منذُ ثمانينات القرن الماضي ازداد تلوث الهواء في جميع أنحاء العالم، لكنه يزداد بوتيرة أسرع في المناطق المجاورة لخط الاستواء، فقد كشفَ بحثٌ جديدٌ في جامعة كارولاينا الشمالية في تشابل هيل أنَّ معدَّل الانبعاثات العالمية المتغيرة تزيد من إجمالي الأوزون الكلي مقارنة بكمية التلوث المنبعثة، مشيراً إلى مرحلة قد يكون من الصعب كبح جماحها دون سياسات تخطيط استراتيجية.
وقال Jason West الذي قاد البحث في جامعة كارولاينا الشمالية مع الباحث السابق والمؤلف الأول Yuqiang Zhang: «الانبعاثات تنمو وتتزايد في المناطق التي يوجد فيها تأثير أكبر على عملية تشكّل غاز الأوزون» وتابع: « إنَّ إنتاجَ طنٍ واحد من الإنبعاثات في المناطق القريبة من خط الاستواء حيث يتوفَّر عاملا أشعة الشمس والحرارة المركزة، ينتج كميات أكبر من الأوزون مقارنة بنفس الكمية من الانبعاثات في منطقة أبعد عن خط الاستواء».
ويَظهَر هذا البحث في العدد السابع في تشرين الثاني من المجلَّة الالكترونية لعلوم الأرض الطبيعية، ويوفر نهجاً مهماً نحو الأمام يوضح أي الأماكن في العالم يجب التركيز عليها من الناحية الاستراتيجية للحد من انبعاثات الملوثات التي تساهم في تكوين الأوزون. والذي يعدُّ تواجُدُهُ في الطبقة السفلى من الغلاف الجوي أو طبقة التربوسفير واحداً من المسببات الأساسية لأمراض الجهاز التنفسي المرتبطة بتلوث الهواء بالإضافة لأمراض القلب، بالرغم من أنَّ وجود الأوزون في طبقات الجو العليا أو الستراتوسفير يساعد في الحماية من الأشعة فوق البنفسجية).
ولتأكيد وجهة نظره، أوضح West أن الانبعاثات الصادرة عن الصين قد ازدادت بشكل أكبر من الانبعاثات الصادرة عن الهند و جنوب شرق آسيا في الفترة الممتدة ما بين عامي 1980 – 2010، وعلى الرغم من تدني نمو الانبعاثات الصادرة عنهما خلال هذه الفترة ولكن من الواضح أن الهند وجنوب شرق آسيا قد ساهمت في مجمل الزيادة العالمية للأوزون بشكل أكبر من الصين بسبب قربها من خط الاستواء.
والسبب هو أن غاز الأوزون هو أحد غازات الدفيئة، ويُعد من الملوثات الغازية السامة، وهو لا ينبعث بل يتشكل عندما تصيب الأشعة فوق البنفسجية أكاسيد النتروجين (التي تنتج أساسًا من الاحتراق في عوادم السيارات وغيرها من المصادر).
وعندما تتفاعل هذه المكونات مع أشعة الشمس المُركَّزة ومع درجات حرارة أعلى، فإن هذا التداخل يسرع من التفاعلات الكيميائية التي تقود إلى تشكيل الأوزون، كما أنَّ ارتفاع درجات الحرارة في منطقة خط الاستواء وأيضًا ازدياد حركة الهواء العمودية تنقل هذه المواد الكيميائية المشكلة للأوزون إلى طبقة التربوسفير حيث تستطيع البقاء لفترة أطول وتشكيل المزيد من الأوزون.
وقال West: «كانت النتائج مذهلة، كنا نظن بأنَّ الموقع هو أحد العوامل المهمة، ولكننا لم نظن بأنِّه أحد أهم العوامل المساهمة بزيادة مستويات الأوزون الإجمالية حول العالم، وتشير نتائجنا أنه ليس مهمًا كمية الانبعاثات بقدر ما هو مهم مكان انبعاثها».
Zhang و West وزملاؤهما ومنهم Owen Cooper و Audrey Gaudel من جامعة كولورادو بولدر ومختبر أبحاث نظام الأرض (NOAA) استخدموا نموذجًا حاسوبيًا لمحاكاة إجمالي كمية الأوزون في الغلاف الجوي، والمقصود هُنا الجزء من الغلاف الجوي والذي يكون الأوزون فيه مضراً بالإنسان و الزراعة، بين عامي 1980 و2010، ومنذ أن انتقلت الإنبعاثات نحو الجنوب في هذه الفترة وهم يبحثون عن إجابة ما، الأمر الذي ساهم أكثر في زيادة إنتاج الأوزون حول العالم، والسؤال هنا؛ هل نتَجَ هذا عن زيادة مقدار الإنبعاثات أم تغير موقعها؟
لمعرفة ذلك استخدم الفريق مجموعة فريدة من البيانات الأوروبية لرصد الأوزون القادم من الطائرات التجارية والتي تؤكد زيادة كبيرة في نسبة الأوزون فوق آسيا، وبعد ذلك قاموا بتجميع خريطة لتوضيح كم من التلوث صدر عن العالم عام 1980 زيادة عمَّا صدر في عام 2010 والعكس بالعكس، بالإضافة إلى سيناريو آخر لنمو غاز الميثان وكل ذلك لتحديد السبب الذي يقود الزيادة العالمية في إنتاج الأوزون.
وقال West الأستاذ المشارك في العلوم البيئية من جامعة كارولاينا الشمالية – كلية الصحة العامة العالمية: «الموقع الجغرافي هوَ الذي يحدد هذا الأمر!»
وتشير النتائج إلى عدد من الاستراتيجيات للحد من إنتاج غاز الأوزون الأرضي حول العالم، كتخفيض انبعاثات المواد المساعدة في تشكل الأوزون في المناطق القريبة من خط الاستواء، وخاصةً الأماكن التي تملك أسرع نمو في كمية الانبعاثات, ومع ذلك هناك ما يقلق صانعي السياسات.
وقد طَرَحَ Cooper سيناريو أكثر تحدياً، هو أنه حتى ولو حدث انخفاض حقيقي في الإنبعاثات العالمية، فإن مستويات الأوزون قد لا تنخفض إذا استمرت الإنبعاثات بالتحرك نحو خط الاستواء، وأضاف قائلاً: « لكنَّنا مع استمرار الطائرات والأقمار الصناعية برصد الأوزون في المناطق المدارية، يمكننا متابعة الوضع وتوقع نماذج تستطيع أن تقودنا في عملية صنع القرار للتحكم بالتلوث العالمي بالأوزون».