نفايات قوم عند قوم فوائد - التجربة السويدية بإعادة تدوير النفايات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نفايات قوم عند قوم فوائد - التجربة السويدية بإعادة تدوير النفايات

    لطالما كانت عملية التخلّص من النفايات من أولى المصاعب التي تواجه الحكومات عبر التاريخ، لكن بعد كل التطور التقني والمعرفي، هل هي حقًّا كذلك؟
    الكثير من الحكومات في البلدان النامية حاليًا مازالت تعتمد على أساليب تقليدية وغير علمية وغير صحّية ومضرّة للبيئة للتخلص من نفاياتها، فتُحرق وتطلق مواد كيميائية مضرّة في الهواء الذي نتنفسُّه.
    الكثير من الناس يعتقدون بأن هذه الطريقة جيّدة لإنقاص كمية النفايات لكنّهم لا يدركون كم أنَّ هذهِ الطريقة مؤذية لصحتهم وبيئَتِهم، فمادة الديوكسينDioxins السامّة المنطلقة من هذه الممارسات من الممكن أن تزيد من نسبة إصابتهم بالسرطان.

    هناك الكثير من الأساليب الأخرى، كدفن النفايات أو ترميدها؛ ففي الدفن تُجمع النفايات وتدُفن في موقع خاص لحفظ هذه النفايات مع القدرة على جمع الغازات المنطلقة والإستفادة منها وهذا أسلوب معتمد في كثير من الدول، ويمكن أن تحرق بهذه الأماكن ويتم التحكم بها لاستخلاص غاز الميتان.

    موقع ترميد نفايات في هونغ كونغ

    قلّما تجد حكومة ما غير قادرة على التخلّص من نفاياتها في هذه الأيام بعد تعدد طرائق التخلص والإستفادة من النفايات، لكن هناك بعض الدول التي تعاني من السياسات الفاشلة مثل لبنان ما تزال تغرق بالنفايات؛ ففي 18 يوليو 2015 أُقفل مطمر النفايات الأساسي في منطقة الناعمة جنوب بيروت، وانتهى عقد الحكومة مع شركة سوكلين المكلفة بجمع النفايات، وكانت قد طرحت الحكومة خطط لنقل النفايات بشكل مؤقت إلى مكبات في مناطق لبنانية أخرى ،غير أن أهالي تلك المناطق رفضوا بشكل قطعيّ. والآن النفايات تتراكم في شوارع لبنان.

    نفيات في شوارع لبنان

    هل النفايات بهذا السوء؟ هل هي “مُشكلة” فعلًا؟


    بالطبع لا، للإجابة؛ دعونا نرى كيف أصبحت النفايات نعمة في السويد وكيف تطورت ثورة إعادة التدوير في ذلك البلد.
    العلم هو حل أي مشكلة تواجه أي مجتمع وأي دولة، فهو المنهج الوحيد القادر على الازدهار بها، فبدلًا من دفن أو ترميد كل النفايات يمكن إعادة تدويرها.
    إعادة التدوير هي العلمية التي تسمح بتحويل مواد النفايات إلى أشياء يمكن استخدامها مجددًا لمنع عملية التخلص من المواد المفيدة، التقليل من استخدام مواد أولية جديدة، توفير الطاقة، والتقليل من تلوث الهواء الناجم عن الحرق، وتلوث الماء الناجم عن الدفن، وإنقاص الحاجة للتخلص من النفايات وإطلاق الغازات الدفيئة Greenhouse Gases)) في الهواء وبالتالي زيادة الاحتباس الحراري الذي من الممكن أن يُهلك الكوكب يومًا ما، إذا لم نجد لهُ حلًا.

