيد المسألة أكثر مما هي معقدة.
بإمكان العلماء أن يعيدوا إيجاد الظروف التي من الضروري توفيرها لتحويل الغرافيت إلى ألماس في المختبر، بحيث لا يتحتّم حدوث ثورة بركانية، ولكن في ذات الوقت ليس من الممكن تطبيق ذلك على الذهب، الكيمياء القديمة مازالت رديئة للأسف!
و رغم أن الألماس المُصنّع له نفس التكوينات الطبيعية إلا أنه يُباع عادةً أرخص بـ30% من الألماس الطبيعي في السوق، وهذا يرجع لأنهم يعتبرون قيمته متدنية.
لكن هل مجرد وجود الألماس المصنوع في المختبر يعمل على جعل الأحجار الكريمة شائعة أكثر مما توقعنا؟ يصر فول على تلك الحقيقة، فيقول: «الألماس في الحالة التي تكون أقل من حجم معين لا يستحق التعدين في المقام الأول».
من هذا الذي يريد أن يشتري الألماسة التي تحتاج لعدسة مكبرة لتكون مرئيّة؟
للذهب وفرة أكثر من الألماس ذو الحجم الكبير، لكن بكون الألماس جزءًا من المواد ليس نادرًا بشكل خاص.
أنا أعتقد أن جزءًا من شهرة الألماس يعود إلى العلاقات الاجتماعية المذهلة!