عرفت العقود الأخيرة استهلاكا مفرطا للنّفط لكونه مصدرا من مصادر الطاقة الأولية ولتعدد فوائده الصناعية كإنتاج الطاقة الكهربائية واستخلاص شتى أنواع وقود وسائل النقل، كما يُستعمل لاستخلاص منتجات كيميائيةٍ منها التي تُستعمل في الحياة اليومية كمبيدات الحشرات والبلاستيك والأدوية وغير ذلك.
النفط (أو البترول أو الزيت الخام أو الذهب الأسود) هو سائل كثيف قابل للاحتراق وهو عبارة عن هيدروكربون، بمعنى أنه يتكون أساساً من ذرات الكربون والهيدروجين، كما يحمل في بعض الأحيان مادة الكبريت ضمن مكوناته.
تتعدد ألوانه من الأخضرٍ إلى الأسودٍ، وكثافته من خفيف كالبنزين إلى ثقيل كالقطران ودلك حسب مكان وجوده.
غالباً ما يجتمع الغاز الطبيعي (غاز الميثان) والنفط في نفس الحقل، حيث يتكون في نفس الظروف التي يتشكل فيها النفط غير أنّ الاختلاف يكمن في اختلاف درجة حرارة التشكل.
مخطط لنظام بترولي
يعد النفط مصدرا غير متجدّدٍ للطاقة، ويُصنَّف، إلى جانب الفحم، ضمن الوقود الأحفوري (Fossils fuels)، يُدعى كذلك لكونه تشكل في عصورٍ جيولوجيةٍ سالفة خلال الترسب الجيولوجي الذي يستغرق ملايين السنين.
المصدر الأساسي لتشكل النفط هو المادة العضوية المتكونة من بقايا حيوانية ونباتية ميتة، عامة ما تكون بحرية، حُفظت في ظروفٍ خاصة.
حيث تُدفن المادة العضوية تحت ألاف الأمتار من الطبقات الرسوبية من الطمي والرمل أو الطين.
بعد تشكله، تحدث هجرته ثم تراكمه، ويتطلب ذلك توفر عناصر النظام البترولي.
حفظ المادة العضوية خلال الترسب:
تسمح عملية الترسب بدفن المادة العضوية نباتية أو حيوانية برية أو بحرية بعيداً عن الأكسجين، وتكون أغلبها عبارة عن طحالب والبلايين من الكائنات الدقيقة، فتمنعها من أن تفسد، أي من أن تتأكسد.
تضغط الطبقات الرسوبية شيئاً فشيئًا على هذه المادة العضوية الغنية بالكربون معطية وقوداً أُحفورياً.
تكوين ونضج النفط داخل الصخرة المصدر (Source Rock):
مع حدوث عملية الترسب تتشكل الطبقات الرسوبية على مستوى الأنهار والسواحل وقيعان البحار والمحيطات، بحيث تُحتجز المادة العضوية بعيداً عن الأكسجين.
ومع مرور الزمن، يزيد عمق المادة العضوية إلى 3 كيلومترات في أغلب الأحيان، كما تزيد كتلة الطبقات الضاغطة من الأعلى.
ويؤدي تزايد الضغط ودرجة الحرارة إلى نشأة صخور رسوبية تدعى صخور المصدر (Source Rock).
لهذه الأخيرة دور أساسي في نشأة النفط والغاز، إّذ بتواجد الضغط العال ودرجة الحرارة الملائمة تتراوح ما بين (75° إلى 160° مئوية) ينضج البترول فيها تدريجيا من المادة العضوية.
تسمى بعملية تكسير وتفتك حراري (ِCatagensis).
مع زيادة العمق ودرجة الحرارة ما فوق 160 ° م يبدأ الغاز بالتشكل إلى غاية 225° مئوية.
هجرة النفط (Migration):
بعد نشأة النفط والغاز في صخرة المصدر، والتي هي عبارة عن طبقة صفيحيه (Shale) ذات طبيعة متراصة، يزحف وينزلق نحو صخرة الخزان (Rock Reservoir) وهي الطبقة الجيولوجية العلوية ذات طبيعة رملية أو كلسية نفوذه تسمح للبترول السائل والغاز الطبيعي بالتحرك إلى أن يجدا حاجزا ليتراكم فيه، يدعى الحاجز بالفخ النفطي (Oil Trap) وله طبيعة هندسية تسمح بتراكم الهيدروكربون. تحدث هذه العملية خلال بضع ملايين من السنين. عادة ما يذهب اعتقاد عامة الناس إلى أن البترول أو الغاز يتواجدان داخل غرفة كبيرة في باطن الأرض، وهذا الأمر غير صحيح. فصخرة الخزان ممتلئة بسائل نفطي أو ماء أو غاز طبيعي في مساماته، كإسفنج ممتلئ.
صورة توضيحية للـ”كاب روك” الذي يشكل حاجزا يساعد على تراكم النفط و يمنعه من الهجرة نحو الأعلى.
تحدث الهجرة الثانوية للنفط والغاز على مستوى الفخ البترولي، فبفعل التباين في الكثافة يصعد الغاز وهو الأخف الى الأعلى ويتوسط النفطُ الغازَ والماءَ لأنه أخف من الماء وأثقل من الغاز، ويترسب الماء، إذا كان متواجداً في الأسفل.
يمثل ما تم شرحه، العملية الأساسية لتشكل النفط والغاز مؤدياً إلى نشأة منبع بترولي تقليدي مألوف (ِConvetional oil deposit).
مع العلم بأن هذه النشأة تتطلب كشرط أساسي، توفر عناصر النظام البترولي وهي: صخرة المصدر، صخرة الخزان وصخرة الحاجز ذات طبيعة جيولوجية غبر نفوذه، تسمح بمحاصرة وتراكم الهيدروكربون وتشكيل المنبع.
ثانياً، يجب على هذه الصخور أو الطبقات أن تكون قد نشأت عبر الترتيب الزمني الملائم، حيث اذ لم تتشكل صخرة الحاجز أو الفخ البترولي قبل الهجرة، فلن يكون هناك منبع نفطي بحيث يواصل النفط الهجرة إلى أن يصل إلى السطح.
عرفت السنوات الأخيرة، التوجه نحو استغلال ما يسمى بالغاز الصخري (Shale gas).
ويُصنف هذا الأخير ضمن المحروقات الغير تقليدية (Unconventional) والتي تتطلب تكنولوجيا تختلف قليلاً عن طريٌقة استغلال النفط الذي تطرقنا إليه في المقال.
فاستغلال النفط الغير تقليدي يتمثل في استخراج النفط مباشرة من صخرة المصدر بالتكسير الهيدروليكي لكونها شديدة التراص.