    السويد، قامت بثورة جديدة، ثورة إعادة التدوير السويدية (THE SWEDISH RECYCLING REVOLUTION)، بحسب الموقع الرسمي للحكومة السويدية فإنه رسميًا تم الإعلان أن أقل من 1% فقط من النفايات المنزلية تذهب إلى مكبّات النفايات وأكثر من 99% يُعاد تدويرها بطرائق مختلفة.
    في عام 1975، فقط 38% من النفايات يُعاد تدويرها في السويد، أما اليوم فقد وصلت النسبة لأكثر من 99%، السويد تشهد قفزة غير مسبوقة في إعادة التدوير في العقود الأخيرة، وهي الآن قريبة جدًا من مرحلة لا يكون فيها ضيعان بالنفايات المنزلية أبدًا، وكل شيء لا قيمة له يتحول إلى شيء آخر؛ منتج جديد، مادة أولية، غاز أو على الأقل حرارة.
    اليوم، محطات إعادة التدوير عمومًا لا تبعد سوى 300 متر عن أي منطقة سكنية، وحتى تتم عملية التدوير بنجاح, يقوم أغلب السويديين بفصل كل النفايات القابلة لإعادة التدوير في بيوتهم ويضعونها في صناديق خاصة في وحداتهم السكنية أو يرسلونها مباشرةً إلى محطة إعادة التدوير، بقية السكان يضعون المخلفات في مكبات النفايات العامة.


    أوراق الجرائد من الممكن أن تتحول إلى كتل ورقية، القارورات يمكن أن يُعاد استخدامها أو تُذاب متحولةً إلى مواد جديدة، العبوات البلاستيكية تصبح مواد أولية بلاستيكية؛ الأطعمة من الممكن تُمزج وتصبح سماد عضوي لاستخدامها كتربة للزراعة أو غاز حيوي وذلك بعد عملية كيميائية مُعقّدة.تعمل شاحنات نقل النفايات على الغاز الحيوي أو على الكهرباء الناتجة عن إعادة التدوير، حتى الماء الضائع يمكن أن ينقَّى إلى أن يُصبح صالح للشرب، أمَّا الإلكترونيات والنفايات الخطرة مثل الكيماويات، فإنهُ يتم نقلها بواسطة شاحنات نفايات خاصة تدور حول المدن وتجمعها، كما ويقوم السويديون بنقل أشيائهم القديمة والمُعطلة كالأثاث المكسور أو التلفزيونات المعطلة إلى مراكز إعادة التدوير في ضواحي مدنهم.
    النفايات تتحول إلى طاقة:


    دعونا نلقي نظرة عن كثب على 50% من النفايات المنزلية التي تُحرق لإنتاج الطاقة في معامل الترميد.
    تعد النفايات وقود رخيص نسبيًا وطورت السويد على مدى الزمن، قدرة كبيرة ومهارة في معالجة النفايات بكفاءة وإنتاجية وفائدة، حتى أن السويد تستورد 700.000 طن من نفايات الدول الأخرى.

    يشكل الرماد المتبقي 15% من الوزن قبل الحرق. من الرماد؛ المعادن تُفصل ويُعاد تدويرها، والبقية، كالبورسلان والفخار، التي لا تحترق، تُغربل للتخلص من الحُصيّات التي تُستخدم في تشييد الطُّرق وتعبيدها.
    حوالي 1% تبقى وتترسب في مكبّات النفايات.

    الدخان المنبعث من معامل الترميد تتألف من 99.9% غاز ثنائي الكربون غير السام والماء، لكن يستمر بالترشيح خلال مُرشحات جافّة وماء. تودع المُرشحات الجافّة. يُستخدم الوحل المترسب من المُرشح الملوّث لتعبئة المناجم المهجورة من جديد.
    في السويد، موضوع حرق النفايات لإنتاج الطاقة غير مثير للجدل، لكن في الدول الأخرى — مثل الولايات المتحدة — هذا موضوع جدليّ جدًّا





    تسعى السويد لأن تصبح يومًا بدون نفايات ضائعة، الشيء الذي سينعكس عليها بالفائدة الإقتصادية الكبيرة، والفائدة البيئية للكوكب الذي نعيش فيه.
    لكن من الصعب على الأرض أن تنجو من أضرار الإحتباس الحراري والتلويث الهوائي والمائي ما لم تسعَ كل الحكومات أيضًا لاستخدام الأساليب العلمية الصحيحة كمعالجة النفايات وإعادة تدويرها.
يعمل...
X