أظهرت الأبحاث أنَّ الأنظمة البيئية للغابات، التي تعتبر بمثابة رئة الكوكب، “حبست أنفاسها” عند ظهور آخر فجوةٍ للاحتباس الحراري.
وتناولت الدراسة الدولية المدى الذي تصرفت فيه هذه الأنظمة البيئية مثل مصرّف الكربون (خزان طبيعي يقوم بتجميع ثاني أكسيد الكربون) من سنة 1998 إلى 2012 ـ آخر فترةٍ تم فيها تسجيل تباطؤ ظاهرة الاحتباس الحراري.
وأثبت الباحثون، ومن ضمنهم البروفيسور بيير فريدلينغستين من جامعة إكستير بإنكلترا، أن مصرّف الكربون ـ حيث تتم إزالة ثنائي أكسيد الكربون من الجو وتخزينه في بيئة طبيعية ـ كان قويًّا خلال هذه الفترة (14 سنة).
وأشارت الدراسة أنه خلال فترةٍ طويلةٍ من تباطؤ ظاهرة الاحتباس الحراري، قامت الغابات ب”استنشاق” ثاني أكسيد الكربون خلال عملية التركيب الضوئي، لكنها خفضت معدل إطلاقه مجددًا في الجو.
ويعتقد فريق البحث أن هذه الدراسة تمثل تقدمًا كبيرًا لنمذجة المناخ في المستقبل، والذي يُستخدَم لتنبؤ كيفية تجاوب النظم الإيكولوجية المختلفة مع ارتفاع درجات الحرارة في العالم.
يقول البروفيسور فريدلينغستين، رئيس قسم تصميم النماذج الرياضية لأبحاث أنظمة المناخ بجامعة إكستير: ” التمييز بين ردود الفعل بين الاحتباس الحراري ودورة الكربون أمرٌ حاسمٌ بالنسبة لنا من أجل توقع تغيرات المناخ في المستقبل. في هذه الدراسة، قمنا بتحليل ما حدث خلال الفترة الأخيرة لانخفاض الاحتباس الحراري، أو ما يطلق عليه “فجوة”، وتسليط الضوء على أهمية تنفس النظام البيئي كعنصر تحكمٍ رئيسي لمصرّفات الكربون الأرضية”.
ومعروفٌ عن الأنظمة البيئية الواسعة، مثل الغابات والمحيطات، أنها تواجه الآثار المناخية السلبية لاستهلاك الوقود الأحفوري من خلال إزالة ثنائي أكسيد الكربون من الجو بتصرفها كمصرِّفات للكربون.
ومع ذلك، لا تزال هناك شكوكٌ حول كيفية استجابة هذه الأنظمة البيئية للتغيرات المناخية في المستقبل، سواء عن طريق استهلاك المزيد من الكربون، أو على العكس، إطلاق كميات أكبر من الكربون في الجو.
وركزت الدراسة على دورة الكربون الطبيعية للأرض خلال فترتي الاحتباس الحراري السريع والبطيء.
وأظهرت أن كمية الكربون التي تم أخذها من طرف الأنظمة البيئية للأرض انخفضت خلال فترات الاحتباس الحراري السريع، و ارتفعت خلال فترات الاحتباس البطيء.
أثبت فريق البحث أنه في حين ظلت معدلات التركيب الضوئي ثابتةً خلال فترة الاحتباس البطيء، قامت الغابات بإطلاق كمياتٍ قليلةٍ من الكربون في الجوـ هذا يعني أن الأرض قامت بتخزين كمياتٍ أكبر من الكربون خلال هذه الفجوات في الاحتباس الحراري.
“كانت مصرفات الكربون العالمية قويةً جدًّا خلال الفترة من 1998 إلى 2012، وقد بدأنا الآن في فهم الآليات السببية” يقول آشلي بالانتاين من جامعة مونتانا والمؤلف الرئيسي للبحث. ويضيف بيكا كاوبي، عالم البيئة من جامعة هلسنكي بفنلندا ومشارك في تأليف البحث، أن النتائج جاءت كما لو أن الغابات “حبست أنفاسها”.
وتم نشر هذه الدراسة: “تسارع امتصاص الكربون في الأرض خلال فجوة الاحتباس الحراري” على الإنترنت في مجلة العلوم Nature Climate Change يوم الاثنين 23 كانون الثاني/يناير.